بسم الله الرحمن الرحيم 4 نوفمبر 2012 ملف 20/61 دول اتفاقية عنتبي تتجاوب مع طرح حكومة السودان وتجهض دعوة د. سلمان للسودان للتنازل عن حقوقه واستخداماته المائية السابقة بقلم : د. أحمد المفتى [email protected] لقد سود د. سلمان عشرات الصحفات مطالباً السودان بالتنازل عن حقوقه واستخداماته السابقة لمياه النيل والتوقيع على اتفاقية عنتبى ، وهاأنذا اكتب مضطراً مقالاً ثانياً لسرد كل التفاصيل المتعلقة بالموضوع والتى يجهلها د. سلمان الذى يحتطب فى غير مصلحة السودان . ولتوضيح ان دول اتفاقية عنتبى أنفسهم قد تجاوبوا مع طرح الحكومة السودانية وصرفوا النظر عن مطالبة السودان ومصر بالتخلى عن حقوقهم واستخداماتهم السابقة . وفيما يلى نورد ما يلزم من تفاصيل حول الموضوع: اولاً: يوضح محضر الاجتماع الفاصل لوزراء المياه بدول حوض النيل الذى عقد بشرم الشيخ يوم 13 ابريل 2010 ان مجموعة دول اتفاقية عنتبى قد قررت التوقيع منفردة على الاتفاقية ، وان مصر قد اعترضت على التوقيع بشدة ، وان السودان ممثلا فى شخصى الضعيف قد طرح مبادرة لم تعترض عليها اى دولة أوضحت فيها أنه وبعد الاستماع الى الموقف المصري ومواقف بقية الدول فإن السودان يرى أن هنالك عوامل مشتركة بين الموقفين تتمثل فى إحالة نقاط الخلاف للبت فيها بواسطة مفوضية دول حوض النيل بعد انشائها وفق المواد الكثيرة المتفق عليها ، ولذلك فإن السودان يناشد كل دول حوض النيل مواصلة الجهود للوصول الى اتفاق يقبل به الجميع . ثانياً: لم تكن تلك المبادرة السودانية مقالاً تسود به صفحات الصحف كل صباح جديد ، وانما كانت خلاصة خبرة وتأهيل لعشرات السنين على كافة المستويات الوطنية والاقليمية والدولية يتمتع بها السودان فى مجال الموارد المائية الدولية لا قبل لدكتور سلمان بها ، وهى كالآتى على وجه التحديد: (1) شارك السودان بفاعلية فى مفاوضات اتفاقية الاممالمتحدة المتعلقة بالمجارى المائية الدولية امام الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك خلال 1995 – 1997 ، والتى استغرق الاعداد لها اكثر من ربع قرن من الزمان والتى نصت مادتها الثالثة على احترام الاتفاقيات السابقة ، وقد كان شخصى الضعيف مفاوضاً فى تلك الاجتماعات ضمن الوفد السودانى ، ولم يكن د. سلمان موجوداً وهو يجهل أو يتجاهل أن تلك الاتفاقية والتى اعتمدت عليها محكمة العدل الدولية قبل سريانها تعطى السودان الحق فى التمسك بالاتفاقيات السابقة . (2) عندما لم تتمكن لجنة خبراء دول حوض النيل (POE) (وقد كان شخصى الضعيف عضواً فيها) من حل كثير من نقاط الخلاف ، احيل الموضوع برمته الى لجنة انتقالية (TC) لتقدم توصياتها حول الموضوع . ولعلم د. سلمان فقد اختارت كل دول حوض النيل السودان ممثلا فى شخصى الضعيف رئيساً لتلك اللجنة فى كل دوراتها ، ولقد صاغت تلك اللجنة اتفاقية عنتبى التى يتبناها د. سلمان بعد ان محصتها حرف حرف وكلمة كلمة وتركت نقاط الخلاف بين قوسين . ثم اوصت تلك اللجنة باحالة الموضوع الى لجنة تفاوضية (NC) . وبالفعل قبلت التوصية وتم تشكيل اللجنة التفاوضية وقد كان السودان فاعلاً فى تلك اللجنة ممثلاً فى شخصى الضعيف وأخوة آخرين منهم من قضى نحبه عليه رحمه الله ومنهم من ينتظر ، ولم يكن د. سلمان موجوداً فى أى مرحلة من مراحل التفاوض . (3) عندما قررت دول حوض النيل عقد سلسلة مؤتمرات النيل 2002 لدعم عمل اللجنة التفاوضية (NC) ، كان السودان حضوراً فاعلاً وكان شخصى الضعيف ضمن ذلك الحضور ولم يكون د. سلمان موجوداً . (4) عندما قررت دول حوض النيل الاستفادة من تجارب الدول الأخرى بزيارة حوض نهر الميكونج وزيارة حوض نهر السنغال ، كان السودان حضوراً فاعلاً وكان شخصى الضعيف ضمن ذلك الحضور ، ولم يكن د. سلمان موجوداً . (5) عندما قرر البنك الدولى باعتباره