بسم الله الرحمن الرحيم واهم من ظن أن ديمومة الابتلاء هي دلالة علي الفشل وأكثر نرجسية من ظن أن التغيير دائما يأتي بالأفضل فلسنا مخذلين حتى نتبنى مقولة ليس في الإمكان أحسن مما كان, والمسيرة القاصدة إلي الله تعالي يحفها الكبد ويحدوها الكدح فتحتاج إلي علو الهمة واستحضار معية الله تعالي وان لا تحيد فتنة السلطان بالحاكمين عن الجادة قيد أنمله وان نجعل من حياتنا رسالية وأسوة لمن أراد أن يتذكر أو أراد مثالا, وان الفقراء والمحاويج هم أسباب الرزق والسعة. السودان يمر الآن بفترة عصيبة نسبة لتداعيات انفصال الجنوب وانسحاب العائدات النفطية فشكلت منفذ لدعوة تغيير النظام, والساسة السودانيون مفتونون بالتغيير وجعلوا من أنفسهم الثابت وهم من ادخل السودان في تلكم الدائرة الخبيثة من انقلاب يفضي إلي عسكر تتبعه انتفاضة شعبية ومن ثم ينقلب الحزب بجناحه العسكري علي الديمقراطية التي يضيق بها ذرعا, والآن تتعالي الأصوات بالتغيير أسوة بالثورات والربيع العربي الذي سيجلبه لنا تحالف كاودا أو الجبهة الثورية !!!!!! فبالمقارنة السريعة بين النظام السياسي الماثل في السودان والسالف في دول الربيع العربي نجد الآتي: هامش الحريات الموجود في تلك الدول يكاد يكون معدوما وتكميم الأفواه فاق التصور والحدود, أما في السودان لا ينكر إلا مكابر أو من لا يري في الوجود شيئا جميلا ان السودان به من حرية التعبير والعمل السياسي والإعلامي تكاد تلامس السقوف المثالية وان لم تكن تبلغها عدا بعض الممارسات الفردية التي عادة ما تكون رد فعل لبعض التفلتات فالشعرة بين الحرية والفوضى يجب ان تكون مرعية من قبل المواطن قبل الحكومة. حجب التيارات الإسلامية ليس من ممارسة النشاط السياسي فحسب بل تعدي إلي ممارسة الشعائر التعبدية وتضييق الخناق حتى علي كيفية الصلوات الخمس, مع وجود نظام إسلامي متطور يحاول استيعاب كل الطيف الإسلامي من أقصي التشدد إلي ادني التيار المنفتح. ارتهان الأنظمة البائدة بالكلية للغرب وجعل منه اله يعبد والشعوب تري بأم أعينها أنها مستلبة الإرادة والهوية, بينما النظام في السودان أوقعته أقداره وخطه الذي تبناه في خانة العداء الصارخ الذي ضر واقعد بالسودان حينا لكنه جعل الأمة السودانية أكثر التفافا وهي تري قادته ينافحون في سبيل المبدأ وان اختلف معها كثير من المختلفين تبديد الثروات في غير مصلحة الشعوب وليبيا كنموذج بها ما بها من النفط والشعب يرزح ويري قائده يدعم البوليساريو وثوار الكونترا وابوسياف والجيش الجمهوري وجون قرنق في غير ما طائل, أما في السودان برغم من الحصار والتجويع فبفضل الله تعالي تم استخراج البترول وتم مد الطرق والجسور والسدود وبقي الوطن برغم من المكر والترصد والتخذيل. موقف عدد من الأنظمة من دولة إسرائيل فأصبح التطبيع انبراشا ونهبا لثروات الشعوب ومصر كنموذج بعد أن وقعت اتفاقية سلام الغرض منها كسر حاله اللاحرب واللاسلم والالتفات للتنمية والاستفادة من عوائد الاتفاقية في تنمية المجتمع المصري فحادت الحكومة السابقة بالاتفاقية إلي محاولة خدمة الأغراض الصهيونية مقابل المال ولعب سياسة قذرة بين الفرقاء الفلسطينيين وتبنيها دبلوماسية الوكالة فأصبحت ظل الأمريكان في المنطقة, ونجد أن الحكومة السودانية لديها موقفا ثابتا من العدو الصهيوني وتزداد مرونته في إطار المنظومة العربية, ونتيجة لهذا الموقف عاني السودان الأمرين فكل حركة مسلحة تنشأ تجد الدعم من العدو الصهيوني ويحج إليه المعارضون نكاية في الحكومة السودانية لذا تراكم في خلد المواطن العادي بان النظام برغم المشاكل ثابت وقابض علي جمر القضية الفلسطينية , وكما يقال ان دولتين فقط تكسرا قرارات مجلس الأمن السودان وإسرائيل فالثانية مدعومة من أمريكا ومن ورائها الغرب والسودان فله الله التجربة الديمقراطية المفقودة في الأنظمة السالفة وجدت في السودان بغلظة ضارة