إغراق وادي حلفا وعموم قراها وكنوزها الثمينة كأثر لاتفاقية تقاسم مياه النيل نوفمبر 1959م كان ولايزال طمساً للتاريخ وجريمة لا تغتفر ... أبداً حاتم عبدالعزيز محمد صادق آه وآه ثم آه إلى ما لانهاية عليك يا أرض أجداد الأجداد وعبق التاريخ والأصالة ياوادياً شمخ رغم المؤمرات فأغرقوها حتى لا يكون هنالك ...... أوسودان !!! عرفتموها بالتأكيد... إنها الحبيبة وُمهجة العين "وادي حلفا". تابعت كغيري جزء من الحلقات الأخيرة من البرنامج الناجح المُشاهد دوماً "مراجعات" على قناة "النيل الأزرق" السودانية للأستاذ الطاهر التوم حين إستضاف الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان ، الخبير السوداني الدولي والمتمرس في قوانين حقوق الأنهار والأستاذ القانوني الذي عمل لدى أرفع المؤسسات الدولية بهذا الخصوص، كان محور الحلقات هو إتفاقية تقاسم مياه النيل الموقعة في القاهرة في نوفمبر من العام 1959م بين حكومة السودان والحكومة المصرية والتي بموجبها تم تقسيم حق إستغلال مياه النيل وكما ورد ليصل الإجمالي إلى55,5 مليار متر مكعب سنويا لمصر و18,5 ملير متر مكعب سنوي للسودان بالإضافة إلى تفاصيل أخرى كان الخلاصة من كل بأنها كانت إتفاقية مُجحفة في حق السودان وحيث أنها لا تزال حاكمة لعلاقة الطرفان إلى اليوم فينسحب أثر الإجحاف ليومنا هذا وقد عدد د. سلمان أهم تلك البنود الظالمة الواقعة على الجانب السوداني والغير متوازن حقوقها وواجباتها. إن كان موضوع مقالي هذا يتعلقبالأثر السلبي الجوهري والأساسي من إغراق المدينة السودانية الأعرق تاريخاً إلا أن هنالك أيضاً جزئية تتعلق بإتفاقية نوفمبر 1959م يجب التطرق إليها سريعاً لإيضاح ما إذا كان للسودان حقوق ومنفعة متبادلة أيضاً أم لا. أولاً يُرجى الإحاطة بأن إتفاية تقاسم مياه النيل للعام 1959م قد جاءت مكملة لإتفاقية العام 1929مالمُبرمة بين الحكومة البريطانية بصفتها - الإستعمارية–نيابة عن العديد من دول حوض النيل (دول الهضبة الإستوائية أوغندا وتنزانيا وكينيا) وبين الحكومة المصرية وبالتالي فهي ليست لاغية لها. أهم بنود إتفاقية العام 1929م يتضمن إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل– لاحظ المكتسبة - وأن لمصر حق الإعتراض (فيتو) في حالة إنشاء هذه الدول لمشروعات جديدة على نهر النيل وروافده. كما تضمنت بنوداً تخص العلاقة المائية بين مصر والسودان وردت على النحو التالى في الخطاب المرسل من رئيس الوزراء المصري والمندوب السامى البريطانى: إن الحكومة المصرية شديدة الاهتمام بتعمير السودان وتوافق على زيادة الكميات التي يستخدمها السودان من مياه النيل دون الإضرار بحقوق مصر الطبيعية والتاريخية في تلك المياه. توافق الحكومة المصرية على ما جاء بتقرير لجنة مياه النيل عام 1925 وتعتبره جزءاً لا ينفصل من هذا الاتفاق. ألا تقام بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية أعمال رى أو توليد قوى أو أى اجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التي تنبع سواء من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذي يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أى وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر. تقدم جميع التسهيلات للحكومة المصرية لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النيل