تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التصوف الإسلامي: جسر حضاري وإنساني بين الشرق والغرب .. عثمان الطاهر المجمر
نشر في سودانيل يوم 23 - 06 - 2011


المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية بباريس
الفصل الرابع، التصوف الإسلامي جسر حضاري وإنساني بين الشرق والغرب
الحل الصوفي لمشاكل المجتمع المعاصر:
لقد نشأت في داخل الإسلام مدارس فكرية عديدة، ذات مراتب مختلفة وامتداد فكرى متسع يتدرج من التصوف الذي يقارب في عقيدته وطرقه التعاليم الحكمية الخالصة في التراث الهندي والصيني والياباني إلى مدرسة المشائين التي تقرب من التراث الفلسفي الرئيسي الذي عم أوروبا في العصور الوسطى والذي منه تحدرت، ولو عن طريق فهم ملتوي الفلسفة العقلانية الحديثة كذلك لما كانت عقيدة التوحيد نقطة ارتكاز في الإسلام كان مبدأ وحدة الطبيعة الذي قامت عليه العلوم الشرقية من المبادئ التي شددت عليها العلوم الإسلامية تشديدا بالغا، ولقد اتخذت قالبا عقلانيا، وحدسيا في وقت واحد فكان لذلك أكثر انفتاحا على العقول التي تثقفت بنمط التفكير الغربي منه على تلك التي تهذبت بالشؤون الغيبية، والمبادئ الحدسية التي تكثر في أثار حكماء الهند والشرق الأقصى.
ولكن هذه المشكلة هي مشكلة أسلوب في التعبير لا غير ومجرد مدخل إلى الحق الخالص فالعلوم الشرقية كما سبق القول متفقة أساسا في نظرتها إلي الطبيعة وفي مبادئ العلم القائم على هذه النظرة.
وإذا عدنا إلى ما كنا في صدده من ضرورة العودة إلى العلم الشرقي للاستعانة به على حل الأزمة التي جلبها العلم الغربي على نفسه وجب القول أن ننبه علماء البيئة الحديثين إلي أن دراسة البيئة كوحدة مركبة تتصل عن طريقها جميع الأشياء اتصالا متبادلا لا تكون كاملة إلا إذا تناولت الحقيقة على صعيدها الخلقي، والروحي، وبلغت أخيرا إلى مصدر كل ما هو كائن، ومن الخير ولا شك أن ندرك أن الجوامد تنتسب إلى الأحياء وان جميع أجزاء العالم العيني على اتصال بعضها ببعض لكن المبدأ الغيبي القائل بأن الاتصال بين حالات الوجود التي يستمد بها كل موجود في مرتبة أدنى حقيقته من المرتبة التي تعلوه والتي يتعذر انفصاله عنها ينبغي أن يكون ماثلا في الذهن عند كل خطوة إلى الأمام ولا يمكن بوجه أن ينكره أو يصرف عنه النظر فإذا كانت الكرة الأرضية قد سقطت في مهاوي الاضطراب والفوضى فذلك حتما لأن الإنسان الغربي قد حاول في غضون قرون عديدة أن يبقى كائنا أرضيا محضا وسعى في أن يعزل عالمه الأرضي عن أي حقيقة غيبية تتخطاه فتدنيس مقدسات الطبيعة ما كان ليحصل لولا ما وصف بأنه (غزو) للطبيعة ولو ظهور هذا العلم الطبيعي على صعيد مدني صرف، ولما كان ذلك كذلك تعذر تصحيح هذا التشويش في النطاق الطبيعي إلا عن طريق إزالة سببه، وهو محاولة اعتبار حال الوجود الأرضي بمعزل عن كل ما يتخطاه أن الاعتبارات البيئية الحاضرة تستطيع أن تتغلب على بعض الحواجز التي أقامتها الدراسات الطبيعية العازلة، والمصنفة لكنها لا تستطيع أن تحل المعضلات التي هي أبعد غورا والتي تشمل الإنسان نفسه لأن الإنسان هو الذي عبث بميزان البيئة لدوافع ليست ذات طبيعة حياتية فثورة الإنسان الروحية على السماء قد لوثت الأرض، ولن يتأتى لأي محاولة تهدف إلى تصحيح هذا الوضع على الأرض أن تنجح نجاحا تاما قبل أن يتوقف هذا التمرد ذلك لأن نور السماء وحده المشرف على الأرض بوجود المشاهدين والمتأملين في نطاق التراث الديني الحقيقي هو الذي يصون الانسجام، والجمال في الطبيعة ستنتهي إلى الفشل وإن كان بالإمكان تحقيق شيء من النجاح يمنع كارثة معينة هنا، وأخرى هناك.
ونقول ثانية أن العلم الشرقي متى قام على أساس شرعي تمكن من إعادة بناء التناغم بين الإنسان والأرض، وذلك بأن يعمد أولا إلى بناء الانسجام مابين الإنسان، والسماء فيتحول من ثم طمع الإنسان بالطبيعة الذي ساقه إلى استغلال غاشم لمواردها إلى موقف مقترن بالتأمل، وقائم على الرحمة والعطف فالتراث وحده الذي يستطيع أن يحول الإنسان عن دور الناهب لخيرات الأرض إلي دور (خليفة الله في الأرض) كما في التعبير الإسلامي.
إن المعتقد الرئيسي الأكبر في الإسلام وهو التوحيد يشدد على الحاجة إلى الاندماج، والتكامل فالله وحده وكذلك الإنسان الذي خلقه على صورته ينبغي أن يتكامل ويتوحد وهدف الحياة الدينية، والروحية التي سبقت الإشارة ينبغي أن يكون تكامل الإنسان التام الكلي في أبعد أعماقه وأوسع أبعاده أن الإنسان الحديث يعاني من الإفراط في التبويب والتفريع في العلوم، والتربية، وشؤون المجتمع وتحت الضغط الذي تفرضه التقنية الحديثة تميل الروابط الاجتماعية وحتى الشخصية الإنسانية نحو الانحلال أن مبدأ التوحيد في الإسلام يقاوم بشدة التعدد، والتقسيم، ويحمل الميول السالبة التي تدفع بروح الإنسان، ونشاطه من المركز نحو المحيط على أن تعود به من المحيط إلى المركز.
جميع الناس يصيحون اليوم مطالبين بالسلام لكن السلام بعيد المنال ذلك لأنه من المحال فلسفيا أن نتوقع السلام من حضارة نسيت الله فالسلام على الصعيد البشرى إنما يختلف عن السلام مع الله، وكذلك مع الطبيعة أنه نتيجة للتوازن والتناغم الذي يبرز إلى الوجود فقط بالتآلف والتكامل الذي يتيحه التوحيد إن الإسلام قد وسم ظلما بدين السيف، ودين الحرب في حين أنه دين يسعى إلى تحقيق السلام عن طريق الخضوع إلى إرادة الله كما يفهم من اسم الإسلام (إسلام) بالعربية الذي يحمل معنى السلام، ومعنى الخضوع لله في وقت واحد، وهذا ممكن فقط إذا أعطى كل شيء ما يحق له أن الإسلام يحفظ توازنا رائعا بين حاجات الجسد، ومقتضيات الروح بين هذا العالم والعالم الآخر أن تحقيق السلام متعذر في حضارة حولت جميع مصالح الإنسان إلى حاجات حيوانية، وهي بعد ترفض أن تقيم أي اعتبار لحاجات الإنسان التي تتخطى وجوده الأرضي، وفضلا عن ذلك فإن مثل هذه الحضارة بعد أن حولت الإنسان إلى كائن أرضى محض لا تقوى على توفير الحاجات الروحية التي هي مع ذلك لا تزال قيد الوجود مما أدى إلى نشوء مركب مؤلف من مادية ضيقة، وروحية زائفة هي أشد وادهي ذلك لأن معارضتها للمادية إنما هي خيالية أكثر منها حقيقية!
وهكذا فإننا نجد أنفسنا تجاه خطر يهدد حتى حياتنا الأرضية التي أصبحت تعتبر اليوم غاية قصوى في نفسها ومن توصيات الإسلام الأساسية للعالم الحديث تشديده على أهمية إعطاء كل ذي حق حقه، وحفظ كل عنصر في مكانه . وصيانة النسبة العادلة بين الأشياء أن السلام الذي ينشده الإنسان ممكن التحقيق فقط إذا كانت جميع حاجات الإنسان ليس بوصفه حيوانا مفكرا فحسب باعتباره مخلوقا خلق للوجود أيضا، والاقتصار على العناية بحاجات الإنسان المادية يؤول إلى استبعاده، ويثير مشاكل حتى على المستوى المادي يتعذر حلها أن علم الطب الحديث هو الذي أطلق مشكلة الازدحام السكن لا الدين والآن يكلف الدين بأن يحلها أي بأن يحل هذا الإشكال عن طريق الموافقة على التخلي عن معنى القدسية في الحياة الإنسانية نفسها جزئيا إن لم يكن كليا.
كذلك الأمور البالغة الأهمية اليوم قيام السلام بين الديانات وفي هذا النطاق أيضا يحمل الإسلام إلي الإنسان الحديث رسالة خاصة فالإسلام يعتبر التصديق بالأنبياء السابقين شرطا ضروريا من شرط الإيمان بالإسلام نفسه ويؤكد جازما على أن الوحي كوني في حدوده ليس ثمة من كتاب ديني يتحدث عن شمولية الدين بالإسهاب والصراحة التي يتحدث بهما القرآن فالإسلام وهو آخر الأديان في الدور الإنساني الحالي، وكما سبق وأوضحنا أن للإسلام في نطاق الماورائيات واللاهوت والدين المقارن دروسا كثيرة يود أن يلقيها على الذين يرغبون في أن يدرسوا هذه المواضيع على مستوى أرفع من مجرد تجميع الوقائع التاريخية وتأليف الحقائق الفلسفية.
