كنا قد أشرنا إلى أحداث ومناسبات ثقافية وتربوية مهمة في الملف الثقافي (الثلاثاء 17 يناير)، ووجدت الأفكار استجابة تكشف عن متابعة لما يطرح في الصحافة الثقافية. وبشأن مدرسة شندي الشمالية اتصل بنا الأستاذ محمد عثمان أبو دقن الذي سبق أن عمل معلماً بها، وقال انهم بصدد تكوين لجنة تشرف على هذا العمل الكبير الذي يليق بهذه المؤسسة العريضة، وبالمنطقة.. كما اتصل بنا الأستاذ نور الهدى محمد نور الهدى مدير دار عزة للنشر والتوزيع معلناً تبرعه بمائة كتاب للمكتبة العامة التي هي جزء من مشروع الاحتفالية المئوية بالمدرسة.. واتصل بنا الأستاذ عبد العظيم مجذوب من وزارة الثقافة بالخرطوم مبدياً الاستعداد للانخراط في العمل الجماعي الذي سيقود الاحتفالية لتحقيق غايات سامية ونبيلة، ليس أقلها الارتقاء بالتعليم في المنطقة، وأن تعود المدارس إلى سابق عهدها، تفاعلاً مع المجتمع، ومنارات للوعي والاشعاع الثقافي.. وسيكون ذلك في مدرسة شندي الشمالية للبنات (1952-2012) وغيرها من مدارس المنطقة. ٭ معاوية محمد نور:- كما جاءت مبادرة الأستاذ محمد بشير أحمد (عبد العزيز حسين الصاوي) في الاحتفال بمئوية الناقد الفذ معاوية محمد نور - والتي لا تتقيد بزمان - ومن المطلوب أن يكون الاحتفال بمعاوية محمد نور بقدر ما قدم لحركة الأدب والفكر في هذا البلد، واحياء مساهمته العميقة، والتي لم ينصف فيها بعد سبعين سنة من رحيله.. وشكل الاحتفاء ينبغي أن يكون بذات الجدية التي اتسمت بها نتاجاته الثقافية. ومن الضروري التأكيد على سبقه لكثير من النقاد العرب (الكبار) في التعرف العميق والمثمر على آداب الغرب، وطرقه لأبواب المناهج النقدية التي كانت (حديثة) آنذاك، ولم تدخل في ثقافتنا العربية، وكان معاوية نور رائداً دون أن يقر له الناس بهذه الريادة: جهلاً أم تغافلاً، ولعل السودانيين كانوا مقصرين في هذا، وجاء الأوان لاستدراك كل نقص وتقصير. ٭ التجاني يوسف بشير:- هذا العام هو عام مئوية التجاني يوسف بشير (1912) وأيضاً مرور 75 سنة على رحيله في عام 1937. ولعل من الواجب الآن أن نخرج نسخة كاملة مضبوطة من ديوان اشراقة وأن نطلع الناس بالأعمال النثرية الكاملة للتجاني يوسف بشير. وأن نعيد نشر بعض الدراسات التي كتبت حول التجاني ومن بينها دراسات في شعر التجاني الذي صدر عام 1962 في ذكرى مرور ربع قرن على رحيله، وهو كتاب جدير بأن يعاد طبعه. كما ينبغي أن يتركز الاهتمام على نشر دراسات جديدة، واقامة سمنار نقدي يدعى له بعض كبار النقاد العرب لمناقشة التجربة الشعرية للتجاني.. كما يمكن تسمية دورة مهرجان الشعر هذا العام باسم الشاعر التجاني يوسف بشير، وأن تتم دعوة عدد من كبار الشعراء في الوطن العربي والنقاد المرموقين المشهود لهم حقاً بتقديم الجديد والمفيد. ٭ 17 مايو:- 17 مايو هو يوم رحيل الشاعر والناقد والمترجم صلاح أحمد ابراهيم، وقد دشنت رابطة الكتاب السودانيين نشاطها في هذا التاريخ قبل سبعة أعوام. وصلاح أيضاً جدير بهذا الاحتفاء، وأتمنى من اخوتي في رابطة الكتاب أن يكرسوا احتفاليتهم بتأسيس الرابطة