بالتعاون مع لجنة الشؤون الإقتصادية والمالية بالمجلس الوطني، نظم برنامج الأممالمتحدة الإنمائي مؤخراً ورشة تدريبية إستمرت ليومين حول الرقابة المالية: العلاقة بين البرلمان ومؤسسات الرقابة المالية الأخرى بهدف تطوير وتفعيل دور ومهارات البرلمانيين في مجال الرقابة المالية. البرلمان هو أول جهاز منظم للآداء الحكومي من خلال إضطلاعه بدوره الأساسي في الرقابة والحث والمطالبة بتنفيذ مبادئ المسؤولية الإجتماعية والشفافية في المؤسسات الحديثة. لقد وضع هذا الدور الهام للبرلمانات المجالس التشريعية الوطنية والمحلية في صميم ممارسات الحكم الديمقراطي. حضر الورشة التدريبية عدد من الجهات ذات الشأن، بمن في ذلك مشاركين من البرلمان والأوساط الأكاديمية وممثلين عن العديد من الهيئات التنفيذية، مثل وزارة الداخلية وديوان المراجعة الوطني.ودعت العروض الفنية والمناقشات التي تخللت الورشة الى تجويد الرقابة المالية في السودان بصورة فعالة ومحايدة تتصف بالمصداقية. فيما يتعلق بمساءلة حيادية المراجع العام، فقد ذكر نائب المراجع العام لضمان وتطوير الجودة، الدكتور محمد عبد الحافظ بأن "إبداء الجهات الخاضعة للمراجعة لاي نوع من حسن الضيافة قد يؤثر على إستقلاليتنا. وهذا قد يعني تغاضينا عن بعض الحالات المتعلقة بسوء إدارة المال العام والتي ربما لا تستوفي مقاييسنا للآداء. هناك دائماً الحاجة الى الآداء بشكل أفضل والقيام بعمل الكثير، لذلك علينا الإقرار بأنه هناك بعض المخالفات والإعتداءات على المال العام. ولكن ليست كلها مقصودة. ولهذا يتعين على ديوان المراجع العام تنظيم حملات للوعي لتشمل المعرفة والتوجيه بشأن الإستخدام الأمثل للمال العام. ويسلط الدكتور محمد عبد الحافظ مزيداً من الضوء بالقول "اسمحوا لي أيضاً بأن اغتنم هذه الفرصة لتوضيح أنه ليس هناك صلة بين المراجع العام والمراجع الداخلي للمؤسسات. وفي حالة وقوع أي إعتداءات تتعلق بسوء إستخدام المال العام فإنه يجب عليهم إبلاغ المراجع العام ومن ثم يكون من واجبنا التحقيق فيها والتحقق من أي قصور في الآداء". في المناقشات والأوراق المرجعية التي تم تقديمها بالورشة التدريبية تم تسليط الضوء على بعض التحديات، مثل غياب التنسيق فيما بين العديد من مؤسسات الرقابة المالية. قضايا أخرى عديدة نالت حظها من من النقاش المستفيض، منها تأخر تقديم الميزانيات السنوية من قبل الوزارات المختصة، و انحرافات الميزانية غير المبررة والتي تحتاج لمعالجتها فنياً لتحسين الإشراف والرقابة المالية. دعى المشاركون والخبراء الى نظام موحد لرصد البيانات المالية والإفصاح بين وزارة المالية والإقتصاد الوطني من ناحية، وبنك السودان المركزي من الناحية الأخرى. إستعرضت الورشة ايضاً بعض التجارب الناجحة في بلدان، مثل المغرب وتركيا، في تنفيذ نظم مالية سليمة عن طريق الإشراف على الميزانية. وأشار رئيس اللجنة الإقتصادية والمالية بالمجلس الوطني، الدكتور عمر علي الأمين الى ضرورة أن " تتبع كافة الوزارات المعنية بتوحيد الميزانية الوزارية بدقة. أعتقد، أنه من الآن فصاعداً نحن بحاجة الى رفض تأخر تقديم الميزانيات السنوية (بعد الربع الأول) من قبل أية وزارة معنية. ليس رفض الموازنة بسبب التأخر في تقديمها فحسب، بل يجب أيضاً مسائلة وإستيضاح الوزارة المعنية". تطرقت الورشة أيضاً لمناقشة إشراك المواطنين ودورهم الرقابي، حيث شدد المشاركون بالورشة ضرورة ضمان تدفق المعلومات الصحيحة للجمهور. الى جانب ذلك دعا المشاركون الى تأسيس علاقة بناءة بين وسائل الإعلام والبرلمانيين لضمان وصول المعلومات وشفافيتها، مشيرين الى أن التغيير المستدام يتطلب مشاركة أقوى من جميع شرائح المجتمع في عمليات صنع القرار لضمان التنمية المنصفة. النائبة البرلمانية، حليمة حسب الله التي حضرت الورشة تحدثت قائلة " لقد شهدنا تطور ديوان المراجعة القومي حتى أصبح واحدة من آليات الرقابة المالية الهامة بالبلاد. ولكن هناك بعض القيود التي تفرض نفسها. " ونحن كبرلمانيات لدينا مسؤولية التحدث نيابةً عن المواطنين الذين أنتخبونا لنمثلهم ونحمي مصالحهم. هل يتلقى دافع الضرائب الخدمات في المقابل؟ إنه لا مناص من فرض الرقابة على كافة الأجهزة التي تأخذ الضرائب لا تقدم خدمات في المقابل. إذا حصل المواطن على الخدمات في المقابل فإن العائد الضريبي سيزداد تلقائياً." وأضافت حليمة "تشغل النساء حالياً نسبة 25% من المقاعد بالبرلمان. بالإضافة الى هذه المبادرة، ظل برنامج الأممالمتحدة الإنمائي يدعم العديد من المبادرات الأخرى من أجل تعزيز شفافية الحكم عن طريق تعزيز الآليات والنظم المؤسسية في السودان. لقد ظل الحال على ما هو عليه حتى العام 2012 حين أدخل برنامج الأممالمتحدة الإنمائي مشروع "المسائلة ومشاركة المواطنين"بهدف موائمة إهتمام الدولة مع تطلعات المواطنين. يهدف المشروع، على وجه التحديد، الى تعزيز مشاركة المواطن في عملية إتخاز القرارات السياسية و الإقتصادية في السودان. ويتمثل التركيز الرئيسي في تمكين المجالس التشريعية، وديوان المراجعة القومي، والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني من آداء وظائفها الرقابية السليمة وذك من خلال تقوية العلاقات بين المركز والأطراف و تعزيز المسائلة. لقد قدم المشروع، منذ إنطلاقه في عام 2012، التدريب الى أكثر من 200 من منسوبي المجالس المنتخبة بهدف تعزيز المهارات المطلوبة لمراجعة الخطط والرقابة على الموازنات وتجويد الرقابة على الميزانية العامة. كذلك دعم المشروع موظفي ديوان المراجعة القومي في تطوير مهاراتهم في وسائل المراجعة الحديثة وإستخدام تقانة المعلومات في المراجعة. وفي ذات الوقت ينادي المشروع بضرورة أن تلعب منظمات المجتمع المدني دور أعظم في كل من القضايا السياسية والإقتصادية. في هذا الجانب، فقد دعم المشروع أول منتدى من نوعه حضره 180 من منسوبي منظمات المجتمع المدني، حول دور منظمات المجتمع المدني في عملية وضع الميزانية في السودان، وإستكشاف السبل التي يستطيع عبرها المواطن التأثيرعلى أولويات الموازنة.