وكان ضيف العشاء الدكتور خير الدين حسيب رئيس مجلس أمناء مركز دراسات الوحدة العربية بيروت – فندق البريستول 21/2/2013 في زمن تختصر فيه الأوطان إلى طوائف ومذاهب وأعراق متناحرة، وفي زمن محكوم بعصبيات مدمّرة، وانقسامات دموية، يتحول فيه المواطن إلى رقم أصم في تعداد طائفي ومذهبي معيب ومقيت، نحمد الله أن هناك متسعاً لمثل هذا الجمع من أهل الوحدة في أوطانهم وأمتهم الذين ما زالوا قابضين على خطاب يوّحد ولا يفرّق، يصون ولا يبدّد، يجمع ولا يشتّت، خطاب تتواصل من خلاله أجيال وأفكار، جماعات وأقطار، خطاب يدرك أنه إذا كان الأساس في مخطط الأعداء ومشاريعهم هو تجزئة الأمة وتفتيت مجتمعاتها، فإن الأساس في جبه هذه المخططات والمشاريع هو في وحدة تحمي خصوصيات مكوناتها، وفي تكامل يصون التنوع بين ألوان طيفها الوطني والقومي. وفي زمن تنهار فيه دول نهشها الفساد والاستبداد والتبعية، وتتحطم فيه بنى وقيم وأخلاقيات، نحمد الله كذلك أنه ما زال هناك مؤسسات ومبادرات ومشاريع تعاكس التيار السائد وتحقق لوحدة الأمة ونهضتها تراكماً قد لا تظهر ثماره سريعاً، ولكنها بالتأكيد ستظهر وتزهر إذا وفّرنا لها تربة تجمع بين روح التراث وانجازات العصر، بين الرؤية الشاملة والتضحية غير المحدودة، وخصوصاً بين قامات شامخة وهامات مرفوعة، بين صروح مضيئة بالإيمان والعلم، وجهود مجبولة بالعرق والدم ونكران الذات. ولقد اخترنا ضيفاً مميزاً لعشائنا السنوي، كما كل ضيوفنا، هو الأخ الكبير د. خير الدين حسيب، وهو أحد تلك الهامات والقامات، واخترنا مناسبة مميّزة محفورة في وجدان الأمة وضميرها وهي مناسبة قيام الجمهورية العربية المتحدة، كما اخترنا مركزاً نعتزّ بما أنجز أمام أنفسنا ونفاخر به أمام الآخرين. أما المركز فهو مركز دراسات الوحدة العربية الذي نجح على مدى 35 عاماً في أن يصبح أحد أهم مراكز العطاء الفكري والبحثي في أمتنا والعالم ، كما نجح بشكل خاص في الصمود وسط عواصف وزلازل هزّت الأمة، ودسائس ومؤامرات أراد تحويله عن رسالته، أو استغلاله لغير أهدافه، أو تحطيمه إذا تعذّر الاستغلال والتشويه. وكان سلاحه في كل ذلك انه جسّد صمود الأمة كلها في وجه كل ما واجهته، وإنه بقي أميناً على مبدأ تمسّك به مؤسسه وهو "الخبز مع الكرامة"، وهو من المبادئ التي يبدو قولها سهلاً، ولكن تطبيقها بالغ الصعوبة، خصوصاً في واقع يسوده منطق البيع والشراء في كل أمر. أما الضيف الذي تعرفونه جميعاً فهو مؤسس هذا المركز ورئيس مجلس أمنائه الذي نجح مع إخوانه المؤسسين في أن يحوّل هذا المركز البحثي إلى منارة مضيئة في سماء الأمة، وإلى مصنع لتوليد أفكار ومبادرات ومؤتمرات ومنتديات وملتقيات وجمعيات تملأ الدنيا بحضورها وعطائها، وتبني لوحدة العرب ونهضتهم بنية شعبية وعلمية ومؤسساتية عابرة لكل الحواجز والعوائق والصعوبات. ورغم أن ضيفنا خير الدين حسيب لا يحب الكلام عن علاقة مميّزة له مع قائد الأمة الراحل جمال عبد الناصر، وهي علاقة تسببت بسجنه في بلده العراق أكثر من عامين ونصف، لكنك تشعر أنه مسكون بحركاته وسكناته بروح الزعيم الراحل، وبمسؤولية الحفاظ على أمانة غالية أفترض أنه تسلمها منه، كمجموعة من إخوانه، وهي أمانة العمل من