ضبط عدد 12 سبيكة ذهبية وأربعة كيلو من الذهب المشغول وتوقف متهم يستغل عربة دفار محملة بمنهوبات المواطنين بجسر عطبرة    والي النيل الأبيض يزور نادي الرابطة كوستي ويتبرع لتشييّد مباني النادي    حميدان التركي يعود إلى أرض الوطن بعد سنوات من الاحتجاز في الولايات المتحدة    الكشف عن المرشحين للفوز بجائزة الكرة الذهبية 2025    اعفاءات من رسوم السكن والتسجيل بالداخليات لأبناء الشهداء والمشاركين في معركة الكرامة    لجنة أمن ولاية الخرطوم تشيد باستجابة قادة التشكيلات العسكرية لإخلائها من المظاهر العسكرية    عزيمة وصمود .. كيف صمدت "الفاشر" في مواجهة الهجوم والحصار؟    مناوي يُعفي ثلاثة من كبار معاونيه دفعة واحدة    نادي الشروق الأبيض يتعاقد مع الثنائي تاج الاصفياء ورماح    فترة الوالي.. وفهم المريخاب الخاطئ..!!    شاهد بالفيديو.. بالموسيقى والأهازيج جماهير الهلال السوداني تخرج في استقبال مدرب الفريق الجديد بمطار بورتسودان    شاهد بالفيديو.. جمهور مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان يسخر من الفنان محمد بشير بعد إحيائه حفل "ختان" بالعاصمة المصرية القاهرة    بالصور.. تعرف على معلومات هامة عن مدرب الهلال السوداني الجديد.. مسيرة متقلبة وامرأة مثيرة للجدل وفيروس أنهى مسيرته كلاعب.. خسر نهائي أبطال آسيا مع الهلال السعودي والترجي التونسي آخر محطاته التدريبية    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    شاهد بالصورة والفيديو.. سيدة سودانية تطلق "الزغاريد" وتبكي فرحاً بعد عودتها من مصر إلى منزلها ببحري    حادث مرورى بص سفرى وشاحنة يؤدى الى وفاة وإصابة عدد(36) مواطن    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس يصل مطار القاهرة الدولي    يؤدي إلى أزمة نفسية.. إليك ما يجب معرفته عن "ذهان الذكاء الاصطناعي"    شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    شاهد بالفيديو.. بعد عودتهم لمباشرة الدراسة.. طلاب جامعة الخرطوم يتفاجأون بوجود "قرود" الجامعة ما زالت على قيد الحياة ومتابعون: (ما شاء الله مصنددين)    شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    الشهر الماضي ثالث أكثر شهور يوليو حرارة على الأرض    عمر بخيت مديراً فنياً لنادي الفلاح عطبرة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (روحوا عن القلوب)    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    12 يومًا تحسم أزمة ريال مدريد    الدعم السريع: الخروج من الفاشر متاح    التفاصيل الكاملة لإيقاف الرحلات الجوية بين الإمارات وبورتسودان    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل نحن فعلا شعب بطيء الإيقاع ؟؟؟؟ ... بقلم: عبد المنعم الحسن محمد
نشر في سودانيل يوم 01 - 07 - 2009


التاريخ : 29/6/2009م
[email protected]
وهل هذا البطء المميت تسبب لنا في الكثير من الكوارث وأضاع منا الكثير من الفرص الذهبية في حياتنا، هل هذا البطء جين وراثي لعين مولود مع الشخصية السودانية وما أن يخرج المواطن السوداني من بطن أمه حتى يكتب عند الله بطيئا ، هل تتفقون معي في ذلك وانه مرض خطير ويجب أن نعترف به ونتنادى ونجلس ونتفاكر في كيفية التخلص منه قبل أن يُقعد هذه الأمة عن ركب الحضارة والتقدم أكثر من ذلك، لماذا حياتنا السودانية (تمشي) الهوينى في كافة مناحيها الخاصة والعامة والرسمية ؟، ولماذا لا تحركنا المحن ولا تغيرنا الخطوب ولا تبدلنا الكوارث والابتلاءات ؟