الأزمة الإقتصادية والحكومات الدكتاتورية وعدم الأمان المطلق، وفقدان أبسط أساسيات الحياة معادلة تنتج المعاناة التي بدورها تنتج الألم، رغم أن البعض يتألم بلا معاناة بل مسألة مرضية مشبعة بالنظرة السوداوية للواقع، وتعذيب النفس بأشكال مختلفة، وقد يصل الألم بالبعض حد الإنتحار كما حدث في كثير من الدول مثل تونس الحادثة التي كانت شرارة الثورة التونسية. فالمعاناة بكل أشكالها واحدة من المؤثرات الروحية الخاضعة لإنفعال النفس، وتتجسد المعنوية منها بتجسيدات مادية تبرز في صور التفكير الملتوي وغير المجدي.. الملل.. القلق.. عدم التركيز أعراض مرضية وهمية، إضافة لجفاف التواصل الروحي. فالعمل الروحي دوره المرتجى منه أن تتسق مسيرة النفس على هدى ضوء الروح ليتم التواؤم بينهما، فإنعدام هذا التواؤم هو العامل الأساسي لإنقسام النفس البشرية بينما تريده ولا تستطيعه. وكل شخص له طريقة في تفكيك الألم أو زيادة حدته والتفكيك العام يتمثل في ملء الفراغ بالرياضة والعبادة وهو تفكيك نفسي درجته مقصورة على النفس، فالأزمات تخلق الإنسان تجدد نوعيته وماهيته، فالربيع العربي هو نتاج لقهر الدكتاتوريات التي تعطي من يواليها، وهي محاولة بحث عن قيم جديدة ومفاهيم جديدة تقودنا إلى التفكيك الروحي وهو سابقة روحية معنية بالروح ومحدوديتها، فالروح هو الضوء المتفاعل مع النفس فإذا ما تم تهذيب وتشذيب النفس تبقى الروح نوراً منبثقاً أو قل روح خام نشطة تفصلها بأطر متقاربة المتباينات والحجج ، فالتكوين السرياني والسريالي للمحدودية أسس ثابتة تنطلق بأفق واسع تتخلله فضاءات وبراحات مطلقة تهيم فيها الروح إلى ما لا نهاية فمحدودية الروح وموروثها المحدد لتفكيك الألم وهي محدد بسيط ولكن معقد مجبول بفكرة التحرير المطلق من الألم وعدم إستشعاره إستئصالاً تاماً، فالسريالية مجبولة على النقاء والطهر وغير خاضعة لفكرة الشك، وبالإمكان أن تقي من الألم وتفككه بمعادلات رياضية أو فكرية أو رسوم سريانية تحمل اليقين المطلق والفكرة الثابتة والنفاذ إلى العقل بمؤشرات هادفة. أما السريانية فحالة سكونية لا إستشعراية مالكة للحيز السكوني للثبات بأبجديات مدروسة كصفاء ذهني عالي، فهي قائمة على الإنعزال وتستمد منه القوة والإرتياح وتنقية النفس من الأدران وإستلهام المشاعر والأحاسيس لنجدة الآخرين عبر الإرتحال بالزمن من منطلق لآخر وقد يتم ذلك في السريانية والسريالية بلغاتهم وأدبياتهم وأبجدياتهم من شعر وغناء وفلسفة وكافة مناشط الحياة. والإنتقال ضد الظلم والتسلط وتحرر النفس من المؤسسات الروحية التي أصبحت واجهة للدين فمعادلة الكفاح وثيقة مطروحة للواقع في ظل ظروف راهنة بمدلولات سيوسيولوجية عميقة المحتوى تبدأ من الذات المفرد وبعده الذوات الجماعية فتتكون جماعات متداركة للوقاع بعيدة عن القديم بمورثاته وتعقيداته النفسية والحزبية والطائفية الخاضعة للسلوك الروحي المستعبد للإنسان. فالإنسان المتمرد والثائر والباحث عن ذاته في صعيد واقع ملتهب.. يبقى مبحثه الدائم عن فضاءات الروح لتنقية فضاءات الحياة. من ادران السلوك البشري المشوه بمنقوصات الفهم الديني الذي ياخذ اشكال الدجل والشعوذة ..... للخروج من هذا المازق لابد من العودة الي المعين المصفي وفق (لا اله الله) ليرتفع عمود التوحيد فتجدد حياة الفكر وحياة الشعور فيخرج من الانسان المتمرد الانسان الثائر الذي يملك ادوات التغيير ليعمر البشرية مفهوم الانسان الحر الذي بدوره يشكل المجتمع الحر .... //////////////