وأخيرا طالما نحن بصدد الإسلام لابد من البحث في موضع السلام من أن نذكر شيئا عن السلام الداخلي الذي يسعى الإنسان اليوم جاهدا في طلبه، وقد أخذ منه اليأس إلى حد حمله على أن يدفع بجيش من دجالي اليوغا، والمطببيين الروحانيين لأن يفرضوا لأنفسهم مكانة خاصة في الغرب فالناس اليوم يشعرون بديهيا بأهمية التأمل، والتفكر لكن قلة منهم لسوء الحظ يرغبون في أن يمارسوه بحسب تقليد صحيح يؤمن لهم وحدة بلوغ الغبطة التي يقود إليها تأمل الحقائق السماوية لذلك يعمدون إلي الأدوية المخدرة أو (مراكز تحقيق الذات) أو إلي (الألف والواحد) من المرشدين الزائفين من أبناء الشرق وهو انتقام حقيقي من الغرب.
أهمية التصوف تنبع من أهمية الحوار الإسلامي المسيحي في الألفية الثالثة:
لا يمكن للتصوف الإسلامي أن يلعب دوره الإيجابي كجسر حضاري، وإنساني بين الشرق والغرب إذا لم يكن هنالك تعاون مثمر ومعطاء بين الأديان الكتابية.
وعلى وجه الخصوص بين العيسوية والمحمدية ومن هنا تنبع أهمية التصوف في أهمية الحوار الإسلامي – المسيحي في الألفية الثالثة وكيف يحاور المسلم الآخر إذا كان هذا المسلم متصلبا متشددا متطرفا لا يؤمن إلا بالجهاد سبيلا للحوار ولا يؤمن بالجلوس مع المسيحيين إذا لم يدفع هؤلاء المسيحيون الجزية عن يدٍ وهم صاغرون.
هنا يكون حوار الطرشان، هذا إذا لم يكن مستحيلا من أصله. فلابد من التفاهم ولا بد من الوسطية والعقلانية والحكمة. وشعار المتصوفة دائما الأخلاق وعلاج أمراض القلوب شعارهم المرفوع (صوف قلبك) وجادلهم بالتي هي أحسن في عام 1856 وجه القنصل الفرنسي في بيروت مذكرة إلى وزيرة خارجية بلاده(8) قال فيها، (الحقيقة الكبرى والأبرز تحضر أثناء دراسة هذه البلدان هي المكانة التي يحتلها الفكر الديني في أذهان الناس، والسلطة العليا التي يشكلها في حياتهم، فالدين يظهر حيث كان، وهو بارز في كل المجتمع الشرقي في الأخلاق، وفي اللغة، وفي الأدب، وفي المؤسسات، وترى أثره في كل الأبواب ... الشرقي لا ينتمي إلى وطن حيث ولد الشرقي ليس له وطن، والفكرة المعبرة عن هذه الكلمة أي عن كلمة وطن، أو بالأحرى عن الشعور الذي توقظه غير موجودة في ذهنه فالشرقي متعلق بدينه كتعلقنا نحن بوطننا، وأمة الرجل الشرقي هي مجموعة الأفراد الذين يعتنقون المذهب الذي يعتنقه هو والذين يمارسون الشعائر ذاتها وكل شخص آخر بالنسبة له هو غريب لا تقتصر هذه الظاهرة على المسلمين وحدهم، ولكنها تشمل المسيحيين، وكذلك اليهود أن هذا الشرقي العربي ربما يكون أكثر من أى منطقة أخرى في العالم شهدت سيلا للدماء وانهمارا للدموع، وارتفاعا للصلوات فالمجتمع المتنوع معرض لمواجهة أخطار الاحتكاك والصدام، والصراع، وربما خطر التفتت مالم تضمن وحدته العناصر الضرورية لديمومة التنوع وازدهاره.أه
يقول هنري جيمس في أحدى نظرياته في فلسفة الاجتماع إنه إذا إلتقى شخصان (ألف وياء) فان عددهما يكون ستة:
يكون هناك الشخص (أ)
أولا، كما يرى نفسه
ثانيا، كما يراه الآخر
ثالثا، كما هو حقيقة وواقعيا
وكذلك الأمر بالنسبة للشخص (ب)
يجرى الحوار بين هذه الشخصيات الست في وقت واحد فيكون حوار طرشان عندما يجرى بين الشخصين كما يرى كل منهما نفسه، ويكون حوارا صداميا عندما يجرى بين الشخصين كما يرى أحدهما الآخر فقط عندما يجرى الحوار بين الشخصين الحقيقيين بصدق، وأمانة، واحترام، ودون موارية، ولا نفاق، ولا أحكام مسبقة يمكن أن يعطى ثمارا من فاكهة الجنة .
وتصح هذه القاعدة العامة في المجتمعات كما تصح في الأفراد فالعصبية للذات (ذات الفرد أو ذات الجماعة) هي نتائج جانبي لظاهرة أخرى أنها ظاهرة الطبيعي إلى تصنيف الناس إلي جماعات على قاعدة المشترك بين كل جماعة، والدين هو أحد أهم هذه العوامل المشتركة، ففي اعتقاد علماء فلسفة الاجتماع إن الإنسان مبرمج عضويا لاعتماد عوامل الجنس والعمر والعنصر والدين إطارا عاما لرسم حدود الجماعة وتاليا لتحديد موقعه منها إما دخل الإطار أو خارجه.
وهناك جماعات عزلت نفسها عن الدين أو عزلت الدين عنها ولم تعد تتعامل مع الدين بوصفه قاعدة للقيم الأخلاقية وضابطا للسلوك الفردي أو الجماعي فهيمن عليها عامل التعصب للعنصر مما أدى إلى ظهور حركات تعبر عن هذه الهيمنة وتجسدها (النازية والفاشية).
وهناك مجتمعات أخرى أعطت الدين موقعا متقدما على كل ما عداه من عوامل فأصبح الانتماء إليه هو المحدد الأساسي لهوية الجماعة فهو وحده دون غيره يرسم دائرتها الاجتماعية سواء على المستوى الاحتوائي أو على المستوى الاستعبادي (الأصوليات الدينية المختلفة).
ولقد أدى التشدد في اعتماد هذه القاعدة، وتقديسها إلي قيام دوائر منغلقة على ذاتها داخل الجماعة الكبيرة حيث كل دائرة تعتبر أنها هي التي تملك المفتاح الكلى للمعرفة، وأنها وحدها تمسك بتلابيب الحقيقة المطلقة، وبالنتيجة أنها وحدها الفرقة الناجية من هنا عندما نتلاقى مسلمين ومسيحيين فإننا نتحاور من أجل حياة أفضل مفعمة بروح التفهم الذي يؤدى إلي التفاهم، ولذلك فإن منطلق حوارنا هو البحث عن الحقيقة في وجهة نظر الآخر، وذلك بهدف الوصول إلى نقطة الالتقاء والتكامل، وليس الاستبعاد، والإلغاء.
إن المسيرة إلى هذا الهدف تحتم الإقرار بأن أيا منا لا يدعى أنه يملك الحقيقة المطلقة وأنه يتقبل النتائج المترتبة عليه وأهمها قبول الاختلاف واحترام المختلف معه.
أما الهدف نفسه فهو فتح دوائر المعرفة المتبادلة، وتدوير زوايا الاختلاف وفك الارتباط بين الخلاف والاختلاف وإبراز الجوامع المشتركة على قاعدة (رأي صحيح يحتمل الخطأ ورأي غيرى خطأ يحتمل الصواب).
بما يؤدى إلى تعزيز المواطنة المتكافئة حضنا دافئا يجد فيه الجميع الملاذ الآمن والأمين للنفس، والعقيدة.
لقد عانى عالمنا الواسع قديما وحديثا من قيام حركات عديدة ومختلفة حاولت احتكار الحقيقة فمن لا يسير على دربها يضل في نظرها سواء السبيل، ومن لا يشاركها نهجها يخرج عن العقيدة وعن الدين، ولقد تجاوز بعضها في فكرة الاحتكاري للإيمان حد استعداء الآخر إلي محاولة إلغائه.
ويتناقض هذا المنطق الإلغائي مع ثقافة الحوار الذي لا يكون إلا مع الآخر، ولا يكون تحديدا إلا مع الآخر المختلف وإلا فمن المؤكد أن ينعدم الحوار الذي هو التعبير العلمي عن الحرية أما الحرية فهي عطاء الله للإنسان، ومن أجلها فضل الله لا يحجبه إنسان، ولا تمنعه سلطة.
الفكر الإلغائي هو في جوهره فكر تسلطي يحاول أن يملى نفسه على الآخر بما يتناقض مع ثقافتنا الإسلامية ذلك أن ثقافتنا تؤكد على المقولات التالية،
(لا إكراه في الدين) البقرة 256 (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)الكهف 29 (فاعبدوا ما شئتم من دونه) الزمر 15 (لكم دينكم ولى دين) الكافرون 6 (ولو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)يونس 99 (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة) هود 118 (إن الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون) الحج 69 أما الفكر الحواري الذي تعلمنا ثقافتنا الإسلامية أدبياته من حوار الله مع الشيطان إلى حوار النبي عليه السلام مع أهل الكتاب – وفد نجران – وحتى مع المشركين الحوار بالتي هي أحسن) فإنه فكر يؤمن بالتنوع في الإنسان، وفي الكون، وبأنه آية من آيات الله (ومن آياته خلق السموات، والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين) الروم 22 ويؤمن بالتالي بحرية الاختيار عطاء من عطاءات الله (و هديناه النجدين) البلد 15 ويحاول أن يتفهم الآخر فكرا وعقيدة، ورؤى به من شرعة، ومنهاج (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) المائدة 48 ونحن اليوم في بداية منعطف تاريخي دقيق، ويحدد معالم حركة هذه المرحلة أمران،
الأمر الأول، يتعلق بمحاولات وضع الإسلام في قفص الاتهام على أنه دين يحرض على الإرهاب من خلال ركنين من أركانه الخمسة هما الجهاد، والزكاة الجهاد بمفهوم أنه حرب على الآخر والزكاة بمفهوم أنها تمويل للحرب على الآخر.