في السودان ويمكنها إقامة أعمال هناك لزيادة مياه النيل لمصلحة مصر بالاتفاق مع السلطات المحلية. وعليه فإن إتفاقية تقاسم مياه النيل 1959،قد جاءت مكملة لإتفاقية عام 1929 وليست لاغية لها، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان في ظل المتغيرات الجديدة التي ظهرت على الساحة آنذاك. تضم اتفاقية الانتفاع الكامل بمياه النيل أو تقاسمه لعام 1959م على عدد من البنود من أهمها: إحتفاظ مصر بحقها المكتسب من مياه النيل وقدره 48 مليارمتر مكعب سنوياً وكذلك حق السودان المقدر بأربعة مليار متر مكعب سنوياً. موافقة الدولتين على قيام مصر بإنشاء السد العالى وقيام السودان بإنشاء خزان الروصيرص على النيل الأزرق وما يستتبعه من أعمال تلزم السودان لإستغلال حصته. كما نص هذا البند على أن توزيع الفائدة المائية من السد العالى والبالغة 22 مليار متر مكعب سنوياً توزع على الدولتين بحيث يحصل السودان على 14.5 مليار متر مكعب وتحصل مصر على 7.5 مليار متر مكعب ليصل إجمالي حصة كل دولة سنوياً إلى 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان. قيام السودان بالاتفاق مع مصر على إنشاء مشروعات زيادة إيراد النهر بهدف استغلال المياه الضائعة في بحر الجبل وبحر الزراف وبحر الغزال وفروعه ونهر السوباط وفروعه وحوض النيل الأبيض، على أن يتم توزيع الفائدة المائية والتكلفة المالية الخاصة بتلك المشروعات مناصفة بين الدولتين. إنشاء هيئة فنية دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان.(* المصدر – موسوعة ويكبيديا إستناداً للوثائق المنشورة بهذا الشأن). عليه فإن القول بأن إتفاقية تقاسم مياه النيل للعام 1959م مُجحفة على إطلاقها بحق السودان قد يكون مجال جدل خصوصا فيما يتعلق بزيادة حصة السودان والموافقة على إنشاء خزان الروصيرص على النيل الأزرق برغم النقاط الجوهرية السلبية والغير واضح غاية تفسيرها .. مثل تقاسم فاقد المياه بالتبخر من بحيرة السد مناصفة وليس بالتناسب وأيضاً إصرار الجانب المصري على أن إنشاء السد العالي سيكون من أجل المنفعة المشتركة لأطراف دولتي إتفاقية نوفمبر 1959م . يجب علينا بحث هذه الجوانب عند تقييم وتحليل ما قصده أطراف العلاقة التعاقدية إذا كان هنالك توجه بإعداد ملف قانوني أو ما شابه خصوصاً بعد قيام دولة جنوب السودان وأن العديد من البنود كأثر لقيام دولة جديدة أصبح مستحيلاً تنفيذها وتحقيق فائدة تبعاً لذلك لتعلقها بأعمال السيادة الوطنية. إلا أن دول حوض النيل التي لم تكن جزءا من إتفاقية 1959 الثنائية المُكملة قد أثارت موقف قانوني أعتقد بأنه دفع قوي من أن إتفاقية العام 1929م وهي الإتفاقية الأصل قد أُبرمت من قبل حكومة إستعمارية وبالتالي ليست ملزمة لهم إستناداً للمواثيق الدولية وخصوصاً ميثاق منظمة الأمم الأفريقية - بعد إستقلال الدول الأفريقية- والتي ورثها الإتحاد الأفريقي وبالتالي الجزء المكمل لها أصلاً كانت إتفاقية ثنائية لا تعنيهم،كما أن إتفاقية العام 1929م أعطت حق مُطلق لمصر من الإعتراض على قيام أية مشاريع على النيل وروافده (منبع ومجرى) وهذا ما لا يمكن تقييمه منطقاً وقانوناً إستناداًإلى الإتجاهات الدولية العديدة من مقتضيات العدالة وحقوق كافة أطراف الأنهار من الإستفادة من حقوقه المشتركة ( إنشاء السد العالي حمى مصر كدولة مصب من الجفاف