كلمة (الحقيقة المرة) التي نشرت المرة السابقة لم يكن المقصود بها أبدا تخويف وترويع فئات المغتربين الذين تراودهم فكرة العودة (النهائية) الى حضن الوطن الذي كتبت عنه ايضا أنه لن يكون الا أحن حضن لجميع (السودانيين) على اختلاف سحنهم واعراقهم وقبائلهم السياسية والاجتماعية ومختلف ألوان أطيافهم وما الى ذلك مما هو متعارف عليه في الساحة حاليا. ركزت الكلمة على تباين الآراء واختلافها، كل حسب معطياته وظروفه الخاصة، وهذه حقيقة، والحقيقة الأخرى أن المرء عليه بناء قرارته وفقا لتقديره الخاص ونظرته التي يلمسها ويحسها هو بنفسه، لا عن طريق (وكالة) أو (وجهة نظر) غيره من الناس مهما كانت صحة أو سلامة تقديراتهم، فالحياة علمتني أن أحكم بعد (المشاهدة) و (المعايشة) اللصيقة للأمور. والغرض من تلك الكلمة وربما العنوان (الاستفزازي) هو مجرد استقطاب الرأي لقضية (جد) خطيرة، ربما ترقى الى درجة (القومية) التي تهم كافة أفراد الأمة والمجتمع، وتلامس شغاف قلوبهم وأفئدتهم، وتقع في دائرة ونطاق حياتهم الخاصة. وهي كانت يمثابة (ناقوس) الخطر للتنبيه الى خطورة الموقف سعيا وراء تداول الأمر وتناوله والتطرق الى كافة جوانبه ومعطياته للوصول الى حلول ناجعة ومثمرة ومفيدة بالنسبة للجميع داخل وخارج الوطن العزيز، الذي لوحظ في الآونة الأخيرة انه اصبح (طاردا) لاعداد كبيره من (كوادره) العاملة في كافة المجالات من (الخفير) الى (الوزير)، هجرة واسعة للكوادر والخبرات العلمية والقدرات والكفاءات المهنية (النادرة) وغير النادرة، والعمالة (الماهرة) وغير الماهرة، والمهارات الفنية في جميع قطاعات سوق العمل، هجرة استنزفت مؤسساتنا العريقة والجديدة بشكل تأثر فيه مستوى الأداء (مع احترامي للقلة الصابرة، الصامدة في القطاعين العام والخاص). وكفانا تشتت وفرقة، يجب أن تكون العودة جماعية لإنقاذ الوطن من خطر تلك الهجرات (المنظمة) لاختراق نسيجه الاجتماعي وكيانه الاقتصادي بحجة (الاستثمار) الزائف الذي لا فائدة ولا طائل منه. والنقاط التالية مرتبطة ومترابطة وبعضا يأخذ برقاب بعض تصب كلها في بوتقة واحدة أوجزتها في الفقرة الأخيرة التي تدعو الى تسهيل عودة السودانيين ألى وطنهم المستهدف في كل نواحيه، فهلا تداعيتم وفزعتم ونفرتم فرادى وجماعات. لقد فوجئت ذات مرة وأنا استقل المواصلات العامة بوجوه ذات معالم غير سودانية لا تخطئها عين العامة، أناس مختلفة ألوانهم وجلودهم، وجدوا في السودان (ملاذ آمن) من حيث العمل والسكن، سألت احدهم أنت (........) {من رعايا دولة آسيوية من دول العالم الثالث}؟؟؟ قال نعم قلت: أين تعمل... في أي شركة؟؟؟؟ قال: لا أنا عندي شركتي الخاصة (وناولني بطاقة أعماله فيها اسمه واسم شركته الخاصة بأعمال الألمنيوم ولوازمها)، وهي ليست شركة وانما مجرد (ورشة) تعمل في مجال (الاستثمار). وذات مرة وأنا في صالون الحلاقة (التركي)، قابلت حلاقا سودانيا وقلت له لماذا سميتم اسم الصالون باسم (الصالون التركي)؟؟؟ قال لي: أصلو كان (استثمار) وأخلوه الحلاقين الاتراك وعادوا بلادهم لأنهم لم يتأقلموا مع (الشعور) السودانية التي كانوا يظنون أنها كشعور الاتراك تقبض بالأصابع وتقص بالمقص. ما أكثر مثل تلك المحلات (الاستثمارية)، صالون حلاقة وحلاقين (أجانب)، أعمال ستأئر ومطاعم ومخابز،،،، شر البلية ما يضحك. وفي مجال النقل والمواصلات وبخاصة سائقي (الركشات) نجد معظمهم من جنسية مجاورة اكتسح رجالها السوق والمطاعم ونساؤها البيوت، وبدأت (بلاويهم) تظهر في المجتمع (راجعوا بلاغات الشرطة). والله نحن شعب طيب نحب شعوب العالم ونرحب بهم ولا نقصر في أمر (ضيافتهم)، ولكن نريد (تقنين) كل شئ ، بما في ذلك الاستثمار، حتي لا يضيع حق المواطن السوداني، الذي صار غريبا (تائها) في بلده {بالمناسبة معظم سائقي الركشات السودانيين من الشباب خريجي الجامعات (العاطلين). المعاملة بالمثل: اليوم وبرواية العديد من الشهود في كثير من بلدان العالم يفتقد السوداني الاحترام، بل تتعمد السلطات الى (اهانة) ذلك الشعب المحترم الذي حفل سجل تاريخه (الناصع) بسمعة طيبة للسودانيين حيث كانوا محل احترام وتقدير جميع شعوب العالم. نسمع عن روايات كثيرة تتحدث عن المعاملات غير الانسانية التي يتعرض لها المواطن السوداني، في بلاد عربية وغربية ولكن للأسف المسؤلون عن حفظ وصيانة كرامة و (عزة) السوداني خارج بلده صامتون ولا يهرعوا أو (يفزعوا) لصيحات أولئك المظلومين. للأسف حتي في الشقيقة مصر يمارس بعض مسؤلي الامن في المطارات ومنافذ الدخول حقدهم وغيظهم ضد المواطن السوداني بشكل يستفز كل المشاعر الانسانية ويخالف الأعراف القومية، بدون تقدير لوحدة المصير أو مقولة (ابناء النيل) التي يطبلون بها أكثر من السودانيين، أو حق الجيرة ومسائل كثيرة يدعيها البعض، ويطبق القانون بحذافيره بل بكثير من الحقد والتزمت و (التشفي) يشبه صاحب (الثأر)، ضد السودانيين خاصة بشكل يثير الشكوك. في الوقت الذي تتجاهل فيه السلطات السودانية (الطيبة) بكل سذاجة نص القوانين الصريحة المنظمة لعملية الهجرة والعمل. والدليل على ذلك هو تعليق العمل بمبدأ (الحريات الأربع بين مصر والسودان والتي لم تفعل ولم تعمل بها مصر حتى الآن ولعلها مفعلة من جانب واحد فقط) التي لا تزال (الورقة) الزائفة التي يلوح بها أحيانا لنيل بعض المكاسب، حتى أضحت كلمة الحق التي أريد بها باطل. نأمل أن يطبق مبدأ (المعاملة بالمثل) ونترك (العواطف) جانبا ونقيم ذلك المبدأ حفاظا على حقوق المواطن السوداني في أي بقعة من العالم وهو دون شك مبدأ دولى معمول به في جميع دول العالم، التي قد تعتبر ظالمة و (قاهرة). مراعاة لتلك المسائل وغيرها في حق عودة المغتربين الى وطنهم، أرجو من جميع المغتربين الراغبين وغير الراغبين في العودة الى الوطن أن يعطوا هذا الأمر جل اهتمامهم ومن حقهم المساهمة في وضع وتصميم تشريع نظم وقوانين تكفل لهم ذلك الحق وحقهم في ممارسة الاعمال التجارية التي تروق لهم، وبهذا نخاطب ادارة الاستثمار أن تدرس الأمر بجدية وصراحة ووضوح يسهل عودة السودانيين العاملين بالخارج في كافة قطاعات الأعمال والخدمات التجارية والاقتصادية التي تحقق عودة الآلاف من ابناء الوطن بعد تسهيل عملية تمليكهم مساكن خاصة بأسعار معقولة وتأمين فرص الدراسة لأبنائهم في كافة المراحل التعليمية فضلا عن منحهم الحوافز والمكافآت الكفيلة بجعلها عودة سلسة مأمونة ومستقرة وبالله التوفيق. alrasheed ali [[email protected]]