والحقيقة أنى لا أحتاج هنا إلى تسفيه هذين المفهومين فلذلك موقع آخر ولكن لابد من توضيح سريع فالجهاد في الإسلام جهادان:
*الأول، للذود عن العقيدة والوطن والنفس من أي اعتداء وهو جهاد دفاعي مترفع عن العدوانية تجاه الآخر، ولذلك لا يملك سلطة الدعوة إليه سوى ولى أمر أي دولة، وهو ليس ولم يكن في أي وقت شأنا خاصا بحركة أو منظمة أو جهة أو شخص ما أيا كان موقعه في المجتمع، وأيا كانت الشعارات التي يرفعها.
والثاني، لمقاومة النفس الأمارة بالسوء ويسمى (الجهاد الأكبر) وهو عمل يومي يفترض بكل مسلم أن يقوم به حتى يكون متمتعا بالوصف الذي حدده الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال:(المسلم من سلم الناس من يد ولسانه).
أما الزكاة فإنها ركن من أركان الإسلام الخمسة وهي تشكل العمود الفقري للتكافل الاجتماعي لأنها (حق معلوم للسائل والمحروم) . ويحدد القرآن الكريم الفئات الاجتماعية التي تستحق الزكاة وهم الفقراء والمساكين، والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب، والغارمين وفي سبيل الله، وابن السبيل كما ورد في الآية 60 من سورة التوبة كما يحدد نسبتها من المال الخاص، وتوقيت صرفها وعندما تستخدم في سبيل الله فإن سبيل الله هو الالتزام بشريعته والدفاع عن هذه الشريعة وليس الضلال عن الطريق المستقيم بالاعتداء على الآخرين أيا يكن هؤلاء الآخرون.
*أما الأمر الثاني الذي يحدد معالم خطورة المنعطف التاريخي الذي يستهدف الإسلام شرعة ومنهاجا، والذي قد يصدر عن مجتمعات أو حركات أو حتى عن أفراد في أي بقعة من بقاع العالم الإسلامي المترامي الأطراف.
فعندما يكون الاتهام ظالما، ومن ثم يكون العقاب قاسيا جماعيا ضد المسلمين، وعندما لا يكون كل المسلمين واعين لحقيقة أساسية، وهي أن الغرب ليس المسيحية فإن رد الفعل على العقاب الجماعي قد يصيب ذوى الرحم من أبناء الجلدة الواحدة في الأمة الواحدة على النحو الذي حدث في باكستان عندما استهدف رد الفعل الانتقامي مجموعة من المسيحيين الذي كانوا يؤدون صلاتهم في أحدى الكنائس المحلية، فالخطأ لا يصحح بخطأ مثله والجريمة لا تدينها جريمة مثلها.
سلبيتان لا تصنعان علاقة إيجابية، سلبية الاتهام الجماعي للمسلمين بالإرهاب وسلبية عدم فك الارتباط بين سياسة الغرب والأخلاق المسيحية.
إن فلسفة افتداء البشرية، والتضحية من أجل خلاصها تتناقض جوهريا مع ممارسة العقاب الجماعي، وتبين ذلك المسافة الشاسعة بين موقف الكنيسة (الفاتيكان – مجلس الكنائس الوطني الأمريكي، ومجلس كنائس الشرق الأوسط وموقف بعض الحكومات الغربية.
من هنا تأتى أهمية العمل الإسلامي – المسيحي المشترك ففي هذا المنعطف الذي نمر به الآن لا غنى لأحدنا عن الآخر نحن جميعا في مركب واحد إما أن نغرق جميعا تحت ضربات الظلم والافتراء فعلا ورد فعل، وإما أن ننجو جميعا بقيمنا ومبادئنا، ولن تتحقق لنا النجاة إلا بتضامنا، وتعاوننا داخل أوطاننا، وفي العالم على قاعدة إيماننا بإله واحد وإن تعددت طرقنا إلى هذا الإيمان، وتعبيراتنا عنه، فنحن أبناء حضارة واحدة نعتز بأننا ساهمنا في صناعتها معا على مدى التاريخ إن الحديث عن الحوار الإسلامي – المسيح في مطلع القرن الواحد والعشرون الذي يتسم بعولمة جارفة تتصارع فيها القيم الأصيلة مع القيم الوافدة يتطلب التنبه إلى الأمور الآتية،
الأمر الأول، هو أن الحضارة الغربية الحالية ليست حضارة مسيحية ذلك أن أوروبا تعزو نهضتها إلى فك ارتباطها بالدين وهي تعزو تأخر العالم الإسلامي إلي الموقع المؤثر للدين في الحياة حياة الناس وفي مجتمعاتهم.
الأمر الثاني، هو أن الإسلام ليس العرب، فالمسلمون من غير العرب أكثر عددا وأوسع انتشارا ثم إن ثمة عربا أقحاحا غير المسلمين.
لذلك فإننا عندما نتحدث عن حوار شرقي غربي أو عربي – أوروبي فنحن ملزمون علميا وأخلاقيا بوجوب التحرر من معدلات هذا الحوار ومن مقاييسه.
الأمر الثالث، هو أننا عندما نقيم علاقاتنا مع الغرب أو عندما يقيم الغرب علاقته معنا نقفز نحن، ويقفز هو من فوق المسيحيين العرب، ونتجاهل نحن، والغرب الدور الذي قام المسيحيون في السابق، والذي يمكن أن يقوموا به الآن مجرد كم مستبعد منا، ومستغل من الغرب، ولعل أسوأ ما في هذا الخطأ الشائع هو أننا نحن والغرب عندما نقفز من فوق الحضور المسيحي العربي نرتكب جريمة أخلاقية وعلمية بسوء توصيفنا لحقيقة كون العرب المسيحيين جزءا أصيلا وعضويا من جسد الأمة فبعضنا ولو قلة يبادر في أوقات الأزمات إلي تصنيف المسيحيين العرب طابورا خامسا للغرب ورأس جسر له في قلب الأمة تسهيلا لإطلاق حكم الإدانة الجماعية، وهذا خطأ فادح تترب عليه جرائم وطنيه فادحة أما الغرب فهو عندما يقفز من فوق المسيحيين العرب فإنه جريمة سوء استقلال مسيحيتهم إذ يحاول أن يجعل منهم أقلبه وهم جزء من الأكثرية العربية وأن يجعل من نفسه حامياً للأقليات وتاليا حاميا لهم مانحا نفسه شرعية التدخل باسمهم دون موافقتهم رغما عنهم.
ويتمتع العالم العربي بمميزات تجعله على الدوام عرضا لتدخلات خارجية، والمسيحية واليهودية في فلسطين عامة وفي القدس خاصة، ومنها موقعه الإستراتيجي بين الشرق والغرب ومنها ثرواته الطبيعية لا سيما النفط وعائداته المالية ومنها ثروته البشرية التي تتسم بالتعدد الديني والاثني.
وإذا كان منشأ هذه التعددية يعود إلي الإرث الديني الحضاري الذي قام في المنطقة، فإن تواصلها بعد الإسلام، وفي ظله يعود إلى سبب ديني أساسي، وهو أن الإسلام لا يميز إثنيا بين عربي وغير عربي، ومن الناحية الدينية فإن الإسلام يعترف باليهودية، والمسيحية رسالتين من عبد الله ويعود بأصولهما (مع الإسلام نفسه) إلى إبراهيم عليه السلام إن جوهر الإيمان الإسلامي، وليس تسامحينه هي التي مكنت المجموعات الدينية غير الإسلامية، والإثنية غير العربية من أن تحافظ على شخصيتها، وعلى خصوصياتها على مر العصور في المجتمعات الإسلامية التي توالت على المنطقة . غير أن هذه التعددية لم تتحول من مظهر من مظاهر النعمة إلى شكل من أشكال النقمة إلا عندما بدأت قوى خارجية (أوربية غربية في الدرجة الأولى) في استقلالها كرأس جسر للتسلل إلى المنطقة، وقد عانت المجموعات المتمايزة (الأقليات) إما من جراء سوء فهم أهل الإسلام من أهل الكتاب أو من جزاء سواء تطبيقه أومن الاثنين معا وتلاقت هذه المعاناة مع تطلعات الدول الأوربية للسيطرة على المنطقة وبقدر ما كانت هذه الجماعات تدفع باتجاه الاستقواء بالقوى الخارجية كانت هذه القوى الخارجية توظف معاناة الأقليات، واستقوائها بها لتحصين مصالحها هي والدفاع عنها ثم أن علينا أن نميز كمسلمين لدى تحديدنا لقواعد الحوار وأهدافه بين المحاور المسيحي العربي والمسيحي غير العربي.
فالحوار الإسلامي – المسيحي هو حوار بين أبناء أمة واحدة وأبناء حضارة واحدة وأبناء إثنية واحدة يجمع بينهم العيش الواحد، والمصير الواحد أما الاختلاف الديني هنا فهو جزء من موروثنا الحضاري المشترك بل هو جزء من تاريخنا ومن ثقافتنا التي تستوعب التعدد بكل أبعاده ومظاهره الدينية والمذهبية والعنصرية واللغوية على حد سواء.