أجل وحدة الأمة ونهضتها وتحررها وتقدمها. وإذا كان المجال هنا لا يتسع لكي نعدّد إنجازات الرجل مع رفاق درب له، هم بحقّ الآباء المؤسسين للحركة القومية العربية المعاصرة، وفي مقدمتهم الرئيس الأول لأمناء مركز دراسات الوحدة الدكتور سعدون حمادي (رحمه الله)، فاسمحوا لي أن أتوقف أمام أمرين لا بدّ من الإشارة إليهما حين نتحدث عن خير الدين حسيب. أول الأمرين: هو علاقة أبي طارق بوطنه الأم العراق الغالي علينا جميعاً وبمدينته الموصل في العراق، كبرى مدن الأمة التي ولد فيها وجسّد نضالها وقيمها في الشجاعة والشهامة والقيم الخلقية العالية. لم يكن انتماؤه للعراق عصبيّة يشهرها في وجه أقطار أخرى، مثلما لم يكن إيمانه بالعروبة تعصباً يقيم الحدود والحواجز بينه وبين الأمم والشعوب المجاورة أو المتساكنة مع العرب في بلادهم، بل كان إحساساً دائماً بالمسؤولية تجاه العراق انطلاقاً من إدراكه العميق لأهمية هذا البعد ولقدراته ولإمكاناته في تعزيز نهوض الأمة وأمنها القومي وتنميتها المستقلّة. وإن أنسى، لا أنسى، كيف استقبل هذا الرجل الحروب الاستعمارية على بلاده، ثم حصارها، ثم احتلالها، ثم تمزيقها، ثم انطلاق المقاومة العظيمة من صفوف أبناء شعبه وفهمت من خلال سلوكه معنى أن يكون المرء وطنياً وقومياً وإنسانياً في آن، وكيف أن خير الدين حسيب بات أكبر من جراحه والآمه حين تجاوزها جميعاً فأصبح جندياً يدافع عن بلده، عن حليب أطفاله، عن كرامة إنسانه، عن منعة جيشه، عن سلامة وحدته، بل بات جندياً بسيطاً لم يطلب لنفسه موقعاً ولم يضعف أمام أي أغراء أو تهديد، فإذا بالعراق الذي حرم من الإقامة فيه أكثر من نصف عمره يقيم في وجدانه كل العمر، وما زال، أطال الله عمره.. وفي العلاقة بين خير الدين حسيب والعراق ألف قصة وقصّة تروي في غير هذا المجال. الأمر الثاني هو علاقة د. حسيب بالثقافة حيث أطلق عليه مرّة لقب رئيس جمهورية المثقفين العرب حين خرج من بين يديه، ومن خلال مركز دراسات الوحدة العربية، بعض ابرز مثقفي العرب في العقود الثلاثة الماضية، بعضهم بقي على العهد والبعض ضعف أمام إغراءات المال والسلطة فانزلق إلى حيث لم نكن نريد له أن ينزلق. إن علاقة خير الدين حسيب بالثقافة جعلته ينجح حيث لم ينجح كثيرون لأنه وضع ثقافته في خدمة الإنسان العربي، ولم يعاملها كهواية أو غواية أو سلماً للوصول، بل انه أدرك أن حيوية الثقافة تنطلق من ارتباطها بالحياة والحرية في آن، فهي لا تكون عميقة إذا لم تنغمس في قلب الحياة ومعاناة الناس وهمومها كما لا تكون منيرة مضيئة إذا لم ترتبط بالحرية تصونها وتصان بها في آن. والثقافة بالنسبة لأمثال خير الدين هي فعل الشروع بالنهضة، مثلما النهضة بالنسبة إليهم هي مشروع ثقافي حضاري شامل لكل أوجه الحياة، بل أن الثقافة هي علم مقرون بالانتماء، وبالتالي فهي أخلاق يلخصها حسيب دائماً بمقولته الشهيرة "الغاية لا تبرر الوسيلة، ولا بد للوسيلة أن تكون من طبيعة الغاية، فلا الغاية تبررها، ولا هي تطغى على الوسيلة. قد يقول البعض أنني أطلت في الحديث عن ضيف هذا الحفل، ولكني لم أكن أتحدث عن شخصية فقط بقدر ما كنت أتحدث عن جملة شروط لا نهوض لامتنا بدونها، فالمشروع النهضوي العربي