ندوة الشيوعي    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    "قطعة أرض بمدينة دنقلا ومبلغ مالي".. تكريم النابغة إسراء أحمد حيدر الأولى في الشهادة السودانية    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انفصال جنوب السودان وازدواجية معايير الغرب بالتعامل مع الطوارق!! .. بقلم: أبوبكر يوسف إبراهيم
نشر في سودانيل يوم 21 - 02 - 2013


بسم الله الرحمن الرحيم
هذا بلاغ للناس
قال تعالى: «هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ» ..الآية
توطئة:
من يعتقد أن الحركات الطوارقية في شمال مالي أبيدت أو قد خمد نشاطها نتيجة ما يعتقد البعض أن الضربات الفرنسية المتلاحقة كانت قاصمةٌ للظهر، فإن كانت هذه هي رؤية البعض الذي يرى في الحلف " الصهيويوروأمريكي" القوة التي لا تقهر، فحتماً أمثال هؤلاء يتجاهلون عمداً نظرية حرب المدن التي تستدرج الغازي إلى داخل أراضي المعركة لأن أهلها أدرى بشعابها وتضاريها، فهل نسينا كيف إستقبل فارح عيديد إستقبال الغزاة الأمريكان في ميناء كسمايو وهو يحمل العلم الأمريكي مرحباً ، وكيف كانت مقاومته حتى هربوا من مقديشوكالجرذان ، وكذلك حرب التحرير الفيتنامية هي الشاهد والدليل التاريخي لإثبات صحة ما أزعم ، ومع ذلك فربما أخذت قوات الفرنسيس نشوة وسكرة مقدمات الانجرار كأنها النصر النهائي فأخذتهم سكرة النشوة على أنه انتصار تحقق وأنها قد قضت على هذه الحركات الطوارقية الأزوادية العربية قضاءً مبرماً، فمثل هذه التصريحات قد تقبل على سبيل مادة لرفع الروح المعنوية، فقد تعلمنا أثناء هزيمة 1967من الإعلامي " أحمد سعيد – صوت العرب " أن قيادة الحروب الاعلامية أسهل وأيسر من قيادة حرب المدن والعصابات. أما الحروب الإعلامية فهي تظهر ما يراد له فقط أن يظهر مع تجنب كل ما من شأنه أن يقود إلى اليأس والإحباط والإنهيار النفسي ، حيث أدت إلى حالات من الانتحار بين القوات الغازية!!
إن الوضع في شمال مالي لن يكون أحسن حالاً بالنسبة لفرنسا من المستنقع الأفغاني والعراقي الذي غرقت فيه أمريكا وتحالفها الأطلسي، والواقع الذي لا مراء فيه أنهما الآن يحاولان الهرب من أفغانستان كما هربت أمريكا من العراق ، ولكن الحقيقة أن ما هو قادم هو الأسوأ ، وهو ما يجب أن يتحسب له الفرنسيون للتعامل معه بجدية، وبالرغم من أن فرنسا تحاول الهرب والخروج بسرعة ، ولكن بحسب معطيات الواقع، فهذا لن يكون ميسوراً ، فمثل هذه الحروب هي كالدوامة تسحب صاجبها للأعماق مهما حاول التخلص من مثل هذه الدوامة . لقد كان شمال مالي طوال عقودٍ منطقة صراع مسلّح تخوضه حركات طوارقية ماليّة متمرّدة ضدّ الحكومة المركزية في البلاد، على خلفية مطالبَ سياسية إثنية بلغت حدود المشروع الانفصالي، لكن الصراع تحوّل جذريًّا في عام 2012 بانخراط جماعات إسلامية مسلّحة ، ودخول فرنسا ومن ورائها القوى الغربيّة والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) إلى جانب الحكومة الماليّة مع بداية عام 2013 في حرب ضدّ هذه الجماعات الإسلامية التي سيطرت على شمال البلاد يبدو أن عواقبه لم تحسب بدقة وبعد نظر . نحاول في هذه القراءة فحص مسارات الأزمة في مالي والعوامل التي أثّرت في تطوّراتها، ودوافع التدخّل العسكري الفرنسي، وتوقّعات مآلات الوضع بعد استرجاع القوّات الفرنسيّة والقوى المساندة لها مدن شمال مالي!!.
