[email protected] لا أدري إلى متى ستظل فئات عريضة من جماهير وأقطاب نادي المريخ واقعة تحت تأثير المخدر القوي. فالعبث الذي يجري في ناديكم منذ سنوات لم يعد محتملاً ولا مقبولاً. لكن لأن كل شيء تغير في سودان اليوم، فلا أحد منكم يحتج على ما يجري. صار المال هو المعيار للتمييز بين البشر. من يملكه ملك كل شيء. ومن يفقده فقد حتى احترام الناس له. أسندوا مهمة إدارة النادي للرئيس طوالي جمال الوالي ولم يعد من حق أي كائن أن يتساءل مجرد التساؤل عن ما حققته المجالس التي ترأسها الرجل على مدى العشر سنوات الماضية. مؤخراً أعلن الوالي مرارا ًوتكراراً أنه ترك العمل في النادي إلى غير رجعة وتولى آخرون المهمة ليواجهوا بحملات شرسة جعلتهم يبحثون عن ( المخارجة). ليعلن الوزير عن تشكيل لجنة تسيير برئاسة الوالي نفسه وكأن حواء المريخ لم تنجب غيره. ولا أحد أيضاً يتساءل كيف يتم اختيار آخر رئيس مستقيل رئيساً للجنة التسيير. والأمر هذه المرة لم يتوقف على الوالي فقط، بل شمل رجال مال حكوميين آخرين، استمراراً لمسلسل العبث. كنا نظن أن ما نسمعه ونتابعه عن الرئيس طوالي هو آخر المحن. فإذا بنا أمام محنة أشد وأقسى تتمثل في شخصية عبد الباسط حمزة. فالأخير ذكر بعد تعيينه ضمن أعضاء لجنة التسيير المريخية أنه تفاجأ بهذا التعيين خلال رحلة له إلى دولة الإمارات. لكنه ركب الموجة سريعاً وتناسى حديثه الأول. حيث خرج علينا بالأمس بتصريحات قال فيها أنهم ماضون في مهمة تحويل نادي المريخ إلى شركة مساهمة. والغريب في الموضوع أن عبد الباسط القادم الجديد - الذي لم يعرف عنه الناس ارتباطاً بالكرة أو المريخ - أكد أن أعضاء لجنة التسيير سيشترون ما يستطيعون من أسهم الشركة وبعد ذلك تطرح لبقية المهتمين بالشأن المريخي والراغبين في شراء هذه الأسهم. ومرة ثانية لم يطرح أي مريخي السؤال: من الذي أعطى لجنة تسيير يعينها الوزير الحق في اتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية التي تخص النادي الجماهيري الكبير. وكيف يشترى أعضاء اللجنة ما يرغبون فيه من الأسهم ثم تطرح البقية للآخرين! هل يعقل أن يباع نادي الملايين هكذا نهاراً جهاراً دون أن ينبس أهله ببنت شفة لمجرد أن أعضاء لجنة التسيير من أصحاب المال المقربين للحكومة! لم يعد الناس يهتمون بمبدأ أو قيمة أو قانون أو نظام أساسي. فقط ما يهمهم هو من يدفع أكثر من! وليت هذا الدفع البذخي وغير المقنن أتى بانجازات تستحق الذكر. الأمر لا يخرج عن دائرة العبث الذي قضى على الأخضر واليابس بلدنا. أموال تنفق. وتصريحات تُسمع. واحتفالات تقام هنا وهناك دون أن نرى أي طحين بعد كل هذه الجعجعة. لا حديث للكثيرين هذه الأيام سوى عن الاحتفال بالرئيس العربي الأكثر شعبية جمال الوالي. أرادوا للاحتفاء به أن يستمر لثلاثة أيام متتالية، وكأن الوطن يعيش أبهى أيامه ولم تعد هناك قضية تستحق الاهتمام سوى هذا الاختيار الذي لا أعرف شخصياً له أية معايير منطقية ومقنعة. الوالي الإنسان يبدو شخصاً مهذباً يحترم الآخرين ولا يتطاول عليهم مثل بقية الأشخاص المقربين من الحكومة. لكن عندما نتحدث بموضوعية وبصورة عملية وواقعية عن شأن عام لابد أن نستند على حقائق محددة حين نطلق رأياً هنا أو هناك. لذلك لا يكفي الإسهاب في مدح جمال الوالي وتناول إيجابياته مع التجاهل المتعمد والمستمر لسلبياته كإداري لأحد أنديتنا الكبيرة. قبل أن يطيل أحدنا في المديح وإحصاء محاسن الرجل عليه أن يجب على سؤال: ما الذي حققه جمال الوالي كرئيس لنادي المريخ طوال العشر سنوات الماضية؟! هل يكفي حب الناس له لخلق كل هذه الهالة! علماً بأن حب الناس صار سلعة يسهل شراؤها في سودان اليوم. لو أن عهد الوالي شهد تحقيق بطولات محلية وخارجية للمريخ، لما استطعنا أن نقول تلت التلاتة كم لكل من يريد أن يحتفي به. أما بالوضع الحالي فلا اعتبر ما يجري سوى استمراراً لدورة العبث. فمتى يفيق المريخاب من غفوتهم! متى؟!