أسعدني أن مناسبة ذكرى المرحوم عبد الله الطيب العاشرة بشرتنا بقيام مؤسستين باسم الراحل. أما المؤسسة الأولى فهي معهد للأبحاث باسمه. والثانية إنشاء إذاعة "الريان" تكفل بها آل النفيدي صدقة جارية لروح المرحوم ولمواصلة شغفه بآداب اللغة العربية وسائر الآداب. وأعتقد أن فكرة هذه الإذاعة عبقرية متى ما أخذنا بتنبيه كريم من أحدهم قال إن المرحوم كان مثقفاً متواصلاً مع عامة الناس، عارفاً بلسانهم، وضليعاً في نصوصهم المقدسة وغيرها. لم تفحمه إنجليزيته لتباعد بينه وبين قومه ولم يقل إنه عالم حديث فيترك الدين لمختصين مزعومين. أما ما أسعدني حقاً فهو عثور آل النفيدي أخيراً على مأثرة تليق بذكرى رب أسرتهم بشير النفيدي. فقد أحزنني أنهم سعوا لتخليده بمنشآت حفها الخلاف أو الصهينة. فطلبوا منذ 2008 أن يبنوا له مستوصفاً خيرياً على جزء كبير من أرض مدرسة العمارت النموذجية رقم واحد. وأحزن أدوار الأسرة ، وعليها قيم رقيق الحاشية كأمين النفيدي، أنها لم تتدارس مشروعها مع أهل العمارات المفروض أنهم المستفيدون منه. وجنحت للحصول على التصاديق عليه من الأجهزة الإدارية بسلطاتها التقديرية حتى حكمت لها المحكمة الإدارية العليا بالمستوصف مما اضطر أهل العمارت للاستئناف. وكنت أتمنى ان يربأ ذو مال حلال الأصول مثل أمين من سلطان الدولة لأن في ذلك مجلبة للشبهة لأسرة لم تحم حول مالها شائبة على كثرة الشائبات. وأحزنني أكثر أن يكون موضوع تكريم بشير النفيدي الثاني خلافي بصورة أخرى. فقد رموا ببصرهم ليُسمى شارع الستين باسم المرحوم. وعلمت أنهم أنفقوا مالاً كثيراً في إصلاح الشارع وتقويمه ليستحقوا إعادة التسمية. وبالطبع ليس اسم "الستين" مقدساً إن لم يكن نقلاً عن بلاد لها مثله. ولكن صادم مطلب الأسرة حكم العادة في الناس. فقد تعودوا على الاسم وساغ لهم ولم يعد تشغلهم مسألته. ولو كان لشارع أن يُغير لتكريم رقم وطني لكان شارع الحرية الذي قررت مديرية الخرطوم تسميته "شارع السيد علي" بعد وفاته في 1968. ولا حياة لمن تنادي. وأذكر هذه الواقعة كلما مررت باللافتة التي وضعتها أسرة النفيدي في مواضع من شارع الستين وكتبت عليها "شارع بشير النفيدي". وأتمنى أن يصدق التمني. فاسم النفيدي أبرك من رقمين مجردين. نريد من إذاعة "الريان، بشير النفيدي" أن تعزز اللغة العربية ولغات السودان براً بعبد الله الطيب في سياق اهتمام عريض بالإنسانيات أو الآداب. فقد غلبت حرف الطب والهندسة والكمبيوتر على التعليم حتى صارت وحدها كافية لقيام الجامعة. وهذه غفلة نبه لها عبدالله الطيب نفسه حين كان يقول الجامعة آداب وما عداها صنائع. فالإنسانيات أصل الجامعة لأنها مباحث عن الحقيقة والحق والجمال. وصدر تقرير أخير في أمريكا يلفت النظر إلى عواقب إهمال الإنسانيات على قوام المواطنة والديمقراطية. ستنزل شآبيب الريان في وطننا برداً وسلاماً على الحاج بشير رحمه الله. Ibrahim, Abdullahi A. [[email protected]]