وأدت إلي الانفصال في عملية استفتاء حرة نزيهة سبقتها عملية انتخابية شهد لها الأعداء قبل الأصدقاء. اذا نخلص أن التغيير المراد من قبل المعارضة لن يكون الا من اجل التغيير ومحاولة العودة بالوجوه القديمة التي إن سئلت عن برامجها في حل المشاكل الماثلة لن تبدي أي اجتهاد في ابراز حلول فعالة وسريعة للازمة الاقتصادية أو حتى عن كيفية إيقاف التغيير الاجتماعي السالب للمجتمع السوداني, فشهوة السلطة ليس مسوغ كافي ومقنع للشعب. بعد كل هذه الدفوعات هل معني ذلك أننا نظر بعين الرضا عن الوضع الحالي فلا وألف لا ونحن مع التغيير ولكن في إطار المنظومة وليس بإتباع سياسة الأرض المحروقة واقتلاع النظام من جذوره او العقاب الجماعي , إذا ما هو التغيير المطلوب؟ سياسيا: فتح الممارسة السياسية لاستيعاب التيارات السياسية المختلفة دون حجر وان تأبت بعضها عن المشاركة وذلك بفتح قنوات اتصال حتى بعد تشكيل الحكومة للتفاكر حول كيفية استدامة العملية السياسية سلميا وجعل الأبواب مشرعه للمناصحة وذلك بعمل أجسام تخدم التواصل بين الحاكم والمحكومين فهنالك شباب خلص غايتهم ليست المشاركة السياسية بقدر ما المشاركة الفكرية ورؤية أفكارهم تمشي بين الناس يلتمسون من خلالها رضا الله فهؤلاء اذا جوبهوا بالتجاهل والتجهيل ونعتهم بالنعوت وعدم الأخذ بيدهم ربما صاروا طاقه دفع متراكمة لتغيير غير حميد . إعلاميا: عندما تقرأ الإصدارات المقروءة يصيبك شيء من الارتباك والخلط بين الخط الفاصل بين خدمة الأجندة والوطنية و الأجنبية وبسذاجة تحسد عليها سواء كان إصدارة حكوميه أو معارضة فهنالك شرخ كبير في المهنية لعدم التفريق بين السبق الصحفي والخبر الضار الذي يثير البلبلة او يمس سيادة الدولة التي هي من مسئوليات المعارضة قبل الحكومة, فالإعلام البوقي الذي يضخم حتى الفقاعات الاختبارية لمعرفة رد فعل الحكومة تجاهها يتم تبنيها وتشذيبها من قبل الإعلام المحلي الذي يجهل التفريق بين ماهية لخبر الذي يجب تجاهله وما يعلن عنه في حدود وما يسلط عليه الضوء فليس كل ما يلمع ذهبا. اجتماعيا: هل هذا هو الشارع السوداني المتعارف علية بالتدين والتحشم فالناظر يري ان التفسخ هو السمة الغالبة, هل رفعت الحكومة يدها من مراقبة الشارع أين النظام العام وامن المجتمع؟ وأين القيم والمثل والعادات السودانية السمحة؟ أين روح التدين؟ قد يقول قائل أن طبيعة الحياة قد تغيرت وان الفضائيات التي وصلت غرف النوم المغلقة غيرت المفاهيم والأذواق ودرجة التدين وكثرة الطرق أدت لوهن الرقيب وان الظرف الاجتماعي أفضي لان تأكل الحرة بثدييها , وان ايقاع الحياة المتسارع وانشغال أرباب الأسر بتوفير متطلبات الحياة فقلت الرقابة الأسرية, كلها مسوغات لا تنفي مسئولية الحكومة تجاه المجتمع فالحلول معلومة بالضرورة ولكن تبقي إشكالية التطبيق ماثلة اقتصاديا: كل المشاكل الاقتصادية محلولة اذا اجتنب الفساد والربا الذي أودي بالاقتصاديات الغربية الي ذلك المصير فقد أذنوا بحرب من الله ورسوله, وأما الفساد فهو سرطان ناهش في جسم الدوله وجسم المجتمع ففيه ظلم العباد قبل ظلما لنفس فالله في سمواته العلي جعله محرما علي ذاته العليا قبل عباده فكيف نستحله نحن بالسترة فالضرب بيد من فولاذ علي كل مفسد مهما علا شأنه أو قربت منزلته فقانون المخزومية اهلك الأمم القبلية أو كما قال أفضل الصلاة واجل التسليم عليه. والإنقاذ في ميعة الصبا فتحت الحدود بحرب ضروس وقوتلت الحكومة وحوصرت اقتصاديا وإعلاميا تارة بتشويه السمعة وأخري بتلفيق الأكاذيب فصبرت بشباب مهروا دمائهم رخيصة في سبيل الدين والدعوة والوطن فكان نتاج ذلك بركات منفتحة من السماء فبهم وبسمتهم شفع الوطن وخرج من ضيق العسر إلي براح اليسر, فاقسي ما يمكن أن يعانيه الوطن أن ترفع عنه البركة وينظر إليه الخالق بعين الغضب. والله المستعان hisham waggiallah [[email protected]]