الطيب زين العابدين: إني نذرت للرحمن صوما: (إلى عادل البا ز في يوم عبوس قمطريرا) أحزنني مصادرة جهاز الأمن الوطني لعدد "الأحداث" ليوم السابع من أغسطس الجاري. ويعرف قاريء الأحداث بالطبع لماذا تكدرني الإساءة لهذه الجريدة. فأنا منها أو بعضها تواثقنا فيها على مهنية صحفية أصولية لها نصون بها مبدأ الإصدار المتعدد للصحف (في مقابل التأميم) الذي قبلت به الإنقاذ صاغرة وكارهة. وسبق لي الكتابة بإيجاز عن هذه التجربة أراجع الدكتور الطيب زين العابدين عن إضرابه عن الكتابة. وقد عاد. وذكرت أسماء صحفيين في حومة وغى التجربة لم يكن بينهم عادل الباز. ولا أدري لماذا. وفي مناسبة مصادرة الأحداث أعيد نشر هذا المقال القديم ليرى القاريء بصمة شيعة "صحابية" الخلق من الإسلاميين عضت على إيمانها بالشعب والوطن: أحد أحد. فإلى المقال القديم: توقفت بأسي شديد عند قرار الدكتور الطيب زين العابدين بالصوم عن الكتابة للصحافة السودانية حتي تعود صحيفتا خرطوم مونيتر وألوان الي الصدور. وقدم الطيب لقراره بحيثيات تنبيء عن انشغال ناضج بقيمتي العدل والحرية. وددت لو تفادي الطيب مع ذلك هذا الانسحاب المباغت من ساحة الرأي في صحافتنا. واعترف أن حالة الصوم هذه تعتري الكاتب في صحافتنا بشروط الانقاذ. وأذكر أنني قلت للأستاذ ادريس حسن يوماً اذا "تجرأت" أقلامنا بنقد رجال لهم العصبة مثل السادة الصادق والميرغني وقرنق ونقد فكيف يحولون بيننا وبين تناول رجال في الانقاذ لم يبلغوا مبلغهم. فنحن طلاب حق ومتي بطل طِلابه الا من جهة واحدة طويت الصحف وكسرت الأقلام. واحزنني ما بدا لي من يأس الطيب من تجربة صحافة الانقاذ. ونحن نعترف له وطائفة من مثقفي الحركة الاسلامية (الدكاترة حسن مكي والأفندي ومحمد محجوب هارون وخالد التيجاني الاستاذ عروة) بالفضل بجذبنا إلي الكتابة فيها لأنهم لم يؤجلوا محاسبة حركتهم وهي في الدولة بدعوي حرج الظرف. بل صدعوا بالحق. وسمي عبدالوهاب الأفندي هذه الهمة في نقد حزبك ب "تعقب حركتي ومساءلتها". ولم يسبقهم الي ذلك الا شيعة استاذنا عبدالخالق محجوب بعد انقلاب مايو. ولا نفصل. وقد حمدت للإنقاذ أنها أذنت لهم بنقدها. وربما كسبت بهم كسباً لم يقع لها في جبهات أخري. ومع ذلك دفعت هذه الفرقة الاسلامية فاتورة سعيها للحق والعدل. فقد سمع الطيب مثلاً ما لايرضي عن هجرته طلباً للدولارات حين علق علي مسالة حلايب. وربما بلغ طلب الحق والعدل بهذه الفرقة حداً متطرفاً. فقد اشتكي لي انقاذي متنفذ ان ما يكتبه العبد الفقير عن الإنقاذ أراف بها مما يكتبون. وربما علموا اكثر مما اعلم. مؤسف ان يختار الطيب مبارحة الساحة في وقت نكاد نبلغ اكثر غايتنا في حرية الصحافة. فالصفوة السياسية حاكمة ومعارضة تولي وجهها شطر الصحافة الآن. فقد اقتنع بهذه الساحة المعارضون وبالغوا في طلب حريتها. وكان هؤلاء حتي عهد قريب قد دقوا جزيمهم أن الصحافة متعددة الاصدار الحرة لن تصدر الا بعد تفكيك الانقاذ. ومن الجهة الأخري فقد اقتنعت الانقاذ السياسية أنها بغير "هامش" الصحافة لن تكون شئياً مذكورا. والرئيس البشير قد ربط ربطه مع حريتها مراراً وتبقي امامه وقت قليل جداً ليقرن القول بالفعل. لم يقتصر انجازنا في الاصدار الصحفي المتعدد علي مساءلة الدولة بقدر ما تيسر فحسب بل اصبحنا نتحول الي المهنية التي تبقي ممسكة علي جمر المهنة بغض النظر عن نوع الحكم بالبلاد. وودت لو توفرت لي قراءة المادة موضوع النزاع في ايقاف المونيتر والوان. فمع احتياجهما الي إلتضامن فلربما احتاجا أكثر الي نصح زمالي مهني عن أدب الخطاب. فلم تكن الحكومة وحدها هي التي اشتكت من ألوان بل مؤسسات لا ود لها مع الانقاذ كاتحاد طلاب جامعة الخرطوم. بل أن زميلنا وراق ظل يكتب أحر دفوعاته عن فكره للرد علي ألوان. والخشية أن يكون هناك شئياً "تابلودياً" في أصل الوان قد يصعب الدفاع عنه في أحسن الأحوال. إننا لنضن علي الطيب بالترحل عنا. وعلي ضوء حيثياته النافذه لسوء تعامل الدولة مع المونتر وألوان اقترح علي القيادة الصحفية في الاتحاد او في الجماعة أن تراجع الدولة في الشأن ثم تتخذ من الخطوات ما يرد الاعتبار لحرية الصحافة ويرد الطيب، بلبل دوحتنا، ليغرد في سرب كان أنشأه أول مرة