بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: (هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) .. الآية [email protected] توطئة برأيي الشخصي أن كل بنود موازنة 2012 يجوز أن تكون مادة للتناول ، التداول ، للنقاش والنقد إلا بندين هما الدفاع والأمن لأن ما يعتمد لهما يدخل نحت نطاق الأمن القومي والمحافظة على سريته أمر واجب وملزم ، لأننا ندرك يقيناً أن المهددات التي تحيط بالوطن ، مهددات خطيرة ويجب أن توفر لقواتنا في القطاعين كل المعينات اللازمة ، خاصة إذا ما كان واضحاً كيف حاولت الحركة الشعبية يوم كانت شريكة في الحكم من أن تحيلها إلى مسخ وحتى تفقد دورها الريادي في تأمين وكشف وضرب كل من يحاول العبث بأمن المواطن ووحدة الوطن ، وآية في ذلك ما حدث في (ابيي) وما حدث في جنوب النيل الأزرق خير شاهد، وإني لأعجب من تلك الأصوات النشاز التي تحاول النيل من قواتنا المسلحة وجهاز أمننا الوطني والقوات النظامية والدفاع الشعبي، فهل ترى كانت هذه الأصوات النشاز ستصمت – لا قدر الله - إذا ما جرت الرياح بما لا تشتهي السفن في ردع التمرد والتآمر؟! .. ذات الأصوات النشاز هي الآن تنتقد معامل القوات المسلحة الحازم ، لقد أعيتنا الحيل في فهم هذه الأصوات التي تختبئ تحت شعارات براقة هي منظمات العمل المدني الطوعي ؛ تساندها كثير من أحزاب المعارضة ؛ فيمكنها غض النظر حينما تتقاطع مصالح الأجندة الأجنبية مع أهداف ومكايد بعض تلك الأحزاب. ومع أخذ كل ذلك في الاعتبار فلا بد أن ندلي بملاحظاتنا حول موازنة 2012 بقدر ما أوتينا من ثقافة اقتصادية وليس تخصصاً أكاديمياً ولا أريد أن أورد الأرقام الواردة لأنها معلومة لمن إطلع عليها أو سمع تفاصيلها أثناء النقاش الذي دار في المجلس الوطني. المتن: نعلم أن الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية( الولايات، الشركات العامة، الهيئات.. إلخ) تشكل جميعا الصورة الكلية لموازنة الدولة، وللعبد الفقير عليها ملاحظات واستنتاجات سأوردها أدناه دون أن أدخل في تفاصيل جدلية الأرقام والنسب المئوية، باعتبارها الموازنة المجمعة، وليكون الحكم على الوضع المالي الكلي ة شموليا وليس مجتزءاً. وبهذا الأسلوب أؤكد فيما أسرد على أهمية مبادئ الشفافية والحاكمية في التعامل مع الموازنة ، والتي تشكل واحدة من أهم سمات الدولة وسياساتها وأولوياتها. لدي شكوك في مدى واقعية الإيرادات المحلية الكلية حسب مشروع قانون الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية، ومن الواضح أن هناك فرق ناتج عن إدخال الفرق بين مبلغ الدعم الحكومي للمؤسسات المستقلة دون ذكر فائض تلك المؤسسات. وان صح هذا الاستنتاج فان ذلك مخالفة لمعايير المحاسبة الدولية، وبالتالي يتوجب إعادة النظر في هذا الإجراء. وإذا أضفنا رقم المنح الخارجية في مشروعي قانون الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية ، وبالمقارنة مع أرقام إعادة التقدير لعام 2011 يظهر أن النمو الاسمي المتوقع في الواردات الكلية في ظل تلك المعطيات لن يتصل لتلك النسبة, وهو مخالف بقدر كبير للنسبة التي أعلن عنها من قبل الحكومة. من المتوقع وفق أرقام موازنة الوحدات الحكومية أن تعوض الإيرادات بعد خروج البترول ، من الواضح انه لا يمكن تحقيق هذه التقديرات في ، الا إذا قامت الحكومة برفع أسعار بعض الخدمات السيادية أو غض النظر عن الجبايات وذلك بعد أن أسقط المجلس الوطني رفع الإيرادات بعد رفع سعر . إن مجموع النفقات العامة الجارية المجمعة في مشروعي الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية، و النفقات الرأسمالية المجمعة عليه، فان مقارنة هذه الأرقام مع أرقام الإنفاق المجمع المعاد تقديرها لعام 2011 تظهر أن الزيادة في النفقات سترتفع ، ومستبعد أن يكون ذلك قابل للتحقيق، إضافة الى إن الموازنة تظهر الوضع الاقتصادي العام بصورة أفضل من واقعه خاصة في شكل الصادرات. وعلى سبيل المقارنة نشير الى ما جرى خلال العام 2011، حيث أدى انفلات زمام الإنفاق العام ومما يؤكد الشكوك بأن نسبة النمو في الإنفاق الكلي سوف تتجاوز خلال عام 2012 الأرقام المقدرة مما سيؤدي الى نمو النفقات برقم اكبر بكثير من الأرقام المتوقعة. واستنتاجا مما سبق فمن المتوقع إن الحكومة قد تلجأ لمعالجة الوضع إلى ممارسة ما اعتادت عليه وزارة المالية من إصدار ملاحق موازنة قبل الشروع بالإنفاق، او بعده الأمر الذي يشكل مخالفة لنصوص قانون الموازنة. لم نلاحظ في الموازنة العامة للحكومة معالجة أمر إيرادات وأعباء الشركات والهيئات التابعة للدولة والتي يفترض ان تدخل ضمن الإيرادات والنفقات العامة باعتبار الدولة مسئولة عن استلام الإيرادات وتسديد النفقات. وبالتالي من المفترض أن يتم حصر جميع تلك الإيرادات والأعباء المجمعة ومعالجتها في الموازنة حسب الأصول المحاسبية. إن محصلة الأرقام المشار إليها في الموازنة في مجال النفقات العامة الكلية والإيرادات العامة الكلية تظهر عجزا كليا عاما (يشمل الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية) شاملا المنح الخارجية.