زعيما طائفة الختمية اغتالا الحزب الاتحادى (الذى كان يرجى منه) بسبب غفلة قادة الحزب لماذا لم يحقق الازهرى ماحققه نهرو الهند الذى اسس حزب المؤتمر السودان بحاجة لحزب وطنى بديل يستلهم روح الحركة الاتحادية عند نشاتها التعمان حسن الحلقة الاولى عفوا عزيزى القارئ فلقد حالت ظروفى الصحية ووجودى خارج السودان ومشاكل النت ان اغيب عن هذا الاطلالة الاسبوعية للاسبوعين الماضيين فلكم المعذرة. وعفوا ثانية وانا ارجئ الحلقة التالية حول الازمة الاقتصادية وكيفية حلولها فلقدفرضت على مواقف الحزب الاتحادى الديمقراطى المعروف (بالاصل) من اهم احداث السودان اليوم والتى شهدت تضاربا وضبابية فى مواقفه _كعادته- فرضت على ان افتح ملف هذا الحزب ولاسباب عديدة اهمها انه اكبرواهم حزب عرفه السودان فى مسيرة الحكم الوطنى فى بداياتهه ولانه كان الحزب الوحيد الذى يملك التاهيل ليطور ذاته لتحقيق حلم الوطن فى بلد امن ومستقر يقوم على المواطنة المتساوية فى كل الحقوق والواجبات للعيش فى رفاهية وسلام فى بلد موحد تتعايش فيه العتصريات والجهويات والاديان قبل ان ينتكس ليدفع الوطن ثمن انتكاسته. ولتضيع عنه الفرصة الوحيدة التى كان متاحا لهذا الحزب ان يحققها وليدفع الوطن الثمن هذه الانتكاسات التى طالته منذ حقق الحكم الوطنى حتى بلغت مرحلة تهديده بالتقسيم وفقدان الهوية مع معاناة الاغلبية العظمى من مواطنيه والتى بلغت اليوم حدا فوق طاقة البشر فالحزب الاتحادى والذى عرف تاريخيا بالحزب الوطنى الاتحادى قيل ان تتقطع اوصاله جدير بوقفة تحليلية للوقوف على الاسباب التى حالت دون ان يحقق زعيمه الازهرى ما حققه زعيم حزب المؤتمر فى الهند نهرو الذى اسس دولة ديمقراطية بعد ان تحررت الهند من الاستعمار الانجليزى كما تحرر السودان مع ان الازهرى كزعيم للحزب كان يتمتع بنفس الظروف السياسية التى تمتع بها نهروا ليختلف مصير مستعمرتين للانجليز بعد تحقيق الاستقلال الهند التى تحقق لها الاستقرار فى دولة مؤسسات ديمقراطية والسودان الذى يغنى حاله اليوم عن السؤال بعد ان تقاذفته ديمقراطية زائفة هيمنت عليها الطائفية ودكتاتورية عسكرية متسلطة قوامها احزاب عقائدية يسارية ودينية لا يعرف فكرها الديمقراطية. حقيقة الذى اثار فى نفسى هذا الامر مواقف هذا الحزب من اهم الاحداث التى شهدها السودان ولا تزال تلقى بظلالها على الواقع السياسى بالسودان والتى تتعلق بمواقفه المتضاربة من قضية رفع الدعم عن المحروقات والذى تضاربت ولا تزال مواقفه من هذه القضية . 1- فالحزب الاتحادى( الاصل ) وهو شريك فى الحكومة كان يتعين عليه ان يحدد موقفه من هذه القضية كحال بقية الشركاء فى السلطة وبعد (لت وعجن) وتضارب فى التصريحات خرج الحزب ليعلن تفهمهم وموافقته على رفع الدعم عن المحروقات وبهذا اصبح شريكا فى القرار عند اعلانه قبل تصاعد الاحداث التى صحبته. 2- على ضوء ما شهدته البلاد من تداعيات عقب اعلان القرار وفى خطوة مناقضة لموقفه عاد الحزب ليعلن ان هيئته العليا قررت الانسحاب من الحكومة بسبب قرار هو شريك فى اتخاذه ومسئول عنه بنفس القدرولا يشفع له مسعاه لتغيير موقفه هذا اذا كان حقا سيعيد النظر فى موقفه 3- ففى ظاهرة هى الاغرب فان الناطق الرسمى باسم الهيئة العليا للحزب (والذى حل بديلا للناطق الرسمى الذى استقال عن منصبه بسبب موقف الحزب) اصدر بيانا مغلفا بالشعارات الوطنية التى لم ولن تعرف عن الحزب فى تاريخه الحديث بعد ان فقد مبررات وجوده اشار فيه لان الهيئة قررت فض الشراكة مع الحزب الحاكم بسب قرار رفع الدعم عن المحروقات وهو الذى شارك فى اتخاذه بموقف رسمى اعلنه زعيمه (وسيده) مبينا فى بيانه يوم اعلن انه تفهم