،ولماذا لا توجد في قواميس الحياة السودانية كلمات مثل Urgent و Emergency هذه الكلمات التي تقابلنا في كل مكان خارج السودان فلماذا لم نستوردها ونحن من جبنا العالم من شرقه إلى غربه بمناسبة وبدون مناسبة ، كم بددنا من الأموال والعملات الصعبة في الأسفار والرحلات لعواصم العالم المتقدم دون أن تحرك فينا عاداتهم في الانجاز والسرعة ساكناً، لم يتبق لسكان العالم من كثر سرعتهم وحرصهم وجديتهم إلا أن يكتبوا مثل هذه الكلمات وغيرها حتى في دورات المياه أكرمكم الله ونحن ربما لا نجدها مكتوبة حتى على بعض غرف العناية المركزة بالمستشفيات ، هل هذا كسلاً أم بطئا أم لا مبالاة ، نحن بلد تكره الكتابة والتنظيم واللافتات، عاصمتنا تجوبها من شرقها إلى غربها ومن قصر الشباب والأطفال حتى أواخر الثورات لا تقابلك لافتة إرشادية واحدة توضح لك حي الشهداء من حي ( ود نوباوي) ولا تعرف نفسك أين تقع في الخريطة وهل تسلك شارع ( الثورة بالنص ) أم شارع( أمبدة السبيل ) أما في ( منطقة الكلاكلة ) فلا تعرف انك وصلت أو اقتربت من الوصول إلا بعد مشاهدة الزحمة بسوق ( اللفة ) ذلك التجمع التجاري العشوائي ، أما التفريق بين حي الوحدة وحي( صنقعت ) فهذا أمرمطلوب منك معرفته بفطرتك الذاتية ، فهل الكتابة صعبة لهذه الدرجة وكيف يستدل الضيوف والغرباء على العناوين أم أننا نحن خلقنا هكذا وسنعيش هكذا ونموت هكذا، هنا بدول الخليج مثلا المواطنين مشهورين بالسرعة الزائدة ربما أكثر من اللازم فتسمع يوميا وفي كل مكان كلمات تحث على السرعة والانجاز مثل( عاجل ، عجّل ، ها الحين ) في العمل خارج السودان تصلنا مستندات وايميلات ( مروسة) بكلمة URGENT عدة مرات خلال اليوم الواحد بينما لم تمر علّي هذه الكلمة طيلة فترة حياتي العملية بالسودان، كل شيء لدينا يأخذ وقته الطبيعي والغير طبيعي حتى يتقادم وينسى ويضيع في الأضابير،السنا نحن من تأصل ثقاتنا للبطء وعدم الاستعجال في كل شيء ، السنا نحن أصحاب الأمثال التي تقول ( السايقة واصلة ) و( درب السلامة للحول قريب ) ولا ننسى أنه يوجد بقاموس الأسماء لدينا اسم (مهلة )، وحتى في أغانينا نمجد البطء ( ماشة بي مهلة وقالواالليلة شايلة أهلها ) يعني ذاهبة إلى أهلها ببطء مميت ، ما الجميل في البطء الذي دعا هذا الشاعر السوداني لتخليده شعرا .
نحن الوحيدين في العالم الذين نذهب لأداء واجب عزاء زملائنا أثناء ساعات العمل الرسمية ، فليس مستبعدا في السودان أن تذهب لأي من الدوائر أو الشركات فتجدها فارغة ويتم إفادتك من الحارس بأن جميع الموظفين ( ذهبوا لبيت عزاء زميل في حي كذا ) يعني على الأقل محتاجين لثلاث أو أربع ساعات حتى يعودون حسب مسافة المشوار، ألسنا نحن من تغير سيارات الترحيل لدينا خط سيرها فبدلا من الاتجاه لمقر العمل تتجه مباشرة بكامل طاقمها لبيت عزاء احد الزملاء بمجرد تلقيهم لخبر وفاة أحد أفراد أسرته ببوابة العمل، حضرت في إحدى السنوات وفاة والدة مسئول مهم بشركة كبرى ، تصورا أن الشركة أغلقت أبوابها تماما أمام الجمهور وذهب جميع الموظفين رجالاً ونساءً وبعض العملاء والمراجعين الذين صادفوا هذا الخبر لمواساة هذا الزميل المدير ليوم عمل كامل . وعادوا له بعد قضاء نصف دوام اليوم التالي ( لحضور مراسم رفع الفراش والصدقة ) أي عادات وأي مجاملات هذه التي تحدث أثناء ساعات العمل ، ألا يكفي أداء هذه المجاملات في النصف المتبقي من اليوم بعد الدوام أم أنه التسيب وتضييع الوقت بدون حساب .