الذي كان لأبي طارق، ونخبة من إخوانه من كل تيارات الأمة، فضل إطلاقه في مثل هذا اليوم قبل ثلاثة أعوام، ليس كلمات نرصّع بها خطبنا ومقالاتنا بل هو نبض حياة تجتمع فيها إرادة صلبة، وتصميم عنيد، وخلق يعيد الاتصال بتراث الأمة وعقيدتها وروحها ورسالتها الخالدة. أما المناسبة فهي ذكرى الوحدة العربية المعاصرة الأولى التي انطلقت قبل 55 عاماً بين مصر وسوريا، وما لبثت أن سقطت بفعل تآمر خارجي استغل أخطاء داخلية، بل بفعل تآمر لم يكتف بجريمة الانفصال عام 1961، بل أراد أن يجعل عبر الانفصال من "التجزئة حقيقة وحقاً" كما قال يومها مؤسس البعث الراحل الأستاذ ميشيل عفلق، وها نحن نعيش منذ ذلك الوقت مؤامرات تحاك لجعل الانفصال حقيقة في كل قطر، والدعوة إلى تكريسه بالتقسيم والتشطير حقاً لا يخجل أصحابه من الدعوة الصريحة له. فهل نحن بالفعل بعيدون إلى هذه الدرجة عن الوحدة العربية كما نرى من ظواهر الأمور في امتنا، أم أنها باتت اليوم، أكثر من أي وقت مضى، حاجة لكل عربي، حاجة لاستقلالنا وتحرير أرضنا في فلسطين، حاجة لأمننا الوطني القومي الذي فشلت كيانات التجزئة في صونه، حاجة لتنميتنا المستقلة حيث تذهب موارد الأمة هدراً وفساداً فيما الجوع والفقر يسود كل الأقطار، حاجة لأن نكون جزءاً من عصر لا تعيش فيه إلا التكتلات الكبرى... وحتى في لبنان، ألم يكن عصر الاستقرار والازدهار في لبنان هو العصر الذي قامت فيه دولة الوحدة، وانعقدت فوق أرضه خيمة الحدود بين الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وفؤاد شهاب رمزاً للتلازم بين العروبة والسيادة الوطنية، هل نتصور حلاً لمشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية بعيداً عن تكامل اقتصادي عربي يوظف كل طاقات الأمة. وهل نستطيع أن نتجاهل الأثر الايجابي لشباب لبنان في وطنهم العربي الكبير على اقتصاد بلدهم وهم الذين تشكل تحويلاتهم نسبة عالية من الواردات النقدية للبنان... وهل وهل وهل. إن الوحدة أيها الأخوات والأخوة لم تكن بالنسبة إلينا مجرد هدف قومي نسعى لتحقيقه كما لن تكون بالتأكيد قفزاً فوق خصوصيات أي قطر أو جماعة أو مكوّن من مكونات الأمة بل هي على العكس من ذلك هي تكامل وطنيات، وتفاعل ثقافات وحضارات في إطار من التنوع الحر الذي لا بد أن ينعكس في إطار سياسي لهذه الوحدة التي نريدها اليوم تعاوناً وتنسيقاً وتكاملاً واتحاداً في نهاية المطاف، فالاتحاد يجمع اليوم قارات أوروبا وأفريقيا وغيرها فلماذا لا يجمعنا كعرب أيضاً. إن الوحدة هي أيضاً ثقافة، وثقافة ديمقراطية بامتياز لأنها ثقافة تحترم التنوع في مكونات الأمة والتعدد في ثقافاتها وخصوصياتها، وبالتالي فهي ثقافة الاعتراف بالآخر والقبول به والتكامل ومعه، بل ثقافة الحوار بين هذه المكونات ثقافة الوفاق والتوافق التي لا غلبة فيها ولا تمرد ولا إقصاء... وهل من علاج لكل ما نشهده حولنا في كل أقطار الوطن الكبير بغير الحوار الموصل إلى الوحدة والمحصّن لها، وهل غير الحوار سوى الدمار. فهل من حل في سوريا إلا بالحوار، وكذلك في البحرين، وفي ليبيا ومصر وتونس والسودان والمغرب واليمن وحتى في لبنان، فالحوار هو الطريق إلى المصالحة، كما إلى التسوية