العمال هذا القطاع الكبير الذي يسير دروب العمل سواء في مؤسسات خاصة او عامة , قطاع عريض تختلف وظائفهم ومواقع عملهم وتوجهاتهم السياسية فمنهم الاسلامي ومنهم اليساري ومنهم الاتحادي ومنهم غير ذلك , ولكن يجمعهم حميعا وحدة صفهم ووحدة كلمتهم فهم نقابيون وان تحدث غيرهم باي لغة لاينصتون , ودائما ما يكون هدفهم واحد وهو انجاز عملهم , راضين بما يقدم اليهم ودائما يكون في حدهم الادني المعيشي , ولا يريدون اكثر من سترة الحال وتعليم العيال .. بدأ النشاط العمالي في السودان منذ العام 1908 م باول اضراب للعمال مناهضا للمستعمر مطالبا بتحسين بئية العمل وظرفه , ثم تدرج حتي بلغ به النشاط اصدار اول مجلة عمالية عام 1946م باسم ( العامل السوداني ) .. ويتم الضغط على المستعمر ليعترف ويستجيب بحق التنظيم النقابى ويصدر أول قانون للعمل والعمال فى عام 1948م , وكان الاتحاد خليط بين الموظفين والعمال بعدد نقابات كل جهة .. وفي عام 1990م , تم توحيد للحركة النقابية , وعرف العامل بانه " كل من يتقاضى أجر لقاء عمل " .. وتم بموجبه توحيد إتحادى العمال والموظفين فى مسمى المجلس الأعلى للحركة النقابية ( لذلك اصبح اليوم الخامس من اغسطس من كل عام يوم عيد العمال ).. وفي عام 2011 م قامت الانتحابات النقابية بين العاملين ليصبح البروفسير ابراهيم غندور رئيسا للاتحاد للدورة النقابية 2011_2016 م ... يذكر ان هناك خمسة عشرة دورة سبقت اتحاد غندور .. ودائما ما يكون العمال هم راس الرمح في كل تحرك يتعارض مع كسبهم القليل او احساسا منهم بانهم لم يجدوا تقييما لما يفعلون , ولا ينفصلون ابدا عن مشاكل وطنهم فكان لهم السبق في مناهضة المستعمر حتي اجبر علي الخضوع لهم بانشاء قانون للعمل والعمال حفظا لحقوقهم , بل استمروا مطالبين بالحرية فكانوا من الذين سقوا تراب الوطن من دمائهم الطيبة الطاهرة , واثناء كل الحكومات التي مرت علي السودان كان لهم القدح المعلي في مناهضتها رغم ما يتعرضون له دوما من اعتقال وتشريد واحالة للمعاش , ولم يكن كل ذلك يخيفهم , وحينما فشل الحكام في تخويفهم واهابهم لجأت تلك الانظمة ( لتدجين ) العمال بتكوين نقابات في كل منشأة الهدف منها مراقبة كل من له راي مضاد لنظام الحكم , وكان نظام نميري نموذجا حيا لذلك التصرف , ولكن متي كانت ارادة الشعوب تخور او تنهزم ؟ , نعم واصل العمال سيرهم رغم كل تلك العراقيل والاشواك والسيوف المشهرة ليكونوا نصرا مؤزرا في ابريل ... في طوال سنين الحركة النقابية العمالية الطويلة كان يقودها عمال حقيقيون مثل , محمد سيد سلام كأول رئيس للاتحاد من مصلحة النقل الميكانيكى , ومن بعده إبراهيم محمود من مصلحة المخازن والمهمات , ومن بعده عوض الله إبراهيم من مصلحة الاشغال , ثم جاء عبد الله علي عبد الله من التعليم .. كانوا من فئة العمال ياكلون مثلهم ويعيشون وسطهم ولم يكن ذلك غريبا علي اتحاد العمال فدوليا يشهد العالم للعامل (البولندي )الذي يعمل في حوض صناعة السفن بقسم الكهرباء المدعو " ليخ فليسيا " ان يقود نقابة عمال التضامن في دولته .. ثم وصل الي منصب رئيس الجمهورية عبر الانتخابات .. لم يكن دكتور او بروف .. بل عامل بسيط , وكان انجح الرؤساء الذين مروا علي ( بولندا ) ... واذا عدنا هنا لواقع اتحاد العمال اليوم نجده اقرب منه للسكون ولا تكاد تسمع له ذكرا بل اصبح مستجديا للحكام اعطوه او منعوه , رغم ان علي رأس هذا الاتحاد شخصا يعتبر الرجل الثالث في الدولة بشغله لاهم امانة بالحزب الحاكم , ورغم حديثه الذي جعل الاستاذ (الطاهر ساتي ) يسخر منه في عموده ب " السوداني " بانه الان البطل ممثلا في الحزب الحاكم ولكنه يريد ايضا ان يقوم بدور الضحية ممثلا للعمال , في صورة دراماتيكية لاتمر حتي علي " اسامة انور عكاشة " .. نعم غندور يتحدث بشان العمال ويحرضهم علي الحديث ولكنها ( جعجعة بلا طحين ) , علي السيد غندور ان كان يريد ان يتحدث باسم العمال ان ينزل من "فارهته " هذه ويركب المواصلات كما العمال وليتم عشاءه ماءا نوما كما يفعلون , اما اي حديث غير ذلك فهو مسكن للعمال ومضيع لهم بلا فائدة .. او علي السيد غندور ان يستقيل من حزبه رفضا لتلك المعاملة القاسية والاهانات الواضحة التي توجهها الحكومة للعمال ممثلة في رفض وزير المالية حتي الاستماع لهم , دعك من قبول طرحهم , وعلي السيد غندور افساح المجال للعمال ليختاروا من يمثلهم حقيقة ويكون جزءا منهم يعرف ما يريدون قبل ان يتحدثوا .. وعندما فشل اتحاد غندور في اخذ حق العمال كواجب يحب ان تقوم به الدولة لجأ الي رئيس الجمهورية مستنصرا به باسم العمال !!, وقد تم له ما اراد بكسب ارض جديدة وسط النقابات رغم انه لم يفعل شئيا سواء استغلال نفوذه الحزبي , وصور الام بانه انتصار للعمال .. نعم هذه الخطوة تحسب للحزب الحاكم ولكنها تحسب نقطة سالبة لاتحاد نقابات العمال التي اعتادت علي اخذ حقوقها دون ان يكون ذلك الامر اكرامية او منحة تمنح للعاملين .. وقديما قيل اتقي غضبة الحليم , وقيل ايضا الضغط يولد شرارا , والجميع يعلم جيدا ان العمال ليسوا بطلاب سلطة ولا مال وانما يطالبون بالعيش الكريم لهذا الشعب والذين هم غالبيته , واي استفزاز لهم سيكون ضررا بليغا , فالحليم يجوع ولا يقبل ان يستفز .. والثور الجريح يصعب الوقوف امامه اذا التفت راجعا لمن جرحه .. وقد يقول قائل ان الطلب بتدخل رئيس الجمهورية فيه انتصارا للعمال ولكن وجهة نظري مختلفة اذ ان للعمال حق مكتسب يحب ان يعطي اليهم بلا من او اذي , وان من يعطي بقرار من الرئيس اقرب منه للمنحة او الصدقة ولا يخفي علي الجميع البون الشاسع بين المعنيين . alawad almusalami [[email protected]]