المتن:
إن الحلف" الصهيويوروأمريكي" لا يتعلم من مكايده التي يدبرها ، فمثلما تمّ له فصل جنوب السودان لتمايزه عن العنصر الأفروعربي المسلم، فيفترض عليه أيضاً أن يقرأ ويستصحب التاريخ والديموغرافيا، وظلّت الخريطة الاقتصادية والاجتماعية لمالي على مرّ عقود الاستقلال ترسم خطّ فصل افتراضي بين جزأين متمايزين؛ شمال هو الأكثر تضررًا من الجفاف والأقلّ تنمية تمثّل تمبوكتو وغاو وكيدال أهمّ مدنه، وجنوب تقع فيه العاصمة باماكو وتتركّز فيه الأنشطة الاقتصادية الأساسية في البلاد. يعدّ عدم الاستقرار وحركات التمرد في الشمال سمةً دائمة من سمات الوضع الماليّ. في حين تميّزت الأوضاع السياسية بالصراع على السلطة على وقع الانقلابات والأنظمة الديكتاتورية مع اضطرابات اجتماعية ووضعٍ اقتصادي هشّ، وزادت فترات الجفاف والقحط الممتدّة من حدّته، إذ تعدّ مالي من بين أفقر عشرين دولة في العالم!!
علاوةً على التمايز الاقتصادي الاجتماعي ما بين إقليمَي مالي، فإنّ هنالك أبعادًا أخرى يجب تناولها هنا كعوامل للأزمات المتتالية في مالي. إذ إنّ دولة مالي – البالغ عدد سكّانها 14.5 مليون – شديدة التنوّع من الناحية الإثنية[2]. وغنيّ عن القول إنّ هذا التنوّع الهجين ما هو إلا نتيجة للحدود التي وضعتها فرنسا لمستعمرة “السودان الفرنسي" (تشكّلت في أغلبها من أراضي دولة مالي الحاليّة) ضمن تقسيم مستعمراتها الثماني في غرب أفريقيا في1895 والمعتمد على معايير الثروات الطبيعية التي تمتلكها كلّ مستعمرة وعلى أساس مدى السيطرة الفرنسيّة على مناطقها المختلفة، وليس على أساس التجانس بين سكّان هذه المستعمرات.
وكما ذكرت فإننا يجب أن نستصحب التاريخ القريب في السودان وتمرد الحركة الشعبية على سلطان الدولة وقد ساندهم الحلف "الصهيويورو أمريكي" إذ لون متمردوا الحركة الشعبية تمردهم بالاضطهاد الديني والاثني أي استعلاء العرب المسلمون على الزنج المسيحيون، وبالتالي فقد قام الطوارق بحركات تمرّد متكرّرة على امتداد العقود الخمسة لاستقلال مالي، وشهدت الفترة ما بين عام 1990 وعام 2009 أكبر عددٍ من محاولات التمرّد. وغذّى عاملان رئيسان عدم الاستقرار في دولة مالي؛ أوّلهما التفاوت الاقتصادي والاجتماعي بين إقليمَي مالي الرئيسين (الشمال والجنوب) وشعور سكّان الشمال وفي مقدّمتهم الطوارق بمحاباة إقليم الجنوب ببرامج التنمية على حساب إقليمهم، أو على الأقلّ فشل سياسات التنمية في الشمال على نحوٍ أشدّ وضوحًا من الجنوب. أمّا العامل الثاني، فهو التنوّع الإثني وهيمنة إثنية واحدة على مقاليد الحكم منذ الاستقلال، ما عزّز الشعور بعدم الانتماء لدى الطوارق والأقلّيات الإثنية الأخرى في الشمال التي أصبحت تنظر إلى الدولة كممثّلة لمجموعةٍ إثنية أو قبلية تهيمن على باقي الإثنيات والقبائل. فالدولة بالنسبة إليهم ليست سوى إثنية “البومبارا" المسيطرة على مؤسّسات الحكم منذ استقلال البلاد في عام 1960. ولم تفشل دولة مالي الحديثة في تحقيق التنمية الاقتصادية المتوازنة بين أقاليمها فحسب، بل فشلت فشلًا ذريعًا في دمج مواطنيها في إطار هويّة جمعية واحدة أساسها المواطنة، تتجاوز حدود الانتماءات الإثنية والقبلية.