التاريخية. والوحدة أيضاً هي رؤية وتحليل يقرأ ما يحدث في القطر في إطار ما يحصل في الأمة، وما يجري في الأمة في إطار ما يجري في العالم. فمثل هذا التحليل الوحدوي الشامل هو الذي يحصننا من التيه في تفاصيل لا تنتهي، وفي الوقت ذاتها ينقذنا من الضياع في الصورة الأشمل والأوسع فنفقد الاتصال مع التفاصيل المتحركة في كل جانب. والوحدة هي سلوك، ونهج، وخطاب قبل أن تكون إطاراً سياسياً أو دستورياً، فليس وحدويا من يرفع شعار الوحدة ويعمل على تمزيق مجتمعه بكل السبل، ليس وحدوياً من لا يعتبر نفسه مسؤولاً عن كل أبناء الأمة وتياراتهم حتى ولو كانوا معادين للوحدة والتزاماتها. وليس وحدويا من يستسهل تخوين الآخر وان يتربص به، فالتخوين هنا قطيعة والوحدة اتصال، والتربص بالآخر مكيدة، والوحدة ترّفع عن الصغائر والأحقاد والكيديات. وكما إن التجزئة تتدحرج إلى التشظي، فالوحدة تبدأ من الأسرة والعشيرة والقطر والأمة، فلا يمكن أن تكون مع الوحدة على مستوى الأمة وضدها على مستوى القطر والعكس صحيح أيضاً. أيها الأخوات والأخوة... قد تسألون أيضاً أين كلامكم هذا من هموم الناس، من الإضراب المفتوح لهيئة التنسيق حتى تحقيق مطالبهم المشروعة، من مطالب المواطنين في دواء رخيص غير مغشوش، وكهرباء لا تنقطع ولا ندفع لتأمينها أضعاف ما تدفعه شعوب العالم، ومن ماء نظيف نشربه ونشتريه من الآخرين بدلاً من أن نبيعه للآخرين ليشربوه ، ومن ضمان صحي واجتماعي لا يبقى مهدداً كل حين، ومن إدارة يتحاصصها النافذون فتبقى مواقعها أما خالية أو خاضعة لهم، ومن بيئة يحاصرها التلوث من كل صوب، ومن حقوق إنسان تنتهك في الشوارع كما في السجون، ومن أم لا تستطيع منح أولادها الجنسية، ومن نساء مهمشات ومحرومات من حق المشاركة الفاعلة في تقرير مصير الوطن، ومن بطالة تدفع الشباب إلى الهجرة أو الموبقات، ومن ناخبين يتعامل معهم السياسيون كما مقاول الأنفار مع العمال، ومن مساهمين في تعاونيات لبنان ما زالوا ينتظرون حقوقهم رغم صدور القرارات والمراسيم، ومن مناضل مقاوم كجورج إبراهيم عبد الله لا يجد دولة تسعى إلى إطلاق سراحه بعد ثلاثة عقود، ومن حقوق لأخوتنا الفلسطينيين ترفع عنهم الظلم وتساعدهم في تمسكهم بحق العودة، بل ومن إغاثة أخوتنا النازحين من سوريا، سوريين وفلسطينيين، فنوفر لهم عيشاً كريماً كما فعل الأخوة السوريون مع اللبنانيين وكل من لجأ إلى بلاهم من أخوتنا العرب. وأخيراً أين نحن من قانون انتخاب يطبخ في مطابخ الحزازات والكيديات والمزايدات، فينسى أصحابه أنهم قد وزعوا الوطن إلى طوائف، والطوائف إلى مذاهب، والمذاهب إلى أصول يملكها محتكرون ، فتسقط عنا لحظة الانتخاب صفة المواطن ، بل تسقط عن بلادنا سمة الوطن... انه مشروع اليأس، كما أسماه قبل أسابيع، رفيقنا المؤسس في هذه التجربة الأستاذ بشارة مرهج.. والأوطان لا تقوم على اليأس، واليأس هو أقصر الطرق إلى الانتحار. إن الانتخابات مهمة في حياة البلاد، ولكن اللبنانيين يعرفون إن مجالسنا النيابية تعبّر عما يحيط بالبلاد من موازين قوى محلية وإقليمية ودولية، أكثر من تعبيرها عن إرادة الناخبين، فكم من مجلس رتبه رئيس الجمهورية على قياسه ثم ينقلب عليه في أول استحقاق، واستشهد