على خلاف ما هو متوقع في شهر رمضان المبارك، هناك كثير من الصائمين (يكسبون) جملة من الكيلوجرامات تضاف الى اجسامهم (المترهلة) اصلا والمكتنزة لحما وشحما، نتيجة للضخ (الاستراتيجي) المستمر في جميع الوجبات التي كان من المفروض أن تتقلص كما ونوعا (فطور وعشاء وسحور)، كما أن الشراهة للأكل وتناول أطباق الطعام الدسمة والحلويات (المشبعة) تتفاقم لديهم في هذا الشهر الفضيل. وبذلك يكون اؤلئك قد داسوا على أهم القيم التي من أجلها فرض صيام هذا الشهر، فبعد التقوى المرجوة والمأمولة، هناك بعض الأهداف الصحية التي يبجب ان تراعى وهي التخفيف على (المعدة) وجميع أجهزة الهضم وأدواته وعلى جميع اعضاء الجسم الحساسة مثل القلب والكلى والكبد والبنكرياس والدماغ وغيرها واعطائها فترة (راحة) لكي تستريح و (تستجمع) قواها وتعمل من جديد بكل همة ونشاط، من عناء العمل الذي اعتادت عليه طيلة الأشهر الأخرى، حيث كانت تعمل على مدار الساعة دون كلل أو ملل. ومن المفروض أن نخفف (الضغط) على أجهزة الجسم كافة بقليل من الأكل والطعام والزهد واتباع حمية تمكننا التخلص من كل (البلاوي) الزائدة من كليسترول وشحوم (مردومة) ولحوم (مكدسة) وفضلات أخرى زائدة (لا خير فيها) سوى اعمال العطب بأجهزة الجسم الحساسة وعرقلة وتعويق المهام الوظيفية لها وتحد من عملها بالكفاءة والكفاية المطلوبة، وذلك العمل أطلقت عليه منذ سنوات عديدة (الصيانة الرمضانية)، فاذا كانت الأجهزة الحساسة والمعدات والمعامل والمصانع والماكينات التي تعمل على مدار الساعة تحتاج الى فترات (توقف) تتم فيها أعمال الصيانة الدورية والصيانة المبرمجة فحري بأجسامنا ان تحتاج لمثل تلك الفترات التي تتوقف فيها قليلا أو بالأحرى تعمل بطاقة أقل كي تستعيد نشاطها وتلتقط فيها أنفاسها استعدادا لدورة عمل (شاقة) اخرى مواصلة للنشاط (المستدام). عليه الفائدة الكبرى التي تجنيها أجسامنا، بجانب الفائدة الروحية، هي التخلص من كل السموم والشحوم و (الدسوم) الزائدة وطرحها وصولا الى تخفيف الوزن وانقاصه في سبيل بلوغ الغاية المنشودة التي أبلغنا بها المصطفي وأوجزها في عبارة قوية بليغة (صوموا تصحوا)، والمستفيد اذن من يجني تلك الفائدة المرجوة بعد صيام هذا الشهر الفضيل ويكون قد (طرح) عدة كيلوجرامات من وزنه وبطرحها يكون قد تخلص ايضا من العديد من الأسقام والأمراض ويكون الجسم قد استفاد من (عمرة) رمضان {بفتح العين} مثلما تستفيد الروح من (عمرة) رمضان {بضم العين) وتكون الفائدة اصطياد عصفورين بحجر واحد هما (الصحة) والتقوى، وعليكم بنبذ العادات السئية وتجنب ملء البطن امتثالا لقول الرسول الكريم (ماملأ ابن آدم وعاءً شرا من بطنه). وبالله التوفيق. صينية رمضان هل تعود كما أيام زمان؟؟؟؟ صينية رمضان ... هل تذكرونها ؟؟؟؟ أولاد الجيل الحالي ربما يكونوا قد سمعوا بها من آبائهم أو اجدادهم لأنهم لم يروا ذلك المشهد العظيم الذي تصطف فيه الصواني بين (البرشين) في نسق جميل وهي تحمل (كور) رمضان التي تحمل أغطيتها الملونة عبارة (رمضان كريم) وبالفعل رمضان كريم وقد كانت عادات أهل السودان في ذلك الزمان وفي قليل من الأماكن الريفية اليوم تتمثل في الفطور في قارعة الطريق أو الساحات العامة المجاورة للبيوت فكل حي أو عدد من البيوت تتراوح في عددها نحو عشرة أو أكثر، كان أهله يفطرون فطورا جماعيا، كل رب بيت مع أبنائه أو وحيدا يشارك بصينية رمضان التي لا تخلو من (كور) الحلو مر والقمردين والآبري الأبيض وعصير الليمون وغيرها من العصائر الأخرى و (كورة) ملاح (التقلية) واللقمة أو القراصة. هذا المشهد كان يجسد روح التعاون والتآلف والتحابب الذي كان عليه أهل السودان جميعا بكل ربوعه وقراه ومدنه وأريافه، كان ذلك المشهد مألوف لدى كل الناس حضر وبندر وضواحي وغيرها. كما أنه يضمن لكل (غريب) أو عابر سبيل أن يجد ما يفطر به ان ادركته ساعة الافطار وهو بعيد عن داره، حيث تحضنه تلك الصفوف والقلوب المتآلفة المتحاببة على فعل الخير والتعاون والتعاضد فلا يشعر بغربة