أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    الحلقة رقم (3) من سلسلة إتصالاتي مع اللواء الركن متمرد مهدي الأمين كبة    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    فيكم من يحفظ (السر)؟    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    التقى بروفيسور مبارك محمد علي مجذوب.. كامل ادريس يثمن دور الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات واسهاماتهم في القضايا الوطنية    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    رئيس الوزراء يطلع على الوضع الصحي بالبلاد والموقف من وباء الكوليرا    الجيش الكويتي: الصواريخ الباليستية العابرة فوق البلاد في نطاقات جوية مرتفعة جداً ولا تشكل أي تهديد    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القانون الدولى وحقوق الإنسان فى النظام العالمى المعاصر .. بقلم: عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج
نشر في سودانيل يوم 03 - 12 - 2011


مقدمة منهجية:
إن الحقوق الأساسية للإنسان هى حقوق متكاملة غير قابلة للتجزئة أو النقصان فهى حقوق عالمية تضع كل البشر على درجة واحدة من المساواة وفقاً للمبادىء والأعراف الدولية وكذلك ينطبق الحال على الأسس التى قامت عليها مبادىء القانون الدولى التى تنظم العلاقات بين وحدات المنتظم الدولى فى إطار تفاعلاتها سوى كانت تعاونية أو صراعية فهى أسس تقوم على مبدأ إحترام سيادة الدول والحفاظ على أمنها وسلامتها وتحقيق التعاون الدولى بما يضمن أمن وسلامة المجتمع الدولى,إذن من المفترض أن يكون النظام العالمى المعاصر نظام يهتم بنشر العدالة والمساواة بين كل شعوب العالم ووحدات المنتظم الدولى التى تعيش فى داخلها هذه المكونات البشرية المتعددة الثقافات والأعراق والأعراف والتقاليد,بيد أن النظام العالمى المعاصر أو ما يطلق عليه إسم النظام العالمى الجديد (New International Order) فى عصر العولمة (Globalization) الحالية أظهرت تصرفاته وسلوكه إتجاه بعض دول العالم وشعوبها أنه نظام يخل بمبدأ العدالة الدولية والمساواة بين الدول والشعوب,وأصبحت القوة المهيمنة على مجريات الأمور العالمية (U S A) تمارس ممارسات تخل بمبادىء القانون الدولى والحقوق الإنسانية العالمية وتتلاعب بمقدرات الدول والشعوب,فالتسلط والتجبر وممارسة القوة وعدم إلتزام العدالة الدولية ونصر الظالم على المظلوم وهدر دماء الشعوب وإستباحت دولها من أجل تحقيق مصالح ورفاهية الدولة القائدة للنظام الدولى المعاصر أصبحت سمة من سمات النظام الدولى المعاصر.
عليه تستخدم هذه الورقة البحثية المنهج الوصفي التحليلي والمنهج التاريخى وتعتمد الإسلوب المقارن للوصول إلي نتائجه كما تستفيد هذه الورقة البحثية من تداعيات الأحداث والإستقراءات التاريخية لتصنيف الأحداث وتحليلها وفق المنهج التحليلى.
الإطار النظرى للورقة:
أصبحت البئية الدولية (International Environment) أكثر حركيةوتفاعلاً فى ظل النظام الدولى المعاصر وأصبح حجم التعاون بين الدول كبيراً فى شتى المجالات الإقتصادية والسياسية والأمنية والفكرية والعلمية والثقافية,ولكن نجد أن النظام الدولى المعاصر أنتج نوع من التداخل والتشابك فى المصالح القومية (Overlapping Interests) للدول ترتب عليه تطور فى التفاعلات السياسية الدولية أصبحت فيه قدرات النظام الدولى المعاصر تتجاوز سيادة الدول على حدود إقليمها ويهدد مصالحها و أمنها القومى و مركزها الإستراتيجى وكيانها الإقليمى وأوضاعها الإقتصادية والسياسية والثقافية والأمنية نتيجة لمحاولة هيمنته على كل أقاليم العالم بغرض فرض أيدلوجيته وأنماط حياته على شعوب العالم الأخرى.