لقد تكونت الحضارة الإسلامية أساسا من تفاعلات ثقافات الشعوب التي اندمجت في بوتقة الأمة الواحدة من دون أن يفرض الإسلام عليها التخلي عن خصائصها الذاتية ذلك أنه ما كان لديناميكية الاستيعاب في الحضارة الإسلامية أن تقوم لو لم تحرم الشريعة التمييز العنصري، ولو لم تعتبر أهل الكتاب أهل إيمان، وإذا كانت ديناميكية الاستيعاب هذه أحدى أهم مميزات الحضارة الإسلامية فإن ديناميكية الإلغاء هي من أهم مميزات الحضارة الغربية وهذا موضوع بحث آخر.
بهذه الخلفية الفكرية نلج باب الحوار الإسلامي – المسيحي الذي تتمحور ثقافته حول النقاط التالية.
أولا، حوار الحياة وهو يعنى الحياة مع الآخر والاهتمام به، وتفهم خلفياته، والاعتراف بتميزاته، ومن ثم بناء عيش مشترك معه على قواعد التفهم والاعتراف والاحترام.
ثانياً، حوار العمل وهو يعنى العمل معا وطنيا واجتماعيا واقتصاديا وإنسانيا ومن شأن ذلك أن يحقق انسجاما مجتمعيا وتداخلا في العلاقات، وتكاملا في المصالح ووحدة واقعية في المصير.
ثالثا، حوار النقاش الفكري وحتى العقدي ليس بهدف توحيد العقائد إنما بهدف بناء قاعدة تستقوي بالقيم الأخلاقية التي تدعو لها الرسالات السماوية لتحقيق التفاهم بين أهلها أما الوسيلة إلى ذلك فلا تكون بالتوقف أمام التباينات بل بالبحث عن المشترك فيما بينها وهو مشترك جوهري وينطوي على عناصر كثيرة.
رابعا، حوار التجارب بما في ذلك التجارب الدينية وهنا أيضا ليست الغاية ممارسة العبادة مثل الآخر بل إدراك الحقيقة بأن الآخر يمكن أن يعبد الله بطريقة مختلفة ففي عقيدتنا أن الدين واحد، والشرائع مختلفة، وأن الله خلق الناس شعوبا وقبائل ليتعارفوا، وأنه لو شاء خلقهم أمة واحدة وأن آياته تعدد ألسنتنا وألواننا وأنه هو الذي يحكم بيننا يوم القيامة.
وهكذا فإنه إذا كان صحيحا القول إن التكتلات الإقتصادية والاستثمارات المالية وتطور وسائل الاتصال والنقل والإعلام (العولمة) تدفعنا نحو المزيد من التداخل والتقارب فإنه الصحيح أيضا القول أن الدفاع المشروع عن الاختلافات (ثقافية – تاريخية – دينية – لغوية) والتي تحافظ على تميزاتنا الإنسانية هو حاجة ملحة بقدر مماثل فالشخصية الإنسانية تقوم على رموز تحمل عناصر الخلاف لأن في مقدورنا أن نجعل من أصغرها ركنا أساسيا من أركان شخصيتنا.
نحن أمام عالم جديد ما بعد الحرب الباردة التي تتفجر فيه الاثنيات والتمايزات من إيرلندا حتى الصين مرورا بالبلقان والقوقاز وآسيا الوسطى ومن التبت وكشمير حتى سيرلانكا ومن أندونيسيا حتى نيجيريا.
كذلك فإننا أمم شرق أوسط جديد قد نشهد منه خريطة جديدة من منطقة تطوى مفاعيل خريطة سايكس – بيكو الذي استنفذت أغراضها، وحققت أرقامها أهدافها، وفي مقدمتها زرع الكيان الإسرائيلي وحمل العرب على القبول على هذا الكيان، والاعتراف به وفي هذا الشرق الأوسط الجديد فإن العالم العربي بل العالم الإسلامي كله يجد نفسه وجها لوجه أمام المشروع الإسرائيلي الذي يستهدف المنطقة من باكستان حتى المغرب بالتقسيم والتجزئة على أسس دينية وعرقية ومذهبية إن مستقبل العلاقات الإسلامية المسيحية أمام تحدى من نوع جديد فالمسيحية تنتشر اليوم في العالم بأسرع مما كان يجرى في أي وقت سابق أمام مسرح هذا الانتشار فهو العالم الثالث، وتحديدا في أفريقيا وفي آسيا وفي العام 1955 م كانت ما نسبته 80% من المسيحيين ينتمون إلى دول أوروبا وأمريكا الشمالية أما الآن فإن ثلثى المسيحيين هم من شعوب العالم الثالث (امريكا اللآتينية – آسيا – أفريقيا) ويعترف أندروا والز المتخصص في شؤون البعثات التبشيرية والمسيحية والأستاذ في جامعة أدنبره في اسكتلنده إن الأحداث المكونة للمسيحيين في القرن الواحد والعشرين تجرى في أفريقيا وآسيا وهو يرى أن المجتمع الأوروبي أصبح مجتمع ما بعد المسيحية .
ويؤشر على صحة ذلك نسبة الحضور للكنيسة يوم الأحد في الدول الأوروبية و الكنائس الإنجيلية الأمريكية أقل بكثير جدا من أتباع الكنيسة في كوريا الجنوبية
إن اتساع الرقعة المسيحية في الهند مثلا، يعود أساسا إلي أن الدين المسيحي مفتوح أمام (طائفة المنبوذين) الذين يجدون في الانتماء إلى المسيحية اعترافا بكرامتهم الإنسانية وطريقة عملية للخروج من دائرة العزل والحرمان التي يعانون منها جيلا بعد جيل .
ويعود إتساع رقعة المسيحية في الصين إلى أن الدين هناك يطرح نفسه بديلا عن الشيوعية التي فقدت مصداقيتها وفشلت في تقديم إجابات على الأسئلة التي تشغل عقل كل إنسان ويعكس إتساع المسيحية في أندونيسيا وكوريا والفلبين وسواها من الدول الآسيوية الأخرى الاعتقاد بأن المسيحية كانت وراء تقدم أوروبا وأمريكا وإنها بالتالي تمثل الطريق إلى الخروج من نفق التخلف إلى فضاء التقدم الاقتصادي والرقي الاجتماعي وتعزز البعثات التبشيرية هذا الاعتقاد من خلال تقدمها الثقافي (الجامعات) 164 والطبي (المستشفيات) لاسيما من خلال مساهماتها في توفير فرص عمل لأتباعها الجدد سواء في المزارع التي تتولى إدارتها والإشراف عليها أوفي المصانع التي تقوم بإنشائها. كما يلعب الإعلام – التلفزيوني خصوصا والذي يصل الآن إلى بيئة الفقراء في القرى النائية والمنعزلة دورا أساسيا في تكوين نسق جديد من الإيمان المشدوه (بالمعجزات) التي يستخدمها المبشرون الإنجيليون باللمس أو حتى عبر شاشات التلفزة، وهو إيمان يربط الخلاص والنجاة في اليوم الآخر باتباع دعواتهم كما يربط الخلاص والنجاة في اليوم باتباع دعواتهم كما يربط الاستقرار الاجتماعي والعائلي في الحياة الدنيا بالمساعدات التي يوفرونها لهم.
وفي الفاتيكان نفسه ارتفعت نسبة الأعضاء من دول العالم الثالث في مجلس الكرادلة إلى 41% وهي أعلى نسبة لهم في تاريخ هذا المجلس الذي يتولى انتخاب البابا ويحدد التوجهات اللاهوتية الأساسية للكاثوليكية، وكان الباب قد رفع عدد أعضاء المجلس في 31 فبراير / شباط 2001 إلى 184 عضوا منهم 135 عضوا فقط يحق لهم المشاركة في انتخاب البابا. إن العالمية المسيحية الجديدة في القرن الواحد والعشرين معنى جديدا لم تكن تتمتع به من قبل وهذا المعنى الجديد يتمثل في أمرين. الأمر الأول اجتماعي وفحواه أن أتباع المسيحية أصبحوا في أكثريتهم من شعوب العالم الثالث الفقيرة.
أما الأمر االثاني فيشير إلى أن هؤلاء الأتباع الجدد هم من الملونين وليسوا عنصريا من البيض ويعنى الأمر الأول في حين يعني الأمر الثاني فك الارتباط بين المسيحية وكل من العنصرية، والاستعمار، وهي الصورة التي رسمها المستعمرون الأوروبيون للمسيحية في القرنين الماضين ذلك أن المسيحية اليوم هي أوسع انتشارا بين الفقراء، وبين الشعوب التي عانت في السابق من الاستعمار، ومن شأن هذا الواقع الجديد أن يهيئ الأرضية المناسبة لمزيد من الانتشار المسيحي بين الشعوب ودول العالم الثالث حيث يستوطن الإسلام منذ أجيال عديدة.
أبعاد ديمغرافية:
تمتد رقعة الإسلام على طول يبلغ حولي عشرة آلاف ميل من أندونيسيا على المحيط الهادي حتى المغرب على المحيط الأطلسي ويتألف المليار مسلم (سدس) البشرية الذين يعيشون في هذه المنطقة من العالم 195 إثنية يتحدثون مئات اللغات، واللهجات، وهم موزعون في 37 دول تشكل منظمة المؤتمر الإسلامي، وعلى الرغم من وجود ملايين المسلمين في أوربا والولايات المتحدة فإن العالم الثالث الآسيوي الأفريقي يعد موطن الإسلام ومسرحه، وقد عانت هذه المنطقة الأكثر تخلفا والأشد فقرا من الاستعمار أكثر من أي منطقة أخرى في العالم و لا تزال ذاكرتها الجماعية تضح بأحداث وبصور طويلة من الصراعات الدموية التي كانت تجرى باسم المسيحية حتى من دون ان يكون للمسيحية في كثير من تلك الصراعات أي مصلحة مباشرة بل كان التخفي وراء ستار الدين يحدث لمجرد إخفاء حقيقة المطامع التوسعية كالحروب الصليبية في القرن الحادي عشر، وحركات الاستعمار في القرن التاسع عشر، والقرن العشرين.