الظروف التى املت على الحزب الحاكم اتخاذه معللا موقفه لمحاربة الخطر الاجنبى الذى يستهدف السودان مما يعنى انه قبل مبررات النظام الذى اتخذ القرارفهل زالت هذه المبررات ام انها كانت كلمة حق اريد بها تبرير باطل 4- ولكن المفارقة ان القرار والذى صدر باسم الهيئة العليا للحزب حسب نظامه الاساسى (حلوة حكاية نظامه الاساسى دى) كما ادعى البيان والذى جاء انفاذا لتوصيات كل اللجان التى تولت هذا الملف بقرار من الحزب الا ان المفاجاة ان الهيئة العليا للحزب والتى يفترض ان تكون اعلى سلبطة فيه ان صح مسماها بالهيئة العليا فانها سمت قرارها بانه توصية تم رفعها لرئيس الحزب السيد محمد عثنمان الميرغنى (صاحب القرار الاوحد) لاعتمادها مما يعنى ان رئيس الحزب الميرغنى اعلى سلطة من الهيئة العليا للحزب وعلى الجميع طاعته (وهذا ما ينص عليه دستور الحزب الذى اصدره الميرغنى فى مؤتمر المقطم المزعوم) فهل هذا الحزب مؤسسة ديمقراطية ام انه حزب رئاسى الكلمة فيه لشخص بعينه لا يعرف على ماذا يستند فى دكتاتوريته وهو ليس مؤسسة عسكرية. 5- وعلى ضوء هذا التناقض لم يعد يعرف اين يقف الحزب فهل اضفى رئيس الحزب الشرعية لقرار الهيئة العليا مادام سلطة فوقها ام انه رفض التوصية خاصة وقد سبق ان اللجان التى كونت لتبحث فى امر مشاركة الحزب فى الحكومة اجمعت على عدم المشاركة الا ان زعيم الحزب قرر غير ذلك واذعنت لقراره مؤكدة بذلك انه حزب الفرد الذى يتوارثه الابناء ام ان الحقيقة ياترى ان امر التوصية له بفض المشاركة موقف تاكتيكى يجيده السيد فى مثل هذه المواقف ليكون قابضا على المفاتيح على ضوء ما يحث من تطورات بعد ان ضمن موقفه كعادته خارج البلد حتى يتخذ الموقف المناسب على ضوء المستجدات حسب المصلحة 6- لهذا لم يكن غريبا ان تحوط الضبابية موقف الحزب من القرار ومن المشاركة بل ومن انتظار ان يقرر صاحب الكلمة العليا (الاوحد) ايا كان القرار. اذن هى مواقف لابد لها ان تثير الكثير من التساؤلات حول هذا الحزب ولان هذه التساؤلات تاتى امتدادا لمواقف اخرى اكثر خطورة تاريخيا و عبر مسيرة هذا الحزب التاريخية قبل ان يرث الميرغنى الحزب عن والده مما أملى على ان افتح ملف هذا الحزب وذلك لانه كان تاريخيا وحسب نشاته الحزب الذى اولاه الشعب ثقته واسلمه امره واوكل له مهمة بناء الحكم الوطنى بعد ان تحرر من الاستعمار لهذا فهو المسئول الاكبر عن ما انتهى اليه الحكم الوطنى عبر مسيرته التاريخية السالبة. حيث انه كان الحزب الوحيد الذى يملك ان يصنع تاريخا له وللوطن قبل ذلك. من هنا ولتمليك شباب اليوم الحقيقة حول هذا الحزب فى سياق المنظومة الحزبية الفاشلة التى عرفها السودان ادعوكم لجولة مع الحزب الوطتى الاتحادى (الاصل) قبل ان تصبح هذه الكلمة عنوانا له عندما كان هو حقيقة الاصل فى الحركة الوطنية قبل ان يتشتت ويصبح حزبا له عشرات الازرع المريضة دون اى جدوى سياسية. ولعل فتح هذا الملف يتطلب وقفة مع نشاة الاحزاب السودانية وموقع واهمية هذا الحزب التى ميزته عن كافة الاحزاب السياسية قبل ان يطويه التاريخ. بداية احب ان اؤكد اننى لست موثقا لهذا التاريخ حيث ان للتوثيق متطلبات معينة لا بد لمن يوثق ان تتوفر فىه كباحث متفرغ فى هذا المجال ولكنى رغم ذلك اتناول الموضوع كمعاصر لاهم فترات الحزب من منتصف الخمسينات حتى اليوم . كانت بداياتها اننى فى مرحلة الثانوية انتميت لهذا الحزب عاطفيا دون اى اسس سياسية لارتباط الاسرة بالحزب شانى فى هذا شان الاغلبية العظمى من شباب العاصمة التى عرفت بانها معقل الحركة الاتحادية لهذا ارتبطت به تلقائيا دون سند فكرى ثم انتميت للحزب المنفسم عنه حزب الشعب الديمقراطى