الانجليز خرجوا من بلدنا بطوعهم فسلمناه امريكا بطوعنا فاصبح مهددا بالتقسيم احداث مصر تؤكد ان الديمقراطية والعقائدية ضدان لا يجتمعان السودان ولد ممذقا والحكم الوطنى فشل فى جمع شمله فى وطن واحد النعمان حسن الجزء الخامس من الحلقة الاخيرة وانا اقترب من خاتمة هذه الحلقات حول مخرج السودان من ازمته التى اجملتها عبر سلسلة من الحلقات فى فشل الحكم الوطنى فى السودان فان مهمتى صعبة بل مستحيلة كما عبر كثير من الاخوة وذلك لان مستقبل السودان يبدو مظلما حالك السواد تحت الواقع الذى يعيشه والمصير الذى يتهدده والامل فى حل ازمته اقرب الى انه مستحيل وليس ضعفيا ولكن هذه الحقيقة رغم مرارتها انما تفرض علينا ان نولى هذا الامر مزيدا من الاهتمام والحوار لان الواجب يضع على عاتق اى سودانى ان يتجرد و يرتفع بمستوى اهتمامه بهذه القضية لانه فى نهاية الامر لابد ان يكون هناك مخرج وحل للازمة فالوطن ينادى و يفرض على ابنائه ان يتجردوا ليجدوا له المخرج وهذا ما يفتح الباب واسعا للاجنهاد وما اقدمه هنا لا يخرج عن هذا الاطار.ان اصبت فيه فلى اجران وان اخفقت فعلى الاقل اننى اطلقت جرس الانزار اعلم ان اصدار مثل هذا الحكم القاسى سيثير الكثير من اللغط وعدم القبول ولكن تبقى هى الحقيقة من وجهة نظرى ولا ادعى او افرض على اى شخص ان يقبل بها بل وارحب كثيرا بمن يقدم الدليل على عدم صحتها فلعل هذا يرفع الهم الذى احمله و يحمله من يوافقنى الراى وينعش الامل فى وجود حل لازمة الوطن الذى نعزه خاصة وان وقائع معينة هى التى بلغت بنا هذه الحالة من الياس وفقدان الامل فى انقاذ السودان مما يتهدده من مصير او مستقبل مظلم والتى اوجزها فيما يلى: 1- تاريخيا ولد السودان او ماعرف بالسودان من مجموع دويلات صغيرة ممذقة لاشتات متفرقة متنوعة من القبائل والعنصريات والجهوية والدين ولعل الاستعمار هو الذى جمعه تحت دولة واحدة اراد لها ان تكون تحت قبضته الادارية الموحدة ولكنه لم يحفل بان يعيد صياغة هذه الاشتات فى دولة واحدة تقوم على الاحساس بالانتماء للوطن الواحد كما يقول المسمى لعدم وجود مصلحة له فى ذلك لهذا بقيت كلمة سودانى بلا محتوى لهذا كانت المهمة الاولى للحكم الوطنى بعد التحرر من الاستعمار ان يعيد صياغته بما يخرج به عن دائرة الدويلات المشتتة وعن القبليات والعنصريات والجهويات والفوارق الدينية لتصبح المواطنة السودانية هى الاساس الذى يجمع هذا الشتات فى وطن واحد ولم تكن مهمته ان يجمع شمله تحت دولة واحدة تخضع لادارة فئة منه او عنصر او لون او قبيلة او دين بعينه حتى لايكون تحرره من الاستعمار احلال ادارة محل ادارة سودانية الانتماء مسمى بلا هوية واحدة تنصهر وتذوب فيها الجهويات والعنصريات والاديان متوحدة المواطنة فى بناء مؤسسى متساوى الحقوق لكل الوان طيفه الا ان الحكم الوطنى من مختلف مكوناته المدنية والعسكرية والتى ظلت تتبادل الحكم من منتصف الخمسينات فشلت عبر كل مراحله المدنية والعسكرية فى ان تبنى سودان وطن للجميع بديلا للبلد الذى عرف تاريخيا بانه يقوم على عدة دويلات ومختلف العنصريات والاديان وبهذا يكون الحكم الوطنى فرض عليه ان يخضع لحكم لايختلف عن الاستعمار الا فى لون البشرة استبدل وجه الاستعمار بوجه واحد عربى شمالى البنية محدود القبلية والعنصرية والدينية بسبب الهيمنة العربية بجانب الاخفاق العام فى الارتقاءبحياة الشعب من مختلف مناطقه حتى فى الاطار المحدود الذى قام عليه الحكم الوطنى لهذا اصبح واقعه هذا مدخلا لمزيد من العنصرية والجهوية والعقيدية بل وتعددت فيه العديد من المنظمات الاسلامية المتتطرفة التى هيئات للانفلات الامنى بسبب اصرار كل جهة على فرض هويتها مما مهد للتامر الاجنبى الذى يستهدف تمذيق السودان مستغلا التكوينات التى تعيش تحت الاضطهاد والتجاهل والاقصاء ومستغلة التشنج الدينى لدى بعض الاطراف مما ادى لفصل الجنوب ويتهدد غرب وشرق السودان للانفصال التى باتت كلها مهددة بنفس المصير ما لم يتغير هذا الواقع . 