الحاشية:
حينما يتمرد جنوب السودان يمد له الغرب كل أنواع الدعم والمساعدات لأن المصالح تتقاطع وتلتقي عند محاربة العنصر العربي المسلم، أما حينما يتمرد شمال مالي العربي الطوارقي الأزوادي المسلم ضد مهمشيه الأفارقة فمن باب أولى غزوهم وإبادتهم بحجة أنهم متطرفون إسلاميون ذو علاقة بتنظيم القاعدة ، ومن يتابع ويقارن ما بين تمرد جنوب السودان وتمرد شمال مالي يلحظ أن هناك تطابق حتى في إتفاقات سلام تكررت عبر تاريخ النزاع بين الشمال وحكومة مالي، وانتهت محاولات التمرّد الطوارقية في القرن الماضي وفي العشرية الأولى من القرن الحالي باتفاقيات سلام بين المتمرّدين الطوارق والحكومة الماليّة. وشهدت الفترة التي تلت آخر اتفاقية من هذا النوع في عام 2009 استقرارًا نسبيًّا، حتّى اندلاع تمرّدٍ جديد في كانون الثاني / يناير 2012. ويختلف هذا التمرّد عمّا سبقه في عدّة وجوهٍ أهمّها:
ينبغي أن ندرك إنّ هذا التمرّد هو محصّلة تحالف بين حركات طوارقية وطنية ومجموعات إسلاميّة متطرّفة من جنسيات مختلفة (ماليّة، ونيجيرية، وموريتانية، وجزائرية) نشطت في مناطق الطوارق واستطاعت استمالة بعض المجموعات الطوارقية إلى برنامجها، واستفادت من مخزون السلاح الذي وصل من كتائب طوارقية كانت من ضمن كتائب نظام القذافي قبل سقوطه. ولم يكن هذا التحالف وليد لحظة التمرّد في 2012، فلقد نسجت المجموعات الإسلاميّة المسلّحة والحركات الطوارقية الانفصالية علاقات اعتماد متبادل اقتصادية وأمنيّة ومنفعيّة خلال السنوات القليلة الماضية. وقد ساهم تحوّل طرأ على بعض قيادات التمرّد الطوارقي وعناصره في تسهيل التحالف، إذ أصبحت جماعة “أنصار الدين" الطوارقية السلفيّة الجهاديّة إحدى أبرز الحركات المؤثّرة في مناطق الطوارق.
كما علينا أن نعقد كثير من المقارنات بين تمرد الحركة الشعبية وتمرد شمال مالي ، فمن الملفت للنظرإنّ جميع اتفاقات السلام التي عُقدت بين الحكومة المركزية والحركات الطوارقية إلى ما قبل هذا التمرّد، وكانت برعاية دولٍ مجاورة وعلى رأسها الجزائر، قد استنفدت إمكانيات استمرارها لأنّها لم تكن ضمن إطار عملية سياسيّة كاملة في مالي، ولم تنعكس إيجابيًّا على سكّان شمال مالي. وخلال السنوات الأربع الماضية، لم تطرح أيّ مبادرات لاتّفاقات بين طرفَي الأزمة. بل لم يكن هنالك تنبّه أو اهتمام من وسطاء اتفاقية سلام 2009 لمتابعة تطبيقها. ولذا، فإنّ محاولات الوساطة السلمية التي تجدّدت خلال عام 2012، سواء تلك التي قامت بها الجزائر أو تلك التي رعتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، جاءت متأخّرة لأنّ الوضع على الأرض قد تغيّر لفائدة حركة التمرّد، إضافةً إلى أنّ العناصر الفاعلة في حركة التمرّد الجديدة كانت مختلفة عن الفاعلين في حركات التمرّد السابقة، فالحركات الإسلاميّة المتطرّفة وكذلك الجناح السلفي للمتمرّدين الطوارق (جماعة أنصار الدين) أصبحت أطرافًا فاعلة في التمرّد، وقيادة هذا التمرد غير معنيّة أو مهتمّة بما يمكن أن تقدّمه هذه التسوية لها أو لسكّان شمال مالي. كما أنّ جهد دول الجوار للوصول إلى اتّفاق تسوية لم يكن مجديًا على الإطلاق، إذ كان المستهدفون منها والمدعوّون للحوار هم الحركات الوطنية الطوارقية التي لا تملك أن تغيّر شيئًا على أرض الواقع بعد أن طُردت من شمال مالي حين أصبح الإقليم تحت سيطرة الحركات الإسلاميّة المتطرّفة.