نحن الدولة الوحيدة التي يذهب موظفيها لتناول الإفطار لأكثر من ساعة والناس مصطفين لدفع رسوم ما الدولة في أمس الحاجة لها ولكنها لم توفر العدد الكافي من الموظفين السريعين لاستلامها والاستفادة منها ، بل أتت بموظفين بطيئين يفطرون في ساعة ويشربون الشاي في ساعة أخرى و( ويتونسون ) ويتضاحكون فيما بينهم والمواطنون مصطفون على الشبابيك ولا حياة لمن تنادي ، تخيل دولة اقتصادها مبنى على الرسوم الضريبية ومواطنوها يأتون طوعا وكرها للدفع ويضيعون الكثيرمن الوقت ويبذلون جهدا مضاعفا حتى يتمكنوا من توريدها لخزينة الدولة ، فهل العيب في الدولة وهي الجهة المستفيدة من هذه الأموال ولكنها غير قادرة على توفير آليات سريعة وسلسة لتحصيلها أم العيب في الموظف الذي يعمل على مزاجه وبما يتكيف مع هواه وطبعه وذوقه دون أن يسأله أحد .
نحن بلد يخسر الكثير من الفرص الاقتصادية والاستثمارية بسبب البطء في الرد على المراسلات ،هناك الكثير من الشركات حول العالم ترسل لنا فاكسات وايميلات ورسائل عبر شركات البريد السريع تعرض فرصاً استثمارية كبيرة ولكنها للأسف لا تتلقى رداً ، وبعد إعادة هذه الرسائل عدة مرات بعد ختمها بكلمة REMINDER تقفل هذه الملفات ويكتب عليها ( أوقف التعامل لبطء الرد )، تصورا بعضنا بالسودان يردون بعد مرور شهور وربما سنة كاملة ولكن يعتذر لهم بأن الفرصة ضاعت .
ذهبت مع وفد من المستثمرين الخليجيين للسودان بغرض تقديمهم لبعض الفرص الاستثمارية في مجال الدواء وكان هدفهم الرئيسي هو أن السودان دولة ذات موارد ودولة إسلامية مهمة أولى من غيرها بهذه الفرص ، وقمت بعمل كافة الترتيبات وأعددنا برنامج حافل لهذه الزيارة بواسطة احد الإخوة الصيادلة ،تصورا منسق هذه الزيارة لم يحضر للمطار في الموعد المحدد لاستقبالهم معي حسب البرنامج المتفق عليه سلفا بحجة أن سيارته تعطلت ومن هنا بدأت رحلة الإخفاقات والفشل والتراخي، ثم بعد أن أضاع نصف اليوم الأول في إصلاح ( كفر ) سيارته تقاعس في الذهاب معنا للجهات المبرمج زيارتها في اليوم الثاني وقبل الأخير وهو يعتبر اليوم الرئيسي والمهم في برنامج الزيارة مما اضطرني لاستئجار سيارة والذهاب له بالمنزل ففوجئت به جالسا بشكل اعتيادي وغير منزعجا من شيء رغم أن وفدا أجنبيا مهما ينتظره بفندق( هيلتون ) على أحر من الجمر يريد تقديم خدمات دوائية وعلاجية واقتصادية وإنسانية للبلد وقد حضروا في زيارة معد لها سلفا وذات وقت محدد بالساعة ولا يقبل الخلل أو التسويف، أي برود وأي بطء هذا الذي نتمتع به ، المهم بعد مجادلات وأخذ ورد قال لي ما معناه ( من يضمن لي حقي) ولم يواصل معنا البرنامج لليومين القادمين ألا بعد أن منحته ما يطلب، ولكم أن تتصورا الحرج الذي وقعت فيه مع هؤلاء الضيوف المهمين ، علما أن هذا الرجل لو تعاون معنا بإخلاص في تلك الزيارة، كانت هناك نية كبيرة من جانب المستثمرين لتعيينه مستشارا لهم ووكيلا ومنحه الكثير من الفوائد مستقبلا لكنه كان أناني وينظر ( تحت رجليه ) وهذه تدخل في باب آخر وهو اندثار المثل والقيم السودانية الأصيلة التي كنا نتميز بها ، وطغيان المصلحة المادية الوقتية على كل شيء إضافة للبطء والبرود.
