بسم الله الرحمن الرحيم الناظر لحال العالم اليوم يجده متنازع الاطراف وكل هذا يحدث لأن اطماع بعض الدول لا تقف عند حد، فحتى تحافظ كل دولة وأمة على استقراراها فمن أوجب واجباتها الاهتمام بأمر الأمن. لذلك تجد ان الامن قيمة عليا في الاسلام لان قوام كل حضارة مبني على أمرين قال تعالى : (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ)(1).فاي دولة اقامت هاتين العمودين الأخضرين فهي تركض بينهما وقد ضمنت أساسها ويبقى عليها اتمام البناء بوضع الخطط والاسترايجيات وحسن الادارة التي تجعلها دولة ذات شكيمة وقوة يخاف منها الأعداء. فرغب الاسلام أيما ترغيب في بناء هذا النظام القوي المطلوب المتكامل فقال تعالى :(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ)(2). والاعداد هنا في هذه الآية بمعناه الواسع الذي يحمى الامة من كل النواحي: ورحم الله الشهيد سيد قطب حين يقول في الظلال متناولاً هذه الآية (إنه لابد للإسلام من قوة ينطلق بها في الأرض لتحرير الإنسان.. وأول ما تصنعه هذه القوة في حقل الدعوة أن تؤمن الذين يختارون هذه العقيدة على حريتهم في اختيارها، فلا يُصَدوا عنها بعد اعتناقها.. والأمر الثاني: أن ترهب أعداء هذا الدين فلا يفكروا في الاعتداء على دار الإسلام التي تحميها تلك القوة.والأمر الثالث: أن يبلغ الرعب بهؤلاء الأعداء أن لا يفكروا في الوقوف في وجه المد الإسلامي وهو ينطلق لتحرير الإنسان كله في الأرض كلها. والأمر الرابع: أن تحطم هذه القوة كل قوة في الأرض تتخذ لنفسها صفة الألوهية فتحكم الناس بشرائعها، ولا تعترف بأن الألوهية لله وحده...).(3) ويبدأ الاعداد لهذا باعداد الفرد المسلم لهذه المهمة العظيمة التي لكل منا دور فيها . والسؤال الآن كيف نحصل على الأمن؟: دعونا بداية : نقف عند حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يروية سَلَمَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِحْصَنٍ الخَطْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ،فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا) (4)فجعل الامن من ضمن مثلث الحيازة للدنيا بما فيه السلاح النووي والكيميائي والغرب واسلحته(علم هذا من علم وجهل من جهل)،ثم وهل يصبح الانسان آمناً في سربة بدون جهة تحميه؟!. فاللبنة الاولى اذن هي الامن الداخلي أو الأمن النفسي: والذي يوجد في قلب كل عبد مؤمن ومنه يشع النسيج ليشمل كل المجتمع فيكون الامن شاملاً . ومن اهم شروط الحصول عليه ما جاء في هذه الآية الكريمة (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)(5). والظلم هنا بمعنى الشرك كما ذكر ابن عباس وغيره مستندياً على هذه الآية( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ )(6)فتكون الشروط هي الايمان وعدم اختلاطه بالشرك فكل من يخاف سوى الله ففيه شرك فالذي يخاف ما تحمله الايام من أقدار أو الغرب وأهله من أهل العداء السافر عليه التأمل في هذه الآية. فان اكتملت دائرة الايمان والخلوص فقد ضمن الله الامن والهداية،ويا لجمال هذا الجمع بين الامن والهداية فالانسان حين يكون آمناً تكون كل قراراته فيها جانب التوفيق والهداية وإن كان خائفاً فتجد الاضطراب مسيطراً عليه وتكون كل القرارات خاطئة التصور والتنفيذ. فالعبد المؤمن لا يخاف ولا يخشى الا الله،وكم من الصحابة والتابعين وقفوا مرفوعي الراس واثقي الفكر والخطى في احلك المواقف لانهم يرون قوة الله الكبير القوي الذي اليه تعود عوائد الامور ورحم الله ابن تيمية حين كان في سجنه الذي لا يرى فيه الشمس فقال: "ما يفعل أعدائي بي؟! أنا جنتي و بستاني في صدري، سجني خلوة، ، و قتلي شهادة، و إخراجي من بلدي سياحة ". فمن جعل الايمان راية له سار في الحياة وفي يده مشاعل الامن. فاذن الواجب بداية تكامل معاني الايمان في المجتمع وحينها تنسج سحابة الامن الاجتماعي على الامة وهذا لعمري يسهل كثيراً من مهام الأمن الخارجي(وهنا أقصد حماية الامة من الاعداء الداخليين والخارجيين) لان المجتمع يتكفل بازالة كل التشوهات الداخلية التي تطرأ عليه،وتقوم الجهات المنوط بها الحماية حينها بواجبها القانوني والمهني في حماية الدولة ومواطنيها وبذلك تكون الصورة المطلوبة قد اكتملت بكل ابعادها الايماني منها والعملي وترى بوضوح قيمة الامن وكيف هي عليا في هذا الاسلام. المراجع: (1) سورة قريش الآية (4) (2) سورة الانفال الآية (60) (3) في ظلال القرآن (10/1543) (4) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (رقم/300) (5) سورةالانعام الآية (82) (6) سورة لقمان الآية (13) mohammed alaraki [email protected]