إن تجريد المسيحية من كونها دين المستعمر الأبيض وتلوينها بتقاليد، وعادات المؤمنين الجدد في أفريقيا وآسيا بفتح أمامها أبواب الانتشار الواسع بين شعوب العالم الثالث حيث يستوطن الإسلام منذ قرون، ومن شأن هذا التطور أن يضع الإسلام والمسيحية على تماس عقائدي في هذا العالم الذي تزداد شعوبه تعلقا بالدين فيما تزداد شعوب العالم المتقدم في أوروبا والولايات المتحدة تحررا منه وابتعادا عنه.
ولعل في ذلك بعض التفسير لما نشهده من صراعات تتفجر بين وقت وآخر بين المسلمين والمسيحيين في أفريقيا (نيجيريا) وفي آسيا (اندونيسيا) كما أن اخطر ما في هذه الإنفجارات هو سرعة انتقال شرارتها إلى مجتمعات التعايش الإسلامي – المسيحي الأخرى ذلك أن العولمة الجديدة من حيث كونها أداة معرفية سريعة وفعالة لا تترك أي مجتمع بمنأى عما يحدث في أي منطقة من العالم سلبا أو إيجابا.
لقد كان هناك صراع إسلامي – مسيحي بين الدعوة والتبشير الدعوة إلى الإسلام بين المسيحيين والتبشير بالمسيحية بين المسلمين غير أن هذا الصراع أمكن كبح جماحه من خلال تفاهم ضمني غير مكتوب بأنه يوجه الدعاة المسلمون والمبشرون المسيحيون جهودهم نحو المؤمنين في أعماق أسيا وأفريقيا، وذلك على اعتبار أن الأولوية في العمل الدعوى أو التبشيري تتمثل في توحيد الله، والقضاء على الشرك به مع إن الالتزام بهذا التفاهم لم يكن مقدسا ولا محترما كليا في أي وقت فقد أدى ذلك إلى احتواء التنافس والتحقيق من حدته وإلي حصره في مواقع ضيقة، وغير مكشوفة مما أخرج الدعاة والمبشرين من دائرة التحدي والتحدي والمضاد.
بيد أنه حتى هذا الحد الأدنى من التفاهم معرض لأن تذروه رياح التنافس من جديد عندما يجد الإسلام والمسيحية نفسيهما وجها لوجه فوق أرض واحدة ووسط مجتمعات واحدة ثقافة وعادات وتقاليد وعندما يصطدم الإسلام الإفريقي بالمسيحية الإفريقية فإن منطق الصدام وأسلوب التعبير عنه ينطلق من ثقافة الصراعات القبلية الإفريقية، ومن التقاليد والعادات التي تشكل جزءا أساسيا من مكونات الشخصية الإفريقية وبما يتجاوز سماحة الإسلام ورحابة المسيحية فالعنف الدموي الذي يوافق صراعا إسلاميا – مسيحيا في نيجريا مثلا هو نفسه الذي يرافق الصراعات القبلية الأخرى التي تتفجر في نيجريا في نيجيريا أوفي سواها من الدول الإفريقية الأخرى والتي تحولت في بعض المواقع إلى مجازر جماعية قبلية بصرف النظر عن الانتماءات الدينية ويقال الشيء نفسه عن المجازر التي وقعت في أندونيسيا سواء بين المسلمين والمسيحيين في (إقليم إتشه).
إن التغيير في مقارنة المسيحية إلى شعوب العالم الثالث وسرعة انتشارها بين هذه الشعوب التي يتشكل منها العالم الإسلامي يحتم التوافق منذ الآن بين الإسلام والمسيحية على رسم الحدود للدعوة والتبشير تكون موضع التزام جاد بين الطرفين يحول دون تحويل التنافس المشروع بينهما إلى صراع غير مشروع والصراع إلى تقاتل مرفوض دينيا وحضاريا فالإسلام في القرن الواحد والعشرون ينظر إلى نفسه على أنه دين مضطهد ومدان ظلما وافتراء، ومن شأن هذا الشعور أن يضع المسلمين في حالة استنفار وتوتر دائمين ولذلك فإنهم عندما يجدون أن المسيحية تنتشر في عقر دارهم أو على حسابهم فإن هذه المشاعر المتوترة تهيئ الأرضية المواتية لبث الخلافات ولتأجيج الصراعات ولدفع العلاقات الإسلامية المسيحية إلى ما لا تحمد عقباه . من هنا فقد غدت الحاجة الماسة إلى عقد مؤتمر إسلامي مسيحي على مستوى عال من الوعي، وعلى مستوى عالمي من المسؤولية بحيث يضع الدعاة، والمبشرين في خندق واحد، وهو خندق الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ويمكن لهذا المؤتمر أن يضع شرعة إسلامية مسيحية مشتركة تتضمن منظومة أخلاقية للعمل ولمواجهة الخلافات التي قد تطرأ والتي لابد أن تطرأ بين الدعاة والمبشرين أو بين المؤمنين من هذا الجانب أو من ذلك.
وفي اعتقادنا أن العالم العربي بمسلميه ومسيحييه وبما بينهما من تاريخ وتجارب وحياة مشتركة مؤهل لأخذ زمام هذه المبادرة بما يضع العلاقات الإسلامية المسيحية في إطارها المستقبلي السليم ويشجعنا على ذلك مؤشران أساسيان:
المؤشر الأول، هو أن المجمع الفاتيكاني الثاني (1964 – 1965) تحدث عن الإسلام في القسم الثالث من الوثيقة التي صدرت عنه بإيجابية، وانفتاح، وكان من ثمرات ذلك المجمع تشكيل الأمانة العامة لشؤون الأديان غير المسيحية والتي حدد البابا يوحنا بولس السادس مهمتها في رسالة كنسية جامعة تتمثل بإجراء حوار مع المؤمنين لإرساء علاقات جديدة بين الكنيسة، والديانات الأخرى وعلى ضرورة التقارب بصفة خاصة مع المسلمين ولقد دلت تلك الرسالة لأول مرة على أن الكنيسة تعترف بمؤمنين بالله غير مسيحيين وبان ثمة أديانا غير المسيحية.
كما دلت على التوجه توجه من رأس الكنيسة (البابا) حتى قاعدتها (المجمع) إلى ضرورة الحوار والتقارب مع المسلمين.
أما الموقف الأكثر وضوحا فقد صدر في عهد البابا يوحنا بولس الثاني الذي أعلن بأن الخلاص ليس وقفا على المسيحية وحدها بل يمكن أن يتحقق من خلال إيمان بأديان أخرى متبينا في ذلك دراسة أعدتها مجموعة من علماء اللاهوت أمثال (رانير) و (فون بالتزار) و (دانيال) وقد توج البابا هذا التحول بدعوته المسيحيين إلى مشاركة المسلمين صيام اليوم الأخير من شهر رمضان المبارك (2001) وهي المرة الأولى من تاريخ الكاثوليكية، وفي تاريخ المسيحية التي تتخذ فيها مبادرة لمشاركة المسلمين في أداء ركن من أركان الدين الإسلامي.
أما المؤشر الثاني، فيتمثل بأن وثيقة الإرشاد الرسولي التي صدرت أثر عقد مجلس الكنائس العالمي (السينودس) من أجل لبنان 1995 دعت مسيحي لبنان إلى ضرورة المحافظة على علاقاتهم التضامنية مع العالم العربي وتوطيدهم كما دعتهم إلى اعتبار انضوائهم إلى الثقافة العربية التي أسهموا فيها إسهاما كبيرا موقعا مميزا لكي يقيموا هم وسائر مسيحي البلدان العربية حوارا صادقا وعميقا مع المسلمين وقالت وثيقة السينودس أيضا، (إن مسيحي الشرق الأوسط) ومسلميه وهم يعيشون في المنطقة ذاتها وقد عرفوا في تاريخهم أيام عز وأيام بؤس مدعوون إلى أن يبنوا معا مستقبل عيش مشترك، وتعاون يهدف إلى تطوير شعوبهم تطويرا إنسانيا وأخلاقيا وعلاوة على ذلك قد يساعد الحوار والتعاون بين مسيحي لبنان ومسلميه على تحقيق الخطوة ذاتها في بلدان أخرى، ومع ذلك فإننا لا ندعى أن كل شيء يسير على ما يرام ففي الأساس لا يمكن حل مشكلة لا نعترف بوجودها ذلك أن مثل هذا الإنكار هو محض خداع للنفس وهو نوع من أنواع الاطمئنان الوهمي الذي يعد البوابة العريضة التي تقود إلى أخطر أنواع القلق الذي يمثل فتيل الانفجار.
إن تعريف المشكلة هو نصف الطريق إلى حلها والتعريف يبدأ أولا بالاعتراف بعناصر المشكلة وبمقوماتها وبالمتأثرين بها بمشاعرهم، وأحاسيسهم بآمالهم وآلامهم بمعاناتهم وتطلعاتهم إضافة إلى الاعتراف بالمؤثرين فيها بحساباتهم ومصالحهم بمعادلاتهم ومواقعهم.
وبعد تحديد المشكلة انطلاقا من هذه المعطيات كلها يتحتم أن نضع المؤثر نفسه في موقع الآخر المتأثر بها وأن يجرى من ثم البحث عن الحل كل من موقع الآخر، وبذلك تكون الرؤية أكثر وضوحا، ويكون التعامل مع المشكلة أكثر موضوعية، والحكم أكثر عدالة، وإنصافا أو ربما أقل ظلما وافتئاتا وتكون المعالجة أعمق وأشمل، والالتزام بها خيارا وليس مجرد قضاء، وقدر.
