بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: (هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية هذا بلاغ للناس Abubakr Ibrahim [[email protected]] رسالة مفتوحة إلى: أخي الكريم طه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، - باديء ذي بدء دعني أقول لك أنه قد جانبك الصواب في هذا الزعم الذي جاء في متن مقالك بأن الشعب السوداني أوعى من شقيقه المصري ولسبب بسيط فأن لكل شعب خواص تختلف عن أي شعبٍ آخر، لأن ما يشكل وعي الشعوب هي العوامل الظرفية ومنها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والمستوى التعليمي وعدم الأمية السياسية، وأقول لك : حتى التوائم يا أخي الكريم تختلف بصمات أصابع أياديهم ، كما أن مقارنتك تنطوي على ذمٍ يشبه المدح لشعب شقيق هاجر إلى أزهره الشريف الرعيل الأول من أجدادنا وآبائنا لتلقي العلم، وقد فتحت مصر أبواب جامعاتها لآبائك وأخوانك لتلقي العلوم بمختلف أفرعها، ونحن شعب تميز بحفظ الجميل فمن العيب أن يأتي مقالك حاملاً بالتضمين والتصريح من العبارات التي تشي بالجحود ونحن نربأ بأن نوصف بهكذا وصفٍ قميء!! - وفي مقالك خلطٌ كبير لما يحدث في مصر ، إذ شاءت المقادير أن أكون متواجداً هذه الأيام في قاهرة المعز ولي من الصلات ما يمكنني من إستقراء الأوضاع وتكوين رأي متواضع، فالدكتور محمد مرسي فاز فوزاً مستحقاً وإن كان فارق الأصوات حسب زعم البعض ضئيلاً فهذا لا يبيح لنا أن نُقَزِّم من فوز الرجل الذي أتي من جوف الأخوان المسلمين وبناء على برنامج طرحه على الملأ ، وإلا إن كان مثل هذا الفارق يقدح ويقزم فوز مرشح الأخوان المسلمين لطبقنا نفس المعيار على فوز فرانسوا هولاند مرشح الاشتراكيين في فرنسا، وعلى الانتخابات الأمريكية بين بوش الإبن وآل جور. كما إن المجلس العسكري في مصر يحاول أن يفرض وصايته على الفائز بالانتخابات ولكن الوعي السياسي المرتفع للشارع المصري بمختلف توجهاته الفكرية والسياسية يقدم مصلحة الوطن على ما سواه ، وبالتالي فإن الكتور محمد مرسي قدم الوطن على الحزب ولكنه مع ذلك لم يتبرأ من انتمائه للجماعة التي نشأ فيها ومعها وتربى على مبادئها التي أرسى قواعدها الإمام الشهيد حسن البنا، ولأنها جماعة دعوية خالصة ومخلصة فهي لا تبحث عن مجدٍ شخصي وطموحات ذاتية لنهجها نهجاً إسلامياً!!. - للعلم إن دكتور مرسي ناطق رسمي بإسم الرئاسة هو الدكتور ياسر علي، ولمزيد من العلم فإن الناطق الرسمي هو أعلى مرتبة من المستشارين ، فالمستشار يقدم المشورة فقط فيأخذ بها الرئيس أو يرى غيرها ، أما الناطق الرسمي بإسم الرئيس فهو لسان حاله الذي ينطق بما يريد التصريح به و يعلن ويبلغ القرارات نيابة عنه ،إذاً أن مقولتك بأن ليس للدكتور مرسي مستشار إعلامي قولٌ يجانبه الصواب، لأن جماعة الإخوان المسلمون جماعة منظمة انبثق منها حزب سياسي هو حزب الحرية والعدالة ولهما من جهابذة القانون بشتى فروعه والعلوم السياسية وعلماء الاقتصاد والأكاديميين والعلماء الأجلاء ولأنهم أهل حنكة ودراية ورأي وخبرة فهم المستشارون وجماعة الإخوان المسلمون تجاهد منذ ثمانين عاماً ودفعوا زهرة شبابهم فداءً لعقيدة يؤمنون بها وهم في غاية من دقة التنظيم. - أخي الكريم دعني أقتطف من مقالك هذا المقتطف وأرجوك تأمله بمنطق العقل:( البشير ليس لدية فقية أو مرشد أو حتى مستشار صحفى .. مستشار السفارة فى لندن يمجد ايران والعلاقة معها .. نافع حضر للقاهرة لمصافحة مرسى وقد كان منسقا مع حسنى مبارك الذى سجن مرسى.. ملف البشير لا يتناغم مع ملف مرسى)إنتهى المقتطف . دعني أطرح عليك سؤالاً واحداً فقط - وأرجو أن لا تظن بي الطنون وتهتقد إني في موقع الدفاع عن البشير- ولكن يجدر بنا أن نحدث العقلاء بما يليق بهم، فهل يعقل أن البشير الذي إتهم بمحاولة اغتيال الرئيس المخلوع حسني مبارك في أديس أبابا، يمكن أن يكون على وفاقٍ مع البشير؟! .. دعك عن هذا أليس حسني مبارك هو إعتقل وعذب وشرد الاسلاميين في مصر، فكيف بالمنطق نقبل زعمك بأن يكون نظام الرئيس المخلوع على وفاقٍ مع نظام الإنقاذ المنبثق من صلب الحركة الاسلامية في السودان!!) إنتهى المقتطف.. نرجو أن نخاطب الناس بما يليق دون الاستخفاف بعقولهم وأنت من قال في الفقرة الثالثة من مقالك أن السودانيين أكثر وعياً من المصريين فكيف يستقيم أن تقنع الواعي بما لا يقبله العقل؟!.