والفيضانات في حين أن دول المنبع والمجرى عانت كثيراً من الأمرين). ولقد إطلعت على بعض من مقالات الدكتور سلمان المحترم وقبل فترة لحلقاته العلمية التلفزيونية التي نُشر بعضها على الشبكة العنكبوتية ثم سمعت ويا للأسف حملات التشكيك التى تعرض لها فيما طرحه من إتجاهات ورؤى فيما يتعلق بإتفاقية عنتيبي الإطارية الأخيرة الموقعة بين الغالبية العظمى لدول حوض النيل التي أقرت وإعتمدت على الإستخدام المنصف والمعقول للدول، وذلك بأن تنتفع دول مبادرة حوض النيل انتفاعاً منصفاً ومعقولاً من موارد مياه المنظومة المائية لنهر النيلوما يرأه من مصلحة السودان بضرورة الإنضمام إليها مع تعديل ما لا يتناسب مع حقوق السودان الأصلية والمكتسبة بدلاً من تبني المعارضة المصرية لهذه الإتفاقية الإطارية على إطلاقها وبالتالي فك الإرتباط المصري !!! إلا أن هذا موضوع آخر سنرجع بالتأكيد عليه.. لكن بالرجوع لموضوع المقال الأصلي فإنه وضمن ما عدد د. سلمان فلقد أتاح وقتأ مُقدراً إلى أهم هذه الآثار السلبية الظالمة التي وقعت على السودان وتحديداً الظلم البين والذي لن يغفره التاريخ أبداً بإغراق أعرق مدينة سودانية وتهجير أهلها من موطن أجداد أجداد أجداد أجداهم إلى أكثر من عشرة آلاف سنة ميلادية ومحاولة تسكينهم في بلاد لا ينتمون إليها ولا تعرفهم.. ترتب على هذا ... 1. تهجير خمسين ألف من أهل الحبيبة وادي حلفا( بعملية حسابية بسيطة كأثر تراكمي لخمسين عاماً من التهجير والإنتشار فإن تعداد أهلها اليوم المنتشرون في مشارق الأرض ومغاربها في حدود مئات الآف) أو ما سُميت بعد ذلك "بحلفا القديمة" من أقصى الحدود الشمالية للسودان إلى منطقة خشم القربة أو ما أطلق عليها لاحقاً "حلفاالجديدة" بشرق السودان، 2. إغراق أثار تاريخية عظمية ترجع إلى ما يقارب العشرة آلاف سنة ميلادية وهي جريمة دولية في حق شعوب العالم وليس الشعب النوبي فقط برغم محاولات منظمة اليونسكو العالمية لإنقاذ ما كان يمكن إنقاذه، 3. إغراق أكثر من مليون شجرة نخيل وحوامض وقتها، 4. أغراق جبال من المعادن النفيسة من ذهب ونحاس وغيره لا تقدر بثمن، 5. إهدار النفع من شلالات مائية كان يمكن لها أن تنتج ما يقارب 650 ميغاواط كهرباء في ذاك الوقت وما يترتب عليه من تغيير بيئي، 6. إقتطاع مكان تاريخ السودان وطمسه حتى لا يتم تأكيد أن الحضارة النوبية وتحديداً السودانية هى الأعرق!!! واللبيب بالإشارة ..يفهمُ، 7. مسح مدينة أثرية مأهولة بسكانها كاملة من الوجود بفعل الإنسانوليس الطبيعة في أكبر جريمة لم يسجل لها التاريخ مثيلا!!! ورغم مرارة وآلام ما ذُكر أعلاه، يأتينا دكتور سلمان بحقيقة صعبة أخرى وهي ضعف المفاوض السوداني مقابل طلبات وإستراتيجية المفاوض المصري وذلك بدون مبرر أو وجود خطة مدروسة وفي قضية محورية هامة كحقوق السودان المائية والتفريط في أغلى مدينة سودانية هكذا وبدون أسانيد قوية مقبولة والأدهى والأمر وبمراجعة تشكيل أعضاء الوفد النهائي والبالغ عددهم ثلاثة عشر مفاوضا بصفتهم ممثلين لحكومة السودان وما تسنى لى من رصد بهذا الشأن من أهلي الكرام .. فإن ممثلي أهل المنطقة .. "حلفا بعمومها" لم يكونوا أعضاء في أي وفد تفاوضي كمرجع فيما يخص منطقتهم أو حتى يستشاروا بشأن إذا كانوا على إتفاق أو رفض مع ما قد يتقرر في تاريخهم ووجودهم على تلك الأرض الغالية من عدمه بالتنازل عنها