فمن المهم أن نحاول إيجاد علاقة ولو لمجرد المقارنة الظرفية والمكانية بما حدث في السودان أدى إلى انفصال الجنوب بمساندة ودعم من الحلف " الصهيويورو أمريكي" بينما ترك العرب والمسلمون السودان أعزلاً إلا من تصريحات خجولة ، فالحلف يفعل ولا يتكلم حتى فرض نفسه عبر أصجقاء الإيقاد ليكون حاضراً في كل المفاوضات، ونفس الموقف الذي وقفه العرب والمسلمون مع السودان ها هو يتكرر في شمال مالي!!
الهامش:
يالطبع فرنسا ليست مبعوثة العناية الإلهية لحماية شعب مالي ولكن تمثّل مصالح فرنسا الاقتصادية في منطقة الغرب الأفريقي عاملًا تفسيريًّا آخرَ لإستراتيجيتها في هذا الإقليم وكذلك في تعاملها الأخير مع أزمة مالي. وعلى الرغم من محدودية مصالحها الاقتصادية المباشرة في مالي بحكم محدودية استثماراتها فيها مقارنةً مع بلدان أخرى، إلا أنّ مالي قطعة مهمّة في إطار إقليمٍ تنشط فيه فرنسا اقتصاديًّا. وعليه، فإنّ تهديد استقرارها يهدّد مصالح فرنسا الاقتصادية في بلدانٍ مجاورة مثل: النيجر، والسنغال، وبوركينا فاسو، وكوت ديفوار. ولمالي أهمّيةٌ بالغة بالنسبة إلى فرنسا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار مناجم اليورانيوم النيْجرية التي توفّر احتياجات المحطّات الفرنسية النووية التي تقع مباشرةً على حدود النيجر مع مالي!!.
وحتى أثبت لكم مدى النفاق والتدليس الذي يمارسه الحلف " الصهيويورو أمريكي" عند تلفيقه أسباباً كاذبة تبرر تدخله في العراق فها هو الرئيس فرانسوا هولاند يمارس نفس الكذب والتدليس، وعلى الرغم من أن الرئيس الفرنسي صرَّح بأن: "فرنسا ليس لديها أية مصالح في مالي، بل هي ببساطة تخدم السلام"، وحدد أهداف العملية العسكرية هناك بوقف اعتداءات المتمردين، وتأمين العاصمة "باماكو"، والحفاظ على وحدة أراضي تلك البلاد، وتحرير الرهائن المحتجزين فيها، مؤكدًا أن بلاده ستنهي تدخلها في مالي وستسحب قواتها من هناك بمجرد أن يعود الاستقرار والأمان لها ويصبح بها نظام سياسي راسخ، ولكن واقع الأمر يؤكد وجود مخاوف فرنسية وأوربية من: "إقامة دولة إرهابية على أبواب أوربا وفرنسا تحكمها مجموعات تستهدفنا علنًا، وعلى رأسها القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، بحسب ما صرَّح وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان.
قصاصة:
أموال دافع الضرائب الفرنسي والخزانة الفرنسية ليست مستباحة لفرانسوا هولاند وكأنها جمعية خيرية يتصرف فيها على هواه وكيف شاء ، وكذلك ليست متروكة له ليقامر يلعب بها في كازينوهات القمار، أو ينفقها في حروب عبثية، والدليل أن خلفيات التدخل الفرنسي لا يمكن اختزالها في الخطر الإرهابي فقط، وإنما يقف وراءها أيضًا مصالح اقتصادية، إذ تمثل مالي - وشمال غرب إفريقيا على نحوٍ عام- موردًا مهمًّا لليورانيوم والنفط والغاز والذهب واللؤلؤ والكوبالت، وتخشى فرنسا من أن تَحُول الجماعات الأصولية في شمال مالي دون الاستثمار الواسع في تلك المنطقة التي لم تستغل كاملاً بعد، ويكفي الإشارة إلى رغبة فرنسا في تعزيز وجودها حفاظًا على مصالحها الواسعة في المنطقة المجاورة لمالي، وخصوصًا – كما ذكرت آنفاً في النيجر، حيث تتزود بنحو 80% من اليورانيوم الخام.