الإطار التاريخى للورقة:
حق الإنسان فى العيش والحياة بكرامة أمر قديم جاءت به كل الديانات السماوية التى أنزلها الله سبحانه وتعالى على رسله لهداية البشر بالإضافة للمساهمات الإنسانية الوضعية التى عملت على تثبيت ذلك,وحقوق الإنسان الفردية مرادفة للحريات العامة التى يتوجب على كل النظم إحترامها والمحافظة عليها وهى حريات تستوجب أن يستفيد منها كل الأشخاص دون تحديد لفئة معينة تستفيد فقط من هذه الحريات,وقد تطورت المبادىء الخاصة بحقوق الإنسان والعلاقات بين الدول منذ ديمقراطية أثينا القديمة وحتى مشارف القرن الواحد وعشرين,ففى أثينا القديمة كان الفرد يتمتع بالعديد من الحريات والحقوق مثل المساواة وحرية الرأى,ثم جاءت روما القديمة التى حفظت حق الفرد فى التصويت والمساواة أمام القانون,أما الغرب فى العصور الوسطى فقد ورثت فيه المسيحية عن الديانة اليهودية نظرية المصدر الإلهى للسلطة السياسية وبالتالى كانت فكرة الفرد الأوربى عن حقوقه غير معروفة على الإطلاق لأنه كان تحت سيطرة الكنيسة مباشرة,أما فى الشرق الإسلامى أيام فترة العصور الوسطى فقد أقام الإسلام نظريته فى الحقوق الفردية (الحريات العامة) على أساس أن الله خالق هذا الكون خلق الإنسان مكرماً "ولقد كرمنا بنى آدم" الآية 70 سورة الإسراء,ثم جاءت الثورة الفرنسية فى الرابع عشر من يوليو من عام 1788 التى طالبت بإلغاء الفوارق الطبقية (طبقة رجال الدين,النبلاء والعامة) ومن ثم توجت الثورة الفرنسية إنتصاراتها بإعلان المبادىءالأساسية حيث تم إصدار إعلان بعنوان حقوق الإنسان فى 26 أغسطس من العام 1789 م ليضمن الحقوق الأساسية للفرد وحق المواطن فى الحريات المدنية,ومن ثم إنتقلت مبادىء حقوق الإنسان والحريات العامة لبقية الدول الأوربية والأمريكية إلى أن تم وضع أسس إحترام حقوق الإنسان ومبادىء القانون الدولى الذى يعبر عن منظومة من القواعد والمبادىء والمعايير المتفق عليها والتى تنظم العلاقات الدولية فى المجالات السياسية والإقتصادية والثقافية والعسكرية وغيرها من المجالات الأخرى وتحدد المسؤلية عند الإخلال بها فى ميثاق الأمم المتحدة فى العام 1945 م بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها.
النظام الدولى المعاصر وحقوق الإنسان:
يرتكز النظام الدولى المعاصر على العديد من المعايير والمفاهيم التى تؤدى دور فعال فى فتح مسارات تساعده فى تحقيق أهدافه التى يرمى إلى تحقيقها وفقاً لنظرية المجال الحيوى التى يستند عليها, ووفقاً لهذه النظرية نجد أن الولايات المتحدة التى تسيطر على النظام الدولى الراهن ترى أن حدودها وفق هذه النظرية هي حدود مصالحها الحيوية التي تتمثل في الموارد والثروات الحيوية بكل أنواعها فى أى مكان فى العالم,وعليه نجد أن النظام الدولى المعاصر يسعى لتحقيق أهدافه العالمية عبر خطاب فكرى أيدلوجى يرتكز على ثلاثة محاور ذات أهمية قصوى بالنسبة له لتحقيق سيطرته العالمية أولها تحقيق الديمقراطية وثانيها عولمة إقتصاد السوق وثالثهما وهو ما يعنينا فى هذا الموضوع حماية حقوق الإنسان,والدعوة لإحترام حقوق الإنسان فى الخطاب الأيدلوجى للنظام العالمى الجديد يعبر عن إستخدام هذا المبدأ (حقوق الإنسان) كأحد أدوات سياسته الخارجية لفرض الهيمنة والنفوذ ضد الشعوب والدول الرافضة للهيمنة الإمبريالية والتى تسميها الولايات المتحدة الأمريكية تارة الدول الشريرة وتارة أخرى الدول الراعية للإرهاب,والمتابع لوقائع الأحداث العالمية الحالية يرى أن المشهد الدولى الراهن يعطينا صوراً لا حصر لها عن إنتهاكات حقوق