هكذا !!!! ماذا بعد أكثر من ذلك؟! نحن اليوم أمام حق مسلوب لا يسقط بالتقادم وأمام جريمة تاريخية لن يغفرها أهل حلفا والنوبة جمعياً من واقع الظلم البين وحجمه ولا أريد أن أُشير بأن أول التفريط في سيادة دولة السودان في ذاك الوقت قد وقع على أهل حلفا في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات من القرن الماضي وهو بالتأكيد ليس حلقته إنتهاءً بفصل جنوب السودان حيث أن أهل جنوب السودان العزيز قد إختاروا "الإستقلال" من ما كان من "جسم مركزي" وقته وكل ما تم .. أكرر.. ما تم قد تم بأيد سودانية خالصة وليس جراء أعمال إحتلال وعدوان خارجي!!!!! وعليه وحيث انني أتشرف بإنتمائي إلى أهلي في عموم حلفا وحيث أن موطن أجدادي قد أُغرق عمداً وظلماً مما حرمني وحرم أبنائيمن إحتضان وتقبيل تراب تلك البلاد الطاهرة العزيزة ورؤية وملامسة ما تركه لنا أجدادنا وهو لا يمكن تقديره بأي ثمن ..وعليه وبكل إحترام .. فإنني أدعو أهلي الكرام بالبحث في قانونية ما تم - إغراق مدينة أثرية - وبيننا الخبراء والعلماء في كافاة المجالات وينتشرون في المحافل الدولية والخاصة ومن ثم وأنا على قناعة من ذلك يتحتم علينا برفع شكوى أمام لجان الأممالمتحدة المختصة بالنظر في أمر هذا الظلم وجبر ما يمكن جبره إلا أن الهدف الأساسي من هذه الشكوى تمكيننا من أرض الأجداد وإحتياطياً إذا كان ذلك غير ممكن في الوقت الحاضر .. بتسجيل وحصر ونقل كآفة الآثار التي أُغرقت إلى بقعةعالية قريبة جداً مع حفظ كافة حقوق أهل المنطقة الأصلية والمكتسبة من أرض وتراث وزرع وماء ورمال .. لماذا أُطالب بذلك من خلال أهلي وليس من خلال الحكومة المركزية ؟ كل ذلك لأنه وللاسف فإن حقوق أهل المنطقة قد أُهدرت -جملة مخففة- من قبل كافة حكومات ما بعد الإستقلال لجمهورية السودان وقد آن وقت التساؤل والإجابة لماذا كل هذه الحقوق قد أهدرت أو أُهملت هذا الإهمال الجسيم؟ وهل من حق أي حكومة مركزية حتى مجرد فكرة النقاش مع دولة أخرى حول حقوق ومكتسبات أهل منطقة متواجدون عليها على أقل تقدير منذ أكثر من عشرة الآف عام ميلادي؟ منطقة تُشكل بعداً تاريخياً ودينياً ثرياً لا يزال يغوص في فك طلاسمها حتى يومنا هذا أهل الدين والتاريخ وعلم أجناس البشر؟؟ منطقة عُرف أهلها "برماة الحدق" حتى أن فتوحات الإسلام وفي وقت عظمة الخلافة الإسلامية لم تستطع الدخول إليها إلا بتراضي أهلها ومن ثم توقيع أعظم معاهدة "إتفاقية البقط" وحسب علمي البسيط بأنه لم يتم ذلك قبلها ولا بعد توقيعها كمعاهدة مثيلة "للبقط" مع أهل أي منطقة أخرى وترتب على هذه الإتفاقية تحول أهل النوية جمعياً إلى دين الإسلام الحق العظيم وبالتراضي والقناعة الإيمانية الكاملة.. لا أكتب ما أكتب من أجل فتنة أو خلاف بل من أجل حفظ الحقوق لتوالي أعمال السدود والتهجير .. من أجل الحفاظ على الحقوق كافة .. من أجل النأي بمثل هذه الحقوق من أي تفاوض سياسي يترتب عليه التفريط في حقوق أصيلة .. من أجل أن يُحاط بالعلم بأنه قابل للتطبيق في مناطق أخرى ولعجز وفشل الحكومات المتعاقبة من حفظ حقوق مواطنيها في "موطنهم الأصلي" ومن أجل أن يستوعب أهل السياسة بأن أعمالهم عموماًوبهذا الشأن تحديداً ليست مُحصنة من أى تساؤل أو حتى عقاب .. من يفرط في شبر من أرض بلاده لا يهمه سلب أمتار إضافية من أرض ذات البلاد.. في مكان آخر... عموماً هي