تواجه القوات الفرنسية بالتعاون مع القوات الإفريقية صعوبات كبيرة في تحقيق الحسم العسكري الذي وعد الرئيس الفرنسي بتحقيقه خلال أيام قليلة في مالي، وذلك على الرغم من تأكيد البعض أن فرنسا تحضَّرت لهذه الحرب جيدًا وتعرف أن الصراع سيكون صعبًا وشاقًّا ودونه عقبات وخسائر كثيرة، ولكن العملية في مالي أبانت عن وجود عدد من التحديات كما يلي:
 علينا أن نتفهم من خلال المشهد والأحداث أنه ما زالت هناك تهديد قائم ومستمر من قبل المجموعات المسلحة في غرب إفريقيا والتي وعدت برد قوي على فرنسا لهجماتها على مواقع المقاتلين الإسلاميين، فقد تم احتجاز 132 عاملاً أجنبيًّا من العاملين في حقول "عين أمناس" جنوب الجزائر، ينتمون إلى إحدى عشرة دولة؛ هي: النرويج، وفرنسا، والولايات المتحدة، وبريطانيا، ورومانيا، وكولومبيا، وتايلاند، والفلبين، وأيرلندا، واليابان، وألمانيا، وذلك مع احتجاز حوالي 600 جزائري، ليضطر الجيش الجزائري إلى التدخل عسكريًّا ضد المسلحين في عملية أدَّت -بحسب تقديرات غير نهائية- إلى مقتل 32 مسلحًا و23 من الرهائن وتحرير قرابة 650 رهينة منهم 573 جزائريًّا وحوالي مائة أجنبي، فيما لا يزال مصير عدد منهم مجهولاً.
 لا شك أن العمليات الجارية في مالي أبانت عن صعوبات في إلحاق الهزيمة سريعًا بالمقاتلين الإسلاميين، ولاسيما في مناطق غرب مالي، حيث أكد دبلوماسيون فرنسيون ودبلوماسيون آخرون في الأمم المتحدة أن الاشتباكات الأولية التي خاضتها القوات الفرنسية ضد المسلحين في مالي أظهرت أنهم مدربون ومسلحون أفضل مما توقعت فرنسا قبل أن تشرع في التدخل العسكري، الأمر الذي أرجعوه إلى انضمام مئات من أفضل عسكريي الجيش المالي إلى صفوف المتمردين بعدما تدربوا جيدًا على أيدي الخبراء الأمريكيين لمحاربة الإرهاب عدة أعوام، وذلك لرفض جانب كبير منهم التدخل الأجنبي في البلاد، وأيضًا للتسلح الجيد الذي حظيت به القوات المقاتلة بعد سقوط نظام معمر القذافي في ليبيا.
في الختام لا بد أن ننوه بأن فرنسا ورطت نفسها في مستنقع الأزواد والطوارق والعرب المسلمون ولن يصبح بعد اليوم مقبولاً لديهم بأن يحاربهم الحلف" الصهيو يوروأمريكي" تحت شعار " محاربة التطلاف الاسلامي وتنظيم القاعدة ، فالأزواد والطوارق والعرب تم تهميشهم مثلما إدعت الحركة الشعبية بتهميش وإضطهاد شمال السودان لهم حتى انفصلوا ، فذات المعايير التي طُبِّقها الحلف الخبيث في الجنوب يجب أن تطبق في شمال مالي وإلا فإن هذا المستنقع سيشهد أحداثاً دراماتيكية سيعض الحلف بنانه ندماً على هذا التدخل .. يقال أن دخول الحمام ليس كالخروج منه!!!
عوافي
Abubakr Yousif Ibrahim [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.