الإنسان فى العديد من البلدان وبالتحديد البلدان الإسلامية مثل أفغانستان والعراق والصومال وباكستان وكيف يقتل المواطنين العزل فى هذه الدول بحجة مكافحة ما يسمى بالإرهاب والتطرف الإسلامى بينما يبرر قتل المدنين من قبل الولايات المتحدة الأمريكية فى حروبها السابقة والحالية التى تقودها بأنه دفاع النفس,وبنفس القدر يتم تبرير قتل الجيش الإسرائيلى للفلسطنيين ومنع إيصال المعونات الإنسانية عن قطاع غزة الذى يتنافى حصاره مع مبادىء القانون الدولى وحقوق الإنسان بأنه دفاع عن أمن إسرائيل وشعبها,كل هذا يدل على أن مبدأ حقوق الإنسان الذى يتضمنه الخطاب الأيدلوجى للنظام الدولى المعاصر بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية هو مبدأ موظف فى إطار فرض الهيمنة ومصالح القوة الصهيونية العالمية التى تدير المعركة للهيمنة على العالم من خلال إستخدام قدرات الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية لتحقيق عولمة العالم عبر فرض نمط أيدلوجى أحادى عليه,أما تحقيق العدالة الإجتماعية على المستوى العالمى وتحقيق رفاهية الإنسان وفقاً للدعاية التى تروج لها الآلة الإعلامية للنظام العالمى الجديد فهى مجرد شعارات ليس إلا يراد بها فقط تجميل صورة النظام العالمى الجديد حيث أن إتساع رقعة الفقر بين شعوب دول الجنوب وتزايد أعداد الفقراء فى دول الشمال نفسها على ضوء ما نشاهده فى اليونان وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية (مظاهرات اسقطوا وول إستريت) يدل عدم العدالة الإجتماعية للنظام الدولى المعاصر وعدم إلتزامه إتجاه تحقيق متطلبات وحقوق الحد الأدنى من شعوب العالم للعيش بكرامة وإنسانية مما يدلل على أن هذا النظام العالمى الجديد نظام مصلحى نفعى طفيلى منحاز لأقلية مسيطرة على الإقتصاد الدولى بينما ترزخ أغلبية شعوب العالم تحت وطأة الفقر.
القانون الدولى والشرعية الدولية فى النظام العالمى المعاصر:
من الملاحظ أن النظام العالمى الجديد أكسب نفسه حق الشرعية الدولية كما طوع القانون الدولى فى إطار سعيه للهيمنة العالمية لفرض أيدلوجته التى بشر بها منظريه ومفكريه أمثال فرانسيس فوكاياما وصمويل هيتنغتون والذين يرون أن الحضارة الغربية والتى تعبر عنها الحضارة الأمريكية هى الحضارة التى سوف تسود العالم بعد أن سقط الإتحاد السوفيتى السابق فى بداية تسعينات القرن الماضى,وقد سعت الولايات المتحدة الأمريكية لتطويع المنظمة العالمية (U N) عبر تطوير ميثاقها ليتلائم مع رؤيتها لفرض العولمة وبالتالى تم تطويع القانون الدولى من أجل إستخدامه فى الإنتقاص من سيادة الدول على أقاليمها فأصبحت حركة الدول لفرض سيطرتها داخل إقليمها يواجه من قبل النظام العالمى الجديد بفرض عقوبات عليها والتدخل فى شؤونها الداخلية مع التأكيد على أن خلق المشاكل لهذه الدول نفسها يتم من قبل نفس النظام العالمى الجديد,إذن هو نظام يخلق الأزمات ومن ثم يتدخل من أجل حلها وفقاً لشروط تحقق له مصالح ومكاسب كبيرة دون أن يكترث للخسائر البشرية والمادية التى سببها لشعوب المناطق التى تضررت من هذه الأزمات المفتعلة,وقد تم إستخدام منهج تفجيير الأزمات الإثنية والعرقية فى العديد من الدول الرافضة لسياسة الهيمنة الأمريكية من أجل تقويض نظم الحكم فيها ومن ثم العمل على هز التركيبة الإجتماعية المكونة لهذه الدول وإعادت صياغتها بما يتلائم مع مصالح النظام العالمى الجديد,وقد إستحدث النظام العالمى الجديد العديد من الآليات الإنسانية التى تعمل على إضفاء الشرعية للتدخل فى شؤون الدول الداخلية من