في هذه اللحظة الحاسمة والهامة من تاريخ السودان، وأمام الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها هذا الشعب الأبي، يحدو بنا أن نضم صوتنا إلى صوت الشعب وننادي بإسقاط نظام ثورة الإنقاذ، والذي فشل في إنقاذ البلاد من الفقر والتخلف الاقتصادي، بل تسبب في إهدار موارد البلاد الطبيعية وذلك لنحو ربع قرن من الزمان، كما فرط ايضاً في جزء عزيز من ارض الوطن باتخاذه قرارات أحادية دون التشاور حتى مع ابنا الوطن نفسه، وسيكتب التاريخ للأجيال القادمة بأن اتفاق السلام الشامل والذي أدى إلى انفصال جنوب السودان عن شماله كان بموافقة حزب واحد فقط وهو المؤتمر الوطني ووقعت عليه فئة معينة فقط وهي المؤتمر الوطني ولم يؤخذ في الاعتبار رأي أي مواطن سوداني خارج هذا الإطار على أساس "أننا نحكم وأننا نتولى آمر الآخرين ونحن أوليائهم في الأرض أما انتم شواذ الآفاق فقط". ولكن بالتوافق مع إزاحة هذا النظام وحتى لا نعيد المياه إلى مجاريها، يجب ايضاً أن نسقط ونزيح جميع الأحزاب الطائفية خاصة (الأمة والاتحادي) والأحزاب الطفيلية الأخرى والتي ظلت منذ استقلال السودان تقف حجرة عثرة أمام تقدمه ورفاهيته بسبب مشاركتها وبوسائل وطرق وأساليب متعددة وملتوية في بعض الأحيان في جميع الأنظمة القمعية التي حكمت السودان بالحديد والنار. وبالرغم من إنكار تلك الأحزاب السياسية بأنها لم تشارك في أنظمة دكتاتورية إلا أنها وعلى وجه الخصوص حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي الأصل بشكل أو آخر شكارتا في جميع تلك الأنظمة وأخرها مشاركة حزب الاتحادي الديمقراطي في حكومة الوفاق الوطني الإنقاذية، وكذلك مشاركة احد ابرز أقطاب حزب الأمة في تلك الحكومة. وبالرغم من تنصل حزب الأمة من ذلك بدعوى أن القطب لا ينتمي بذلك للحزب وليس عضواً فيه، إلا أن ذلك لا يعني شيئاً في أصل الأشياء للعارفين بدهاليز ومطبات السياسة السودانية لان منهجية قيادة حزب الأمة تقوم في الأساس على الإمامة، والإمام هو الشخص الذي له الكلمة الأولى والأخيرة في الحزب وفقاً للمسار التاريخي الذي عرفناه. إذاً فإن عدم انضمام احد أبناء الإمام الصادق المهدي لحزب الأمة أو غيره لا ينزع منه أحقيته في الإمامة مطلقاً، وإمكانية توليه الإمامة والكلمة العليا في الحزب حسب العرف المعهود والمعول به ليس امراً وارداً فقط وإنما قد تحتمه طبيعة الأشياء والمنطق، اللهم إلا إذا تم تغيير كيفية وأحقية تولى الإمامة وهذا ما لم نسمع به حتى الآن. ثانيا لماذا لم يوجه الحزب انتقادات صارخة للمنضمين للحكومة من الحزب ويصفهم بنفس الصفات التي يوصف بها أقطاب النظام الحالي بأنه مسئول عن الفساد والتراجع الاقتصاد والغلاء فهل يا ترى أن تلك المشاركة منقوصة ولا تحمل المشارك في النظام مسئولية ذلك؟ أم أنهم رؤوا فيهم نوع آخر من البشر معصومون من الأخطاء حتى ولو شاركوا في أنظمة دكتاتورية فاسدة. نوصي الشعب السوداني في حال قيام ثورة شعبية إلى إبعاد الأحزاب الطائفية اولاً قبل الشروع في أي مسار آخر أو طريق آخر في بناء الدولة السودانية الحديثة. أن الشعوب هي التي تصنع التاريخ وتصنع الحضارات الناجحة ولا توجد ثورات أنقذت أي مجتمع من الفقر، فجميع الثورات التي جاءت لإنقاذ الشعوب في أفريقيا وفي أمريكا الجنوبية فشلت جميعها حتى في إنقاذ نفسها عندما ينقلب عليها الشعب، ولن ولم ينجح العسكر ابداً في الكرة الأرضية التي نعيش فيها في بناء مجتمع معافى واقتصاد حر وسليم لذا علينا ان نثور اليوم قبل غداً .... ونواصل. نجم الدين كرم الله جيب الله وارسو