وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    قرارات اجتماع اللجنة التنسيقية برئاسة أسامة عطا المنان    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    مناوي : حين يستباح الوطن يصبح الصمت خيانة ويغدو الوقوف دفاعآ عن النفس موقف شرف    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق امريكية عن عبود (4) .. واشنطن: محمد علي صالح
نشر في سودانيل يوم 24 - 06 - 2013

محكمة عسكرية لجنوبي طالب بالفدريشن
طلعت فريد: "لا نعترف بالفدريشن"
مدير الاستوائية: "على دعاة الفدريشن العمل في شئ مفيد"
سودنة التبشير المسيحي "فورا"
تحذير للمبشرين: "ممنوع العمل السياسي."
---------------------
واشنطن: محمد علي صالح
هذه رابع حلقة في هذا الجزء من الوثائق الامريكية عن السودان. وهي كألآتي:
وثائق الديمقراطية الاولى، رئيس الوزراء اسماعيل الازهري (1954-1956). وكانت 25 حلقة.
وثائق الديمقراطية الاولى، رئيس الوزراء عبد الله خليل (1956-1958). وكانت 22 حلقة.
وثائق النظام العسكري الثاني بقيادة المشير جعفر نميري (1969-1975، اخر سنة كشفت وثائقها). وكانت 38 حلقة.
هذه وثائق النظام العسكري الاول بقيادة الفريق ابراهيم عبود (1958-1964). وستكون 25 حلقة تقريبا.
وبعدها، واخيرا، وثائق الديمقراطية الثانية، بداية بثورة اكتوبر (1964-1969). وستكون 25 حلقة تقريبا. ان شاء الله.
--------------------------
هذه عناوين الحلقة السابقة:
-- القاهرة: انقلاب امريكي
-- لندن: ليس مواليا لمصر
-- جدة: خوف من الانقلابات العسكرية
-- واشنطن: عبد الوهاب اقوى من عبود
-- بيروت: نهاية النفوذ البريطاني
-- عبود يعلن مجلسي قيادة الثورة، والوزراء، ويعقد اول مؤتمر صحفي
-------------------------------
(هذه الحلقة، وحلقات بعدها، عن سياسة عبود في جنوب السودان)
-------------------------------
على بلدو:
25-11-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... علمنا ان حفل وداع اقيم في جوبا يوم 20-11 لوداع اللواء طلعت فريد، قائد القوات الجنوبية، الذي عين عضوا في المجلس الاعلى للقوات المسلحة، ووزيرا للاعلام والعمل. اقام الحفل على بلدو، مدير المديرية الاستوائية. وتحدث بلدو في الحفل عن سياسة الحكومة الجديدة نحو جنوب السودان ...
وقال: "تريد الحكومة الجديدة الاستقرار والعمل الشريف من اجل المحافظة على سودان مستقل وموحد، بدون فرق بين الشمال والجنوب."
وحذر بان "على الجميع فهم ان جميع النشاطات السياسية ممنوعة." وعن الجنوبيين الذين يريدون الفدريشن، قال: "عليهم ان يبحثوا عن شئ مفيد يفعلونه. والا، سيعرضون انفسهم للعقاب القانوني."
وقال: "في الوقت الحاضر، يحكم السودان حسب قانون الطوارئ. وانا، كمدير للمديرية الاستوائية، لا افرق، اكرر لا افرق، بين المواطنين حسب اديانهم. وانا حذرت المبشرين (المسيحيين) بان يركزوا فقط على الامور الدينية، اكرر الامور الدينية فقط. واثبتت المحاكمات الاخيرة ان رجال الدين تدخلوا في مواضيع غير دينية. سياسة الحكومة الجديدة هي سودنة التبشير، وفورا. واطمئن رجال الدين باحترامنا العميق لهم، ما داموا يطيعون قوانين البلاد، وما داموا يؤيدون سياسة الحكومة الجديدة، وما داموا يتعاونوا معها في اخلاص."
وبعد خطاب بلدو، تحدث اللواء طلعت فريد. وكرر نفس المعاني السابقة. وقال: "هذه الحكومة الجديدة لن تتنازل عن استقلال، ووحدة، السودان."