2- قوام القوى السياسية التى تبادلت الحكم الوطنى طوال فترة الحكم الوطنى حتى اليوم بمختلف انواعه من دكتاتورية مدنية او عسكرية قام على احتكار مكونات الوجه الواحدالشمالى موحد العقيدة والتى تنازعت بكل اسف حول السلطة كهدف قائم لذاته وتقسمت لشيع طائفية وعقائدية احادية الفكر تبحث عن الجاه والسلطان لهذا فشلت بكل المقاييس فى ان تخرج الحكم الوطنى من دائرة الفشل على المستويين الشامل والجزئى بعد ان تحول ارث الدويلات العديدة الى نزاعات عنصرية وقبلية ودينية ورغم مايمثله هذا الواقع من مخاطر فان المكونات الشمالية المحتكرة (ولا اقول المستعمرة) للبلد فانها لم تخرج طوال التاريخ من الصراع من اجل السلطة لرغبة فى ذاتها وليس وسيلة لخدمة اهداف وطن لهذا لم تعد مقنعةحتى للهوية العربية التى تحتكر السلطة . لهذا لم يكن غريبا ان تصبح مكوناته حتى الشمالية والعربية فى عزلة عنه بجانب ما يعاتيه من تمنذق بسبب الصراع من اجل السلطة واحتكار خيراته لمن يقبض على السلطة لتتسع دائرة المعاناة حتى فى شماله وان لم يشهر السلاح ليعبرعن رفضه. 3- النتيجة الحتمية والطبيعية للنقطتين اعلاه ان السودان اليوم امام ماساة غريبة من نوعها حيث اننا نشهد شعبا يرفض للحكم القابض على سلطته اكثر من ربع قرن ان يبقى فيه وفى ذات الوقت يرفض ان تعود قوى المعارضة ممثلة فى الاحزاب السياسية الطائفية والعقائدية التى خبرها عبر الحكم الوطنى منذ ان اصبح مستعمرة (لاحمدوحاج احمد) وهذا ما يؤكد عمق الازمة وخطورتها. فكيف لشعب ان يكون مستقبله رهين هذا التناقض وكيف له ان يخرج من هذاالماذق بعد ان اصبح اسير قوى سياسية وضعته بين نارين سواء كانت فى الحكم او خارجه قوامها الرغبة فى السلطة اما لحساب دكتاتورية مدنية او عسكرية لحساب اسر طائفية او احزاب عقائدية تسهدف فرض ما تدين له عقائديا دينيا اونظريا اوسياسيا الامر الذى يستحيل معه بناء سودان مؤسسى ديمقراطى.طالما ان كل هذه القوى احادية الفكر ليس بينها من يقبل الاخر الا من باب التظاهر والكذب والتضليل حتى يقضى امره خاصة العقائدية منه التى يستحيل ان تتوافق فى رؤى واحدة للوطن 4- ولعل ما شهدته مصر اليوم من احداث دموية على اثر ثورة ديمقراطية اجتاحت النظام الدكتاتورى القابض عليها لاكثر من نصف قرن يؤكد ان الثورة الديمقراطية لم تصمد وسقطت فى اول تجربة بعد ان اعتلى السلطة فيها عبر صناديق الاقتراع حزب عقائدى احادى الفكرصاحب رؤية اسلامية محدودة يصر على ان يجهض بها هويات الاخرين لهذا سرعان ما تكشف استحالة تعايش رؤيته مع الرافضين لها اسرى رؤاهم الخاصةالمناقضة لهم فكانت النتيجة ان يحسم الامر الجيش الذى سبق وتدخل قبل عام فقط ليتنصر للديمقارطية فعاد مجبرا ليقضى علي الديمقراطية بعد ان ثبت له ان مصر لن تستقر تحت الصراعات العقائدية فتدخل تحت شعار انقاذها ليفجر تناقضا يصعب فهمه لولا ان التفسير الوحيد له ان المؤسسية الديمقرطية التى يتتطلع اليها الشعب المصرى لا يمكن ان تقوم على احزاب عقائدية