الشعوذة ليست ظاهرة اليوم بل هي قديمة قدم المسيرة البشرية وتمر بمراحل علو في حالة الإقبال عليها وإنخفاض في حال الإنصراف عنها.. والملفت للنظر أنها صارت واقعاً معاشاً وتاريخياً تحتاج باحثين لكشف خباياها والحد منها.. مما يدفعنا للقول بأنه أصبح الشيخ مثل طبيبك الخاص في بعض المجتمعات.. د. نافع في إشارته للإنقلابيين وكشفه للجوءهم للفكي بأنها صدمة للأتقياء.. فهل يعني سيادته بالأتقياء شعب السودان؟ فإن كان يعنينا نحن أهل السودان فإن ثمن الدجاجة أصبح من الصعوبة بمكان توفيره.. وحالة العامة والفقر الذي نعانيه يجعل الدجاجة سيدة مائدة ذلك الشهر فقطعاً نحن غير معنيون بهذه الدجاجة.. ولكننا لن نخرج من دائرة الأتقياء.. وبحق.. أما إن كان يعني فصائل من المنظومة السياسية وخاصة الذين آخرستهم الدهشة عندما إعترف الفكي المتورط مع الإنقلابيين بطلبه دجاجة وماتت قبل وصولها مما أفشل المحاولة والقضايا التي إندرجت في هذا المنحى سمعناها من بعض الإذاعات ومن بعض الشيوخ عندما هددت الأممالمتحدة بالتدخل في دارفور بأنهم سيحاربونهم ويبيدونهم بجنود لا قبل لهم بها من الجن.. ومثل هذه النماذج التي إجتاحت حياتنا كثيرة وهي تعتمد على قوة غيبية غير مرئية وإن كانت ضاربة فيها فهي مستمدة من غير القوة الإلهية ولم تأت ثمرة أنوار وفتوحات ربانية يدخلها مباشرة في دائرة الشعوذة.. والشعوذة تأخذ أبعاداً متعددة وأنماطاً لا تقف عند حد الإدعاء والدجاج فهنالك العصا المشبعة بأنواع من السحر تضمن لحامليها مفاهيم سطوة ونصرة على الأعداء.. وهي في حقيقتها لا تعدو ضرباً من الشعوذة. فالحركة الإسلامية قد سعت لعدد من أدعياء التصوف أو الطائفية تحت مسميات مفهوم الإسلام العريض.. فالتحالفات التي قامت عبر ربع القرن الماضي هل كان للتوافق الفكري الروحي.. أم إنها المسيرة السياسية التي لا تتورع في التحالف مع أية جهة حتى لو كانت مفارقة لمقصود الشرع أو مخاطبة للغيب.. بما يشير إلى الشعوذة فالعدل الإلهي هو بالضرورة أداة التمييز بين الخير والشر.. فإذا إنحسرت مفاهيم العدل عن العقول ارتفعت مفاهيم الإنحدار الروحي فيما يعرف بالعالم السفلي والتعامل مع الجن مما يجعل الإيمان يهذه السفليات يفوق حد الإيمان بالله.. فالإنحلال الفكري والأخلاقي هما الثمرة الطبيعية لضعف لا إله إلا الله في النفوس بمعنى آخر الضعف الديني هو البيئة التي يزدهر فيها كلما يجافي الفهم الديني القويم.. فإنحدر سمو العلم الروحي إلى منحدرات سحيقة جسدها (فكي الدجاجة) ونعاها مساعد الرئيس.. وهنا تبرز أسئلة تحتاج لإجابة فالقضية هي مع إرتفاع الهوس الديني هل ثمة علاقة بين إزدهار الدجل والشعوذة؟ وهل تفريغ المعاني الروحية السامية من محتواها يمكن أن ينتج مفاهيم غير مفاهيم الدجاجة؟ نأمل العودة بديننا إلى معينه الصافي وبلا دجاج.