--------------------------------
تحذيرات للجنوبيين:
18-12-1958
من: الخارجية، واشنطن
الى: السفير، الخرطوم
الموضوع: حكومة السودان الجديدة والسودنة والتعريب
(تقرير طويل، وهذا هو الجزء الخاص بجنوب السودان)
" ... سودنة الجنوب: قال عدد من اعضاء المجلس العسكري العالي ان السودنة، التي يركزون عليها، يجب ان تشمل المدارس في جنوب السودان. وايضا، حذروا الجنوبيين بان النظام الجديد لن يقبل انفعالات ("اجيتيشن") الجنوبيين حول الفدريشن.
وحذر اللواء احمد عبد الوهاب، عضو المجلس العسكري العالي، ووزير الداخلية والحكومة المحلية، بان الحكومة الجديدة هي "حكومة كل السودان. وكل مناطق السودان ستعامل بالتساوي."
ونشرت صحف الخرطوم ان المسئولين في جوبا (حيث رئاسة المديرية الاستوائية) حذروا الجنوبيين اعضاء البرلمان المنحل الا يعملوا في السياسة. وان يعملوا لخدمة السودان باداء "اعمال ايجابية."
ويوم 5-12، نشرت صحيفة "السودان الجديد" تصريحات للواء طلعت فريد، عضو المجلس العسكري العالي، ووزير الاعلام والعمل، بان الحكومة لن تعترف باي مطالب انفصالية. وستقاوم اي دعوة لتقسيم السودان. وقال: "كلنا ابناء وطن واحد." وقال: "لا نعترف بالفدريشن. لا نعترف بان اي منطقة هي ملك الذين يعيشون فيها. نحن نؤمن بان السودان، شرق وغرب، شمال وجنوب، وطن واحد، ولا يقبل التقسيم ... "
----------------------
الاسلمة:
6-2-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... يوم 26-1-1959، امر المجلس العسكري العالي بمنع تقديم المشروبات الكحولية في اي مناسبة حكومية. وقال ان الامر يشمل السفارات السودانية في الخارج ...
وكان الفريق عبود، في خطابه بمناسبة ذكرى استقلال السودان يوم 1-1-1959، امر بان تكون كل المراسلات الحكومية باللغة العربية. وقال: "ليس فقط لتشريف اللغة العربية، ولكن، ايضا، لتكون المراسلات مفهومة للمواطن العادي."
في نفس الوقت، تستمر الاوامر التي كانت اعلنتها حكومة عبد الله خليل السابقة بان تكون الدراسة باللغة العربية في كل المدارس الاولية، بما في ذلك مدارس جنوب السودان.
وحسب مصادرنا، علمنا ان هناك امرا أخرا لم يعلن للناس، وهو نقل اي موظف حكومي من "وظيفة حساسة" اذا كانت زوجته "اجنبية" ...
تعليق:
اولا: هذه قرارات رسمية، ولكن الهدف منها هو الاستهلاك المحلي، بان السودان دولة عربية ومسلمة.
ثانية: لم تضع هذه القرارات في الاعتبار ان جزءا ليس صغيرا من سكان السودان ليسوا مسلمين، وليسوا عربا، ولا يعرفون اللغة العربية، ولا يريدون ان يتعلموها.
ثالثا: قرار تعريب المراسلات الحكومية بحجة متابعة المواطنين للاجراءات الحكومية غير واقعي. 90 في المائة من السودانيين لا يعرفون القراءة او الكتابة، على اي حال. وهناك نسبة غير صغيرة منهم حتى لا تتكلم العربية او تفهمها.
رابعا: يقول كثير من كبار الموظفين السودانيين ان اللغة العربية لا تناسب العمل الحكومي، وخاصة المراسلات الاجنبية.
خامسا: سيصاب المبشرون في جنوب السودان بالحرج في معاملاتهم مع حكومة السودان لان كثيرا منهم لا يعرفون اللغة العربية، او لا يعرفونها ليقدروا على تطبيق التعريب في المراسلات الحكومية ..."
-------------------------
محكمة عسكرية:
10-2-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... جاء الى الخرطوم من جوبا على بلدو، مدير المديرية الاستوائية. وخلال وجوده في الخرطوم، ادلى بتصريحات صحفية عن الوضع هناك. وقال ان المبشرين في جنوب السودان "يفهمون فهما واضحا" سياسة الحكومة الجديدة بسودنة وظائف المبشرين الاجانب.