لذكرى صلاح في يومها الأول، ثم الاهتمام بالشعراء الشباب والنقاد الجدد عبر تنظيم فعالية يتم من خلالها إلقاء الضوء على التجارب الجديدة في الكتابة. وصلاح شارك في ضروب من النشاط الثقافي والابداعي منها مساجلاته السياسية، وحواراته الفكرية ومن بينها مساهمته في حوار المشرق والمغرب لافتاً الانتباه إلى البعد السوداني، الذي يجري تجاهله من بعض المفكرين العرب.. وفي مجال القصة القصيرة كانت لصلاح أحمد ابراهيم مساهمات قيمة سواء في البرجوازية الصغيرة أو في غيرها. ٭ كسلا:- ولايات الشرق: كسلا - القضارف - البحر الأحمر كل واحدة من هذه الولايات لهانصيبها من أهل الابداع. ولكني أخص هذا العام اثنين من رموز الشرق. أقول هذا وأهل الشرق أدرى بشعابه: محمد عثمان كجراي/ مبارك ازرق الذي قبل أسابيع قليلة.. وأجمل تكريم لهما أن نخرج الأعمال الكاملة لكجراي: دواوينه الشعرية/ كتاباته النثرية، وكذلك قصص ومسرحيات مبارك ازرق، وتكريم أسرتي هذين الكاتبين الكبيرين. وكجراي قد ولد في القضارف، وعاش في بورتسودان، وقضى الشطر الأخير من حياته في كسلا. وكذلك مبارك ازرق المعلم الذي تربطه الصلات بالصوفي الازرق وبالشرق كله. ٭ الروابط الولائية:- لماذا لا يفكر مسؤولو المركز والولايات أن يكون هذا العام عام الاهتمام بالروابط الثقافية في الولايات.. وبدلاً من هذا التركيز على المركز، واهمال الولايات، لابد لنا من أن نعطي هذه الولايات بعضاً من حقوقها الضائعة. وينبغي أن نجرب كيف يمكن لقليل من هذا الاهتمام أن يعطي ثماراً حلوة، وأول هذه الثمار تجاوز ما يسمى بالتهميش، وهو الأمر الذي تعاني منه الثقافة في مختلف عهود الحكم في السودان، وعلى تعدد ألوانها وهوياتها واتجاهاتها ومشاربها، إلا أنها اتفقت على أن تكون الثقافة في آخر قائمة الأولويات. ونتصور كيف ان وسائل الاعلام في السودان قد انفتحت على هذا المشهد السوداني بتنوعه، وتراثه. وان كل مواطن صاحب موهبة حقيقية يجد أمامه الأبواب مشرعة، ويجد كافة عوامل الدعم والرعاية. ويحس احساساً حقيقياً بأنه مواطن مكفولة له كافة حقوق المواطنة والمشاركة في بناء دولة الوطن، والمساهمة في كافة مجالات الحياة دون تمييز، وبهذا وحده ننقل احساس المواطنة نقلة مهمة، حين يحس المواطن بأن أجهزة الاعلام المملوكة للدولة تنقل احساسه، وتعبر عن ذاته، وأن كل المجموعات الثقافية التي تتعايش داخل الوطن السوداني لها ذات الحقوق التي ينعم بها أهل المركز.. ولا تسل عن مدى الفرحة التي يستشعرها من كان يسمع للأغاني تتردد من المذياع بلهجات ولغات أهل السودان.. وكانت فكرة برنامج (ربوع السودان) تحتاج إلى تطوير حتى تصبح كل البرامج تعبيراً حقيقياً عن ربوع السودان. أخيراً:- ما قدمناه من مقترحات مساهمة متواضعة ومن المؤكد أن كل مؤسساتنا الثقافية، وتنظيماتنا الأهلية العاملة في هذا الحقل لها أجندة ثقافية، وبرامج تتمتع بقدر كبير من الأهمية.. وأركز مرة أخرى على الاهتمام بالروابط الثقافية في الولايات، والجمعيات الثقافية الشبابية والطلابية، فهي تمثل ركيزة من ركائز الغد المنشود.