القول ما قالت هالة عبد الحليم عند توقيعها ميثاق البديل الديمقراطي .. فكلنا نتبنى ما يتم الإتفاق عليه حفاظا على وحدة الصف، رغم تحفظاتنا على بعض ما جاء فيه. الجانب الضعيف في ثورتي أكتوبر وأبريل كان قابليتهما للإنتكاس، حتى نسد الثغرات أمام تكرار ذلك علينا أن نبدأ من الآن، ففي لحظات المفاوضات الطويلة هذه تزرع بذور الإنقضاض على الثورة وإفراغهما من محتواها. وثيقة البديل مهمة جدا، فهي لا تنظم الترتيبات الإنتقالية فقط بل تشمل الميثاق والذي هو أهم من الدستور، إذ أنه يتضمن المبادئ التي على ضوئها يصاغ الدستور وتظل تلك المبادئ فوق الدستور، إذا لا يجوز تعديلها أيا كانت الأغلبية التي نالها حزب أو مجموعة أحزاب. فمثلا لا يمكن أن يقرر برلمان تغيير طابع الدولة لملكية أو يمد لنفسه ويلغي الإنتخابات القادمة أو يقرر بالأغلبية مصادرة الحريات الأساسية. لهذا سأتناول أولا المبادئ لما ذكرت من أهميتها ثم أنتقل لترتيبات المرحلة الإنتقالية. المبادئ: يجب أن توضع في صدر الميثاق بنصوص واضحة وتوضح أهميتها في أنها أم الدستور ولا يجوز تعديلها أو إلغاءها - إلا باستفتاء عالي النسبة - لأنها هي العقد الذي على أساسه تقوم الدولة ويحدد ما للأفراد والجماعات والأساس الذي تواضعوا عليه لإنشاء الدولة، وعمليا يعني النكوص عن المبادئ هدم أسس الدولة وربما العودة للصراع والحرب. المبادئ التي تستشف من الوثيقة في نسختها الأولى والمعدلة والتي حذف فيها بعض المبادئ يمكن حصرها فيما يلي: ●الديمقراطية ●الشعب مصدر السلطات والتشريعات ●المساواة في المواطنة ●مدنية الدولة ●توسيع المشاركة ●التعددية ●اللامركزية ●سيادة حكم القانون ●استقلال القضاء ●حياد الخدمة المدنية والعسكرية ●الشفافية ●المسئولية والمحاسبة ●تعويض المتضررين ●التنمية المتوازنة ●العدالة الإجتماعية ربما لا تكون هذه كل المبادئ فربما سقطت من ذاكرتي أخرى ولكن بإشراك كل قطاعات الشعب السوداني في الصياغة يمكن الوصول إلى قائمة المبادئ التي ستكون أساسا لمستقبل السودان. الترتيبات الإنتقالية: الفترة الإنتقالية على عكس المبادئ فهي محدودة الأجل ولكن أهميتها في أنها ترسى أسس الدولة لمدى بعدها قد يطول. السلطة التشريعية الإنتقالية: مجلس يضم أوسع مكونات المجتمع السوداني وأهم العناصر في إحداث التغيير. أضلاع معارضة نظام الإنقاذ الاساسية ثلاثة : ●الأحزاب الممثلة في هيئة الإجماع الوطني ●التنظيمات الشبابية غير الحزبية (مثل شرارة وقرفنا والتغيير) ●وتنظيمات الأقاليم المسلحة وغير المسلحة وذلك لا يعني أن هذه الجهات الوحيدة بل كانت هنالك جهات أخرى مثل النساء (لا لقهر النساء) والنقابات المتجاوزة (مجموعات الصحفيين والأطباء والمحامين وغيرهم) منظمات المجتمع المدني وعلى رأسها منظمات حقوق الإنسان وصناع الرأي العام من كتاب وفنانين فمقالات البعض وقصائد آخرين وغيرها من أشكال التعبير والإبداع كانت أدوات أساسية في منازلة النظام وفضحه ورسم صورة البديل. مبدأ توسيع المشاركة يفرض إشراك كل هذه المكونات إما مباشرة في الهيئة التشريعية الإنتقالية أو في اللجان أو المؤتمرات الإستشارية . أما استبعاد أي طرف أو غمطه وزنه فهو زرع لمشاكل جديدة في مستقبل البلاد، فإذا أهملت طرف من أن يصبح جزءا من الحل فأنت تدفع به لأن يكون يحتفظ بأدواته في مواقعه سلاحا في الريف أو احتجاجات في الميادين أو غير ذلك. خلاصة الأمر أن التفكير في أن السلطة للأحزاب فقط كان من أهم مقاتل أكتوبر وأبريل التي نرجو من أحزابنا أن تكون قد تجاوزتها. فهذا زمن المجتمع المدني والناشطين وأدواتهم التي تتجاوز كل حدود. نسب التمثيل: من الصعب تحديد نسب في غياب العامل الأفضل: صندوق