أتفكر دوماً فى منافذ ( المخارجة ) وأنا قادم من أمدرمان منتصف النهار لكى أصل الى مكتبى شرق الخرطوم بحى الرياض .. أدرت المؤشر يوماً على شارع النيل ، وعندما تذكرت إنعدام الحركه نهائياً به فى ذلك التوقيت قلت .. إذا شارع الجمهورية .. ولما كانت تمر به معظم المواصلات، فان به اختناقاً حاداً فى المنطقه من شارع عبد المنعم وحتى صينيه سان جميس ، قررت أن أذهب جنوباً .. (ويا إيدى شيلينى ) بين شارع الطابيه ( مروراً بكركر ) أو شارع الغابه جنوباً .. توكلت على الله ومررت بموقف المواصلات بموقف جاكسون الجديد ( كركر ) .. وبعدها بساعة ونصف فقط .. كنت داخل مكتبى على بعد خمسة كيلومترات تقريبا من الموقف . حسناً .. أنا أقر بانها مشكله قديمه .. على الأقل بعمر طفولتى وشبابى .. منذ عهد أبو رجيله .. مروراً بالدفارات والبطاح .. وصولاً لعهد تاتا والسياحى .. ثم عهد القريس .. تتباين الأزمه بين أزمة طرقات أو أزمه مركبات أو أزمه إزدحام .. ولكن يظل مسمى أزمه موجود على الدوام .. ومنذ موقف الاممالمتحده ( مكان واحة الخرطوم حالياً ) .. ثم شارع عبد المنعم وأبو جنزير .. مروراً بالاستاد والسكه حديد .. وصولاً لكركر وجاكسون .. والأن .. فكرة جديدة . ومرة أخرى مجهودات كبيرة وجبارة بُذلت فى هذا الملف .. كان هم كل واحد منهم هو أن كيف يتم تجاوز المشكله .. والموقف الأخير ( كركر ) كلف معتمد الخرطوم حينها ( الكوده ) منصبه وذلك لخلافه الشهير مع والى الخرطوم السابق الدكتور المتعافى حول شكل العقد وليس حول مكان المشروع .. والأن .. بعد عامين .. تزيد قليلاً أو تنقص .. وبعد ( قروش كتييرة ) .. يصبح المشروع غير ذى جدوى .. ووسط كل هذه الأزمات .. أين المخرج ؟ . أولاً .. يحمد للدكتور الخضر والى الخرطوم صبره على تجربه الوالى السابق المتعافى فيما بداه من مشروعات كبيرة وحيوية .. ومثال ذلك مشروع البصات ( بصات الوالى ) .. ومشروع الخريطه الهيكليه للولاية .. ومشروعات التنميه التى تم تخطيطها واكتملت دراساتها . ثم يحمد له أخرى .. وهى إتصاله وهمه المباشر بأداء المرافق الحيوية مثل المياه والنظافه وغيرها .. وذلك نهج جّيد عموماً . ثانياً .. أقول كثيراً .. وأكرر القول للسيد الوالى وللدكتور أحمد قاسم وزير المياه والبنيه التحتيه .. أقول أن مشكلات هذه الولايه قديمه ومزمنه .. كما هى مشاكل البلاد عموماً .. ويخطئ معظم الوزراء عندما يبحثون عن حلول مؤقته وعاجلة تظهر نتائجها فى عهدهم .. وذلك ممكن طبعاً .. ولكن نتيجته الحتميه هى وجود تجارب وقرارات خطيره ومشروعات فطيره بعدد الوزراء الذين يتقلدون المنصب. عليه .. أرى أن يكون منهج التفكير فى حل هذه الازمه تفكير طويل الأجل .. لاينظر الوزير لإنجاز تحت قدميه يتم تكريمه به .. ولكن يخطط لحل جذرى للازمه .. ربما يبدأ هو الحل .. ويخلفه آخر .. ويكتمل البناء فى عهد ثالث .. لكن يكون هناك ضمان بالحل .. ربما لا يذكرك الناس حينها .. ولاشكر ولاعرفان .. لكن رب الناس يعلم .. وهو خير من علم فأوفى. ثالثاً .. أمر آخر أساء فيه الفعل كثير من الأخوة الذين تقلدوا المناصب الدستوريه والمهمه .. وهو ببساطه إتخاذ القرار .. إذ أن الواحد منهم يتخذ قراراً شخصياً فى مسأله كبيرة وخطيرة .. ويكون رأيه هو رأى المؤتمر الذى يتم عقده لتلك المعضله .. وبالطبع يكون رأى الفرد قاصراً عن رأى الجماعة مهما كان ذلك الفرد حاذقاً .. أو ماهراً .. أو بلغ من التجربه عتيا. ويكون ببساطه البديل هو تفويض لجان مختصه بأمر بلورة الآراء وترجيح الأفكار واقتراح القرار .. ثم يتم عقد جلسات مشورة مع المختصين والمهتمين حول الأمر .. وأنت غير ملزم بما يكون غثاءً .. ولكن ربما يفتح الله على واحد من العامة بمقترح أو رأى ما رآه رجل من العالمين .. وقد خلّد التاريخ فى ذلك الأمر خندق سيدنا سلمان الفارسي منذ خمسة عشر قرناً . فلا تبخل بالوقت ولا بالمال على تكوين تلك اللجان والصبر عليها .. وتجنى فوائد عظيمه تتمثل فى أن من يخلفك فى الموقع إنما يقتنع بأن الأمر قرار أمة متخصصة فيستمر فيه وليس قرار فرد فيمحوه بقرار وزارى . رابعاً .. لا تبخلوا على هؤلاء المهندسين الصابرين فى (الميرى) بالسفر الى بلاد الله .. فان المشروع فكره .. والفكره خاطره .. والخاطر نظره .. ومن كانت حدود نظرته موقف كركر .. فستكون فكرته مجمع مواقف ( كراكيرو ) .. ومن خبر فعرف .. هناك عندها يكون القرار الصائب والعلم الدافق .. وليس بالضرورة أن نسمع فى كل مشروع عبارة ( الأول فى أفريقيا والشرق الأوسط ) .. فما ضرنا لو نفذنا فكرة نفذتها قبلنا كثير من الدول إن كان فى الأمر خلاص وحل . خامساً .. ليس كافياً تسليط الضوء الاعلامى على ما تود فعله فحسب .. بل لما أنت تود فعل ذلك؟ .. وماهو الخطأ فى الأول؟ .. وما هو الرجاء فى الآخر؟ .. وأين ذلك الفعل من المخطط الهيكلى للولاية؟. ومنذ أن سمعت بأمر التعديلات التى ستتم لحل أزمه المواصلات .. وبعد كثير بحث فى التصريحات .. لم أجد أشاره واحدة الى أن هذا الحل يأتى وفق خطه أو دراسة أو مخطط هيكلى سبق وضعه. قد يكون الأمر موجود .. لكن أن يعلمه الناس خير من ألاّ يعلمونه . أخيراً سيدى الدكتور أحمد قاسم .. وزير المياه والبنى التحتيه .. ألا فلتعلم بأن للزمان دورات .. وأن الزمان قد إستدار .. ولتعلم سيدى الوزير بأنه إن تهلك هذه العصبة التى حولك من المهندسين (بهجرة او غيرها) .. ما قام لأمر البنى التحتيه قائمه فى هذه الولاية. سيدى الوزير .. أعانك الله.