خلال تلك الزيارة ذهبنا مع الوفد وقابلنا صيدلانياً كبيراً على رأس مؤسسة تعليمية صيدلانية هامة بغرض التفاكر معه حول تبني الوفد لبعض البحوث التي لديهم والدخول معهم في شراكة استثمارية على أعلى مستوى في هذا المجال ، وكان المستثمرون يتكلمون عن الأبحاث وهو يتكلم عن العسل والعلاج بالعسل ويردد الآيات القرآنية الكريمة عن العسل، علما أن الوفد مكون من رجال دين أكثر من كونهم مستثمرين ويعرفون جيدا العسل وفوائده وما ذكر عنه في القرآن والسنة ولا يحتاجون لمحاضرة في ذلك ، وكانوا كلما يقاطعونه بسؤال عن الأبحاث التي أجريت على مادة ( القضيم ) مثلاً لاستخلاص علاج لمرض الأنيميا أو عن ( السنمكة ) وما وصلت الأبحاث فيها بخصوص استخلاص دواء لمرض الإمساك ، يتجاهلهم ويصر على أن العلاج الوحيد هو العسل ، (طيب أنت لمان مؤمن بالعسل لهذه الدرجة ) لماذا لا تفتح مركز لأبحاث العسل ومزرعة لإنتاجه وتبعد عن المكان المهم الذي تتبوأه .
في ختام اجتماعنا معه طلب منه احد أعضاء الوفد أن يرشح لهم طالبا في كلية الصيدلة يتنبأ له بالنبوغ لتتبناه الشركة المستثمرة علميا وماديا كمشروع عالم لكنه اُقسم بالله العظيم واصل حديثه عن العسل وتجاهل الإجابة على هذا السؤال وأضاع فرصة جميلة على طالب ذكي ستفتح له أبواب الدعم من مؤسسات بحثية خارج السودان، فما كان أمامنا سوى الاستئذان منه والخروج من غير أي رغبة في العودة إليه أو التواصل معه، بربكم كم من الفرص أضاعها مثل هذا المسئول السوداني المهووس على البلد .
في زيارة لموقع آخر طلبنا من مديره أن يرشح لنا عدد من الصيادلة والكيمائيين من ذوي العلم والخبرة في صناعة الدواء للعمل كخبراء لتأسيس شركة دوائية عملاقة بالخليج وفي وظائف مرموقة ، وعد الرجل بذلك شفهيا ولكنه على ارض الواقع لم يرد حتى على خطاب الشكر الذي أرسلناه له فور عودتنا من الزيارة، وتمت ملاحقته كثيرا لتزويدنا بالسير الذاتية للموظفين المطلوبين ولم نتلقى منه رد حتى كتابة هذه الأسطر ، علما أن هذه الزيارة تمت عام 2004م والشركة المراد تأسيسها بواسطة خبراء سودانيين توجهت لدول أخرى وأحضرت من تشاء من خبراء وفنيين وانطلقت وأنتجت وباعت وجماعتنا في السودان ( عييييييك ) لم نسمع عنهم شيئا إلى يومنا هذا ، علما أن الخليجيين الذين اعمل معهم كلما تأتي المناسبة يعيروني بهذه المواقف والذكريات البائسة . وللأمانة أنوه لأن هذا الرجل كشخص في منتهي الخلق والذوق والرقي والعلم ولكنه سوداني أصيل .
الكثيرمن المغتربين يعانون من بطء انجاز مصالحهم بواسطة أهاليهم ، وكثيرين أضاعوا الكثير من الجهد والملاحقات لانجاز مواضيع معلقة تخصهم بالسودان ولم يجنوا سوى تبديد أموالهم في الاتصالات .
دائما الناس عندنا في السودان لا يردون على رسائل الجوال غالبا، وعندما تنزعج من عدم الرد وتتصل على أحدهم يقول لك ( والله الرسالة وصلتني ومفكّر أرد عليك ) لماذا التفكير فقط وما صعوبة الرد في الحال ، ليس لدينا ثقافة المبادرة ، فعندما تتصل على احدهم بعد غيبة يفاجئك بقوله ( شنو يا زول انقطعت كده ) لماذا انقطعت أنت أولا ؟ ، ولماذا لا يكون التواصل والاتصال تصرف متبادل وليس من طرف واحد، كثيرة هي عوارضنا فيقول لك أحدهم ( والله الأسبوع ده كنا مشغولين في زواج فلان ) فهل سمعتم بزواج يضيع أياما وأسابيع من شخص ليس هو العريس ( أمال العريس يأخذ كم يوم ) أو( والله جوالي وقع أتكسر ) أو ( جوالي ضاع وضاعت معه كل الأرقام ) وضاعت بطبيعة الحال كل المواعيد والمشاريع والفرص والأحلام ، أو ( والله جاتني ملاريا أسبوع كامل ما طلعت من البيت ) ولم يكن لي نفس لتلقي أي مكالمات لذلك لم أرد عليك.
