[email protected] * اخيرا اكتشفت قناة ( الجزيرة) ان السودان به الكثير من المشاكل والمفاسد والعيوب التى تستوجب الاهتمام والكشف والتعرية، فخصصت جزءا كبيرا من وقتها امس للسودان، استعرضت فيه طبيعة هذه المشاكل ورأى قطاعات كبيرة فى المجتمع فيها وطريقة التخلص منها واختتمته بلقاء جميل مع دكتور الترابى من مصر ظهر فيه بشكل جيد عكس ما بدا عليه فى لقاء ( منى الشاذلى) فى ( العاشرة مساء ) بقناة ( دريم 2 ) قبل بضعة ايام والذى كان فيه مترددا ومتناقضا مع نفسه وفشل فى الحديث الصريح عن افكاره الجديدة بعد انعتاقه من الحكم الشمولى فى عام 1999، غير انه فى قناة ( الجزيرة ) كان متماسكا وواثقا من نفسه وافكاره وافصح بشكل جيد عنها وصحح المظهر السئ الذى ظهر به فى ( دريم) وسأعود لهذا الموضوع لاحقا ان شاء الله، خاصة وان هنالك من يزعم ان افكار الترابى الجديدة ما هى الا نوع من ( التقية ) على طريقة المذهب الشيعى الذى يجيز استخدام فقه (التقية) فى غير حالات الضرورة الشديدة التى يشترطها اهل السنة ومنها على سبيل المثال حماية النفس من الاذى الشديد او القتل، والمعروف عن الدكتور الترابى تأثره الى حد ما بالمذهب الشيعى فى بعض جوانبه وربما يكون منها الفهم الشيعى لفقه ( التقية ) !! * أمس كانت (الجزيرة) فى اروع حالاتها ، وأظهرت الكثير من الحياد فى التعامل مع قضايا السودان، بعد ان كانت فى السابق تبدى تعاطفا واضحا مع النظام السودانى الحاكم وتسكت عن كثير من اخطائه وخطاياه، بل انها فى العام قبل الماضى خصصت برنامجا استغرق أسبوعا بأكمله للسودان تحت عنوان ( عين على السودان ) ولا أدرى ان كان اعلانا مدفوع القيمة من الحكومة السودانية أم برنامجا عاديا اظهرت فيه السودان ونظامه السياسى والاجتماعى على أفضل ما يكون وسكتت تماما عن المشاكل والعيوب، وكان معظم الضيوف الذين تحدثوا اليها من أهل الملة الانقاذية والمؤيدين لهم والمطبلين والمنافقين إلا القلة القليلة التى استضافتها على مضض فى محاولة فاشلة لاظهار الحياد مما اضطرنى الى كتابة سلسلة مقالات انتقدت فيها ذلك الضعف المهنى للجزيرة وعين الرضا التى نظرت بها الى قضايا السودان وكانت (عن كل عيب كليلة)، فالتقانى احد مسؤوليها الكبار فى الخرطوم مصادفة وقال لى ( خفف عننا شوية ) واعتبرتها مداعبة ولم اسكت حتى اكملت مقالاتى الناقدة عن تعامل الجزيرة المنحاز للحكومة السودانية !! * غير انها لا بد لى من الاعتراف من باب الانصاف للجزيرة انها كانت فى أحيان قليلة تتعامل مع بعض القضايا بنوع من الحياد خاصة قضايا الحريات العامة، ولى شخصيا عدة تجارب معها عندما أذاعت فى مرات عديدة أنباء اعتقالاتى وتعرضى لظلم النظام، وهى لا تشكر على ذلك فهو واجبها الذى عليها ان تؤديه بأمانة إذا رغبت فى التميز بمهنية رفيعة تجعلها تحوزعلى رضاء واحترام الجميع ..!! * ارجو ان تكون الجزيرة قد ثابت الى رشدها أخيرا وانتقلت من خانة الانحياز التام للحكومة السودانية الى خانة الحياد واظهار ومشاكل الحكم وشموليته وأخطائه، مثل ما فعلت مع النظام السورى العلوى الذى كانت من أكبر المنحازين له ثم بدات تتعامل بموضوعية وحياد معه عندما إكتشفت سوءه وصلفه فاكتسبت احترام الشعب السورى ، ونتمنى ان يكون ذلك هو تعاملها فى المستقبل مع قضايا السودان وشعب السودان ..!! الاخبار، 31 يوليو 2011