ز وأرجو أن نعلو بالخطاب فوق غوغائية المزايدات!! - أخي العزيز مرةً أخري أرجوك خاطب هذا الشعب الواعي بما هو منطقي ومقنع فمن المعيب أن نخاطب هذا القاريء وكأنه ساذج يصدق كل ما يُكتب، فالقاريء السوداني أصبح لديه من روح السخرية بما يدفعه للإستخفاف بمن لا يحترم(وعيه) وعقله ، وبناءً على ما سقته إليك وأتفق معك بأن الشعب السوداني لا توجد به أمية سياسية أما معايير قياس الوعي عند الشعوب فهذا أمر تفرضه ظروفها التعليمية والاجتماعية والاقتصادية، وعليه أناشدك أن تتأمل هذا المقتطف مما حواه مقالك.. المقتطف:( والثورة القادمة اكثر وعيا واكثر تقدما من الشعوب الاخرى .. للأسف البشير وغازى وعلى عثمان ومعهم الممثل محمد موسى يبلغون العالم اننا شعب كسلان ..ويقهقهون ويمرحون أمام الخليجيون الذين حضروا للاستثمار .. البشير بوضعه الحالى أزمة حقيقة .. حتى مكونات برمجيات الكمبيوتر لمصانع السكر منعتها أمريكا ونحاول الحصول عليها هكرا.. والطيران السودانى معطل ومقصوص الجناح .) .. إنتهى المقتطف!!..مرةً أخرى أُقبل أيادي كل نت يحمل أمانة الكلمة أرجوه أن يخاطب القاريء بما يليق بمستوى وعيه وأن لا نستخف بعقله، كما أن الظروف الموضوعية للإنتفاضات الشعبية عندما تتحقق، فالشعوب تنتفض دونما وصاية من أحد كما أن الانتفاضات لا تتحقق إلا بالخطاب الذي يليق ويخاطب المشكلات الحقيقية، لأن واجب الصُحُفي هو نشر الوعي والفكر المستنير. إن الخطاب الشعبوي الذي يفتقر إلى الحقائق ربما يأتي برد فعلٍ عكسي ، وأفترض أن القاريء قد يتساءل كيف يمكن أن يسلم لنخب هذا هو مستوى خطابها الفكري السياسي الاجتماعي أن تقود شعب يفكر في أن ينتفض، وبالتالي فإن الشعوب تقدمت على النخب ولأن النخب ما عادت تعتمد برنامج تخاطب المعضلات التي نعاني منها وتطرح لها حلولاً علمية وعملية مقنعة، وليس تكتيكات تعتمج في أساسها على إنتظار الأخطاء علَّ الشارع ينتفض فتنقض على ثورته، وليس الاعتماد على سياسة المكايدات والمزايدات ضد النظام الحاكم . وبالطبع قد يخرج قاريء ليقول لك: أن أمريكا حاربت الانقاذ دولياً حتى تمنعها من استخراج البترول الذي كان يذهب 70% من إيرادات الصادرات لتغطية فاتورته، ولكن الانقاذ نجحت، ويقول لك: أن أمريكا حاربت الانقاذ بمنع تصدير البرمجيات لتشغيل مصنع سكر النيل الأبيض ولكنها نجحت هكراً أو سحراً في تشغيله، وربما قال لك إنه نظام يتحدى حصار الدول العظمى وينجح!!فماذا سيكون ردك عليه؟! - لذلك أخي العزيز أنصح بأن نخاطب الشارع السوداني بما يتناسب وثقافته السياسية الرفعية، وأن نتقدم إليه ببرنامج انتخابي واضح كي يكون البديل المنطقي للإنقاذ وعلى أن يكون هذا البرنامج مماثل أو أرقى وأقوى من برنامج النهضة لحزب العدالة زالحرية الذي تقدم به الدكتور محمد مرسي للناخب المصري ونال به ثقته ، خاصة وكما زعمت أننا أكثر وعياً من الشعب المصري، وبالتالي فإن النخب السودانية يفترض أن تكون أكثر وعياً من رجل الشارع العادي ويفترض أن يقع على عاتق هذه النخب التي يفترض أن تكون أكثر وعياً من الشعب الذي يتمتع بنسبة عالية من عدم الأمية السياسية وله ثلاث تجارب بالممارسة الديمقراطية برامج بديلة يتناسب ودرجة الوعي العالية، وعلى النخب تقع مسئولية القيادة والتنويرلهذا الشعب ذو الوعي العالي!! كما أن هناك سؤال آخر هام وملح :هل ستقبل النخب العلمانية والليبرالية والشيوعية برنامج النهضة بقيادة الأخوان المسلمون في السودان أم تبدأ حملاتها الاعلامية المضللة بعدأن فشلت في حصد عدد من المقاعد لا يتناسب وضجيجعها وكيدها الاعلامي ولم تمثل أي قوة تذكر؟! - وفي الختام أرجوك خاطب عقولنا بما يليق بنا من وعي نتنمتع به وأنت من أشاد به في مقالك!!