دعوة ليست مقصورة على أهلي .. أهل حلفا بل أنها شاملة لأهل الوطن الكبير العزيز للمشاركة حول هذا التساؤل وعن ما جناه السودان من فوائد حقيقة من توقيعه على إتفاقية 1959م وخصوصاً ما ترتب عليها كأثر جوهري من إغراق مدينة بمكانة وتاريخ حلفا الكبرى.. وأيضاً من أجل التفاكر فيما طرحت من رفعها للجهات الدولية المختصة من الحفاظ على ما تبقى من تراث في حال كانت الدعوة إلى الحفاظ على ما غرق غير عملية .. في الوقت الحاضر.. ليست دعوة لتدويل فهذا خارج إطارها حيث أنها طلب للمساعدة الفنية الدولية للحفاظ على التراث الدولي وما يشمله من حقوق متصلة به.. كما أن أهل المنطقة أحق برفعها لظلم فادح مباشر وقع عليهم من ذات حكومة بلادهم وحكومة جارة بلادهم .. وجارتهم شمالاً في صفقة سياسية غير واضحة المعالم والنتائج عديمة النفع للطرف الأهم في التعاقد وهو من قدم التنازل ..لهذا أقول صفقة سياسية وليست إتفاق دولي أشكال أركانه وموضوعه ومرجعه مُتعارف عليها عالمياً.. فهي ليست معركة في غير معترك .. أو تفاعل دونكيشوتي بمصارعة طواحين الهواء من أجل القيام بأفعال وإدعاء بطولات زائفة .. ولكنها حقوق شعب سُلبت ومن ثم هُجر من أراضيه وأرض أجداده التاريخية وآثار طُمس للأبد جانبها التاريخي الإنساني .. فكيف هو السبيل ؟؟ كل الشرائع السماوية تقر العدل والإنصاف .. وكل العقود المكتوبة أُقرت ونُظمت من أجل مصلحة أطرافها بتوازن .. أكرر .. المصلحة والمنفعة المتبادلة.. فإذا كانت غير ذلك فهي من أنواع الغبن الفاحش وضرر عميق يترتب عليه إزالته وجبره .. والجبر هنا يكون بالتعويض العادل المناسب لحجم الضرر وإرجاع حالة المتعاقدين للحالة الأولى قبل التعاقد (هنا لا أُشير لمبلغ ال 15 مليون جنيه مصري وما دفعته حكومة السودان إضافة عليه فهو ليس تعويضا وعموماً هو أمر مضحك وحزين أيضاً) .. أما إذا كان ذلك غير ممكنا .. فكيف يمكن قياسه وتقديره إستناداً إلى حجم الضرر المادي الكبير جداً والضرر الأدبي المعنوي الأكبر غير الوارد عقلاً ومنطقاً تقييمه لأهل المنطقة وتهجيرهم قسراً وترك من رفض المغادرة معاناة الأمراض القاتلة وإنعدام الخدمات البسيطة من أمن ومسكن وخلافه من أبجديات ضروريات الحياة ومواجهة الثعابين والعقارب السامة والحيوانات المفترسة التي لجاءت مثلهم للمناطق العالية بعد الغمر .. وأصبح بعدها صراع البقاء للأقوى .. وذلك تمسكاً ببعض من حق سُلب و... الكثير .. الكثير .. هل كل ذلك بجريمة إنسانية كبرى لا تغتفر ؟ أما أنها مجرد ذكريات كفيل الزمان بمحاولة نسيان أصحابها لها؟ ومن ثم لا يتبقى لنا غير المحن وإجترار الذكريات الجميلة عن موطن أجدادي التي ليس له وجود في ذاكرتي للأنني وُلدت بعد التهجير ولم أُقبل أرض أجدادي تلك التي سُلبت أو أجري وألعب في رحابها وتسلق نخيلها وحتى الغرق على نيلها "ولو في الإجازات حتى" ولم يتبق لنا كأي بيت من عموم حلفا سوى صور فوتغرافية عديدة تصور لنا كيف كانت حلفاالمدينة الجميلة وأشجارها وزهورها ومطارها الدولي وفنادقها وسوقها ومآذنها الشامخة وشوارعها الجميلة ونخيلها وشاطئيها وقراها و..و...وأهلها ....؟؟؟ والقصد .. كل .. القصد محاولة فهم لماذا تم ذلك ؟؟؟؟؟؟ وكيف يمكن تداركه؟؟؟ وللحديث بقية إذا مد الله القدير في الأيام... حاتم عبدالعزيز محمد صادق مايو 2013م Hatim Abd El Aziz [[email protected]]