وقال بلدو ان سيسو مازولدي، كبير اساقفة جوبا الكاثوليكي، اخبره بخطوات السودنة التي يقوم بها. وان قادة مسيحيين اخرين في الجنوب اعربوا عن استعدادهم لتنفيذ سياسة السودنة. وانه سينقل الكنيسة الرئيسية بالقرب من ياي الى جوبا، كجزء من توسيع النشاطات التبشيرية. وسيبني كنائس جديدة لتدريب المبشرين الجنوبيين الذين سيحلون محل المبشرين الاجانب ...
وقال بلدو ان الجنوبيين اعضاء البرلمان المنحل "عادوا الى ممارسة التجارة والزراعة لكسب العيش." وطلب بعضهم العودة الى الوظائف الحكومية التي كانوا يعلمون فيها قبل ان يستقيلوا، ويدخلوا العمل السياسي ...
وقال بلدو: "استتب الامن تماما، وبدات الحكومة التطوير."
في نفس الوقت، اعلن الحاكم العسكري للمديرية الاستوائية، يوم 8-2، تشكيل محكمة عسكرية لمحاكمة عمر سليمان، سائق شاحنة جنوبي، بتهمة طلب الفدريشن لجنوب السودان، و "تخويف الشماليين." وفي وقت لاحق، اعلن الحاكم العسكري ان المحكمة حكمت على سليمان بالسجن خمس سنوات.
هذه ثاني محكمة عسكرية تحاكم مدنيين في السودان، واول محكمة في جنوب السودان، منذ انقلاب 17 نوفمبر سنة 1958 ...
ويوم 8-2، اعلن اللواء طلعت فريد، وزير الاعلام والعمل، "تعميم" الرياضة في جنوب السودان. وبداية ستشجع الحكومة مباريات كرة القدم بين فرق في الجنوب وفرق في مناطق اخرى في السودان. وقال ان المنافسات ستجري على "كاس الفريق عبود."
رأينا:
اولا: هذه القرارات من جانب الحكومة العسكرية توضح انها تريد، حقيقة، سودنة الجنوب. وتريد من الجنوبيين ان ينتموا الى الهوية السودانية، وذلك بالأتي: سودنة البعثات التبشيرية. سودنة التعليم. منع نشاطات السياسيين الجنوبيين، خاصة دعاة الفدريشن. معارضة الفدريشين معارضة قوية، ومعارضة حكم ذاتي في نظام فدرالي. العمل لانهاء الفواصل الثقافية بين الشماليين والجنوبيين.
ثانيا: نشك في ان البعثات التبشيرية الكاثوليكية في الجنوب تتحمس لقرارات السودنة مثلما قال كبار المسئولين السودانيين. لكن، رغم ذلك، تقدر الكنائس الكاثوليكية على تنفبذ السودنة بصورة اسهل وافضل من الكنائس البروتستانتينية. وذلك لان فيها عدد اكبر من القساوسة السودانيين الجنوبيين. ولانها تقدر على تدريب اعداد كبيرة منهم. لكن، الكنائس البروتستانتينية قليلة العدد، وقليلة الامكانيات لتدريب سودانيين جنوبيين ... "
------------------------------
زعماء جنوبيون في الخرطوم:
2-5-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... يوم 19-4، وصل اثنا عشرة من زعماء القبائل الجنوبية، من المديريات الثلاثة، الاستوائية، بحر الغزال، اعالي النيل، الى الخرطوم. وصلوا بالقطار. وتقسيماتهم كالاتي:
من المديرية الاستوائية: ابورو نيامسي: مركز كابويتا. صالح مورغي، وتغاماندي بلال: مركز مريدي. نياكا تامبو: مركز انزارا.
من مديرية بحر الغزال: كويك ديك: مركز اويل. ملوال ابيب: مركز رومبيك. تور نايين: مركز التونج. الواك مادات: المركز الغربي.
من مديرية اعالي النيل: ميننق شول: مركز الناصر. فاشوي بيكلوت: مركز بنتيو. مالك دينق: ملكال. اودا دينق ادنق: الرنك ...
يوم 20-4، استقبلهم الفريق عبود في القصر الجمهوري. وفي نفس اليوم، قابلوا مسئولين في وزارة الداخلية. وخلال الايام التالية، قابلوا مسئولين في وزارة الاعلام والعمل، وفي بلديات الخرطوم، والخرطوم بحري، وامدرمان. وايضا، زاروا اذاعة "هنا امدرمان"، وسجلوا خطابات باللهجات المحلية الى اهلهم في الجنوب.
