بسم الله الرحمن الرحيم القادم الى قلب الخرطوم من كل الجهات لابد ان يحكل عينيه برؤية صرح اسلامي مميز ، ويعرج القلب وتتقد الفكرة اذا ما وطئت قدماك أرضه.إنه مسجد الخرطوم الكبير أزهر السودان ومنارة الهدى وزيتونة النور في محراب الدعوة. بداية بناء هذا الصرح الديني الشامخ كانت عام 1864م ثم تواصل العمل عام 1898م في عهد خورشيد باشا، ووضع حجر الأساس لمسجد الخرطوم في 17 سبتمبر 1900م وتم إفتتاحه عند زيارة الخديوي عباس باشا حلمي للسودان في 4 ديسمبر 1901م. واكتمل تشييده عام 1902 ولموقع المسجد دلالة عميقة حيث أنه يتوسط مدينة الخرطوم وهذا يؤكد أن مدينة الخرطوم التي أتخذت كعاصمة للبلاد في فترة التركية عام 1830م أنشئت على نسق تخطيط المدن الإسلامية والذي يقع فيها دائما المسجد في الوسط حيث يعتبر مركز المدينة ومحور حركتها وقاسمها المشترك الذي يحتل أهمية كبيرة في تخطيط المدينة العربية القديمة والحديثة فهو يعتبر المحرك لكل حياة المدينة. ومع تقادم الأيام والسنين وما حوته من نهضة وتطور عمراني ،وزيادة في عدد سكان الخرطوم كان مسجد الخرطوم يمثل القبلة التي ينتهل منها طلاب العلم ورواد المسجد للصلوات والدروس. وحتى يوفي دوره في استقبال العدد المتزايد يومياً من المصلين تمت عدة توسعات ومعالجات ولكنها كانت آنية. حتى قيض الله نفر كريم من الذين تربوا على حب العلم والمساجد والسعي في دروب الخير، وتنادوا جميعاً للتفاكر حول احداث عملية إعمار وتحديث تجعل المسجد مهيئاً لإستقبال ما يزيد عن 50 ألف مصلى،فكون الشيخ د.عثمان البشير الكباشي وزيرالتوجيه والأوقاف بولاية الخرطوم لجنة لهذا الغرض حوت نفر كريم من مختلف التخصصات.وجلسوا ولا يزالون يجلسون للدفع بهذا المشروع نحو مراقي تجعله يجمع بين الأصالة والمعاصرة دوون المساس بشكل المسجد الأثري الذي ظل محفوظاً في ذاكرة ووجدان كل أهل السودان،ومما سوف يحويه أمر الاحداث والتعميرالقادم باذن الله :وجود المظلات المتحركة والرخام البارد(كما في المسجد النبوي الشريف) ووجود قاعة محاضرات كبرى ومكتبة علمية الكترونية وورقية ومصلى للنساء وموقف للسيارات وغيرها وغيرها من المرافق المكملة لرسالة المسجد. وحتى يرى هذا العمل النور لابد ان يساهم كل منا بما يقدر عليه،ولا يخفى على اي مسلم فضل البذل لبيوت الله فقد أثنى الله سبحانه على من يعمر مساجده فقال: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ. {التوبة:18}. وإن من عمارة المساجد إقامتها، وترميمها وتعاهدها وصيانتها، ويدخل هذا الفعل أيضا في الصدقة الجارية، ولو كانت المشاركة بمبلغ قليل، ويدل على ذلك ما ورد في الحديث. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني. ومن فضل الإنفاق على المساجد وتعميرها والمساهمة في استمرارها وبنائها ماورد عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ أَوْ أَصْغَرَ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ. رواه ابن ماجه وصححه الألباني. فهذه دعوة مفتوحة للدخول لباب الصدقات الجارية ،بل بناء بيت لك في الجنة. وتكون قد ساهمت كذلك في نشر العلم والهداية. فهذه لعمري فرصة اغلى من أن توصف بالذهبية ،فمن منا لم يصلي بمسجد الخرطوم الكبير أو يسمع درساً فهذا أقل ما نقوم به جميعاً لأزهر السودان ومنارته السامقة. mohammed alaraki [[email protected]]