حيث ان كل من يقبض على الحكم عبر صنادبيق الاقتراع يعمل على تصفية وجود الفكر العقائدى المناوئى له بقوة السلطة لاستحالة التعايش بين تناقضات العقائديين وهو نفس ما شهده السودان يوم دانت الدولة للعقائديين اليساريين فى انقلاب 69مايو فاكتظت السجون بالعقائديين الاسلاميين ولما استولى الاسلاميون على السلطة بانقلاب يونيو 89 اكتظت السجون باليساريين وغير الاسلاميين لان طبيعة الرؤى التى تحرك العقائدية احادية لاتقبل وجود الاخر لهذا فان البناء المؤسسى الديمقراطى لا يمكن ان بقوم على بنية احزاب عقائدية متنافرة الفكر او دكتاتورية الاسر الطائفية كما ان الوضع زاد تعقيدا حيث ان الحكم الوطنى بدلا من ان يوحد البلد لتسوده السودانية فانه بسبب احتكارية السلطة وتهميش العنصريات والجهويات غير العربية والاسلامية فلقد اصاب البلد افة جديدة اكثر خطورة حيث عرف السودان الاحزاب العنصرية والقبلية والجهوية والتى وجد فيها المتامرون على وحدة السودان معبرا لتنفيذ مخططهم لتقسيم السودان باستغلال قضايا المهمشين المشروعة لدفعها نحو العنف والعمل المسلح لاسترداد حقوقها والذى يصب فى نهاية الامر فى تقسيم السودان او بتعبير ادق لفشل تجميعه فى وطن موحد بتقنين دويلاته الممذقة ولو فى ثوب جديد تتولى صياغته دول متامرة صاحبة مصالح اجنبية. وتحت هذه الظروف يصبح من المستحيل ان يؤسس سودان مؤسسى ديمقراطى فالديمقرالطية قوامها احزاب سياسيىة غير عقائدية او طائفية. او دينية او عنصرية وجهوية وهذا ما يبدو مستحيلا تحت واقع السودان الحالى. ولتاكيد استحالة التعايش بين تناقضات الفكر العقائدى لنقف على مواقف هذه القوى من احداث مصر.التى تفجرت فيها ثورة ديمقراطية فكيف سارت التجربة وهى تعانى من انتشار الاحزاب او الجماعات العقائدية من اسلامية وخلافه فالذين استولوا على السلطة من الاسلاميين العقائديين فى مصر عبر اول صناديق اقتراع حرة عملوا منذ تسلمهم السلطة باسم الديمقراطية على فرض رؤيتهم العقائدية لتصفية اى وجود لمخالفيهم الراى مما اثار الشارع المصرى ليثور هذه المرة ضد الديمقراطية وان يعود الجيش للاستيلاء على السلطة لاقصاء من نالوها عبر صناديق الاقتراع وهذا ما يؤكد استحالة التعايش بين العقائديين تحت ظل نظام مؤسسى ديمقراطى. ولتاكيد ما ذهبت اليه من استحالة تعايش العقائديين تحت ظل ديمقراطة مهما نافقوا فى ذلك تعالوا لنقف على ردود فعل العقائديين فى مصر وفى السودان والدول العربية. تسابق الاسلاميون هنا فى السودان على ادانة تدخل الجيش واقصاء الريئس الشرعى مع انهم انفسهم استولوا على السلطة بانقلاب عسكرى واجهضوا الشرعية الديمقراطية التى يتباكون عليها فى مصر اليوم فلقد اقصوا الرئيس الشرعى بانقلابهم واليوم يدينون اقصاء رئيس مصر فهل هذا من الديمقراطية فى شئ وبهذا فهوحلال لهم وحرام لمخالفيهم الراى من العقائديين بل النظام نفسه الذى جاء بانقلاب على الشرعية لا يتورع فى ان يحاكم من يخرجوا على شرعيته اذا اتجهوا لنفس الاسلوب الذى كانوا فيه اسبق و جاء بهم للسلطة ويحاكموهم بالخروج على الديمقارطية والشرعية ولا فرق بينهم الا بين من نجح ومن فشل. اما المعارضة السودانية نفسها والرافضة للهيمنة الاسلامية ولاستيلائها على السلطة واقضائها الشرعية الديمقراطية هم انفسهم يهللون لتدخل الجيش فى مصر واقصاء الرئيس الشرعى الذى جاء عبر صناديق الاقتراع بعد فوزالاسلاميين الذى تولوا السلطة عبر الدمقراطية مما يؤكد ان الديمقراطية والعقائدية ضدان