ويوم 26-4، سافروا في جولة الى مشروع الجزيرة، وخزان سنار، وكوستي. ومن هناك، عادوا الى مناطقهم ...
حسب معلوماتنا، في القصر الجمهوري، قدم الفريق عبود راديو، وبطارية جافة، لكل واحد منهم. وفي وزارة الداخلية، تحدث معهم وكيل وزارة الداخلية عن "تقوية العلاقات بين الشمال والجنوب." ونقلت صحف الخرطوم الأتي، من واحدة منها: "عبر زعماء القبائل والسلاطين عن ولائهم لحكومة الثورة. وتمنوا الازدهار للسودان في العهد الجديد ... "
رأينأ:
اولا: منذ سنوات، ظل الذين يدعون الى السودان الموحد، سياسيا وجغرافيا وثقافيا، قلقين على القدرة على انهاء، او تقليل، الاختلافات الكبيرة بين الشماليين والجنوبين.
ثانيا: يقدر المراقب المحايد، ايضا، على ان يلاحظ الاختلافات في طريقة التفكير، وفي طريقة الحياة، وفي طريقة التعامل مع الجانب الآخر.
ثالثا: في الشمال، يسيطر "العرب" (الذين يتكلمون العربية، او يتكلمونها بلكنات قبلية). ويسود الدين الاسلامي وسط الذين يتكلمون العربية، بطلاقة، وبغير طلاقة.
رابعا: في الجنوب، الاغلبية وثنية، والاقلية مسيحية.
خامسا: يخاف الجنوبيون من استغلال الشماليين لهم. واذا لا يستغلونهم، يجهلونهم. واذا يجهلونهم، لا يريدون ان يعرفونهم (وكانهم غير موجودين).
سادسا: صار هذا الرأي وسط الجنوبيين عن الشماليين عامل وحدة وسط الجنوبيين. وان كان عامل وحدة ضعيف.
سابعا: يعرف السياسيون الشماليون هذه المواضيع. لهذا، يريدون ان يجعلوا الجنوبيين جزءا من السودان الموحد. ويشمل ذلك النظام العسكري الحالي, وها هو يدعو زعماء القبائل الجنوبية لزيارة الخرطوم، ويقدم لهم الهدايا، ويطلعهم على نظام الحكم والحياة في الخرطوم، بهدف دمجهم.
ثامنا: نؤمن بان زعماء القبائل الجنوبية لم ياتوا الى الخرطوم طواعية. وان النظام العسكري رتب هذه الزيارة ...
يوم 28-4، في اجتماع بين دبلوماسي في السفارة ومحمد خليل بتيك، مدير مديرية الخرطوم، قال المدير، الذي اشترك في ترتيب جولة زعماء القبائل الجنوبية، وقابلهم في مكتبه، ان الهدف هو "توثيق علاقة زعماء القبائل مع الحكومة المركزية، هنا في الخرطوم." وقال المدير ان الزيارة كانت ناجحة، لكنها محدودة. وان الهدف هو مزيد من الزيارات، ومزيد من التفاعل بين حكومة الخرطوم والجنوبيين ... "
----------------------------
صحيفة "النيل":
14-12-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... نشرت اليوم صحيفة "النيل" (كانت ناطقة بلسان الانصار وحزب الامة) رايا عنوانه: "علاقاتنا مع الدول الافريقية." وهذه مقتطفات منه:
"تربطنا مع افريقيا علاقات الجوار، والدم، والمصالح المتبادلة. ونحن نعيش في هذه القارة السودانية، المتعددة القبائل والاعراق والالوان والثقافات، علينا واجب تاريخي لتحسين علاقاتنا مع الدول الافريقية ... هل نحن ننفذ سياسة خارجية تقوم على المبدأ الذي نعترف به جميعا وهو اننا كوبري بين افريقيا والعالم العربي؟ الاجابة على هذا السؤال هي: لا. نحن لم نفعل اي شئ، او فعلنا شيئا قليلا جدا، لتوثيق علاقتنا مع الدول الافريقية ... مثال على ذلك: لم نؤسس سفارة في غانا، رغم ان غانا اسست سفارة في الخرطوم. ولم نحاول اقامة علاقات مع دولتين افريقيتين جديدتين اخريتين: ليبريا وغينيا ... كيف نهمل الافارقة ونحن نعرف ان زعيم غانا، كوامي نكروما لعب، ولا يزال يلعب دورا قياديا في تحرير افريقيا والافريقيين؟ ..."
