سوف يشهد العام الحالي 2012 م ، مرور عدد من اليوبيليلت الفضية والذهبية والماسية ، والمئويات لبضعة أحداث مهمة وقعت في السودان خلال المائة عام الأخيرة. وتتعلق تلك اليوبيليات التي سوف تمر ذكراها خلال هذه السنة ، ببعض الشخصيات والمؤسسات والمرافق والخدمات التي خلّفت وما تزال تخلف أثراً إيجابياً كبيراً وملحوظاً في حياة قطاعات واسعة من السودانيين ، مما يجعلها قمينة بأن تكون موضعاً للتذكر والاحتفاء والتكريم من قبل أهل السودان قاطبة ، وخصوصاً من ذوي الاختصاص والاهتمام. فعلى سبيل المثال ، سوف تحل علينا في بحر هذا العام 2012 م ، الذكرى الخمسون لإنشاء التلفزيون السوداني الذي يعود تأسيسه وبدء تشغيله إلى العام 1962 م ، ولعل هذا الحدث هو من أكثر الأحداث جذبا للانتباه ، بل من أكثرها حظاً من الاهتمام والرعاية والدعاية كذلك على المستوى الرسمي في السودان ، وذلك بدليل أن التلفزيون نفسه قد عمد إلى التذكير بهذه المناسبة ، بل إنه قد جعل المشاهدين عموماً ، والسودانيين منهم بصفة خاصة ، يعيشون في أجوائها وإرهاصاتها منذ نحو عامين من الآن ، وذلك من خلال جملة من المواد التي بدأت تظهر سلفاً في هذا الإطار ، وذلك على غرار البرنامج الشهير الشاشة 50. وهنا لعله سوف يكون من المناسب ان تدخل القناة الفضائية السودانية في نوع من الشراكة أو التوأمة مع بعض القنوات القضائية العربية والأجنبية ذات المشاهدة العالية ولو ليوم واحد ، مثل الجزيرة والبي بي سي البريطانية ، والتي في 5 الفرنسية ، وذلك من أجل تأمين بث أفلام أو مواد تسجيلية عن التلفزيون السوداني في يوم ذكرى تأسيسه ، بغرض تبيين وتأكيد دوره و ريادته في المنطقتين العربية والإفريقية. سوف تمر علينا كذلك خلال عام 2012 ، الذكرى المئوية الأولى لميلاد الشاعر الكبير التجاني يوسف بشير ، كما سوف تمر علينا 75 سنة على وفاته التي حدثت في عام 1937 م. ولست أدري إن كانت الروابط والجمعيات والمؤسسات الرسمية منها والأهلية ، المشتغلة بالثقافة والآداب والفنون في بلادنا قد فكرت في الاحتفال بمئوية التجاني يوسف بشير ، وذلك على غرار ما كانت قد صنعت جماعة الأدب السوداني بمبادرة من الأستاذ الشيخ علي عبد الله يعقوب أطال الله بقاءه ، عندما احتفلت في عام 1962 بمرور خمسة وعشرون سنة على وفاة نابغة شعراء السودان ، ذلك الاحتفال الذي شهد مساهمات فذة من كبار أدباء ذلك العهد نذكر من بينهم الشاعرين والأديبين الكبيرين: صلاح أحمد إبراهيم ، وعبد الله الشيخ البشير. وعلى ذكر صلاح أحمد إبراهيم ، نود أن نلفت الانتباه إلى أن الذكرى العشرون لرحيل خدنه وصفي روحه الأديب الكبير الأستاذ علي المك ، تحل هي الأخرى في بحر هذا العام ، حيث أنه كان قد توفي في عام 1992 م ، بينما سوف يشهد العام القادم 2013 مرور عقدين من الزمان على وفاة صلاح نفسه. وصل خط السكك الحديدية إلى مدينة الأبيض في العام 1912 م ، وبالتالي فإن العام 2012 ، هو عام مئوية " السكة حديد " وقطارها الذي خلّده ود القرشي في " القطار المرّ " ، وود المكي في " قطار الغرب " في كردفان وعاصمتها عروس الرمال. ويا لها من ذكرى جميلة وموحية وجديرة بالاحتفاء بها. ولعل الحال أن ينصلح ، وتعود الروح إلى السكة حديد فتسير ولو قطاراً واحداً من الخرطوم إلى الأبيض ، في ظل أجواء خريفية ، وتسمح