لا يلتقيان فلماذا هذه المواقف المتناقضة من الجانبين وكيف تبنى المواقف من الديمقراطية حسب المصالح. ولعل هذا المشهد الذى نعايشه اليوم فى مصر والذى يكشف عن استحالة التوافق بين العقائدية والديمقرلطية فلقد ظللنا نشهدعبر كل الانقلابات العسكرية التى شهدها السودان نشهد المعارضة الديمقراطية تتحالف مع الدكتاتوريات العسكرية التى استولت على السلطة فى دول اخرى ولا تتحالف مع القوى الديمقراطية المناهضة للدكتاتورية فى هذه الدول مما يؤكد ان الديمقراطية ليست المبدأ وانما السلطة هى الهدف فاى ديمقراطية هذه تعود عبر التحالف مع الدكتاتورية و التى تحارب الديمقراطية فى بلدانهاوتفتك وتقتل من يعارضها لتصب المعارضة من اجل الديمقرلطية فى السودان ضد من يدعو للديمقراطية فى سوريا او العراق او ليبيا فهل تجوزهذه المواقف المتناقضة لو ان هذه المؤسسات ديمقراطية حقا وتؤمن بها مبدأ. . اذن فهذه البدعة ليست جديدة فالتاريح يحدثنا عن اغرب المفارقات عندما كانت قوى المعارضة الرفضة للانقلاب فى السودان نراهافى ذات الوقت تتحالف مع انفلاباات عسكرية فى دول اخرى وتعمل على استقطاب دعمها لتعود باسم الديمقراطية وهى بهذا انما تناصر انقلابا عسكريا يواجه معارضة ديمقراطية كما هو حال المعارضة السودانية لتبلغ قمة التناقض فى المقابل يترتب على هذا الموقف انه متى عادت الديمقراطية بدعم دول انقلابية فان الحكم الديمقراطى يسدد فاتورة دعم هذه الدول له بمواقف ضد المعارضة الديمقراطية في هذه الدول ولحساب الدكتاتورية التى دعمتهم حتى عادوا باسم الديمقراطية سدادا للفاتورة فهل يجوز ذلك لو ان هذه القوى كانت ديمقراطية حقا ؟. لهذا فان احداث مصر وما شهدته من تناقض فى المواقف يؤكد ان العقائدية والديمقراطية ضدان لا يلتقيان وهذا هو واقع السودان اليوم حيث يصبح من المستحيل ان تقوم دولة مؤسسات ديمقراطية تحت الطائفية والعقائدية والاحزاب العنصرية والعقائدية. والجهوية وهذه حقيقة يجب الا نكابر فيها الامر الذى يصعب من المخرج تحت ظل هذه القوى السياسية كما قلت. اما الجانب الاكثر خطورة فان هذا الواقع يؤكد انه لا مخرج للسودان غير ان يحيله لمتحف التاريخ ولقد افرز هذا الواقع والصراع من اجل السلطة ان اصبح السودان تحت قبضة امريكا واداة لتحقيق تامرها على السودان وان امريكا اصبحت هى الاحرص على بقاء هذه القوى السياسية بشقيها الحاكم والمعارض فى صراع دائم من اجل السلطة لان هذا الصراع يضعف كل الجبهات السياسية ويجعلها تتهافت للخضوع لامريكا كسبا لرضائها ودعمها لان بقاءهما على هذا الحال هو الذى يضمن لامريكا تنفيذ مخططها لتقسيم السودان ولقدعبرت امريكا اكثر من مرة عن موقفها فامريكا رغم ما تدعية من زعامة للديمقارطية فى العالم فان مصالحها الاستراتيجية متى تعارضت مع الديمقراطية والتقت مع الدكتاتورية فى اى بلد فانها تصبح الحليف الاكبر للحفاظ على الدكتاتورية الا اذا استنفذت اغراضها لهذا كم من نظام دكتاتورى يعيش تحت حماية امريكا وكم من دول ديمقراطية واجهت مشكلات امريكية اذا لم تخضع نفسها لمصالحها ولقدشهدنا هذا الواقع فى السودان ابان انقلاب نوفمبر ضد الديمقراطية فى السودان كما شهدناه فى حكم النميرى بعد انقلابه على اليسار فكانت اكبرحليف وداعم له وهذا ماتفعله الان مع الانقاذ بالرغم من مظاهر الخلاف المصطنع التى تستهدف به امريكا المزيد من التنازلات لخدمة اهدافها حيث ان اصرار الانقاذ على فرض هوية اسلامية وعربية على كل السودان هو ما يحقق