منسقاً لكل المانحين عقد مؤتمر بجنيف لتمويل مشروعات المبادرة ، كان السودان حضوراً فاعلاً وكان شخصى الضعيف ضمن ذلك الحضور ، ولم يكن د. سلمان موجوداً . (6) عندما طالب البنك الدولى (المخدم السابق لدكتور سلمان) من دول حوض النيل حل الصعوبات القانونية المتعلقة بالشخصية القانونية للمبادرة حتى يتمكن من صرف التمويل للمبادرة ، كلفت دول حوض النيل خبيراً قانونياً ليتولى تلك المهمة ضمن وفدها الذى ارسلته الى رئاسة البنك الدولى بواشنطن ، ولقد كان ذلك الخبير القانونى هو السودان ممثلاً فى شخصى الضعيف . واشكر د.سلمان على حسن استقباله لنا بواشنطن ، ولكن البنك الدولى الذى كان يعمل به د. سلمان آنذاك لم يشركة فى المفاوضات التى انتهت بنجاح وتم صرف 120 مليون دولار كان نصيب السودان منها 40 مليون دولار لمشروع البيئة الذى باشر اعماله من شارع الجمهورية بالخرطوم . (7) عندما اجتمع وزراء دول حوض النيل بالاسكندرية خلال 27-28 يوليو 2009 لحل المواجهة التى حدثت بينهم فى كنشاسا فى 22 مايو 2009 ، كان الحل بمبادرة سودانية وكان لى شرف تقديمها باسم الوفدين السودانى والمصرى وهى تكوين لجنة مشتركة (TA/NC) واعطاءها مهلة 6 أشهر لحل الخلاف ، ولقد قبلت تلك المبادرة ، ولم يكن د. سلمان موجوداً . (8) عندما ارادت الجهات الدولية ذات الصلة وهى منظمة الزراعة والأغذية العالمية (FAO) وصندوق الأممالمتحدة الانمائى (UNDP) وصندوق التنمية الالمانى (GTZ) اجراء دراسات عن التشريعات والسياسات المائية فى السودان فانها قد اسندت الجوانب القانونية فى تلك المهام لشخصى الضعيف ، ولم يكن د. سلمان طرفاً . (9) عندما اراد معهد البحوث والدراسات العربية التابع للجامعة العربية اجراء دراسة قانونية شاملة عن اتفاقية الاممالمتحدة المتعلقة بالمجارى المائية الدولية عام 2001 حتى يضع تلك الدراسة امام الدول العربية حتى تستوعب تلك الاتفاقية فانه قد اسند تلك المهمة لشخصى الضعيف ، وقد أعددت الدراسة ونشرت واصبحت مرجعاً لجامعات العالم ، ولم يكن د. سلمان طرفا فى تلك الدراسة . (10) الخبير الوحيد فى العالم التى نشر فى كتب ومقالاًت عديدة كل تفاصيل وحيثيات التفاوض بين دول حوض النيل منذ 1891 وحتى اليوم هو شخصى الضعيف . وبالاضافة الى ذلك فاننى قد نشرت كتاباً عن المبادئ الاساسية للمفاوضات ، كما اننى احمل تأهيلاً دولياً فى المفاوضات من المعهد الدولى لقانون التنمية بايطاليا (IDLI) منذ اكثر من ربع قرن من الزمان . (11) من بين كل ممثلى دول حوض النيل من القانونيين تعاقدت المبادرة مع شخصى الضعيف لتقديم خدمات قانونية فى مجال الحصانات والامتيازات والمشتروات من السوق العالمى . (12) نشرت مقالاً فى الصحف مهاجماً منظمة الرؤية الاستراتيجية (SFG) لمحاولتها اختطاف ملف مفاوضات دول حوض النيل وذلك من خلال عقد اجتماع لدول حوض النيل بزيورخ خلال شهر فبراير من هذا العام ولقد حضرت كل دول حوض النيل بما فيها مصر ذلك الاجتماع بوفود كبيرة عدا السودان الذى تخلف عن حضور ذلك الاجتماع بناء على التوصية التى تقدمت بها ، وكعادته دوماً انبرى د. سلمان مهاجماً موقف السودان وممتدحاً منظمة (SFG) ولقد كان من المفترض ان تعقد تلك المنظمة اجتماعاً اخيراً فى هذا الشهر لحل الخلافات بين دول حوض النيل ، ولكن كما توقعنا فشلت جهود المنظمة ووفقاً لمعلومات مؤكدة توفرت لدى فإن الدولة الغربية التى استضافت الاجتماع الأول وشاركت فى افتتاحه قد تخلت عن الموضوع . وهكذا كما هو الحال دوماً وبتوفيق من الله سبحانه وتعالى تنجح رؤية حكومة السودان وتفشل الرؤية التى يؤيدها د. سلمان ، واللهم لا شماته . ثالثاً: آسف لما يمكن ان يفهم على انه نرجسية وتمجيد للذات من الطرح اعلاه ، إلا أن د. سلمان امتهن تسويد الصفحات واشتط فى الهجوم على شخصى