وبالتالي فان العجز الحقيقي الذي تشير إليه أرقام مشروعي الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية، بعد استبعاد كل من المنح الخارجية للحكومة المركزية والمنح الخارجية للولايات وتصل مقدرة من الناتج المحلي الإجمالي بعد المساعدات. . أعتقد أن هذا الأمر يستدعي اللجوء إلى برنامج وطني شامل متوسط الأجل للإصلاح الاقتصادي ويتطلب أيضا خطة طوارئ اقتصادية تخفض من الإنفاق الحكومي ماعدا الدفاع والأمن للعامين القادمين دون أي تأخير. ان الهدر في المال – حسب تقرير الشفافية الدولية – إن لم تخني الذاكرة - العام يتراوح بين (15-20%) من موازنة الدولة. ونحن نفترض أنه يشير إلى رقم النفقات الكلية للموازنة المجمعة للدولة. أو ما يصل إلى حده الأعلى من العجز المقدر من قبل الحكومة. ولم ترد هذه الحقائق في خطاب الموازنة أمام المجلس الوطني ، كما ان الوزير لم يبين الأسس التي استخدمها في الوصول إلى تلك النسب التي ذكرها، أو يظهر لنا مواضع هذا الهدر. كما لم يرد في الموازنة أي إجراءات أو سياسات تهدف إلى وقف هذا النزيف الكبير في الموارد العامة في الوقت الذي لم تبذل فيه المساعي لإيقاف الهدر والفساد وتعزيز الشفافية والحكمانية. لم يرد في الموازنة شرح لكيفية احتساب مبلغ الناتج المحلي الإجمالي سواء بالأسعار الثابتة أو الجارية لاستخراج بعض النتائج الأساسية كالعجز في الموازنة ونسبة الدين الداخلي والخارجي إليه. هذا مع العلم بأن وزارة المالية لم تعلن إحصائيات كاملة عن الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية وسوق رأس المال ضمن خطاب الموازنة المقدم إلى المجلس الوطني مما كان لا يعطي معلومات كاملة للمحللين والباحثين في هذه المجال. الحاشية: وبدون لتْ وعجن ، نطلب من وزير المالية أن يطلعنا بكل شفافية بما هو آتٍ وقد سبق أن طلبت من سعادته أن يخاطبنا بما نفهم، ولكن عمل " أضان الحامل كرشة" ، عموماً ؛ نورد بعض رؤوس الأقلام ليشرح لنا حتى تطمئن قلوبنا ولو تكرم سعادته لوضع حد للجدل الدائر والهمس والغمز واللمز وأن يتكرم ؛ ولكن إن كان ليس من البد أن نعيد فنحن نريد توضيحاً عن الآتي: ما هي جمل الإيرادات وكذلك الأرباح وخسائر الخاصة بالمؤسسات والهيئات والشركات العامة التابعة للدولة وكم عددها؟! كم جملة العجز العام المالي الكلي والتدابير التي اتخذت لمعالجته لأن كل ما قيل يحتاج لتوضيح وتفاصيل؟! ما هي جملة الناتج المحلي العام وتفاصيل؟! كم كان جملة الهدر في المال العام خلال السنوات الثلاث الماضية ونسبه، وما هو متوقع، والإجراءات الاحترازية التي اتخذت لوقفه وتقديم المتسببين فيه للعدالة؟! كيف تمّ تقييم خطر التباطؤ في النمو ، ما هي المعايير التي طُبِّقت عند التقدير؟! ما هي المنهجية والأسلوب الذي أتُبع في عملية الإصلاح الاقتصادي هل هو إعادة هيكلة للاقتصاد ، أم مؤسسات الدولة أم الاثنين معاً؟! هل تمّ إتباع معايير المحاسبة الدولية عند إعداد الموازنة.. مجرد سؤال ليطمئن قلبي ؟! يبدو ان الحكومة قد سارت في إعداد هذه الموازنة على نهجها السابق دون الأخذ بعين الاعتبار خطورة تنامي العجز في الموازنة العامة حتى بعد انفصال الجنوب ولم تلحظ الزيادة في المديونية مما يشكل خطرا على الأمن الاقتصادي الوطني. ولذلك لا بد من وضع برنامج وضوابط ثابتة ومحددة تؤدي الى تخفيض العجز والدين العام وبشكل تلتزم به حتى الحكومات المتعاقبة من خلال إصدار قوانين إلزامية لهذا الهدف اعتمادا على مبدأ الشمولية المستمرة للحكومات المتعاقبة. فهل اتخذت هذه الإجراءات لأننا لن نسمع ولم نقرأ إلا أي قوانين قد صدرت اللهم إلا مجرد كلام عام في هذا الصدد؟! الهامش: لقد اعتمدنا فيما أوردت على الأرقام الحكومية كما جاءت. وأنه نظرا لعدم إطلاعنا على بيانات كثيرة لم ترد ولم تنشر ضمن مشروع قانون الموازنة فانه قد يلزم تعديل كثير من الملاحظات والاستنتاجات التي أوردتها إذا ما تبين وجود بيانات مغايرة!!.