أو وحشة، ليت تلك العادة تعود وبخاصة في هذا الشهر الفضيل لتعيد من جديد الى الأذهان أن ناس السودان ودنياهم بخير وأنهم لم يتخلوا عن عاداتهم الجميلة وتقاليدهم السمحة التي تزين تاريخ السودان الحديث والقديم وأن كرمهم أصيل وتعاونهم وتعاضدهم كشجرة راسخة جذورها ضاربة في أعماق الأرض لايمكن لكائن من كان أن يقتلعها. صحيح أن ظروف اليوم قد تكون بخلاف ظروف الأمس الا أننا نود ان نبرهن للعالم من حولنا أننا أقوى من الظروف مهما (تكالبت) علينا الهموم ومهما طغت الأحوال فنحن قادرون على (هزيمة) الأهوال وضحد الأقوال، ولا نود لتلك القيمة الاجتماعية العظيمة أن تندثر وتصبح كالأطلال بل نريدها أن تستعيد قواها شجرة وافرة الظلال مثمرة في كل الأحوال. مرحبا بجسر الدويم ووداعا للبنطون (المعدية) لأول مرة وأنا اسافر الى مدينة الدويم التي تتكئ على الضفة الغربية للنيل الأبيض (الذي لايقهر) حيث كانت ضفتيه تتباعدان بشكل (اسطوري) يخال اليك وأنت على ظهر (البنطون) أنك لن تصل الى الشاطئ الآخر من النهر، لأول مرة أفتقد ذلك المارد الذي يشق عباب الماء المعربد في وقت الدميرة فترة (هيجان) بحر أبيض وهو يرغي ويزبد و (يزمجر)، فقد لحق (البنطون) باخوانه حيث أحيل الى (المعاش) والحق بساحة (المتحف) القومي للبناطين ضمن تلك الوسائل التي (سادت ثم بادت) شأنها شأن (الآلة الكاتبة) التي قذفت بها (لوحة مفاتيح) الكمبيوتر الى (سلة) المهملات بعد أن أبلت بلاء حسنا في ميادين (الخدمة المدنية) و (دواوين الحكومة). بصراحة لم يعجبني كوبري الدويم الجديد من حيث التصميم (الاستيعابي) حيث تبلورت فكرته لخدمة دائرة ضيقة لم يراعي فيها المخطط المستقبل (الزاهر) الذي ينتظر المنطقة (كعادة مخططي أهل السودان) ذوي الأفق الضيق، فبالرغم من الأراضي والمساحات الواسعة الشاسعة التي أوجدها الله لناس السودان الا أن (افقهم التخطيطي الضيق) ظل يلازمهم في كل المشاريع المنجزة وبخاصة في الشوارع الضيقة والأحياء السكنية (المخنوقة) الخالية من منافذ (الترفيه) و (الساحات الخضراء) التي، وإن وجدت، أكلها والتهمها الزحف (الاسكاني) القاتل الذي (شرد) كل الحدائق المخطط لها وقلص من عددها وشتتها بعيدا عن مناطق السكن. فالكوبري مصمم بمسارين فقط (الله اعلم ان كان مخططا مستقبليا بسعة يمكنها استيعاب التدفق المرتقب لحركة المرور) اذ أنه في الوقت نفسه هناك حركة دائبة لشق طريق من الشرق الى الغرب يربط شرق الجزيرة بوسطها وغربها ثم بشرق الدويم ليعبر النيل الأبيض مرورا بالدويم ليعانق تخوم الدويم عابرا الى عروس الرمال (الأبيض). الشريان المرتقب يمتد من مدني/المناقل/24 القرشي/معتوق/أبوحبيرة/الدويم الى الأبيض وقد اكتملت بعض قطاعات. كنت أتوقع أن يكون كوبري الدويم ككوبري رفاعة الذي أضفى لمسة جمالية على المنطقة سيما مدخله عند الحصاحيصا حيث يلتقي بالبر الغربي جالبا معه لسانا (أسفلتيا) أعطى المنطقة رونقا ساعد على انسياب و (تدفق) حركة المرور. كنت اتوقع أن تصاحب كوبري الدويم (نهضة) أو لمسة (جمالية) في بعض شوراعها مثل اعادة سفلتتها وصيانتها بشكل يتلاءم مع التصميم الجديد واللمسة التي تتركها بصمات الجسر الجديد. نعود الى كوبري الدويم فنقول انه بالرغم مما قيل عنه فانه قد أسدى للمنطقة خدمة جليلة، يكفي أنه طرد شبح الموت غرقا الذي كان يهدد أهل الدويم وبدد أحلام بعض من شباب الدويم الذين توسدوا التراب بسبب العبور غير المأمون على ظهر المراكب الخشبية التي ذهبت من غير رجعة بسبب الجسر الرابط بين ضفتي ذلك النهر الجبار واسع الامتداد في تلك المنطقة، فلسان أهل الدويم يلهج بالشكر لله تعالى الذي كفاهم شر تلك الظروف الصعبة والتهنئة موصولة لكل من اسهم في جعل ذلك الكوبري حقيقة ماثلة وصرحا يزين مدينتهم التى لم تحظ باهتمام يغير ملامحها الرئيسية المعتادة التي شبت عليها، رغم أنها تحتضن أكبر صرح وقلعة للتعليم في البلاد، منارة (بخت الرضا)، ولكن الدويم لم ترض ببختها حتى الآن. alrasheed ali [[email protected]]