أجل فرض الهيمنة عليها,وقد أعطى النظام العالمى الجديد لنفسه بالإضافة لإكساب نفسه صفة الشرعية الدولية صفات أخرى لتدخلاته فى الدول ذات السيادة منها حماية الحضارة الإنسانية والدفاع عن حقوق الأقليات والإثنيات وحماية حقوق الإنسان التى كفلتها المواثيق الدولية ومحاصرة ما يسمى بالإرهاب والتطرف الإسلامى,عليه تشير الوقائع العالمية الحالية أن النظام العالمى الجديد فى إطار تحركه لفرض العولمة والهيمنة طوع المنظمة العالمية وجعلها غطاء له لتضفى على تصرفاته الغير أخلاقية إتجاه دول العالم الأخرى الشرعية,وبدعوى تطبيق الديمقراطية والمحافظة على حقوق الإنسان ومكافحة بما يسمى على الإرهاب تم إنتهاك العدالة الدولية ومبادىء القانون الدولى وحقوق الإنسان العالمية وأصبحت هذه المبادىء فى نظر أغلبية شعوب العالم لا تعبر إلا عن مشروع الهيمنة العالمية للنظام الدولى المعاصر بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
النظام العالمى المعاصر والحقوق الدولية للأفراد:
بينما تتمثل الحقوق الدولية للأفراد أولاً فى حق الحرية والعيش بكرامة نجد أن النظام الدولى المعاصر أصبح يقيد حرية الفرد عبر العديد من القاونين المستحدثة التى تحد من ممارسة حرية التعبير حيث أصبح التعبير عن عدم الرضا من النظام العالمى المعاصر بطرق سلمية يعد خط أحمر ويوصف الذين يقومون به أنهم ضد الحضار والإنسانية وأنهم غوغائيين,وثانياً نجد أن حق صيانة الشخص من الإعتداء عليه أصبح أمراً يصعب الإلتزام به فى ظل هيمنة النظام العالمى الجديد حيث أن الحروب المفتعلة ضد ما يسمى بالإرهاب إنتهكت كل أعراض البشر وعرضت حياة الملايين للخطر وخاصة تلك الحروب فى العراق وأفغانستان والصومال والمناطق الأخرى من العالم عبر تغذيتها للصراعات الإثنية والقبلية فى داخل الدول والحروب بين الدول وإستخدامها للطائرات بدون طيار الذى أسهم فى إزهاق حياة الآلآف من المدنيين العزل,بينما أسهم إعلان الحرب على ما يسمى بالإرهاب على تقييد حرية النشاط البشرى للملايين من البشر وخاصة المسلمين الذين صارت حريتهم فى خطر نتيجة للمضايقات والإنتهاكات المستمرة التى يتعرضون لها فى كل أنحاء العالم فى إطار ما يسمى بمكافحة الإرهاب,ورابعاً نجد أن حرية النشاط التجارى للأفراد أصبحت مقيدة تماماً لأبعد الحدود نتيجة لإحتكار الشركات العابرة للقارات التابعة للنظام الرأسمالى العالمى الجديد لكل التجارة العالمية من جهة,وتقييد حركة نقل الأموال التى تستخدم من قبل الأفراد فى التجارة الدولية بموجب قوانين مكافحة الإرهاب من جهةأخرى بالإضافة للأدوار السالبة التى يلعبها صندوق النقد والبنك الدولى فى تقييد مرور رؤوس الأموال إلى الدول إلا وفقاً لشروط تؤدى فى مجملها لزيادة إفقار شعوب الدول وزيادة مديونية دولهم,أما حق الملكية فقد أصبح مكبلاً بطريقة أو أخرى تحت قوانين حماية الملكية,أما حرية العقيدة فهى الأكبر تضرراً فى ظل النظام العالمى الجديد وبدأ واضحاً لكل من يتابع الأحداث العالمية أن كل الحروب التى تشتعل الآن فى العالم يقف ورائها الجانب العقدى حيث ظهرت معالم هذه الحرب العقدية فى حرب الرئيس الأمريكى بوش الإبن ضد ما يسمى بالإرهاب حيث شبهها فى حديثه الذى تراجع عنه فى أعقاب أحداث الحادى عشر من سبتمبر بأنها حرب صليبية,والمتأمل للحروب التى أعقبت أحداث الحادى عشر من سبتمبر يتضح له بوضوح أن هنالك حرب يقودها اليمين المتطرف الأمريكى ضد الإسلام بإيعاز من الصهيونية العالمية التى يرعاها ويحافظ عليها نتيجة لنبؤات يؤمنون بها وردت فى العهد القديم.
