د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    إبراهيم شقلاوي يكتب: يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقفة مع الذات للإمام الصادق المهدي في ذكرى ميلاده للعام 2012م
نشر في سودانيل يوم 25 - 12 - 2012


بسم الله الرحمن الرحيم
ذكرى ميلاد 2012م
الإمام الصادق المهدي
مقدمة:
لم أحتفل بميلادي أبدا، ولكن أمي عليها الرضوان سنته، وواصلته أسرتي ومكتبي. وهي بدعة اجتماعية لا تشوبها حرمة، فالبدعة المنكرة هي في ثوابت الدين، أما المعاملات فلا، وإن طبقت على المعاملات منعت حركة المجتمع، وهي حركة وصف الإمام المهدي حقيقتها بقوله: لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال، وهي مناسبة لا لمجرد الاحتفال بل لوقفة مع الذات لعام مضى وعام آتٍ.
أنا شخص يسعى لتحقيق المعادلة الذهبية بين اتهام للنفس لا يورث العجز، وثقة في النفس لا تورث تضخم الذات.
إن البشر خطّاءون حتى أن أزكاهم نفساً لا يدعون الكمال بل قال قائلهم من الصالحين: لقد اصبح بي من نعم الله ما لا أحصيه من كثرة ما أعصيه فلا أدري أيهما أشكر؟ أجميل ما ينشر أم قبيح ما يستر؟
ومهما كثرت عيوبي فهي تدفعني لطلب الحسنات (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) [1]، ومهما قعدت بي الطينية على نحو مقولة التجاني يوسف بشير:
عَلَقتَني مِن ظُلمة الطِين ما أَقعَدَني عَن رِحابك البَيضاء
فإنني أقاومها مستلهما مقولة الجيلاني: (المؤمن لا يستسلم للقدر بل ينازع القدر بالقدر)، مقولة رددها محمد إقبال: المؤمن القوى يعتقد أنه قدر الله الذي لا يدفع.
1. أتأمل مرور عام على انفصال جنوب السودان وأذكر أن حزبنا عمل كل ما في وسعه لتجنب ذلك:
- (1947م): في مؤتمر جوبا وعد السيد محمد صالح الشنقيطي ممثلي الجنوب بمراعاة أهل الشمال لظروفهم، ما كان له أثراً حميداً في قبولهم للمصير المشترك.
- (1955م): قاد حزبنا الوعد لأهل الجنوب بالنظام الفدرالي لدى كتابة الدستور فانضموا للدعوة الاستقلالية.
- (1955م): وعبر المائدة المستديرة، ولجنة الاثنى عشر، ثم مؤتمر أحزاب السودان خطط حزبنا لنظام حكم ذاتي إقليمي قبله ممثلو الحركة السياسية الجنوبية.
- (1986م): كنا الحزب الكبير الوحيد المشترك في إعلان كوكادام.
- (1989م): خططنا لمؤتمر قومي دستوري لحسم الإشكال دون حاجة لتقرير مصير أو لوسيط أجنبي.
- (1995م): وبعد الانقلاب كنا العنصر الأكثر عطاءا في قرارات مؤتمر القضايا المصيرية.
- (2005م): انفرد حزبنا بدراسة موضوعية لاتفاقية السلام وقدر أنها حبلى بالعيوب ولن تحقق أهدافها الثلاثة: السلام، والوحدة، والتحول الديمقراطي.
هذه المجهودات باءت بالفشل، لأن الانقلابات وحكومات الطغيان اتبعت سياسات طاردة رجحت الانفصال على الوحدة على نحو ما بينا في كتاب (ميزان المصير الوطني)، والآن نعمل لمحاصرة الاختلافات، وحصر السيادة المستقلة في البلدين في إطارها السياسي، بينما تتسع العلاقات في الإطارات الثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية، وأن نجعل وجه الشعب السوداني المتجه نحو الجنوب مختلفاً من وجه الحكومة ذات السياسات الطاردة، وذلك لتصير العلاقة مع الشعبين السودانيين واصلة حتى إذا كانت في مستوى الحكم فاصلة، وجدير بنا للتوثيق للأجيال القادمة أن نحدد المسئولية عما حدث والمطلوب لاحتواء نتائجه السلبية.
