اقتحمت الشرطة حرم جامعة الخرطوم ومساكن الطلاب يومي الخميس والاحد من نهاية شهر ديسمبر الماضي ، تسبب ذلك في دخول الطلاب في إعتصام مفتوح عن الدراسة رأت إدارة الجامعة كسره بتعليق الدراسة إلى أجل غير مسمى رغم تأكيداتها بأن الإعتصام ليس سبباً في التعليق" ليس هنالك سند قانوني لتعليق الدراسة بسبب الإعتصام" دون إبداء أسباب أخرى لذلك . نتج عن ذلك عدة مطالب ابرزها اعتذار الشرطة عن الاقتحام غير المبرر للحرم الجامعي والمساكن و تكوين لجنة مشتركة ومحايدة للتحقيق في الحادث مع اعطاء كل ذي حق حقه . ولكننا كطلاب تفاجأنا بحديث للفريق محمد الحافظ حسن مدير شرطة ولاية الخرطوم في المنبر الإعلامي للاتحاد العام للطلاب السودانيين يوم 4/1/2012 بقوله : مافي زول بنعتذر ليهو وكل من أخطأ وتجاوز الحدود بنواسيه بالقانون" . ولنتجاوز عن عدم تنبه السيد الفريق إلى أن القانون هو منحى متحضر ومتمدن يحفظ للجميع حقوقهم بعيداً عن الألفاظ الخشنة ، ولنفترض أن الموضوع قد اختلط على سعادة الفريق ولم يعرف لماذا طالَب طلاب جامعة الخرطوم الشرطة بالإعتذار ، علني أوفق في ذلك ! . مخطئ من يظن أن مطالبتنا الإعتذار هو لدافع انتقامي ، او إذلالاً للشرطة ووضعها موضع الضعيف ، ولكن لأن ما رأيناه من أخوتنا في الشرطة يجعلنا نشك في انتمائهم لهذه المؤسسة الحساسة ، وان كانوا كذلك نتأسف بمقدار شكّنا ، فما حدث يومي الخميس والأحد بداخليات الوسط وما حولها من اقتحام صاحبه ضرب عشوائي للطلاب ، واعتقال وتعدي على الممتلكات ، حتى صار الطلاب يتندرون في مجالسهم "بأن إتحاد المجرمين يدين ويشجب ويستنكر ما فعلته الشرطة ويعلن نيته تعويض المتضررين " ، فالإعتذار (أبي) مدير الشرطة لأن المؤسسة المناط بها حفظ الأمن تنكرت لمهمتها وخرقت الأمن بأيديها ، فمع احترامنا لتقديراتكم لم يكن هنالك أي سبب يستدعي دخول الشرطة إلى الحرم الجامعي او الداخليات ، فحصب الشرطة بالحجارة يوم الأحد هو رد فعل لاقتحامكم الجامعة والداخليات يوم الخميس الذي قبله وبالرغم عن أنه منحى غير جيد من الطلاب ولكن لا يستدعي اقتحامكم للحرم الجامعي وترويع الآمنين خصوصا أخواتنا الطالبات ، اللاتي تناثرن ما بين مفزوعة أشد الفزع ، ومغمىً عليها جراء "البمبان" الذي زاحم سقف السماء في حقه الأزلي . وان كان لابد من اقتحام الجامعة والمساكن – الذي نرفضه جملة وتفصيلاً - فليس بتلك الطريقة الانتقامية التي صاحبها فقدان كثير من الممتلكات العامة والشخصية ، واعتقالات عشوائية واصابات بالغة وسط الطلاب . لكن المتتبع لتاريخ تعامل الشرطة مع الطلاب خصوصاً ووصفها الدائم لهم بمثيري الشغب او وصمهم بذوي الأغراض السياسية اذا طالبوا بأبسط حقوقهم ، في أكبر عملية اغتيال معنوي لأهم فئة نحسب أنها من ركائز التنمية والنهضة في هذا البلد ، لا يستغرب تلك اللغة من السيد مدير الشرطة ، فلو كان هنالك قليل من حسن النية لتخطى مسألة الإعتذار إلى القانون الذي يتشدق به بتكوين لجنة مشتركة ومحايدة لتحقق في الحادث بدلاً عن رمي اللوم على "عقيد" اتخذ القرار مفرداً ، مع عدم إغفال تعويض الطلاب فاقدي الممتلكات ومصابي الأجساد مع ارفاق "اعتذار أبوي" لهم ينزل عليهم برداً وسلاماً في فراشهم الأبيض . ولكن يبدو أن مؤسسة الشرطة قد فقدت بوصلتها في التعامل الراقي مع أصحاب المظالم ، واضعفتها خيوط العنكبوت الواهنة الملتفة حولها ، وارهقتها دعوات المظلومين وأسرهم من محالي (الطالح) العام الذين يرزحون تحت الظلم المرير والفقر المدقع . 11/1/2012م