الخاتمة:
أصبحت الإنتهاكات المستمرة لمبادىء القانون الدولى وحقوق الإنسان العالمية من قبل النظام الدولى المعاصر من أكبر مهددات الأمن والسلم الدوليين وأسهمت هذه الإنتهاكات أيضاً فى عدم إستقرار العالم نتيجة للظواهر السالبة التى تولدت من هذه الإنتهاكات,فسياسات النظام العالمى ولدت العديد من الصراعات الإثنية والقبلية المزمنة فى العديد من الدول كما سعت بإستمرار على التعدى على سيادة الدول فى سبيل فرض النمط الأيدلوجى الغربى الرأسمالى على شعوبها مما زاد من معاناة شعوبها وزيادة حدة الحروب الداخلية التى ولدت الهجرات الغير شرعية ومشاكل اللجوء,إن منهج النظام العالمى الجديد منهج مصلحى نفعى يسعى لتدجين الشعوب عبر إنتهاك سيادة الدول عن طريق تحريض الجماعات الإثنية على دولهم ومن ثم يستخدم أدوات عقابية ضد الدول فى تحركها لفرض هيبتها على إقليمها وتعطيل كل ما يلزم لتسوية النزاع داخل الدولة داخلياً فى سبيل تحقيق مصالحه التى تتمثل فى السيطرة على الموارد النادرة التى تشكل محور الصراع بين الشمال المتقدم والجنوب الذى يحاول النمو ويمتلك أغلب تلك الموارد النادرة مستخدماً فى ذلك مضامين فضفاضة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان وإحترام مبادىء القانون الدولى بينما يموت ملايين البشر فى إطار هذا الصراع دون أن تراعى مبادىء القانون الدولى وحقوق الإنسان.
النتائج:
1.مماراسات النظام الدولى المعاصر اسهمت فى الإخلال بالسلم والأمن الدوليين.
2.مبادىء القانون الدولى وحقوق انسان أصبحت تستخدم من قبل النظام الدولى المعاصر فى إطار فرض الهيمنة على الدول الأخرى.
3.حريات الفرد الدولية أصبحت مهدرة من قبل النظام العالمى الجديد وخاصة الحريات الدينية.
4.سيادة الدول على أقاليمها أخذت فى النقصان بإرادة فعل النظام الدولى المعاصر.
5.سياسات النظام العالمى الجديد أسهمت فى زيادة فقر الفقراء وزيادة ثراء الأغنياء مما ولد إحتجاجات عالمية لمجابهة هذا الإختلال.
التوصيات:
1.إعادة صياغة مبادىء القانون الدولى بما يضمن إحترام سيادة الدول على أقاليمها.
2. تفعيل مبادى حقوق الإنسان العالمية والحريات العامة بما يضمن سلامة الشعوب والأشخاص فى ممارسة حرياتهم العامة وحقوقهم.
3.محاولة وضع قوانين على مستوى المنظمات الإقليمية لحماية شعوبها ودولها من مماراسات النظام الدولى اللا أخلاقية ضد الدول والشعوب.
4.التحرك فى إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة لوضع قوانين تضبط تصرفات وسلوك الدول فى إطار تفاعلاتها مع بعضها البعض (عدم السماح بتطويع القانون الدولى لخدمة أى دولة).
5.إقامة تحالفات عالمية من أجل تفعيل إحترام حقوق الإنسان والعلاقات بين الدول.
مراجع الورقة
1. القرآن الكريم
2. د/محمد الشافعى أبوراس,نظم الحكم المعاصرة,دراسة مقارنة فى أصول النظم السياسية,عالم الكتب,القاهرة,الجزء الأول,بدون تاريخ.
3. أحمد على الحاج محمد,العولمة والتربية آفاق مستقبلية,سلسلة الأمة,العدد 145 ,وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية,قطر,2011 م.
4. Walter S John, the Logic of International Relation, New York, Harper Collins Publishers, 1991.
5. Keller, Edmond & Rotchild, Donald (Eds), Africa in the New International Order: Rethinking State Sovereignty and Regional Security, (London; lynne Rienner Publisher, 1996).
عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج
باحث وخبير إستراتيجى فى شؤون القارة الإفريقية و متخصص فى شؤون القرن الأفريقى
E-mail: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.