2. اثناء هذا العام زادت الحالة في السودان سوءاً واتسعت جبهة المعارضة اتساعاً، وعاب علينا بعض الناس قلة الحماسة للإطاحة بالنظام. نحن ملتزمون بالعمل لإقامة نظام جديد، وقدمنا قبل أكثر من عام مشروعاً للخلاص الوطني. مشروع حدد السياسات البديلة والنظام البديل، وحدد وسيلتين لتحقيق ذلك هما: الاقتداء بما حدث في جنوب أفريقيا عام 1992م، أو إذا حال الانفراد والعناد دون ذلك الانتفاضة بأساليب مدنية تتجنب العنف والاستنصار بالأجنبي على ألا نقدم على ذلك إلا بعد أن يتحقق الاتفاق القومي على سياسيات وهياكل النظام الجديد.
3. كذلك مضى عام على الفجر العربي الجديد، وكنا قد أعلنا في البحر الميت في يناير 2008م إعلانا بيانه: أن بين الحكام والشعوب العربية احتقاناً يوجب حواراً جاداً لتحقيق إصلاح سياسي ديمقراطي وإلا انفجرت الأوضاع، بيان أُهمل فحدث الانفجار، ثم ولدى حدوث الثورات كتبت كتاباً بعنوان (معالم الفجر الجديد) اقترحت إجماع القوى السياسية بعد الثورة على ميثاق يوفق بين التأصيل والتحديث لتجنب تأصيل غافل عن العصر، وتجنب تحديث غائب عن وجدان الشعوب ولكن هذه المقترحات لم تجد اهتماماً وانصرفت القوى السياسية إلى خوض الانتخابات قبل إبرام ذلك الميثاق وقبل الاتفاق على الدستور الذي يجسد ذلك الميثاق ولذلك صارت كافة مفردات العمل العام خلافية أنتجت استقطابا حادا.
لقد حاولنا بمؤتمرات في القاهرة وفي تونس أن ننبه لإستحقاقات الاستقرار والوحدة الوطنية في ظل البناء الديمقراطي دون جدوى، لأن فجوة الثقة بين الأطراف صارت كبيرة للغاية، ومع ذلك سوف نواصل مجهوداتنا لتجسير فجوة الاستقطاب، وتمكين التجربة في مصر وتونس أن تصير قاطرة للتأصيل والتحديث والتحول الديمقراطي في المنطقة. الفجر العربي الجديد حرر الشعوب، وكسر حاجز الخوف، ولكنه الآن يعاني من حاجز جديد هو حاجز عدم الثقة.
إننا إذ نهنئ أهلنا في مصر على الإنجاز الدستوري والاستفتاء الآمن نتطلع أن تستدرك القيادة ما فاتها من عمل على تحقيق التوافق الوطني لأن الأمن، والتنمية، والعلاقات الدولية السوية تتطلب الوحدة الوطنية وسوف نكون آلية عالية المستوى للمتابعة والمناصحة.
4. كانت رحلاتي هذا العام بمعدل رحلة خارجية لكل شهر وهي رحلات انتقدها بعض الناس على وزن كتاركة بيضها في العراء وحاضنة بيض الأخرى. إن الانشطة الإقليمية والدولية في حد ذاتها مهمة للغاية لأن مصالح العالم صارت متداخلة بصورة منقطعة النظير، ولكنها في الشأن السوداني تكتسب أهمية خاصة لأن فشل النظام في إدارة وطنية قومية لمشاكل السودان جعلها كلها مدولة يدل على ذلك أن كل اتفاقيات السلام إبرامت في عواصم خارجية وبوساطات دولية، وأن السودان صار ملاحقا – 47 قراراً دولياً- وأن قيادات البلاد ملاحقة دولياً وأن البلاد تستضيف أكثر من 30 ألف جندي أجنبي.
رحلاتي لا تنطلق من مجرد فوائد السفر المعروفة كما أوصى النبي (ص) فيما روى أبو هريرة: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ رَحْمَةَ اللَّهِ لِلْمُسَافِرِ لأَصْبَحَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَلَى ظَهْرِ سَفَرٍ). وهي مقولة جرت على لسان الإمام الشافعي:
تَغَرَّب عَنِ الأَوطانِ في طَلَبِ العُلا
وَسافِر فَفي الأَسفارِ خَمسُ فَوائِدِ
تَفَرُّجُ هَمٍّ وَاِكتِسابُ مَعيشَةٍ
وَعِلمٌ وَآدابٌ وَصُحبَةُ ماجِدِ
رحلاتي هذا العام كسابقاتها لحضور مؤتمرات أو لقاءات متخصصة، وقد بينت أغراضها في حينها ليعلم الناس كيف أنها كلها تهتم بالسودان بصورة مباشرة أو غير مباشرة فالسودان ليس وطنا نسكن فيه بل وطن يسكن فينا.
