ود السيد قرية ترقد على الضفة الشرقية للنيل الأزرق في منطقة الجنيد وتتبع لمحلية الحصاحيصا اداريا وهي قرية وادعة تتمتع بأجواء الريف ووتتنفس النسيم برائحة الجروف والبساط الزاهي الأخضر الذي يكتنفها ويلفها، وحياة الناس فيها هادئة طيبة، تمتاز بوداعة وبساطة أهلنا الطيبين، وكما علمت فهي قرية ضاربة في جذور التاريخ اذ ينيف عمرها عن خمسمائة سنة، ظلت تنعم خلالها بالاستقرار والأمن الغذائي والصحي والبيئي الى أن تم تشييد مصنع السكر في العام 1959 (ابان حكم الفريق عبود العسكري) في الجنيد المجاورة التي تقع القرية تحت ظل مداخنه والتي أمطرت القرية في ما بعد بوابل من أمطار البقاس التي خلقت المشكلة القائمة، والتي استعرضها برنامج (حزمة ضوء) الذي تقدمه مذيعة التلفزيون (القومي) اللامعه (ماما) ايناس محمد أحمد. المشكلة تتفاقم خلال شهر نوفمبر الى يونيو حيث تبدأ عمليات الانتاج وتقع القرية بكاملها تحت تهديد مخاطر (أمطار) البقاس التي جعلت حياة أهل القرية، لا سيما الصغار والأطفال جحيما لا يطاق، أعداد كبيرة من الصغار يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي بسبب الربو، والأهالي لا يستطيعون النوم في (الحوش) بسبب التساقط المستمر (لأمطار) البقاس، وقد شاهدنا من خلال جولة الكاميرا في القرية أثر ذلك على جميع مناطق القرية الواقعة تحت ظل مداخن المصنع التي يتطاير منها ذلك الرماد الأسود الذي يغطي مساحات كبيرة من شوارع وازقة وأفنية (حيشان) منازل القرية التي بدأت بعضها خاوية بعد أن هجرها الأهالي هربا من خطر ذلك (البقاس) لدرجة أن احدهم قال انه استأجر شقة في مدينة ودمدني هربا مع أسرته من شر تلك الكارثة الصحية الخطرة التي تهدد الصحة العامة. وقد عكست الكاميرا في جولتها لقطات مؤثرة لأطفال صغار يعانون من الربو بسبب التلوث الناجم عن البقاس المنبعث من مصنع السكر في الجنيد، وتبلغ تكلفة العلاج للفرد الواحد مائتين وخمسين ألف جنيه خلال الشهر الواحد، وقد شبه أحد الصحفيين القرية بأنها وكأنها مغطاة بكساء من الرماد الأسود الذي يشبه (تفل الشاي)، وقيل أنه لا شئ يحول بين ذلك البقاس اذ أنه يلوث كل شئ مكشوف مثل الماء و (يسود) الملايات المفروشة في الأسرة في (الحيشان) والملابس البيضاء، كما أن بمقدوره الولوج داخل الثلاجة ويلوث كل محتوياتها، إنه ليس رماد فحسب لكنه في الحقيقة (مارد) يهدد حياة كل سكان القرية والقرى المجاورة لود السيد التي أصبحت الحياة فيها لا تطاق بسبب ذلك الخطر الوبيل. إدارة مصنع الجنيد ادعت أنها قامت بمكافحة وحل المشكلة بشراء (بودرة) تقلل من تأثيرات تطاير البقاس على المنطقة وعلى السكان، حيث انخفضت بنسبة 90% ولكن الأمر واضح للعيان ويبدو أن التأثير قد قل بنسبة 10% فقط وتشهد على ذلك جولة الكاميرا واستطلاع الأهالي ومارأيناه نحن بأم أعيننا، المطلوب هو تدارك الموقف والعمل على وقف ذلك الخطر البيئي الذ يتهدد المنطقة وبخاصة أطفال قرية ود السيد الأبرياء. وقد تجاوب الأستاذ عمر مصطفى عبد القادر، الأمين العام للمجلس الأعلى لحماية البيئة في ولاية الخرطوم مع الموقف المأساوي في ود السيد بالتنسيق مع نظيره في ولاية الجزيرة للعمل على درء ذلك الخطر، لا سيما أن الخطر قد تم التغلب عليه في مصنع سكر غرب سنار وقد زال نهائيا وأنضم المصنع الى مجموعة المصانع (الصديقة) للبيئة. alrasheed ali [[email protected]] //////////