بقلم د. أحمد المفتى الخبير القانونى الدولى فى مجال الموارد المائية مدير مركز الخرطوم الدولى لحقوق الإنسان (KICHR) كثيراً ما اكتب عن الموارد المائية نصحاً وتصويباً إيجابياً وفى الوقت المناسب إذا لم أجد فرصة لذلك فى الاجتماعات الرسمية ، وذلك تعضيداً لجهود الحكومة ، لأن الأمر أمر وطن لا يحتمل التراخى . ولقد كان لكل ذلك مردوداً إيجابياً ، ومن ذلك ما حققه الوفد السودانى فى اجتماع رواندا فى الاسبوع من يوليو 2012 . علماً باننى كنت قد إستبقت تلك الاجتماعات بمقالى المنشور بتاريخ 25 مايو 2012 بعنوان: "حقوق السودان ومصر المائية فى مهب الريح بعد سنوات من الصمود" ، ولقد ساهمت الأفكار التى وردت فى ذلك المقال مساهمة ملموسة فى تحقيق تلك النجاحات . ولقد ظل المسؤولون يتعاملون مع تلك المقالات بمسئولية وايجابية تتناسب مع أهدافها النبيلة ، ولكن الغريب فى الأمر أن زميل المهنة د. سلمان محمد أحمد سلمان ظل ممتشقاً حسامه بحيث لا أكاد انشر مقالاً عن الموارد المائية الا وتصدى له بردود هى ابعد ما تكون عن القانون والوقائع والمنطق السليم . وهكذا كلما انبت شخصى قناة فى الموارد المائية السودانية ركب د. سلمان فى القناة سناناً ، ولابى الطيب المتنبى العتبى حتى يرضى لاقتباس لم يأذن به . ونشرت مؤخرا مقالاً بصحيفة سودانايل الالكترونية بتاريخ 9 سبتمبر 2012 بعنوان "المجلس الوزارى لدول حوض النيل يمنح السودان ومصر فرصة أخيرة حتى نهاية الشهر الحالى" ، وهو مقال يهدف الى لفت نظر السودان ومصر فى الوقت المناسب للإعداد الجيد للاجتماعات التى تم تحديدها حتى لا نبكى جميعاً على اللبن المسكوب بعد فوات الآوان . وكما هو متوقع انبرى لى زميلى د. سلمان ومما ذكر فى مقاله إننى "المهندس الرئيسى" و "المسؤول الأول" عن السياسات والقرارات التى اتخذها السودان فى مجال الموارد المائية ، وذلك شرف كنت اتمنى أن أدعيه لنفسى ، ولكن الحقيقة التى لا تنتطح حولها عنزات د. سلمان هى انه قد ساهم معى فيه أخوة مسئولين افاضل لا انكر جهودهم وهم الوزراء ووزراء الدولة والوكلاء ورؤوساء الجهازالفنى للموارد المائية ومديرو الادارات وعدد كبير من المهدسين بوزارة الموارد المائية ، بالاضافة الى خبراء موارد مائية عديدين من خارج وزارة الموارد المائية ، بالاضافة الى ممثلى اجهزة الأمن والمخابرات ووزارة الخارجية ووزارة العدل ، وكل ذلك تحت اشراف وتوجيه القيادة التنفيذية والسياسية العليا فى البلاد . ولعلم الزميل د. سلمان فإن استراتيجية السودان فى مجال الموارد المائية راسخة وواضحة وضوح الشمس ، ومضمنة فى عشرات الدراسات والتقارير وهى باختصار شديد التعاون الكامل مع كل دول حوض النيل من خلال: (1) اتفاقية عنتبى مع استمرار التفاكر حول نقاط الخلاف وصولاً لتوافق حولها . (2) تقوية مبادرة دول حوض النيل وفك ارتباطها باتفاقية عنتبى واستمرار العمل من خلالها وفك تجميد نشاط السودان الى حين الوصول الى توافق حول اتفاقية عنتبى يؤدى الى دمج المسارين فى مسار واحد . وتلك الاستراتيجية