هي المرة الأولى التي أزور فيها وادي حلفا بالولاية الشمالية والمناسبة كانت افتتاح محطة كهرباء على يد النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه، كما هي المرة الأولى التي أجد فيها الجبال تنبت إنباتاً (ظهرت بعوامل التعرية)، في أرض قاحلة لا شجرة فيها ولا أي أثر نبات، فترى الجبال فيها ويخيل إليك أنها أشجار وما هي بأشجار، لتصحيح فهمي لمشاهداتي سألت الدكتور سلاف الدين صالح، أحد رموز المنطقة: هل كان بالمنطقة قطاع نباتي واندثر؟ فأجاب بالنفي وقال لي إنه منذ وُلد وجد هذه الجبال بهذه الكيفة، ولم يكن بها أي غطاء نباتي، بالتالي لم يدحض قناعتي أن الرمال كانت تغطي هذه الجبال والتي هي مستوى واحد، ثم نبتت بعامل التعرية. (حلفا دغيم ولا باريس) الشعار الذي رفعه المهجرون رفضاً لترحيلهم القسري، هي تلك المدينة التي أغرق السد العالي جزءاً منها وطمس معالمها وآثارها، ثمناً لتوطيد العلاقات مع الشقيقة مصر، التي حاولت شتم السودان والسودانيين مؤخراً في أمر لا يد له فيه، سد الألفية بدولة إثيوبيا حاضنة بحيرة فكتوريا مغذية النيل بأكثر من (86%) من مياهه، وكان ظني أن المصريين سيحسنون على من تبقى من أهل وادي حلفا بمدهم بالكهرباء من السد العالي، ولكن ذلك لم يحدث فهم الآن فقط جاءتهم الكهرباء المستقرة من الشبكة القومية، الأمر الذي يجعل عودة أهلها بحلفا الجديدة ضرورة بعد توفير مصادر دخل جديدة في المنطقة بجانب توفر معدن الذهب ومعادن أخرى في الطريق. بات واضحاً أن هذا الاتجاه تبنته الحكومة وأعلنت عن برنامج للعودة الطوعية للمهجرين، وتوسعت بذلك برامج العودة الطوعية بعد أن كانت محصورة في دارفور وكردفان والنيل الأزرق بسبب الحرب، وقبلها كانت لأهل جنوب السودان قبل الانفصال.. والخطوة التي لمَّح إليها الأستاذ علي عثمان في خطابه الجماهيري في اعتقادي استباقية حتى لا تتكرر تجارب الإهمال التي ولدت التمرد، بالتالي كان الاهتمام بوادي حلفا وأهلها، والتي يتوقع لها أن تصبح منطقة اقتصادية جاذبة بعد فتح الممرات البرية مع مصر قريباً. anwar shambal [[email protected]]