السلطات للطلبة والشباب حينئذ أن " يسطحوا " فإن ذلك من تمام " الأمبيانس " كما يقول الفرنسيون. ولتحمل الأسر " الزوادة بالمقرون " من بيض مسلوق ودجاج " مكرفس " وطحنية ومربى وفواكه.. وليشتروا وهم في طريقهم: البطيخ من سنار والسمك والشمام من كوستي والرغيف من تندلتي والجوافة من الرهد. وعندما يمر القطار بمحاذاة جبال العين قبيل دخوله الأبيض ، سوف ينبري أحد الركاب لكي يطرف أذان رفاق عربته أو قمرته ، بقصة شجرة الإكسير التي يقال إنها تنمو في إحدى قمم تلك الجبال ، دون أن ينسى أسطورة النسور الحارسة لأوراق تلك الشجرة المسحورة التي تحيل عن طريق المس فقط أي معدن إلى ذهب خالص. السفر بالقطار فيه إحساس بالأمان والحميمية ودفء التواصل الاجتماعي ، فضلاً عن الإحساس بظل الدولة ورعايتها ومسؤوليتها ، وأريحية القطاع العام و " غفلته " المحببة أحياناً ، بل رحمته بالضعفاء. وما حزنت على شيء من أمر السودان القديم مثل حزني على اندثار السكة حديد ، وهجر الناس لدور السينما..هذا مظهران من مظاهر المدنية والتحضر الباكرة التي عرفها السودان منذ مطلع القرن العشرين ، صارا أثراً بعد عين مع الأسف الشديد.. وماذا قال الجاغريو وغنى أحمد المصطفى ؟ في السينما قابلنا !. وبهذه المناسبة ، فإن العام الحالي 2012 م ، يصادف مرور مائة عام على تشغيل أول فيلم سينمائي بالسودان ، أي أن هذا العام هو عام مئوية السينما في السودان أيضا. يشهد هذا العام أيضا مرور مائة عام بالتمام والكمال على تأسيس معهد أم درمان العلمي الذي هو نواة جامعة أم درمان الإسلامية ، وبالتالي فقد حق لهذه الجامعة الاحتفال بمئويتها في هذا العام. أما على صعيد العمل الاجتماعي العام ، فإن مما تجدر الإشارة إليه أن هذا العام 2012 يشهد مرور ستين عاماً على تأسيس الاتحاد النسائي السوداني الذي تم إنشاؤه في عام 1952 م ، ولتكن هذه سانحة طيبة للاحتفال بهذه الذكرى ، ولتكريم رائدات الحركة النسوية في السودان في مختلف الحقب. ولا شك في أن عام 2012 هذا ، هو عام يوبيليات عدد كبير من الشخصيات والمؤسسات والمدارس والمعاهد والكليات والشعب والأقسام في طول البلاد وعرضها. فمن بين تلك المؤسسات الأكاديمية ، أرجو أن أخص بالذكر شعبة اللغة الفرنسية بكلية الآداب بجامعة الخرطوم ، التي سوف تحتفل بخمسينيتها أو يوبيلها الذهبي الذي تقرر الاحتفال به بتاريخ 12/12/2012 ، حيث أنها كانت قد تأسست في عام 1962 ، في عهد الراحلين بروفيسور النذير دفع الله مدير جامعة الخرطوم آنئذٍ ، والبروفيسور عبد الله الطيب عميد كلية الآداب في ذلك الوقت ، إلى جانب المسيو أندريه لادوس الملحق التربوي واللغوي بالسفارة الفرنسية بالخرطوم في ذلك العهد ، وهو ما يزال على قيد الحياة ، ونأمل أن يتمكن من المشاركة في هذه المناسبة السعيدة المقرر إقامتها بالخرطوم في نهاية هذا العام. ولئن كنت قد خصصت شعبة اللغة الفرنسية بآداب جامعة الخرطوم بهذا التنويه ، وهذه ( الدعاية المجانية ) ، فإنما ذلك هو من باب الوفاء ، لأنني من خريجيها ، وغرس يديها ، وإذ أنوه بعيدها الذهبي ، وألفت الانتباه إليه ، فإن لسان حالي ليردد مع التجاني يوسف بشير محيياً معهده الذي درس فيه ، وهو معهد أم درمان العلمي: هو معهدي ومحطّ عهد صباي من دارٍ تطرّقُ عن شبابٍ نابهِ khaled frah [[email protected]]