لامريكا مخططها لتقسيم السودان والذى نجحت فيه فى الجنوب وتسعى لتحقيقه فى الغرب والشرق فان ما تحقق لامريكا من الانقاذ فى الحكم بل ومن القوى السياسية فى المعارضة والتى اسلمت هى نفسها لامريكا طمعا فى دعمها لاسقاط النظام جعل منها نفسها اداة تنفيذ للمخطط الامريكى فامريكا ليست لها مصلحة فى ان يتوحد السودان وان تنصهر دويلاته فى دولةديمقر اطية واحدة مما يلحق ضررا كبيرا بمصالحها وحليفتها اسرائيل لهذا فهى الاحرص على بقاء الصراع بين سلطة الانقاذ وبين معارضيها وبين المناطق المهمشة باعتباره الطريق الوحيد لاتفاذ مخطط التقسيم والذى استطيع ان اقول انه اصبح مؤكدا تحت الواقع الحالى والذى يصعب للسودان الخروج من المأذق الذى يعيش تحته. فامريكا لا تقبل غير بلوغ السيناريو الذى خططت له منذ مطلع فبراير 92 حتى تكمل سيناريو تقسيم السودان لان نجاح السودان فى التوحد فى مؤسسية ديمقراطية تتحقق فيها المساواة بين كل ابناء الوطن دون تفرقة عنصرية او دينيةانما يعنى انهيار مخطط التقسيم. ففى فبراير 92 وبعد ان فشل مخطط اتفاق حق تقرير المصير للجنوب الذى وقعه الفصيل المنشق عن الحركة الشعبية (ريك مشار ولام اكول) مع سلطة الانقاذ(على الحاج) فى بداية مشوارها عام 90 لفرض دولة اسلامية وبعد تراجع السلطة عن الالتزام بالاتفاق فلقد بدات يومها امريكا فى دعم المعارضة الخارجية لاضعاف النظام الذى تمرد عليها بتراجعه عن اتفاق حق تقرير المصير ولهذا فان لجنة الشئون الافريقية فى الكونجرس الامريكى اصدرت قرارا فى فبراير 92يقضى بان تعمل الحكومة الامريكية على تحرير السودان من الاستعمار العربى وليس الاسلامى لتوسيع دائرة السخط حتى بين المسلمين لهذا ما نشهده اليوم من انقسام عربى اسلامى وعنصر زنجى وغير اسلامى هو نتاج طبيعى للسياسة الامريكية وهو القرار الذى اتبعته برعايتها وضغوطها على كل اطراف المعارضة للاعتراف بحق تقرير المصير للجنوب فى 95 بل واضافت المناطق المهمشة لهذا الحق فى وقت لم يكن هناك اى تمرد فى المناطق المهمشة لحثها على الانفلات العنصرى والدينى وهو الاتفاق الذى نجحت امريكا فى ان تتدفع بالتجمع الوطنى المعارض ان يسبق الانقاذ فى الالتزام به لتسكت صوت المعارضة له متى قبلت به الانقاذ تجنبا لفشل الاتفاق كما حدث لاتفاق بون و ليصبح بعده ملزما لكل القوى السياسية بعد ان اطمأنت الانقاذ على عدم وجود معارضة لموقفها ان قبلت به كما كان الحال فى اتفاق بون ويتواصل النفوذ الامريكى لتصبح مصممة لكل ما ابرم من اتفاقات نجحت فى عزل التجمع عنها وما سيبرم حتى يكتمل سيناريو تقسيم السودان على النحوالذى تريده امريكا فامريكا هى ابوجا ونيفاشا وغيرها من المسميات التى اسلمت قضبة السودان لامريكا وجعلت الكلمة فيها لمنظمات دولية خاضعة لامريكا ولقد سبق ان تعرضت لهذا الامر بصورة اكثر تفصيلا. واقع غريب. كنا مستعمرة للانجليز الا انهم خرجوا بطوعهم وسلمونا امرنا وهانحن بطوعنا نسلم بلدنا لامريكا فكيف يكون للسودان مخرج من هذا الماذق وهل اخطئ اذا قلت انه البحث عن المستحيل ولكن رغم ذلك يجب ان تفوق كل الاطراف لكلمة سواء لبحث المخرج حتى لو ادى ذلك لوضع خط فاصل بين مرحلة الضياع التى صنعناها بايدينا وان نبحث صياغة سودان مبرأ من الماضى لاعادة بناء بلد لا يمكن تكون مقوماته القوى السياسية الحالية بكل مكوناتها الطائفية والعقائدية والاسلامية والعنصرية ولكن كيف يتحقق ذلك هذا هو السؤال الصعب وليس علينا الا نجتهد والا الحلقة القادمة.