عندما كنا صغاراً كنا نتسلى بمحاولة تقليد الزملاء والأخوة في مشيهم أو وطريقة تصرفاتهم أوأسلوب حديثهم فنجد في ذلك متعة أيما متعة ونستغرق في الضحك عندما نجد أن الشخص الذي نقلده قد أغضبه ذلك، كنا نعلم أن ذلك عملاً مشيناً فلهذا لا نقوم به إلا مع أقرب الأصدقاء الذين يعلمون مدى حبنا وإخلاصنا لهم وأن الأمر لا يعدو أن يكون مزحة بين المجموعة سرعان ما نتخطاها بموضوع هزلي آخر ولكنه فعل صغار. لم نكن نعلم وقتها أن هذا الهزل الصبياني قليل المحتوي عديم الفائدة سوف يصبح مصدر رزق في المستقبل لأناس عبثاً يتشبثون بحبال الفن ،حرمهم الله من موهبة الإبداع ومن حسن ورونق الحياء ومن والذوق العام، كنا نحن صغاراً نلهو في حارة قريتنا ولكنهم صغاراً ملتحين يبيعون بضاعة بائرة لا تصلح إلا للسوق المحلي جعلتها الأقدار تبث علي القنوات الفضائية، دافعنا تمضية الوقت ودافعهم رغبة جامحة في كسب المال السهل حتي ولو كانت علي حساب مشاعر الآخرين وعلي الرغم من الدعم المادي اللا محدود الذي تقدمه وزارة الثقافة والإعلام السعودية أملاً في إنتاج أعمال تشرف الوطن إلا أن الأيام قد أثبتت أن الموهبة وسعة الأفق لا يشتريها المال فجثمت هذه المقدرات المحدودة علي صدور الناس لتخرج أعمالاً ضعيفة لا تعدو أن تكون تصرفات صبية صغار. صحيح هنالك قلة من الجهلة وضعاف النفوس الذين ضحكوا وتسلوا بهذا الاستهزاء ولكن والحق يقال أن هؤلاء لا يمثلون إلا الطبقة الدنيا من الشعب السعودي، هذا الشعب المضياف الذي استهجن هذا الهراء المفروض عليه ولم يستهوي هذا الإنتاج إلا أناس أقعدتهم قلة العقل وضحالة المعرفة فوجدوا أن في هذا العمل الصبياني قمة المتعة، تماماً مثل أعمال الكرتون التي تشد الصغار لدرجة لا يدرون ما يدور حولهم ولكنها لا تصلح لعاقل راشد يبحث عن الموضوعية أوالهدف السامى من يصدق أن "طاش ستة عشر " تعني أن هذه المجموعة التي امتهنت هذا الفن الرخيص لمدة ستة عشر عاماً وبكل إمكانات بلد يعد من أغلي بلدان العالم لم تستطيع أن تخرج من هذه المحلية ولا هذا الهزل الصبياني حتي أصبحوا يثيرون الشفقة عليهم لأن "المعايش جبارة" كما يقولون، فهم فعلاً محتاجين لأن يقابلوا نفقات منازلهم وهذه مقدراتهم للأسف !! والسوق السعودي فيه متسع لكل أنواع البضائع فكانت هذه أخس أنواع البضاعة لقد استمرأ هواة التمثيل والإخراج في حلقات "طاش ما طاش" السخرية من أناس حباهم الله بطيب المعشر وعفة اليد واللسان. وبما أننا نعرف خلق هذا الشعب السوداني الأبي الكريم الذي "كالورد ينفح بالشذى **** حني أنوف السارقيه " فأنا أنادي من هذا المنبر أن يقوم الأخوة السودانيين بحملة تبرعات لإعالة أسرة هؤلاء المساكين لعل ذلك يكف عنهم الأذي وأردد لكل سوداني قول الشاعر أبوماضى "كن بلسماً إن صار دهرك أرقما * ** وحلاوة إن صار غيرك علقماً " "إن الحياة حبتك كل كنوزها *** لا تبخلن علي الحياة ببعض ما.." "أحسن وإن لم تجز حتى بالثنا *** أي الجزاء الغيث يبغي إن همي؟؟" وأردد:- " لا تطلبن محبة من جاهل *** المرء ليس يحب حتى يفهما " "وأرفق بأبناء الغباء كأنهم *** مرضى فإن الجهل شيء كالعمى " "واله بورد الروض عن أشواكه *** وانس العقارب إن رأيت الأنجما" لقد عمل الأخوة المصريين في مجال التمثيل الكوميدي ما يربو علي المائة عام لم نشاهد حتى في بدايات أعمالهم إساءة لفرد أو مجموعة ولا استهتار بشعب، أضحكوا كل العام العربي حتي البكاء بفن راقي وموهبة متفردة وما زالوا، حتى طلعت علينا هذه الحشرات السامة التي وجدت في صمت سفارة جمهورية السودان وطيبة شعبه مرتعاً خصباً لهذه السذاجة والصبيانية رأينا الكوميدية الأمريكية والفرنسية والإنجليزية التي تنتزع الضحكات من القلوب بعمل راقي وفن رصين يعكس رجاحة العقول ورقي الثقافة وأدب الشعوب ولم يكن بينها عمل واحد يرجع بالإنسان إلي ذكريات الطفولة وأعمال الصبيان إننا من هذا المنبر ننصح الهواة من الممثلين السعوديين أن يلتحقوا بمعاهد تدريس الفنون علهم يستلهموا بعض الأفكار فإن الشعب السعودي يستحق عملاً راقياً وكبيراً بل و كبيراً جداً بقدر ما صرف علي هذه المهازل التي تخجل ولا تشرف، لقد بدأت المهزلة من مسميات العمل "طاش ما طاش "وتنتهي بإخراج ساذج وتمثيل متواضع جداً ونقول ليأخذ الله بيدهم ليستلهموا أعمال الشعوب الراقية. يوسف علي النور حسن mansour alshayib [[email protected]]