إن مقاربة إشكالية العلاقات الإسلامية المسيحية ليست واجبا وطنيا وقوميا فحسب، ولكنها واجب أخلاقي وديني أيضا يقول الله تعالى في القرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع وللثقافة الإسلامية، (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون) المائدة 81 ويعنى هذا الكلام الإلهي أن مقومات الود الإسلامي تجاه النصارى ان منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون علما بأن لا رهبانية في الإسلام نفسه كما نقل الرسول محمد عليه الصلاة والسلام أن هذا الثناء القرآني على الرهبان والقساوسة يضعهم في منزلة سامية من الاحترام والتقدير عند المسلمين ويمتعهم بحصانة روحية مكينة أما المصدر الثاني للتشريع وللثقافة في الإسلام فهو أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وما أرساه من سوابق سلوكية يقاس عليها من ذلك عهد النصارى عفوا عهده للنصارى الذي وضعه في السنة الثانية للهجرة في المدينة المنورة حيث أرسى أسس الدولة الإسلامية الأولى وفي هذه الدولة الإسلامية ألزم النبي المسلمين بنص يقول في جملة ما يقوله وان احتمى راهب أو سائح في جبل أو وادٍ أو مفازة أو عمران أو سهل أو رمل أو ردنة أو بيعة فانا أكون من ورائهم ذابا عنهم كل عدة لهم بنفسي وأعواني وأهل ملتي و أتباعي كأنهم رعيتي وأهل ذمتي وأنا أعزل عنهم الأذى إلى أن يقول، ولا يغير أسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته ولا حبيس من صومعته ولا سائح من سياحته ولا يهدم بيت من بيوت كنائسهم في بناء مسجد ولا في منازل المسلمين ولا يدخل من مال كنائسهم في بناء مسجد ولا في منازل المسلمين فمن فعل شيئا من ذلك فقد نكث عهد الله وخالف رسوله ولا يحمل على الرهبان والأساقفة ولا من يتعبد جزية ولا غرمة (ضريبة رسم) وأنا أحفظ ذمتهم أينما كانوا من بر وبحر في المشرق والمغرب والشمال والجنوب وهم في ذمتي وميثاقي و أماني من كل مكروه وكذلك من ينفرد بالعبادة في الجبال والمواضيع المباركة لا يلزمهم ما يزرعوه لا خراج ولا عشر ويختم نص العهد قائلا، ( .... ومن خالف عهد الله واعتمد بالضد من ذلك فقد عصى ميثاقه ورسوله(61).
قد يكون هذا العهد النبوي الذي يلزم المسلمين حتى نهاية الدنيا مجهولا عند كثير من المسيحيين وهذه مشكلة معرفية ولكنه عندما يكون مجهولا عند بعض المسلمين أو متجاهلا منهم فإن المشكلة أكبر من هنا نحتاج مع مطلع الألفية الثالثة إلى انفتاح ثقافي يسمح بتدفق المعرفة في الاتجاهين حتى نغسل أدمغتنا من الصور النمطية السلبية التي تتحكم سواء في رد فعلنا اللاإرادي أو حتى في سلوكنا الإرادي أيضا.
(61) موطأ الأمام مالك
لقد طفنا في سماوات التصوف الإسلامي السني، العلمي الإيجابي وتجنبنا التوقف في محطات التصوف النظري الفلسفي الغنوصي السلبي .
تعرفنا على التصوف قديما وحديثا وعرفنا الغاية من التصوف، ومصادر التصوف و حلقنا طويلا في رحاب التصوف السني ثم دلفنا لظاهرة الغلو الديني ومن أشد صور المغالاة في التدين الرهبنة والرهبانية التي شاعت. وانتشرت في التاريخ القديم والتصقت بالمتدنين والدين حتى توهم كثيرون أنها من أصل الأديان السماوية لذلك حذر الشرع الحنيف، والرسالة السماوية الخاتمة منها وانه لا رهبانية في الإسلام وفند حجمها وبين أخطارها والرهبانية في الأصل اصطلاح في الديانة النصرانية ولم تكن في زمن السيد المسيح عليه الصلاة والسلام إنما ظهرت في الأوائل قي القرون الوسطى، ومرت الرهبانية بعدة مراحل، وتطورت من مرحلة إلى أخرى حتى أصبحت أحدى دعائم النصرانية ومن أهم الأفكار الرئيسية للعبادة والطاعة، والتقرب لله، والتدين لله وقام الرهبان عبر التاريخ بأعمال ومهمات في شؤون الحياة وكونوا صورة مخالفة تماما للصورة والهدف الذي ظهرت الرهبانية من اجلها وتولى كبار الرهبان ورؤساؤهم توجيه السياسة للحكومات في العصور الوسطى، وشاركوا الحكومات السلطة والنفوذ.
الفصل الخامس: التصوف اليوم دراسة نقدية
في قراءة نقدية للتصوف اليوم، تتسارع إلى الذهن صور شتى للمظاهر السلبية، التي يشاهدها الناس عند متصوفة اليوم بلا استثناء في مختلف البلاد الإسلامية.
أينما وجدت حلقة ذكر شاهدت من المنكرات التي يأباها الضمير الرباني السني، وخاصة صور الدجل، والشعوذة، والانحرافات، والتضليل، ثم التعظيم الخرافي. وعلى سبيل المثال لا الحصر تشاهد التقديس المبالغ فيه من قبل الحيران للشيخ، و"الحيران" هم أتباع الشيخ، ويطلق على الفرد منهم الحوار أو المريد، ولا بد للمريد أو الحوار أن يكون مطيعاً لشيخه كالميت بين يدي غاسله.
اليوم تشاهد هؤلاء المريدين عند قدوم الشيخ يسارعون لتقبيل يديه، ومنهم من يقبل قدميه، نساء ورجالا.
هذا التقديس المبالغ فيه ليس من الشرع بمكان، ويصدق فيهم قول الله عز وجل: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ ترَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ (سورة البقرة: الآية 165 الجزء الثاني).
وأروع وصف لهؤلاء الذين يتبعون هؤلاء الشيوخ إتباع أعمى ومضل قوله تعالى: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ (سورة البقرة : الآية 166)، وقال وهو أصدق القائلين: وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ صدق الله العظيم (سورة العنكبوت: الآية 25).
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى اعتقادهم في كرامات الأولياء. البعض من هؤلاء يعتبر الشيخ ولي من أولياء الله الصالحين، يطلبون منه ما لا يطلبونه من الله عز وجل، يأتون إليه بالهدايا، والأموال، والعطايا لينالوا بركة الشيخ، ورضا الشيخ، وبالذات المحرومين من الأولاد يبالغون في تقديم الهدايا سعياً وراء استجابة دعاء الشيخ ليرزقهم الولد، والله عز وجل يقول: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (سورة البقرة : الآية 186)، وكان حريا بهم إذا سألوا أن يسألوا الله، وإذا استعانوا أن يستعينوا بالله.
وإذا ما مات هذا الشيخ أو هذا الولي، بنوا لقبره قبة من أكبر القباب، وصار مزاراً يزار، وترى في قبره تتمسح النساء بجدران القبر يطلبون من هذا الولي الولد أو البنت، ويختلط الرجال بالنساء في مزاحمة يقدمون القرابين تقرباً إلى هذا الولي زلفاً، وكل هذا ليس من آداب الإسلام، ويصدق فيهم قول الله عز وجل: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (سورة العنكبوت : 41).
وأختم بالمواليد، ففي مولد السيد النبوي، أو السيدة زينب في القاهرة في مصر في حلقات الذكر يختلط الرجال بالنساء، والشباب بالشابات، وترتكب الفحشاء، وتباح الرذيلة، وتوئد الفضيلة، فهذه الصور القبيحة تسيء إلى التصوف أولاً وتخرجه من معناه ومغزاه، ثم تسيء إلى الإسلام ثانياً بصفة عامة.
فالتصوف الإسلامي أكبر من كل هذا، وأسمى من كل هذا، فهو سمو روحاني رباني، وقيم إنسانية وجدانية دينية تحلق في سماوات الذكر والتسبيح والتهليل، في أخلاق وآداب محمدية ربانية، تتمسك بهدى الكتاب والسنة.
والتصوف الإسلامي أخلاق وشمائل رقيقة ودقيقة، في معاني الظاهر والباطن، لا تعرف الشطح والانحراف، بل تتقيّد بمعالم الطريق المستقيم الذي يهدي ولا يضل، دعواهم فيها سبحانك اللهم، وتحيتهم فيها سلام، وآخر دعواهم أن الحمدُ لله رب العالمين.
الخاتمة:
أما بعد.
فإن من أهم النتائج التي توصلت إليها أن الأشياء تعرف بأضدادها. صحيح أن تجربة الصوفية ستبقى وتظل تجربة فردية شخصية جوانية وجدانية، وللحكم عليها أو لها انظر إلى خصومها.
فإذا كان خصماء الصوفية اليوم هو الوهابية، فللوهابية إيجابيات وسلبيات، وخصومها – أي الوهابية – اتهموها بأن جماعات التطرف التي أثارت الذعر، والرعب، والفزع، والهلع في العالم خرجت من عباءاتها، وذهب البعض بعيداً يتحدث عن صدام الحضارات، ونهاية التاريخ... الخ من دعوات العولمة التي تعج بها الساحة في أيامنا هذه.