أما في موسم الحج ورمضان مثلا فهذه مناسبات للتسيب وتضييع الوقت وتوقف الحياة بشكل شبه نهائي،نحن الشعب الوحيد في العالم الذي يستعد نفسيا للعطالة والاسترخاء قبل شهر كامل من حلول الشهر الكريم وتتوقف كل الأعمال والمشاريع وكل ما تطلب من شخص عمل ما يبادرك بقوله ( والله طبعا رمضان قرّب ) وإنشاء الله نتفاهم في هذا الأمر بعد العيد ، بعد العيد تضيع أسبوعان على الأقل بسبب ( والله طبعا لسه يا دوب طالعين من رمضان وكده ) ولسه ما أتعودنا على الإفطار لكن بإذن الله الأسبوع( الجاي ) كده نواصل .
وما أن تمر أسبوعان أو ثلاثة حتى ندخل في موسم الاستعداد النفسي للعطالة بسبب نية السفر للحج ، فتسمع بعبارات مثل ( والله الأيام دي مشغولين بترتيبات السفر للحج وكده ) لازم نؤجل كل شيء لما بعد عودتي من الحج . وما أن تذهب لجهة خدمية أو حكومية لقضاء مصلحة ما إلا وتجد نصف الموظفين غائبين عن العمل ، وطبعا هناك عذر شرعي ومقبول ، فيجاوبك أحد الموجودين ( والله الجماعة دول مشوا يعملوا كشف طبي عشان الحج ) أو ( والله علان ده أمه وأبوه مسافرين الحج مشى يخلص ليهم أوراقهم )
بعد شهر كامل من انتهاء الحج تذهب لنفس الدوائر فيبادرك أحد الموظفين بأن ( فلان ده والله لسه يا دوب راجع من الحج تعبان وما نزل الشغل ) ممكن تمر عليه بعد أسبوعين أو ثلاثة ، أو يكون لديك عمل مهم أو مشروع متوقف وكلما تتصل بالشخص المعني يقول لك ( والله طبعا انا لسه في إجازة الحج ) ولم ينقطع مني الزوار بعد ولا زلت تعبان من انلفونزا الحج، وتذهب لمكان آخر فيقال لك ( والله الراجل ده سافر البلد مع أمه وأبوه بعد ما رجعوا من الحج ) نحن لسنا ضد أداء الفرائض من صوم وحج ولسنا ضد بر الوالدين ولكن لا يجوز إضاعة شهر قبل رمضان وشهر بعده وآخر قبل الحج ورابع بعده ،هل الدافع من كل ذلك ديني فعلا أم هي مجرد شماعات وذرائع لمزيد من تضييع وقت البلد وتضييع اقتصاده وتبديد وقته الثمين بسبب أمورنا وعادتنا وعباداتنا الشخصية التي لن نؤجر عليها طالما أننا أهدرنا الكثير من الوقت والمال لأدائها .
فهل نعترف في نهاية هذا المقال بأننا شعب بطيء وبارد.
وكيف للنسبة القليلة منّا التي لا تتصف بهذه الصفة أن تتبنى أفكارا جادة لمحاربة هذا الداء الذي أصاب بلدنا بشبه شلل تام .
أوليس من واجب الدولة أن تعد من البرنامج والخطط والاستراتيجيات ما يستنهض همة هذا الشعب البطيء ويسرّع من إيقاعه ، فتصنع منه شعب عملي ومبدع ويقدر قيمة الوقت مثل الشعب الياباني مثلا ولو بعد مليون عام ( دي ربما مستحيلة شوية ) .
أو ليس واجباً على من اغتربوا وتعلموا من عادات الشعوب الأخرى نقل هذه التجارب وهذه القيم لداخل البلد أم أن من لم يسافروا ولم يعملوا خارج السودان محصنين ضد تلقى أي شيء من الخارج ومتمسكين بعاداتهم وممارساتهم وقيمهم ولن يبدلوا تبديلا .
مع بالغ أسفي على هذه الاجترارات الصريحة .
عبد المنعم الحسن محمد
المملكة العربية السعودية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.