الرحلة الأخيرة كانت لحضور جمعية نادي مدريد العمومية في ولاية اركنسو في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية. وفيها قررنا توسيع تحالفات نادي مدريد تشبيكا لمنظمات ذات أغراض مماثلة، سعياً لعمل مشترك نحو حوكمة عالمية، وعلى هامش الاجتماع حضرنا مؤتمراً بخصوص تمكين المرأة، فيه أوضحت ما ينبغي فعله لتحقيق ذلك، وبينت كيف أن السعي النظري لإعلاء مكانة المرأة يجد نقضاً من ممارسات عملية، فالدعايات التجارية تبيع سلعها بعرضها إلى جانب نساء حسناوات.
قلت إن الحسن موهبة عظيمة ولكن تسليع المرأة الحسناء بهذه الطرق إنما يعزز النظرة الجسدية لها والنظر إليها كسلعة استهلاكية.
إن تسليع المرأة يهدم كرامتها الإنسانية، وتحدثت أن ثقافة العرى السائدة في الإعلام تمثل تحرشاً جنسياً وتشجع على الجرائم الجنسية كالاغتصاب.
وفي يوم وصولنا لأمريكا حدثت في مدينة نيوتاون جريمة قتل جماعية إذ اطلق شاب النار على مدرسة فقتل من طلبتها والاستاذة 20 شخصاً، وبينت الإحصاءات أن جرائم القتل الجماعي هذه ترتكب مرة كل أسبوعين، وأن مائة ألف يقتلون بوسائل مختلفة في السنة، ههنا أيضا إذا عرف السبب بطل العجب فالأفلام والمسلسلات وأفلام الكرتون تبث ثقافة العنف بصورة مكثفة ما يشيع العنف بين الناس فيمارسونه.
كما أن الشكوى المستحقة من ممارسات الإرهاب تركز على علاج الأعراض لا الأسباب فهي جميعا تنشأ من مظالم معينة. وهي كذلك بدأت في تعاون بين النشطاء فيها وأجهزة غربية رسمية لتحقيق أهداف مشتركة ثم اختلفت الأهداف فوجه النشطاء اسلحتهم وأساليبهم نحو حلفاء الأمس.
وتناولنا الملف الديمقراطي وقلنا إن التجربة الغربية اللبرالية ناقصة، فالشباب انطلق في ألف مدينة غربية احتجاجاً على المظالم الاجتماعية، فالديمقراطية السياسية ضرورية ولكن ليست كافية بل ينغبي أن تصحبها ديمقراطية اقتصادية، وديمقراطية بيئية تعني بسلامة البيئة، وديمقراطية ثقافية تحترم التنوع الثقافي.
هذا النقد لتجربة الحضارة الغربية لا ينكر إيجابياتها الرائعة، ولكنه يقول إنها ضرورية ولكن ليست كافية.
بعض المنكفئين يرموننا بالانحياز للغرب وهم في كل مفردات حياتهم يحرصون على منتجات تلك الحضارة، من الكهرباء واستخداماتها إلى المواصلات الآلية وثورة المعلومات والاتصالات، ومع ذلك يقولون إن الغرب شر كله غافلين عن ما جاء في الأثر إن: (الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا) [2] بل غافلين عن مقولة النبي (ص) الإيجابية عن الروم أي الغربيين فيما روى مسلم في حديث رقم (5289). أشاد بهم: (لإِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالًا أَرْبَعًا: إِنَّهُمْ لَأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وَأَسْرَعُهُمْ إِفَاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ، وَأَوْشَكُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ، وَخَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ وَيَتِيمٍ وَضَعِيفٍ، وَخَامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ).
إن الصحوة التي ندعو لها خلاصتها: أن نتجه لهداية الوحي نابذين قيود التقليد مكتفيين بالقطعيات، وما يؤكده الإلهام والعقلانية، وأن نستصحب العلوم والتكنولوجيا الحديثة، وأن نعمل ليستصحب الغربيون الروحانية والأخلاقية الكامنة في حضارتنا.
