يحكى أنّ قصة طريفة تروى عن رجل سوداني من غمار الناس، تمكن - بفضل الله - من التزوج بحبيبته التي يحبها وتحبه، وأن الرجل المحب لزوجته وبسبب ظروفه الصعبة ولطبيعة عمله القاسية، اضطر للسكن مع زوجته في بيت أمها (نسيبته)، التي كانت امرأة قاسية و(سادية)، وجدت في الرجل - راجل بتها المسكين - (دروة) مناسبة لممارسة الضرب والركل في الصباح والمساء، فكانت تنيمه ب(علقة) وتوقظه من النوم بأخرى، ولم يكن يجد راحته إلا حين يسافر في رحلاته التجارية القصيرة القاسية، ليعود بعدها مهموما ب(دقة الصباح والمساء). قال الراوي: في إحدى المرات والرجل في طريقه إلى بيت أم زوجته ومسكنه (دروته) بعد عودته من رحلة قصيرة، فوجئ بصيوان ضخم منصوب أمام البيت، وبمجموعة من الجيران والرجال الأغراب يهرولون نحوه وهم يبسطون أيديهم في وقت واحد ويصرخون في وجهه: (الفاااااتحة)، الرجل المندهش تساءل متوجسا: المات منو؟ وبصوت واحد ردوا أجمعين: الحجة نسيبتك. فرفع الرجل يديه إلى السماء، بسطهما وهتف: الفااااااتحة، وأرفق هذا برسم ابتسامة كبيرة ومشعة على وجهه، ولما انتبه لنظرات الاستنكار في وجوه المعزين قال لهم بانكسار: والله يا جماعة، كل من نقول نبكي يجيني ضحك ضحك. قال الراوي: القصة أعلاه قد تصلح تطبيقا على كثير من الأحداث التي تمر بها البلاد أخيرا، سواء في العالم من حولنا، أو في الداخل السوداني؛ حيث أن كثيرا من الوقائع المبكية – المفرحة، التي حدثت خلال الأيام الماضية، تدفع رغم مأسوية بعضها إلى الضحك الذي يأتيك غصبا عن البكاء المفترض في هذه الحالة، شماتة في الحكومة وحلفائها، وشماتة في بعض المعارضة وتخبطاتها. قال الراوي: ففي مصر (أخت بلادي!)، ما يحدث أيضا من (شأن داخلي!)، يدفع كل الجهات المتصارعة لممارسة الضحك (على بعضيها) الذي يأتي في مكان البكاء، سخرية من الآخر ومن تبدل موقفه وموقعه، وتأملا في الحال الذي يتغير بوتيرة التصعيد الدرامي بحسب المنهج البريشتي، فالكل الآن داخل مصر ومن خارجها يمارس التضاحك الباكي وينتظر. ختم الراوي؛ قال: كل ما أتأمل في تصريحات ساسة بلادنا العجيبة "يجيني ضحك ضحك" (والله). استدرك الراوي؛ قال: ومن النار والرصاص ما يجعل حالك "ضحك ضحك". *زاوية يومية في صحيفة (اليوم التالي) منصور الصُويّم mansour em [[email protected]]