الإنتخابات ولكن طبيعة المرحلة الإنتقالية أنها تقود إلية ولا تبدأ منه. ما يمكن من الإتفاق عمليا هو قبول نسب بالتراضي بما يشمل ذلك من التنازل مرحليا وضعا لمصلحة الوطن فوق مصلحة الحزب أو الجماعة. في تحديد تلك النسب يمكن الأسترشاد بعدد من المعايير فبينما يرى البعض أن ارقام انتخابات 1986 هي المرجع يرى آخرون أن بعض انتخابات 2010 تصلح مرجعا فقد فاز فيها والي وكاد آخر من المعارضة، بينما يرى آخرون أن مياها كثيرة قد مرت تحت الجسر وأن حجم إسهام كل في ثورة 2012 هو المعيار الأفضل. إلزامية وثيقة البديل: من يلتزم بالوثيقة؟ الوثيقة صاغها وناقشها ووقعها قادة بعض الأحزاب ولكن كما ذكرنا أعلاه أن هنالك أضلاعا أخرى لم نشهد مشاركتها، تحديد الشباب وثوار الريف. أسبابا عملية جعلت أحزاب الإجماع هي المناط بها صياغة الميثاق مثل وجودها في العاصمة وشرعيتها بقوانين النظام، وسابق تنظيمها. ونكاد نحس نوعا من التفويض لها في خطابي عقار والحلو المساندة للهبة السلمية وفي توقيع جسم شبابي مع قوى الإجماع. خلاصة الأمر أن يعي قادة الأحزاب أن وثيقتهم لن تصبح قومية حقا إلا بنقاشها وتبنيها من كل قطاعات المجتمع الناشطة سياسيا بمختلف أدواتها، والتي يبدو ثمة تراجع عن الإشارة إليها في الصيغة الموقعة عن الإشارات الواضحة في الصيغة الأولي إلى تلك القطاعات. مجلس السيادة: لا خلاف على طبيعته الشرفية في دولة برلمانية فهويقف بين السلطات الثلاثة ويمثل الشعب السوداني في اعتماد الإتفاقات ومراسم التعيين في المناصب والسفارات ولكنه بعيد جدا عن الطابع التنفيذي. ومن خبرات الشعب السودانية القيمة تمثيله لمكونات الشعب المختلفة حيث مثل من قبل الأقليم الجنوبي والديانة المسيحية وكانت رئاسته الدورية تتيح لكل فئة أن تشعر بأنها حكمت السودان كل بضعة شهور. هذه المرة أرى الجميع متفقون على تطويره ليمثل الأقاليم والمرأة وغيرها من مكونات المجتمع. تكوينه: من الأفضل أن يتم اختيار اعضائه بواسطة كلية إنتخابية تحدد عضويتها الآن وتشمل رؤساء الوزارات والهيئات التشريعية المركزية والإقليمية وغيرهم ممن يتفق عليه. باعتبار مجلس السيادة ممثلا شرفيا للشعب هل يملك حق فيتو؟ عموما يمكن الإستهداء بحقوق الملوك في الملكيات الدستورية حيث يمثلون رمز الأمة. الجهاز التنفيذي والبرنامج الإنتقالي: لا خلاف كثير على تكوين مجلس الوزراء بنفس روح التمثيل في الجهاز التشريعي- مع ميل أكثر للكفاءة المهنية - ولا خلاف أيضا على برنامجه الإنتقالي المتفق عليه مسبقا. فقط أركز على نقطتين: استعادة قومية أجهزة الدولة: بتكوين لجنة قومية تتبعها لجان متخصصة واحدة لقومية الخدمة المدنية وأخرى للقوات المسلحة وأخريات لكل مجال، يرأس كل لجنة شخص من ذوي المواقف والإسهامات المشهودة في استقلالية وكفاءة كل من تلك الأجهزة وتضم إلى جانبه ممثلين للمفصولين منها ومعاشييها وللعدل ولجان حقوق الإنسان إلى جانب خبراء شئون الخدمة. نزع أسلحة القبائل والميليشيات: يجب أن يرفع في الفترة الإنتقالية شعار وهدف أن لا سلاح بيد غير الجيش القومي. فتنزع أسلحة القبائل التي وزعتها الإنقاذ وتحل الميليشيات أما أسلحة ثوار الأقاليم، الذين سوف يكونون جزءا من السلطة فتوفق أوضاعها التسويات التي تتم في تلك الأقاليم. يقول شعبنا الثالثة ثابتة، وشعبنا يستحق بعد خمسين سنة من أكتوبر وقرابة الثلاثين من أبريل يستحق خيرا منهما، ثورة مؤمنة ضد الإنتكاس تفتح الطريق أمام نهضة وطننا جدير بها. الباقر موسى 6 يوليو 2012 Elbagir Osman Visual and Media Artist Phones: Cell (613) 325-3158 Home (613) 741-8777 Web site: http://www.bagirweb.com ElBagir Osman [[email protected]]