الضعيف وانه لم يشاهدنى فى اى من المؤتمرات الدولية ، ولذلك كان لابد من توضيح انه لم يشاهدنى لأنه لم يكن موجوداً فى كل المؤتمرات الهامة التى حددتها اعلاه ، وانه ليس له اى خبرة فى مفاوضات دول حوض النيل ، ولكنه يمكن ان يكتب عن نظم الرى فى مشروع الجزيرة أو الغزالة جاوزت . رابعاً: بعد سرد ذلك التاريخ الناصع لأداء السودان فى مفاوضات دول حوض النيل الذى يحق لكل سودانى (عدا د. سلمان) الافتخار به ، نوضح فيما يلى كيف ان دول اتفاقية عنتبى نفسها قد تجاوبت مع طرح الحكومة السودانية ، رافضة بذلك الطرح الذى تجرأ به د. سلمان فى مقالاته وفى برنامج الأخ الاستاذ/ الطاهر حسن التوم بتلفزيون النيل الأزرق والذى يتمثل فى أن يتخلى السودان عن "حقوقه واستخداماته السابقة" لمياه النيل ، وان يوافق على اتفاقية عنتبى مع الست دول التى وقعت عليها ، وذلك على النحو التالى: (1) فى الشهر المنصرم صرح سفير بورندى بالقاهرة وهى احدى الدول الموقعة على اتفاقية عنتبى بان تلك الاتفاقية "ليست مطلقة ولا نهائية مشيراً الى أهمية الحوار بين دول حوض النيل أجمع من أجل التغلب على اى خلافات ...." ، ولاشك ان موقف السفير البورندى يخدم مصالح السودان اكثر من موقف د. سلمان !! (2) قررت دول حوض النيل بالاجماع عقد ورشة عمل باثيوبيا خلال يومى 26 و27 نوفمبر الجارى لتكملة الجزء الثانى من الدراسة التى اجرتها المبادرة لتقوية المبادرة والنظر فى خيارات انشاء مفوضية لدول حوض النيل (IDS-Phase II) . والجديد فى الموضوع ان الاعداد لورشة العمل والتعليق على الدراسة التكميلية التى سوف تقدم في ورشة العمل لم يسند امرها الى دول اتفاقية عنتبى الموجودة فى المركز الأول للمبادرة وهى (NELSAP-CU) ، كما انه لم يسند الى المركز الثانى فى المبادرة وهى سكرتارية المبادرة (Nile-SEC) ، وانما اسند ل(ENTRO) وهى المركز الثالث والأخير فى المبادرة . ولعلم د. سلمان فإن (ENTRO) التى اسند لها الأمر لا تتكون من دول اتفاقية عنتبى ، وانما تتكون من ثلاث دول هى السودان ومصر واثيوبيا ، ليس ذلك فحسب بل ان السودان هو الذى يترأس ENTRO حالياً . خامساً: آمل أن تصمت الوقائع أعلاه د. سلمان عن الكلام المباح ، لأنه لولا ان الله سبحانه وتعالى قد جعل الأمور منذ عام 1995 تسير على النحو الموضح أعلاه ، فان عشرات المقالات التى سود بها د. سلمان الصفحات مؤخراً كان يمكن ان تؤثر على متخذ القرار السودانى فيستجيب لآراء د. سلمان بالتخلى عن حقوق واستخدامات السودان المائية ، والسير خلف دول اتفاقية عنتبى ، ثم بعد فوات الآوان استدعاء قول الشاعر بتصرف: وجرم جره (خبراء) قوم وحل بغير جارمه العذاب . ولذلك فإننى اطالب د. سلمان باعتذار مكتوب للشعب السودانى عن ذلك الموقف . سادساً: اما اشارة د. سلمان من طرف خفى الى مركز الخرطوم الدولى لحقوق الإنسان (KICHR) فإننى سوف اتجاوزها على اعتبار أنها غيرة مهنية حميدة ، اما اذا اراد الخوض فى موضوعات حقوق الإنسان فإننى ادعوه الى مناظرة مفتوحة فى أى اجتماع من اجتماعات المركز التى تعقد اسبوعياً كل يوم اربعاء فى تمام الساعة الواحدة والنصف ظهراً ، وسوف يجد من اعضاء المركز الذين تجاوز عددهم المائة تسعة وعشرين الف عضو الماماً بحقوق الإنسان يفوق كل حصيلته من حقوق الإنسان . واقترح عليه أن يكون أحد موضوعات المناظرة "الماء كحق من حقوق الإنسان" ، وهو موضوع كتبت عنه وآمل أن يكون د. سلمان على دراية بذلك الموضوع . وكلمة أخيرة لابد من الهمس بها فى أذن الحكومة السودانية وهى ان الدرب مازال طويلاً وانه ينبغى للحكومة السودانية الاستمرار فى حسن ادارة الملف بخبرة ومهنية عالية ، لأن كل ما تحقق حتى الآن على النحو المفصل أعلاه يمكن ان يضيع ما بين غمضة عين وانتباهتها ، واللهم قد بلغت اللهم فاشهد.