* كان البترول يدر على خزينة الدولة أكثر من 4.4 مليار دولار، وبعد انفصال الجنوب، وذهاب أكثر من 85% من إنتاج النفط السوداني لدولة الجنوب الوليدة أصبح حتمياً البحث عن موارد اخرى، فأتجه المواطنون والحكومة معاً للتنقيب عن الذهب، ودخلت الحكومة في تنافس مباشر مع المواطن الذي استطاع بدون معينات كبيرة مثل الحفارات والمجسات وغيرها أن يحقق عائدات بلغت 2.2 مليار دولار خلال العام المنصرم. ما يقارب من مليوني شخص أصبح الذهب مصدر رزقهم ... وأصبح أهم البدائل الاقتصادية بعد فقدان بترول الجنوب. لكن نفس هذا الذهب جلب معه جملة من المصائب أولها الامنية. فقد صرح وزير الداخلية المهندس إبراهيم حامد أن "المعادن وخاصة الذهب أضحت أحد الأسباب التي تشكل تهديداً لأمن البلاد الداخلي بسبب توافد الأجانب على مناطق الذهب". ومن جهة أخرى شكل التنقيب الأهلى عن الذهب مخاطر على البيئة والآثار، والأهم من هذه وتلك التأثيرات السلبية على صحة العاملين في التنقيب عن الذهب...فهؤلاء المنقبون يقومون باستخدام الزئبق في عملياتهم البدائية وهو أمر له آثار غاية في الخطورة على صحة الإنسان كما يؤكد الأطباء، من بينها مرض الدرن، هناك ازدياد كبير لحالات الاصابة بمرض الدرن في مناطق التعدين، علماً بأن الدرن يحتل حالياً المرتبة الثانية في قائمة الأمراض الأكثر خطورة على حياة الإنسان في السودان. * توفرت في الذهب عناصر جذب كبيرة، لذلك كثير من العمال تركوا وظائفهم وطفقوا يبحثون عن مصادر الذهب، وتقلص عدد العمال في قطاعات الزراعة والصناعة والبناء بصورة ملحوظة، لأن الكثير منهم فضل الثراء السريع الذي لن يجدوه في أعمالهم التي لا تسد رمق عيالهم. حتى الأطفال جذبهم الذهب، فهجر الكثير منهم مدارسهم، وذويهم، ورحلوا للبحث عن الذهب. طبعاً 940 طناً احتياطي متوقع لهذا المعدن الثمين أمر مغرٍ ويسيل له اللعاب، لكن هذه المخاطر غير اليسيرة يجب أن يتم أخذها في الحسبان ويتم اخضاعها لدراسات مفصلة لوضع حلول لها على جميع المستويات الصحية والبيئية والاجتماعية، لا أحد سيشعر بالمخاطر حالياً، لكنها ستكون مدمرة في المستقبل القريب جداً. وإن كان هناك ثمة فوائد سيجنيها الذين يعملون في التنقيب عن الذهب أو في المرافق القريبة من أماكنه، لكن المخاطر المختلفة أمر لا يجب أن يغيب عن البال. صناعة الذهب آخذة في التوسع يوماً بعد آخر، ولا يقتصر الأمر على مواقع التقيب وحدها، فقامت على امتداد حفر الذهب الأسواق، والمطاعم، والعيادات الطبية، وأماكن بيع الوقود، ومحلات الخردة ومواقف السيارات وغيرها، * بمناسبة مواقف السيارات، هنالك أحد السائقين خصص شاحنته (الدفار) لترحيل العمال إلى مناطق الذهب، فقام بابتكار طريقة تسويقية ذكية إذ كان ينادي بصوته العالي وهو يهم للانطلاق ناحية أماكن التنقيب: الذهب .. الذهب ... الذهب ... وسرعان ما تمتليء شاحنته عن بكرة أبيها. لكن المشكلة بعد وصوله لمكان الذهب، فلم يكن يجد من يحمله في رحلة العودة للمدينة، فاهتدى إلى شعار آخر إذ كان يصدح "ببوري: شاحنته وهو يقول: أهلك .. لا تهلك، طبعاً كان يجد بعض الذين اقتنعوا بهتافه ذاك، فتمتليء شاحنته .. رايح .. جاي. Ayman Abo El Hassen [[email protected]]