طيّب.. يا أيها المعماريون.. يبدو اننى .. إبتداء من الغد.. سأبدأ علي صفحتي الخاصة فى موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك في نشر صورة يومياً لمنازل سكنية في ولاية الخرطوم تعاني من مرض متشابه .. ( تنتهي أيامي ولكن لن تنتهي الصور) .. مرض وصل حد الوباء الذي لايمكن السكوت عليه.. مختلف المباني.. كبيرة كانت أو صغيرة.. جميلة أو قبيحة.. نفذها مهندس او مقاول او بدون .. المشكلة واحدة .. تتمثل في كيفية تصميم وتنفيذ السلالم للمبني. حسناً.. القصة تبدأ من هناك .. أحدهم يريد تصميم منزله .. ولأنه مشروع الحياة .. ففي الغالب سيأتي بأفكار جاهزة .. وعند سماعه لأرقام المكاتب الإستشارية وهي تبثه قيمة تكلفة التصميم ( وهي أساساً مافاضية ليه ) .. يوّلي مدبراً ولا يعقب ولسان حاله يقول ( ليه..هم أصلاً حيعملو شنو؟ ). ويكون البديل مهندساً مكافحاً علي باب الله .. لم تفتح عليه البلد بوظيفة يتدرب فيها .. ولم توليه كياناته الهندسية رعاية وهي تعلم بالغ حوجته لمعلومة من خبير.. ويرسم خرطة علي قدر خبرته ويضع فيها السلم بأبعاد (2.5 متر*4.5 متر) وللسلم بابان أحدهما يفتح علي الشارع والآخر علي (هول) المنزل. والغريب في الأمر أنه حتي بعض المهندسين ذوي الخبرة يفعلون ذلك. عموماً التصميم تكون تفاصيله علي (قدر القروش) .. ويوّلي صاحب المنزل مرة أخري مدبراً من شركات المقاولات عندما يقارن أسعارها مع أسعار جاره المقاول أو إبن أخته المهندس الخريج .. ( وغالي لرخيص) .. أفضل القريب والرخيص .. وينتبه المهندس المقاول بعناية كاملة للأعمدة والسقف الخرساني .. ويوم صب السلم يكون راحة له من عناء الوقوف الطويل تحت وهج الشمس المحرقة .. والنتيجة .. هي ما أراه وترونه من مآسي من عشرات السلالم في اليوم الواحد والتي لا علاج لها البتة. الأمر علاجه واضح ولا تعقيد فيه .. ولكن المشكلة الأولي والتحدي الأكبر أن معظم من بيدهم الدواء مشغولون ولا وقت لديهم .. ولعلهم يعلمون .. بل لابد أن يكونوا يعلمون .. و لكن لا وقت. أولاً.. في الإطار الشخصي الخاص بالمهندس المصمم .. فليكن من المعلوم بأن مساحة ( 2.5*4.5) متر يكون من الصعوبة بمكان وضع بابين بالداخل والخارج معها إلا تحت إشراف دقيق جداً وتفصيل ممل لشكل وإرتفاع الدرج و بمساعدة مساحة بارزة من الخارج .. فيجب معالجة الأمر بطرق شتى لا يسع المقام لذكرها . ثانياً .. وفي الإطارالمقابل الخاص بالمهندس المنفذ .. فليكن أمر تنفيذ السلم والإطمئنان علي مداخله جميعاً تحت الرعاية والإشراف الشخصي لسعادتكم مع ( النجار ) مباشرة .. لأن هذا الجزء من المبني إن فسد، فسدت جميع علاقات المبني الاخرى. ثالثاً .. أظن أنه من الضروري أن يتم إجازة التوصية الخاصة بأن يكون كل تصميم من تنفيذ مكتب إستشاري مسجل بمجلس تنظيم بيوت الخبرة .. ورغم صعوبة هكذا قرار وإجحافه في حق المهندسين المعماريين العاملين علي إنفراد .. إلا أنه لا مناص من تغليب المصلح العامة للأمر ويمكن وضع المعالجة الكفيلة بالحفاظ علي أوضاع المهندسين المعماريين خارج الحقل النظامي. رابعاً .. إدارة المباني بوزارة التخطيط العمراني يقع عليها بعض العبء .. حيث عندها تجاز جميع الخرط .. فيجب التشديد في أمر خرط السلم خصوصاً وطلب المزيد من التفاصيل والإيضاحات بما يضمن سلامة التصميم وسهولة تنفيذه لدي أي مهندس أو مقاول أو عامل ماهر . خامساً .. جمعية المهندسين المعماريين يقع عليها الدور التثقيفي .. حيث أنه لا بأس من تنفيذ سمنارات وورش تدريبية للمهندسين الجدد في هذا الأمر وفي غيره وإصدار وتعميم بعض الثوابت التي لايمكن تجاوزها في التصميم و مد سوق التصميم المعماري بخيارات متنوعة في هذا الخصوص . سادساً .. المكاتب الإستشارية وأساتذة الجامعات يقع علي عاتقهم أمر التوضيح للطلاب والمنسوبين والمجتمع أمر علاج بعض المشكلات الشائعة مثل هذه .. وذلك دور لابد منه تجاه المهنة والمجتمع فى شكل ورش و برامج تدريب. وأقترح أخيراً أن تنسق جمعية المهندسين المعماريين مع إتحاد المكاتب الإستشارية ومجلس تنظيم بيوت الخبرة للخدمات الإستشارية بأن يكون هناك سمنار شهري تلتزم بتنفيذه كل شهر إحدي الشركات الإستشارية المسجلة والتي يفوق عددها العشرات .. تناقش تلك الورش قضايا ملحة وهامة فى علم و عمل هندسة العمارة .. و حينها سيتم ضرب عصافير كثيرة بسمنار واحد. يا أهل العمارة والمعمار .. أنتم لها.