رأينا:
اولا: رغم الغاء الاحزاب السياسية والصحف الحزبية، تظل صحيفة "النيل" تنطق بلسان طائفة الانصار وحزب الامة المنحل. ونقد الصحيفة لتقصير نظام الفريق عبود في تقوية العلاقات مع الدول الافريقية هو، بصورة او اخرى، نقد للنظام كله.
ثانيا: بينما هرع نظام عبود نحو مصر للتوقيع علي اتفاقية مياه النيل، لا يتحمس الانصار للاتفاقية، ولمصر نفسها. لا ينفي ذلك ان الانصار "عرب"، لكن يوضح انهم اقل حماسا من الاتحاديين للقومية العربية وسياسات الرئيس المصري جمال عبد الناصر.
ثالثا: في البرلمان السابق، كان عدد النواب الجنوبيين المؤيدين لحزب الامة، او المتحالفين معه، اكثر من مؤيدي او حلفاء الاتحاديين. ويمكن القول ان حزب الامة يرى انه احق بالجنوب من الاتحاديين، ومن النظام العسكري الحالي.
رابعا: رغم صعوبة التفريق بين انتماءات الشماليين العربية والافريقية، يمكن القول ان المناطق التي كان يسيطر عليها حزب الامة، او مناطق الانصار، هي "افريقية" اكثر منها "عربية"، مناطق كردفان ودارفور ... "
------------------------------
صحيفة "الصراحة":
15-12-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
" ... نشرت اليوم صحيفة "الصحافة" ردا على ما نشرت امس صحيفة "النيل" عن العلاقات بين السودان والدول الافريقية. وهذه اهم النقاط التي في راي "الصراحة":
"تنتقد "النيل" الحكومة بانها فشلت في وضع اي اعتبار للدول الافريقية، ولعلاقاتنا معها. اعتقد ان في هذا القول مبالغة ... وهناك اخطاء في معلومات وردت في الموضوع. انا (يعتقد ان الكاتب هو عبد الله رجب، رئيس تحرير "الصراحة) قابلت في السنة الماضية محمد احمد محجوب، عندما كان وزيرا للخارجية. وتحدثنا عن علاقتنا مع غانا. وعكس ما قالت صحيفة "النيل" لم تؤسس غانا سفارة في الخرطوم. وكما قال محجوب، عينت سفيرها في القاهرة سفيرا في الخرطوم. ولهذا، لم يعين السودان سفيرا في غانا ... الان، وقد اسست غانا سفارة في الخرطوم، لا شك ان الحكومة سوف تبادلها بالمثل ... الذين يريدون ان ينتقدوا وزير الخارجية احمد خير، ويقولون انه قصر في دعم العلاقات مع افريقيا، يجب ان يلاحظوا ان الوزير يؤدي واجبه تادية كاملة ... "
راينا:
اولا: ليس الخلاف الاساسي بين صحيفتي "النيل و "الصراحة" عن اقامة علاقات مع غانا او غير غانا. الخلاف الاساسي هو ان "النيل" انصارية و"الصراحة" يسارية. وان الانصار لا يتحمسون للتوجه العربي المبالغ فيه، خاصة نحو مصر. وان اليساريين يتحالفون مع مصر، وينظرون الى السودان كجزء من المنطقة العربية.
ثانيا: بينما يرى الانصار ان الجنوبيين اقرب اليهم من الاتحاديين، ومن، في هذه الحالة، هؤلاء اليساريين السودانيين، لا يهتم هؤلاء بالجنوبيين كثيرا. ولم تكن تعرف لليساريين السودانيين نشاطات سياسية في الجنوب.
ثالثا: النقاش عن علاقة السودان بالدول الافريقية، سواء مع او ضد، يوضح الوضع الخاص، والمعقد، للسودان. يقول الشماليون ان السودان كبري بين افريقيا والعالم العربي، لكنه يمكن ان يكون منقسما بين الجانبين. ويظهر هذا في التركيز، من جانب السياسيين الشماليين، على وحدة السودان، وكانهم يخافون تقسيمه ... "
------------------------------------
الحلقة القادمة: عبود والمبشرون الامريكيون في الجنوب
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.