واحدة من أعظم المكاسب التي تحققت بعد تحرير هجليج ذلك التلاحم القوي بين الشعب السوداني وقيادته وقواته المسلحة، فقد انفعل السودانيون مع أحداث هجليج كما لم ينفعلوا من قبل، تجلى ذلك في الجموع الغفيرة التي خرجت لتهنئة القوات المسلحة بالنصر الذي تحقق في هجليج، وهذا ليس بغريب على الشعب السوداني الذي عُرف بتآزره في الملمات، في هذا الصدد نظم الإتحاد العام للطلاب السودانيين ندوة سياسية بعنوان(تحرير هجليج بين التلاحم الوطني ووحدة الصف) ملاحم هجليج د. مصطفى عثمان إسماعيل- مساعد رئيس الجمهورية قال إن حرب هجليج تجلت فيها خمس ملاحم هي: ملحمة القوات النظامية بجميع فصائلها فقد كان هنالك تنسيق وتناغم بين كل هذه القوات، فلم نسمع عن ان هناك خلافا قد نشب بين هذه القوات حول الإختصاصات اوالسلطات، بل تكاملت أدوارها حتى تحقق النصر. الملحمة الثانية هي ملحمة الشعب السوداني الذي وقف صفا واحدا خلف قواته المسلحة، وفي هذا الصدد دعا مصطفى لفتح قنوات إتصال وتواصل مع الشعب السوداني بجميع فئاته وشرائحه المختلفة، ولم ينس مصطفى الإشادة بالمرأة السودانية التي تقدمت صفوف المعركة تداوي الجرحي وتشد من أزر المقاتلين. حنكة القيادة ملحمة القيادة كانت من أبرز هذه الملاحم فقد استطاع الرئيس البشير ان يدير المعركة بحنكة وإقتدار منقطعي النظير، وكان يراقب ويتابع كل تطورات الأوضاع في ساحة القتال لحظة بلحظة، على عكس الرئيس سلفاكير الذي بدا مترددا ومتخبطا في قراراته، فتارة يتحدث عن ان قواته إحتلت هجليج لانها أرض جنوبية وتارة يقولون انهم إحتلوها للضغط على الخرطوم لتقبل مبادلتها بأبيي، وأحيانا يقولون انهم سينسحبون خلال ثلاثة أيام لكن يريدون ضمانات من الخرطوم بعدم ضربهم أثناء إنسحابهم. الدور الإعلامي الملحمة الرابعة-حسب مصطفى- خطها الإعلام السوداني بمختلف أشكاله المقروء منها والمسموع والمرئي، وذكر مصطفى ان معركة هجليج مايزت الصفوف فتقدمت الأقلام الوطنية وتراجعت الأقلام المتخاذلة، الدبلوماسية السودانية... الملحمة الخامسة كما ذكر مصطفى تجلت في الدبلوماسية السودانية التي إستطاعت ان تفتح قنوات إتصال مع جميع الهيئات والمؤسسات الدولية والإقليمية لإطلاعها على حقيقة ما يجري في هجليج، فكسب السودان بذلك تعاطف المجتمع الدولي في الوقت الذي تقاطرت فيه رسائل الشجب والإدانة على الجنوب، وهذا ليس بجديد على الدبلوماسية السودانية التي شُهد لها بالكفاءة والإقتدار والخبرة الطويلة في مجال العمل الدبلوماسي الأمر الذي لاينطبق على الدبلوماسية في جنوب السودان التي لاتزال في طور النمو. دروس المعركة وذكر مصطفى ان هنالك عددا من الدروس والعبر يمكن الإستفادة منها في مقبل الأيام، أول هذه الدروس هي ضرورة دعم وتأهيل القوات المسلحة حتى تؤدي دورها المُرتجي منها في حماية ثغور الوطن لاسيما وان الحرب مع الجنوب ربما تمتد لآجال بعيدة وقد لا تنتهي الآن، فقد إتضح جليا ان الجنوب يسعى بشتى الوسائل لزعزعة إستقرار السودان عن طريق دعم الحركات المتمردة تارة والهجوم على الأراضي السودانية تارة أخرى . الدرس الثاني يحتم ضرورة توحيد الجبهة الداخلية، وفي هذا السياق أوضح مصطفى ان المؤتمر الوطني سيطرق أبواب المعارضة لإدارة حوار جاد معها بغية التوصل لوفاق وطني يقفل الباب أمام المتربصين بالوطن، وطالب مصطفى بتوسيع وعاء الصرف على المؤسسة الدبلوماسية تقديرا للدور الذي قامت به إبان فترة الحرب، كما دعا مصطفى الى تنويع مداخيل الإقتصاد السوداني بحيث لا يتم الإعتماد على سلعة البترول على حساب باقي السلع، فالسودان يتمتع بإمكانيات إقتصادية هائلة تقتضي الإلتفات إليها لتحقيق الفائدة القصوى من أجل الإرتقاء بالمستوى المعيشي لسكان السودان ثم ماذا بعد؟ هذا هو التساؤل الذي طرحه مساعد الرئيس، حيث أكد على أهمية التفاوض لحل جميع القضايا العالقة بين الدولتين، مصطفى بدا واثقا وهو يراهن على ان مشاكل دولتي السودان لن تُحل إلا بالتفاوض، لكن السؤال هو مع من نتفاوض، فالحركة الشعبية غير جادة في أمر التفاوض وهي لاتسعى للتوصل لسلام شامل مع الدولة الأم، وأضاف مصطفى نُريد مفاوضا محترما يعي معنى التفاوض ويفي بما يبرمه من تعهدات، واوضح مصطفى ان القضية الأمنية تأتي في سلم القضايا العالقة بين الجانبين ومالم ترفع جوبا يدها عن دعم تحالف الجبهة الثورية وتعلن إنسحابها عن باقي المناطق السودانية التي تحتلها فلن تكون هنالك جدوى للحديث عن مفاوضات وعن فتح التجارة الحدودية بين الدولتين. الإعلام السوداني المهندس عبدالله علي مسار أشاد بالدور الكبير الذي لعبته وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية في نقل الصورة الحقيقية لمجريات الأوضاع في هجليج، فقد استطاعت هذه الأجهزة ان تؤدي الرسالة الإعلامية المطلوبة منها على أكمل وجه، ورد هذا الجميل -بحسب مسار- يقتضي تقديم مزيد من الدعم والتطوير لهذه الوسائط الإعلامية، فالأداة الإعلامية لها دور محوري في مثل هذه الحالات إذ تعتبر واحدة من أهم العوامل الحاسمة في مثل هذه الظروف. لا خلاف مسار اكد على سودانية هجليج، حيث لم تكن مثار نزاع بين الدولتين، لذلك فان إدعاء الحركة الشعبية بان هجليج جنوبية هو محض إفتراء لا تسنده أية قرائن، وأوضح مسار ان إحتلال الجنوب لمنطقة هجليج يعتبر إنتهاكا سافرا للسيادة الوطنية للسودان، لان هذه المنطقة تقع ضمن الحدود المتعارف عليها للسودان(حدود عام 1956م) ولايوجد أي نزاع بشأنها بين السودان ودولة جنوب السودان، وطالب مسار بالإسراع في تفكيك الفرقتين التاسعة والعاشرة الموجودتين في جنوب كردفان والنيل الازرق في الوقت الذي تتبعان فيه للحركة الشعبية، وأضاف مسار انه لايجوز عرفا ولا قانونا ان توجد قوات تابعة لدولة ما في حدود دولة أخرى كما لايحق لمواطن سوداني ان ينتسب لجيش يتبع لدولة اخرى. لانعادي الجنوب ويمضي مسار ليقول ان السودان لايُعادي الجنوب إنما يُعادي حكومة الجنوب، التي تتصرف بحماقة مع دولتها الأم، وذكر مسار ان المواطن الجنوبي في جوبا بدأ يضيق ذرعا بهذه التصرفات الطائشة لحكومته الأمر الذي قد يدفع شعب الجنوب للإنتفاض في وجه حكومة سلفاكير. قوافل طلابية من جهته أشاد المهندس محمد صلاح أحمد بالوقفة الصلبة للطلاب السودانيين خلف القوات المسلحة، وناشد الطلاب بان يكونوا على أهبة الإستعداد لأي معارك مرتقبة مع الجنوب في الفترة المقبلة، وكشف صلاح عن تسيير الإتحاد العام للطلاب السودانيين لحملة طلابية للمساهمة في إعادة إعمار مدينة هجليج. نقلا عن صحيفة الرأي العام السودانية 26/4/2012م