يبقى إذن الأمر ليس صراعاً بين الحضارات أو حرب بين الإسلام والغرب، بل هي حرب كل العالم المتحضر ضد المتطرفين أياً كان دينهم، هؤلاء الذين يهاجمون القيم التي يشترك فيها معظم سكان العالم، الأمر الذي جعل كثير من المراقبين في العالم اليوم يتجهون بأبصارهم تجاه التصوف ينشدون الخلاص في تعاليمه السلوكية، والأخلاقية، والاجتماعية، والدعوية والتربوية، فالمتصوفة انتشروا في العالم الإسلامي ليس من خلال السيطرة السياسية، ولكن من خلال المشكلات الاجتماعية مثل الصحة، والتعليم، ومحاربة الفقر، والاندماج مع السكان. ولهذا يستطيع المتصوفة أن يلعبواً دوراً كبيراً في بناء جسور بين الثقافات والمجتمعات والدول المختلفة، ويستطيعون بصفة خاصة أن يجعلوا الإسلام يزدهر دون سيطرة دول معينة. فإذا أُعطي الصوفيون الفرصة والتشجيع، فإنهم قادرون على تحقيق الكثير بطريقة سليمة وسلمية سلسلة، وبنقلة إنسانية وحضارية.
ولقد قال أحد المستشرقين الأوائل في أوروبا(62): "إن الصوفيين ليسوا بحاجة إلى نشر حبهم القلبي بالسلاح، فليس لديهم جيش، ولكنهم يستخدمون أدواتهم الروحية في علاقاتهم بالآخرين"
(62) المرجع مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية، إدارة البحوث والدراسات، وحدة دراسات العالم الغربي
بناءاً عليهم كسبوا أعداداً هائلة لطريقتهم في أفريقيا السوداء، وفي آسيا الوسطى، وفي إندونيسيا، وجنوب شرق آسيا، وتركيا، وحتى أوروبا.
وهكذا يحقق الصوفية المسلمون، وإلى أعلى درجة، ذلك المجتمع المفتوح "Sociétéouverte" الذي تحدث عنه برجسون في كتابه المشهور "ينبوعاً الأخلاق والدين"، لأنهم منفتحون على كل التجارب الدينية الإنسانية، متعاطفون مع سائر التيارات الروحية، مستشعرون للأخوة الإنسانية الجامعة بين الناس جميعاً على اختلاف الأزمنة والأمكنة.
ويمتاز التصوف بنزعة إنسانية عالمية منفتحة على سائر الأديان والأجناس بصفة خاصة.
وإن الإسلام في جوهره بصفة عامة ديناً منفتحاً على كل الناس وكل الأجناس، لا فرق عنده بين مسلم ومسلم يختلفان جنساً أو لغةً، مكاناً أو زماناً.
فإن الصوفية المسلمين قد وسعوا من الآفاق التي يستشرف إليها الإسلام، فامتدوا بها إلى معتنقي الأديان الأخرى يدعونهم بالحسنى، والرفق واللين، لهذا هم هائمون يسبحون في سماوات أذكارهم وحلقات ذكرهم، حيث النوبة، والطار، وأناشيدهم ومدائحهم الشجية التي ينجذبون بها، ويجذبون إليها كثير من الأوروبيين الذين تجذبهم هذه الموسيقى الساحرة، فتسكرهم بلا خمر، وتفعل الأفاعيل في الوجدان دون أن يدري الفرد منهم معنى كلماتها، ولكنه يتفاعل مع دغدغاتها التي تمس أوتار أحاسيسه الداخلية الربانية، فيستسلم لها في عنفوان إنساني عجيب.
إن إفرازات العولمة، وطغيان التقنيات الحديثة، ورفاهية العيش والحياة، جعلت الكثيرين يتحللون ويتساهلون في التمسك بالآداب الدينية. ففي ظل هذا الصراع المحموم بين الروح والمادة يحاول الصوفي أن يصل إلى المستوى الذي يطلق عليه الإنسان الكامل، وفي هذه المسائل يتكون التراث الصوفي من ثلاث مراحل من الالتزام الديني:
1. علم اليقين: الإيمان القوي من خلال المعرفة.
2. وعين اليقين: الإيمان من خلال الملاحظة.
3. وحق اليقين: الإيمان من خلال التجربة.
والمرحلة الأخيرة هي أعلى شكل، وتوصف أيضاً بمرحلة الله، والتي لا يمكن تحقيقها من قبل كل الصوفيين مع أن كل المتصوفة يسعون إلى الوصول إليها.
وفي سبيل الخلاص من صراع الروح والمادة، يمزج المتصوفة بين علم الشريعة والحقيقة تقيداً بالكتاب والسنة، فيعضون بالنواجز على شعارهم الكبير ألا وهو الإحسان، أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
ثانياً: خلصت إلى قيمة التسامح التي يتميز المتصوفة بها. إن التسامح الذي عُرِفت به إسبانيا المسلمة، وأعني دولة الأندلس، كان قمة الحضارة والرقي الإنساني.
هذا التسامح الصوفي نحن في أمس الحاجة إليه اليوم، ليس نحن في العالم الإسلامي فقط بل العالم بأسره، والإنسانية جمعاء تحن إلى لغة التسامح الذي يغسل أدران الحقد والكراهية، والعنف، والدم. ويمكن إجمال النتائج التي توصل إليها الباحث كالآتي:
1. لقد استعادت التجربة الصوفية صفاءها، ونقاءها، وجمالها، وبهاءها، وإشراقها وأهميتها، وبدأت تتألّق من جديد بعد أن ألقت ذلك الركام الذي ران عليها، وهكذا بدأت التجربة الصوفية الروحية تسير في طريقها، وهي في حقيقة الأمر تحتاج إليها المجتمعات، وخاصة تلك التي غرقت في لجى الرفاهية والمعيشة الرغيدة في عصر أثقلته المادة بزخمها وضجيجها، فإن هذه التجربة – مع ما كانت تنطوي عليه من انحرافات – فقد كانت خير علاج لبعض الأمراض الاجتماعية والأخلاقية، ولأجل ذلك تحتفظ كل التصوفات العالمية بها ولا تدعها تذوب وسط أضابير التقدم والتطور المشهود، وإن كان علماء المسلمين لم ينظروا إليها، أي إلى هذا الجانب، كنظرتهم إلى أن التصوف باعتباره علماً من علوم الشريعة وهو استمداد روحي من الرعيل الأول من السلف الصالح، وهو ما كان معروفاً بالزهد آنذاك.
2. تحديات العنف والعنف المضاد أفضل دواء لها يمكن أن يكون ترياقاً ناجعاً وعملياً هو خلق التصوف المثالي الإنساني المتمثل في التسامح عملاً بقوله تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (آل عمران: 134)، وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (فصلت: 34-35).
3. إن التصوف الإسلامي بجمالياته الأخلاقية ودوره الاجتماعي والأدبي، يمكن أن يكون جسراً حضارياً وإنسانياً بين الشرق والغرب.
وما هو الحل؟
يقترح الباحث أن يقوم العلماء، والمفكرون، والباحثون في العالم بلا استثناء بتنظيم مؤتمرات للحوار الحضاري، شريطة تفعيل النتائج الهامة التي تخرج بها هذه الحوارات إلى ثمار حقيقية تكون في متناول يد كل من يقصدها.
يمكن للصوفية أن تصبح عنصراً مهما في علاقة إيران بالعالم الخارجي على الصعيد الفكري، والروحي، والثقافي والسياسي، وذلك لثراء تراثها في الثقافة الإسلامية الفارسية، حيث يستطيع التصوف الفارسي أن يعمل كجسر ومصدر للإلهام للمجموعات والحركات الأخرى فيما وراء إيران في أماكن مثل طاجيكستان والشيشان.
وبهذا النطاق يستطيع التصوف أن يوفر إمكانات لعلاقات إيران مع جمهوريات آسيا الوسطى، وكذلك أفغانستان، وبصفة خاصة مع مناطق مثل البلقان، وسمرقند، وهرّات وخوارزم.
ويتقرح الباحث أن يقوم بعض الباحثين بدراسة هذه المواضيع:
1. التصوف يمثل الوسطية والاعتدال وينبذ التكفير والتفجير.
2. إن العالم لم ينعم بالسلام ما لم يتم ردم الهوة بين المعسكرين: معسكر المادة ومعسكر الروح، ويتم ذلك ببناء جسر متين يسهل حركة المرور بينهما لمصلحة الطرفين.
3. المستقبل لمن؟ للوهابية أم للصوفية؟ وهذا الصراع المرير بين الوهابية والصوفية إلى أين؟ وهل يمكن أن يحدث في المستقبل تفاهم وتقارب بين الصوفية والوهابية، أم أن هذا ضرب من ضروب المستحيل؟
4. تعزيز الصلة بين الشرق والغرب في فهم متبادل، وتعاون لأبعد مدى ممكن، ونبذ مقولة "الشرق شرق، والغرب غرب، ولن يلتقيا أبداً.
ومسك الختام خاتمة الصلاة في الإسلام السلام.
المصادر والمراجع
1. نقد الإمام ابن تيمية للثقافات التحريفية في عصره، الغلو الديني نموذجاً (رسالة ماجستير) إعداد عرفات كرم، الجامعة الإسلامية العالمية، ماليزيا، شباط 2000م.
2. التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق، الجزء الأول والثاني، الدكاترة زكي مبارك، الناشر مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، دون سنة.
3. مقامات الصوفية، شهاب الدين السهروردي، تح د.إميل معروف، دكتوراه في الفلسفة من جامعة كمبردج، ط 2، 2004، دار المشرق، بيروت.
4. التصوف بين الغزالي وابن تيمية، الدكتور عبد الفتاح محمد سيد أحمد، ، ط1 ، 2000، دار الوفاء، المنصورة، مصر.
5. أبو نصر السراج الطوسي : اللمع _ تحقيق : د. عبدالحليم محمود وطه عبدالباقي مكتبة الثقافة الدينية _ القاهرة _ مصر (د.ت)
6. كتاب عوارف المعارف، شهاب الدين السهروردي، ضبط: محمد عبد العزيز الخالدي، ط1، 1999، دار الكتب العلمية.
7. الإسلام وتحديات العصر، الدكتور حسن صعب، دار العلم للملايين، بيروت: ط6، 1983.