لا أشقى بظلم المنكفئين وحدهم، بل بظلم آخرين، لقد تأملت خلافات من اختلفوا معي ووجدتهم في كل حالة كانوا لي ظالمين ولم أظلم منهم أحداً. بعضهم بعد أن أشبعني سبا جاء واعتذر ولكن آخرين ما زالوا يكابرون، وسوف أقدم دفتر حسابي مفصلاً ليعلم الكافة أني في خلافاتي مع الآخرين ظُلمت ولم أظلم أحدا، ولعل هذا هو سبب ما نعمت به من محبة بلا حدود تعوض أضعاف المرات بغض الكارهين، محبة ليست مجرد عاطفة بل:
- لأن أدائي في الحكم التزم بالجدية والعفة في إدارة المال العام وكفالة حقوق الإنسان.
- كنت ولا زلت أكثر الناس عرضة لإغراءات سلاطين الطغيان ولكنني مهما كان الإغراء لم أمنح نظمهم شرعية.
- وكان لي دوراً مفتاحياً في الانتفاضات الديمقراطية.
- وفي إدارة الحزب وكيان الأنصار طورت قواعد العمل العام بصورة مؤسسية تشرك الكافة في القرارات وتوجب الانتخاب لولاة الأمر، وتدخل أبعاداً جديدة في إدارة العمل العام من فكر وثقافة وانفتاح إقليمي ودولي، بينما المخالفون في كل حاجة فارقوا المؤسسية وغرقوا في الأهواء الشخصية والأطماع الذاتية، وصار بعضهم افتقاراً للحجة يرميني تارة بالشيخوخة وتارة بالدكتاتورية، وهم يعلمون أنني في إدارة مجالس الوزراء وفي إدارة المؤسسات السياسية بل والأنصارية لم انفرد أبداً بقرار، وحرصت دائما أن يكون القرار جماعيا مؤسساً على التراضي، (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) [3].
- صحيح قد تقدمت في السن، والأعوام التي قضيتها في القيادة 80% منها في الأسر والحرمان، ومع سني هذه أشعر بأن عطائي يزيد لا ينقص في المجالات المختلفة. وفي مجال الفكر أطلقت هذا العام أربع إصدارات: معالم الفجر الجديد، وأيها الجيل، والإصلاح ومرجعيته وضرورته وآفاقه، والواقع المأزوم والمستقبل الواعد، إضافة للعديد من المحاضرات التي ألقيتها داخل وخارج السودان.
كتاب (أيها الجيل) تفاكرت مع أصدقائي، وأخص بالذكر على مهدي وراشد دياب، أن ندشنه في حشد شبابي قومي في مركز راشد دياب ليعطي الوالدين بوصلة في تربية الأطفال، ويعطي الشباب مرشداً حياتياً.
ومع أنني أشجع إقدام القيادات في كافة مؤسساتنا، فإن عطائي يحجب عطائهم، لذلك في المجالات الخمسة التي أعمل فيها قد قررت أن أركز على تدريب كوكبة بصورة مكثفة لتنتخب المؤسسات المعنية قيادتها من بينهم أو بينهن ليتولوا القيادة وأنا في قوة عطائي.
هذا هو برنامجي الأهم في الفترة القادمة، وسوف تكون هذه التجربة فريدة في ثقافة الخلافة لأن العادة ألا يفكر فيها الناس إلا إذا ردوا إلى أرذل العمر أو فرضتها عليهم المنية.
تدريباتي سوف ترشح أكثر من خيار، ولكن المؤسسات المعنية هي التي سوف تنتخب قيادتها.
أما أنا شخصيا فسوف أتفرغ لستة مهام:
المهمة الأولى فكرية لإنجاز أعمال أهمها: السيرة بعنوان: محمد رسول الإنسانية. وتفسير للقرآن بعنوان: مقاصد التنزل. ومرجع للتنمية البشرية بعنوان: التنمية المحيطة.
ومهمة ثانية: عمل استثتماري.
ومهما ثالثة: إنشاء معهد لدراسات الحوكمة.
ومهمة رابعة: انشاء أكاديمية رياضية.
والمهمة الخامسة: المناشط الدولية.
والمهمة السادسة: إنشاء البقعة الجديدة بمسجدها ومعاهدها ومكتبتها وأنشطتها النموذجية للتنمية الريفية وجبانتها النموذجية المسماة: (إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى) [4].
وسوف أبدأ في تدريب الكادر القيادي المذكور مع بداية العام الجديد إن شاء الله.
اللهم اعطني كفلين من رحمتك وأجعل لي نوراً أمشي به، والسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.