بشور هنا بجملة مراحل من تاريخ لبنان تغيّر فيها موقف المجلس نفسه بتغير الظروف. ومن هنا فانه من الظلم أن نمزّق البلاد في حمّى انتخابية لنكتشف إن المجلس النيابي لا يخلق واقعاً بل يستسلم للواقع الموجود. يتحدث الكثيرون عن مشاريع شرق أوسطية لتفتيت البلاد العربية، فهل نواجه هذه المشاريع بقانون انتخاب يحول البلد إلى فيدرالية طائفية انتخابية. أننا ندرك هواجس البعض ومخاوفهم لكننا لا نعتقد إن الأسلوب الأنجع للمواجهة هو في هذا القانون المتخّلف الذي لا يعيد إنتاج الطبقة الحاكمة كالقوانين التي سبقته فحسب، بل ينتج لنا طبقة حاكمة أكثر تخلفاً، وأكثر استعداداً لتقسيم الوطن. الذين يتذرعون بصحة التمثيل المسيحي نقول لهم المطلوب هو صحة التمثيل الوطني والشعبي، فمن قال إن المسيحيين في لبنان حزب سياسي له رأي واحد، وبرنامج واحد حتى نعامله كفريق سياسي مخاصم لأفرقاء آخرين. للمسحيين في لبنان هواجس مشروعة، خصوصاً في ظل ما يجري في المنطقة لكن مثل هذه القوانين تزيد من خطورة المخاوف لا تقلل منها. لماذا يهرب البعض من التمثيل النسبي الذي يضمن أمرين معاً صحة التمثيل فلا تغيّب أقلية لصالح أكثرية، وتعزيز وحدة الوطن. إن الجواب على هذه الأسئلة جميعاً لا يكون في خطاب أو خطب، في صرخة أو صرخات، بل يكون في أن نلتقي جميعاً في تيار شعبي جامع وجارف ولادته ليست صعبة إذا تخلى كل منا عن ذاتيته، وامسك بيد الآخر بقوة. إننا مع عدد من الأخوة من الشخصيات والقوى العروبية والوحدوية اللبنانية قد أعددنا مشروع وثيقة نعرضها للنقاش معكم، لنعقد مؤتمراً وطنياً واسعاً يدرك أن لا وطن بدون مواطنة، ولا مواطنة بدون عدالة، ولا عدالة بدون قوة تصونها وتحميها. وفي الختام أيتها الأخوات والإخوة اسمحوا لي أن أتذكر معكم وجوهاً من لبنان لم تغب عن عشاؤنا السنوي منذ عقدين ونيف، أتذكر الحبيب حسين عثمان الرئيس السابق لبلدية بعلبك، والحبيب الحاج خضر صعب الذي نال عشرات الآلاف من الأصوات في بلدية بيروت لم تكن كافياً لكسر الاحتكار السياسي والمذهبي في العاصمة الحبيبة، نتذكر من الإخوة الأحباء من خارج لبنان رمز الثورة الجزائرية وقائدها الرئيس احمد بن بله الأخ الكبير الراحل عبد الحميد مهري من الجزائر، الأخ الغالي عبد القدوس المضواحي من اليمن، وشيخ المجاهدين بهجت أبو غربية من فلسطين، والأخ الدكتور حسان أحمد مريود من سوريا، والعروبي الأصيل د. محمد جاسم القطامي من الكويت، د. فتحي خليل من السودان، والمناضل الأستاذ ناجي علوش من فلسطين، والعزيز د. محمد المسعود الشابي من تونس، والصديق الصدوق عبد الله الشرقاوي من المغرب، وكلهم غابوا خلال هذا العام. أتذكر إخوتنا الشهداء ، نتذكر أسرانا المعتقلين وبينهم سامر العيساوي نتذكر أخوتنا المفقودين الستة: إبراهيم نور الدين، بلال الصمدي، حيدر زغيب ، فواز الشاهر، محمد المعلم، محمد شهاب. نتذكر كل شهداء أمتنا وآخرهم شهداء المتفجرات الإجرامية صباح اليوم في دمشق العظيمة عاصمة العزة والكرامة والمنعة في الأمة، دمشق التي نتطلع إلى يوم تعيد إليها البسمة والى بساتينها الزهور والثمار، والى شعبها السلام والأخوة وتضميد الجراح. jamal ibrahim [[email protected]]