8. حوار الحضارات والمشهد الثقافي العربي، مراجعة وتقديم خالد، تأليف: عدة باحثين راجعه وقدم له: خالد الكركي بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2004.
9. شراب الأرواح للإمام محمد ماضي أبو العزائم،ط4 دار الكتاب الصوفي و دار المدينة المنورة،1996، القاهرة.
10. الصوفية والتصوف، محمد ماضي أبو العزائم،ج1 من سلسلة كتب الإسلام، الكتاب السادس عشر، 1423 ه، دون دار نشر و لا سنة.
11. طبقات الصوفية لأبي عبد الرحمن السلمي المتوفى في سنة 412ه، تحقيق نور الدين شريبة من علماء الأزهر، دار الكتاب النفيس، دت.
12. التصوف السني: حال الفناء بين الجنيد و الغزالي، تصدير الأستاذ الدكتور عاطف العراقي، تأليف الدكتور مجدي محمد إبراهيم، مكتبة الثقافة الدينية، ط1، 2002، القاهرة.
13. نحو قراءة منهجية للتراث الصوفي الإسلامي، دكتور أبو يزيد العجمي، كلية دار العلوم، ، حوليات دار العلوم العدد 16 ، مطبعة جامعة القاهرة 1994، القاهرة.
14. عبد الخالق ، عبد الرحمن ، الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة ، ط4 ، دار الحرمين ، 1413ه/1993م.
15. المجلة العلمية للمجلس الأوروبي للافتاء والبحوث، العدد الثاني والثالث عشر، تموز 1 يوليو 2008م/رجب 1429ه، بيروت.
16. نيو كاسون (رينولد-أ) في التصوف الإسلامي وتاريخه، ترجمة دكتور أبو العلا عفيفي، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، 1375ه/1956م.
17. التصوف طريقاً وتجربة ومهذباً، تأليف الدكتور محمد كمال جعفر، الكتب الجامعية، القاهرة، 1970م.
18. التصوف في الإسلام متابعة وأطوار، تأليف محمد الصادق عرجون، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، 1948م.
19. المقدمة المؤرخ عبد الرحمن خلدون، دار الشعب، د.ت.
20. تاريخ التصوف الإسلامي، تأليف الدكتور عبد الرحمن بدوي، وكالة المطبوعات، الكويت، الطبعة الثانية، 1978م.
21. دراسات في التصوف الإسلامي شخصيات ومذاهب تأليف الدكتور جلال أبو الفتوح شرف ، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 1986م.
22. احمد محمود صبحي، التصوف إيجابياته وسلبياته، دار المعارف، سلسلة كتابك، دت.
23. علم القلوب، أبو طالب المكي محمد بن عطية الحارثي، تحق: عبد القادر أحمد عطا، دار الكتب العلمية، 2004، بيروت
24. مدخل إلى التصوف الإسلامي، دار الثقافة للطباعة والنشر، القاهرة، 1974م.
25. أصول التصوف الإسلامي، تأليف الدكتور حسن الشرقاوي، مطابع جريدة السفير، الإسكندرية، 1986م.
26. مجلة التصوف الإسلامي، العدد (8)، السنة 14، بتاريخ 4 فبراير 1992م.
27. مدخل إلى التصوف الإسلامي، دكتور أبو الوفا الغنيمي، التفتازاني أستاذ الفلسفة الإسلامية والتصوف بكلية الآداب جامعة القاهرة، 1979م.
28. الفلسفة الصوفية في الإسلام، الدكتور عبد القادر محمود، دار الثقافة للطباعة والنشر بالقاهرة، دت.
29. البحث العلمي وأساسياته النظرية وممارساته العملية للدكتورة رجاء وحيد الدويدي ط1، دار الفكر 2000م، دمشق.
30. قناة الجزيرة، نشرة الأخبار، الدوحة، قطر.
31. مرجع وحدة الوجود في الفكر العربي الله، والإنسان، والعالم الراشد محمد د.م: منشورات اتحاد الكتاب العربي، د.ط، 1985م
32. أبو الريحان البيروني، تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة. تق محمود علي مكي. القاهرة 2003 . طبعة الهيئة العامة لقصور الثقافة . مصورة عن طبعة دار المعارف العثمانية بحيدر أباد / الهند 1958
33. ، الكلاباذي ( أبوبكر محمد بن اسحاق) : التعرف لمذهب أهل التصرف _ طبعة الخانجي دون سنة.
34. محمود شلتوت ، الإسلام عقيدة وشريعة، ط8 دار الشروق 2001، القاهرة.
35. الغزو الثقافي للأمة الإسلامية، ماضيه و حاضره، منصور عبد العزيز الخريجي، دار الصميعي ، الرياض، ط2، 1420ه
36. تلبيس إبليس، ابن الجوزي، تحقيق و تعليق أيمن صالح شعبان، دار الحديث، القاهرة، 2003.
37. الإسلام دين الإنسانية، آنا ماري شيمل،ط2، القاهرة، 2003.
38. تجديد الفكر الديني، محمد إقبال، تر عباس محمود العقاد،دار الهداية، ط2، 2000، القاهرة.
39. الأخلاق في الإسلام، عبد القادر حاتم، ط1 ، الهيئة العامة المصرية للكتاب،2003
40. الرسالة القشيرية ص 20 القاهرة سنة 1959م، مطبعة الحلبي
41. تاريخ التصوف الإسلامي من البداية حتى نهاية القرن الثاني تأليف الدكتور عبد الرحمن بدوي الناشر وكالة المطبوعات– الكويت، دت
42. الفلسفة الإسلامية و ملحقاتها، عمر رضا كحالة، مطبعة الحجاز، دمشق، 1974
43. أدب الدين و الدنيا، الماوردي، تح مصطفى السباعي، دار الكتب العلمية، ط4، 1978
44. الحقيقة التاريخية للتصوف الإسلامي، محمد البهلي النيال، مكتبة النجاح، تونس، 1965
45. معجم المصطلحات الصوفية، أنور فؤاد أبو الحزم، مكتبة لبنان، ط1 ، 1993ن بيروت
46. العقل الصوفي في الإسلام، علي شلق، دار المدى، ط1، 1985، ش م م
47. مصرع التصوف، برهان الدين البقاعي، ط1 دار الكتب العلمية، بيروت، 1980
48. ،دار المنار الحديثة، شبرا، مصر
49. جاء هذا في مرجع عبد الرحمن بدوي موسوعة الفلسفة 1/138 وما بعدها، وانظر له خريف الفكر اليوناني صفحة 165 المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 2002
50. ج.ج. كولتون: عالم العصور الوسطى في النظم والحضارة ترجمة جوزيف نسيم يوسف (الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، د.ط، 1989م) ص 310. والتعريف المذكور هو للدكتور ماك تاجارت
51. جاء هذا في مرجع ابن عربي: الفناء في المشاهدة الرسالة الأولى من رسائل محي الدين ابن العربي مرجع إليكتروني بدون تاريخ
52 . فتاح عرفان عبد الحميد نشأة الفلسفة الصوفية وتطورها.
53. رسائل أخوان الصفا دار صادر للطباعة والنشر تاريخ النشر 01/02/2004
54. آلام الحلاج ماسينيون
La Passion de Husayn ibn Manşūr Hallāj: Martyr Mystique de L'Islam. Exécuté à Bagdad, le 26 Mars 1922.
نسخة إليكترونية
55 الفتوحات المكية مصدر سابق
56. غنّام طلعت أضواء على التصوف عالم الكتب 1979
57. هدايت خان شمس الحقائق(مختارات من كليات ديوان شمس التبريز) ص 257 طبعة تبريز 1316 شمسية.
58. البارزاني عرفات كرم مصطفى نقد الأمام ابن تيميه للثقافات التحرفية في عصر الغلو الصوفي نموذجا مصدر سابق
59. البحوث والرسائل الجامعية قواعد وتقنيات إعداد : د. محمد عبد العزير لبيب منشورات المعهد العالى للتنشيط الثقافى 1990م.
60. اعداد الباحث العلمى – ليسانس – ماجستير –دكتوراة : د. غازى حسين عنابة بجامعة الامير عبد القادر للعلوم الإنسانية بقسطنطينية بالجزائر- الناشر مؤسسة شباب الجامعة للطباعة والنشر 39472 الاسكندرية 1986م -1406ه.
61. مدخل الى البحث العلمى لكتابة الرسائل الجامعية. د. على إدريس- الدار العربية للكتاب .
62. منهجية البحث العلمى : الطرق العلمية للتحضير وتحرير الأبحاث والاطروحات الجامعية مع ملحق حول تنظيم مكتبة المعلومات والارشيف الصحفى. الدكتور سعيد البستانى استاذ القانون فى الجامعة اللبنانية استاذ سابق فى الصحافة والقانون فى الجامعات والمعاهد المغربية – مؤسسة نوفل – بناية نوفل شارع العامارى بيروت – لبنان.
63. مناهج البحث العلمى وتطبيقاتها فى ميدان العلوم القانونية والادارية – دكتور عمار عوابدى – ديوان المطبوعات المركزية – بن عكنون – الجزائر.
65. انظر مقال الواعظ المسيحي الشهير الدكتور بلي جريهام Vacations from Decency Dr. Billy Graham This Week magazine بتاريخ الثالث عشر من مارس/آذار سنة 1955م.
66. أنظر مجلة الأخبار البيروتية عدد الحادي عشر مارس آذار 1955م
67. موطأ الأمام مالك بدون تاريخ
68. مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية إدارة البحوث والدراسات وحدة دراسات العالم الغربي ، فهم بدون تاريخ
69. فهم الصوفية واستشراف أثرها في السياسة الأمريكية كتب التقرير
Tobias Helmstrof, Yasmin Sener and Emmet Touhy مارس 2004م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.