لها ما يدعمها فى كافة مجموعة تقارير الخبراء الاقليميين والدوليين التى رفعت حتى الآن ، والتى بلغت عشرات المجلدات وهى تشمل مجموعة تقارير الترتيبات المؤسسية والقانونية ومجموعة تقارير الIDS ومجموعة تقارير ISP . ويحق للسودان ان يفخر بقراراته وسياساته فى مجال الموارد المائية لأن لدينا ما يثبت أنها تحظى باجماع كل الجهات المعنية اقليمياً ودولياً ، ومن ذلك عندما طلب السودان تكليف خبراء لكتابة تقرير عن الترتيبات المؤسسية والقانونية التى يتطلبها التوقيع الكلى او الجزئى على الCFA (اتفاقية عنتبى) فى ديسمبر 2009 وافقت كل دول حوض النيل على ذلك ، واسند للسودان ممثلاً فى شخصى الضعيف كتابة الشروط المرجعية للخبراء . ولقد صدر التقرير بتاريخ 18 يونيو 2010 وجاءت كل توصياته متوافقة تماماً مع الطرح السودانى . وعندما طلب السودان فى يونيو 2010 عقد اجتماع طارئ لمناقشة التداعيات القانونية والمؤسسية للتوقيع الجزئى على اتفاقية عنتبى وافقت كل دول حوض النيل على عقد ذلك الاجتماع . وعندما واجهت مبادرة دول حوض النيل اشكالات قانونية فى التمويل وافقت دول حوض النيل بالاجماع على انتداب السودان ممثلاً فى شخصى الضعيف والأخ المهندس السودانى الضليع د. عثمان التوم والمدير التنفيذى للمبادرة للسفر الى واشنطن للتفاوض مع البنك الدولى والوصول الى حل للموضوع . ولقد تم ذلك بنجاح ولم يشترك الزميل د. سلمان فى تلك المفاوضات على الرغم من انه كان يعمل بالبنك الدولى بواشطن وذلك لاسباب لا أعرفها . وهكذا يمكن الاستمرار فى سرد عشرات المواقف التى لعب فيها السودان دوراً بارزاً ، ولكن وبما أن زميلى د. سلمان قد دعا لورشة عمل يدعى لها عدد من الخبراء لتضع سياسة للسودان حول حوض النيل بعيداً عن "الضغوطات والمزايدات السياسية" ، على الرغم من أن تلك السياسة موجودة وناجحة وفاعلة واشترك فى وضعها عشرات الخبراء السودانيين من داخل وزارة الموارد المائية وخارجها ، كما أوضحت أعلاه ، فاننى ادعو زميلى د. سلمان لمناظرة مفتوحة حول الموضوع ، ولا مانع لدى من أن تكون أجندة تلك المناظرة هى التصويبات التى يراها د. سلمان على سياسة السودان المائية ومقترحاته الجديدة فى ذلك الصدد ، حتى يتضح للراى العام من خلال المناظرة ان كان لتلك التصويبات والمقترحات اى سند من القانون أو الواقع أو المنطق . واناشد الأخوة مدراء مراكز البحوث ورؤوساء تحرير الصحف اليومية رعاية تلك المناظرة التى تتعلق بمورد استراتيجى هام من موارد البلاد . وحتى يقبل زميلى د. سلمان إجراء تلك المناظرة ، وهو أمر أشك فيه كثيراً ، آمل أن يتحفنا بمقال عاجل يوضح الاستراتيجية الجديدة التى يريد التوصل اليها عبر ورشة العمل التى يدعو لها ، لأنه لا يعقل هدم الإستراتيجية الحالية من دون بدائل أخرى . ولا أعتقد أن زميلى د. سلمان له استراتيجية أفضل من استراتيجية السودان الحالية والتى شرحتها أعلاه ، ولذلك أذكره ونفسى بتوجيه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأن نقل خيراً أو لنصمت . ////////////