لعبت وسائل الإعلام دوراً رئيسياً في ثورات الربيع العربي، بل لعبت وسائل التواصل الاجتماعي مثل " الفيسبوك"، و"التويتر أو المغرد" وأجهزة الهواتف النقالة، دوراً هاماً ليس في نقل الحدث وإنما في صناعته. واليوم لا يخلو منبر سياسي من ذكر الدور الجديد لوسائل الإعلام. والسبب في ذلك هو التأثير القوي الذي يخلفه الإعلام اليوم لدى الرأي العام، ولدى مراكز صناعة القرار. ولذلك يطلق على الاعلام السلطة الرابعة، بعد السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية. ما ينقل اليوم من حدث، تتسابق وسائل الإعلام لترجمته كل وفق أجندته، ويهرول به الساسة داخل البرلمانات وأجهزة السلطة التنفيذية لتداوله ومطابقته مع مصالحها الخاصة، قبل أن يخرج في شكل قرار سياسي. كما تستثمر الشخصيات الرمزية أو الشهيرة الإعلام في شكل حملة علاقات عامة لأغراض شخصية أو لأغراض أوسع تخدم تحالفات مع مجموعات مصالح أو ضغط معينة، كما يفعل الممثل الأمريكي جورج كلوني والذي يدير مشروعاً اعلامياً ضخماً في فضاء السودان، من خلال القمر الصناعي الذي يموله، والموجه خصيصاً نحو السودان. جلسنا منذ اليوم الأول، نتابع مجريات الأحدث في هجليج، ولم نكن حينها نعرف حقيقة ما يجري غير أن هناك احتلال للمنطقة، فقد التزمت قناة التلفزيون السوداني الرسمي الصمت خلال الأيام الأولى، وفضلت نقلت مباريات لكرة القدم تارة، وعرض مشاهد غنائية تارة اخرى. كانت حكومة السودان في هذا الوقت، تخرج لنا بتصريحات تفيد بأن هناك معارك دائرة، وبأن النصر آت في غضون ساعات، وحاولت معها قنوات مثل الجزيرة الفضائية، معرفة دلالات هذه التصريحات، لكن بدى أن لدى الحكومة السودانية رؤية مختلفة تقوم على التعتيم الإعلامي، وهي نظرة لانظن أنها تتفق مع الاتجاه السائد حالياً، حيث تحرص الاطراف على نقل الأحداث أولاً بأول و إطلاق تصوير تلفزيوني يدعم حجتها، ويسهم في اضعاف حجة الطرف الآخر. على أساس هذا القصور الإعلامي السوداني، خرجت لنا حكومة جنوب السودان بروايات مختلفة تلقفتها وسائل الإعلام العربية والغربية الصديق والعدو (إذ لا يوجد اليوم اعلام محايد ولم ولن يكن يوماً ما كذلك). بدأت هذه الروايات بعرض تسجيل مصور لأسرى سودانيين تابعين للقوات المسلحة وعاملين في هجليج تم اسرهم من قبل دولة جنوب السودان في منطقة هجليج. ومن الجانب الآخر، كان هناك مراسل بريطاني لمحطة البي بي سي الانجليزية، يسمى جيمس كوبنال ينقل الأحداث من السودان حسبما يكتب (دون تحديد اسم المكان الذي ينقل منه)، واستطاع هذا الرجل أن يضع خبر تحرير هجليج في المرتبة الثانية ضمن أخبار العالم الرئيسية، وعلى الرغم من أنه ادرج الخبر في صيغة انسحاب قوات دولة جنوب السودان من هجليج، إلا أن الرجل كان منصفاٌ حين اشار إلى أن الامر سيستغرق بعض الوقت قبل التأسيس على احد الروايتين: رواية حكومة السودان (الهجوم والنصر)، ورواية حكومة جنوب السودان (الانسحاب التكتيكي). ما نريد أن نقوله هنا، وحيث أننا نشهد نقلة اعلامية كبيرة، فإن هناك دور مهم يتعين على المسؤوليين في قطاع الإعلام القيام به للارتقاء بمستويات الخدمة الإعلامية على المستوى الخارجي وليس على المستوى الداخلي. كان حرياً بالمسؤوليين في حكومة السودان تأمين اصطحاب المراسلين التابعين للقنوات الفضائية الخارجية المؤثرة - حتى وإن اختلفنا معها في ألأجندات- من أجل أن تكون هذه القنوات شاهد عيان على حقيقة ما جرى في هجليج، ذلك أن هذه القنوات يشاهدها الملايين بينما يشاهد تلفزيون السودان الالاف او عشرات الالاف في أفضل تقدير. Kamal domy [[email protected]]