عندما شهد الحزب اول انقسام له بل وانا فى المرحلة الثانوية خاطبت ليلة سياسية للترويج لانتخاب الشيخ على عبدالرحمن وايضا لاسباب اسرية الا اننى عندما عاد الحزب للتوحد فى منتصف الستينات لم اكن بين العائدين اليه فلقد بلغت يومها مرحلة التفكير العقلانى ولم يكن للحزب اى وجود فكرى يبرر الانتماء اليه لاننى يومها و فى مطلع الستينات وفى بداية المرحلة الجامعية وهى مرحلة تتسم بالعقلانية كنت قد انفصلت عنه لانه كحزب لم يكن يمثل اى وجود فكرى لعدم وجود اى رؤى فكريه فيه بقدر ما كان تجمعا لاشخاص جديرين بالاحترام حيث انضممت لحزب خصم له قوامه الفكر وليس الاشخاص وهو الحزب الشيوعى العقائدى شانى فى هذا موقف المئات بل الالاف من الطلاب والشباب الذى انفضوا عنه واتجهوا نحو الاحزاب العقائدية التى تقوم على الفكر من شيوعية وبعثية واسلامية والتى نبعت كلها من اوساط الحزب الوطنى الاتحادى. بعد ان غابت عنه ساحة الفكر ثم كانت عودتى له فى النصف الثانى من الثمانينات عام 86 بعد اكثر من ربع قرن قضيتها فى الحزب الشيوعى دفعت بى لان اكون من مؤيدى الانقلاب على الديمقراطية فى 69 وكانت عودتى للحزب الاتحادى عقب انتفاضىة ابريل و ولقد اسميت تلك المرحلة بالنضوج الفكرى وايمان بانه لا بديل للديمقراطية حيث ادركت ان الانتماء للفكر العقائدى ايا كان شيوعىا او بعثىا او اسلامىا هو انتماء لفكر لايقوم على الديمقراطية حسب فلسفته ونظرياته حيث تحكمهم نظريات دكتاتورية ترفض الراى الاخر والحرية للاخرين ومع ذلك لم تكن عودتى للحزب الاتحادى الديمقراطى لم تكن عودتي قبولا بواقعه او رغبة فى الانخراط فى شللياته الشخصية لغياب الفكر والرؤى السياسية ولكنها كانت عودة للانضمام لقطاع المتمردين من الحزب الرافضين لهيمنة الطائفية علية او للتجمعات الشخصية من اجل مطامع ذاتية فى السلطة والراغبين فى اعادة كتابه للتاريخ ترسيخا لنشاته السياسية كامل وحيد للوطن فعدت للمساهمة فى تجميع صفوفه و اعادة تاهيله فكريا كممثل للوسط ليلعب دوره الذى حاد عنه كحزب الحركة الوطنية قبل ان تكتب نهايته والتى اراها كتبت الان حيث انه (خرج ولم يعد).والمؤشرات كلها تقول انه (لن يعود) لهذا فلقد كنت عضوا بل ومقررا لهيئة دعم وتوحيد الحزب الاتحادى الديمقراطى فى لجنة ضمت الاخوة محمد مالك وهشام بشير وطه على البشير ومحمد فائق وباشرى وغيرهم وهى الهيئة التى عرفت بجماعة دار المهندس لانها كانت تجتمع فى دار المهندس والتى اجهضت بعد ان حققت مشروعا لتوحيد الحركة الاتحادية وتحريرها من الطائفية وبلورة فكرها ورؤاها السياسية بما يجمع كل قوى الوسط ولقد وقف بجانب مشروعها هذا 37 نائبا من نواب الحزب حيث احكمت الهيئة قبضتها على الحزب وباتت على بعد خطوات من تحقيق حلم الحركة الوطنية ويومها لم يكن السيد محمد عثمان قادر على مواجهة الهيئة بسبب ارتباطه بنظام مايو فكان مشلول اليد ليقف فى مواجهة الهيئة وقد لا تصدقون ان هذه الهيئة اصدرت قرارا نشرته جريدة السياسة التى كانت تصدر يومها ورئيس تحريرها السيد خالد فرح وينص القرار الذى تصدر صفحتها الاولى فصل السيد محمد عثمان الميرغنى من الحزب لانه كان يومها يرفض مشروع الوحدة والمؤسسية الديمقراطية الا ان موقف نواب الحزب وجماهيره كان قويا وحاسما ولولا ان انقلاب الانقاذ يومها افرز وضعا جديدا حال دون ترجمة موقف الهيئة لواقع جديد فى الحزب بعد ان اصبح الحزب محظورا و لكان له شان غير حاله اليوم وعلى اثر عودتى للسودان فى عام 2003 اصبحت عضوا فى الهيئة القيادية للهيئة العامة فى عام 2004 والتى سعت لنفس الغرض الذى عملت من اجله يومها هيئة الدعم ولكن الظروف كانت قد اختلفت حيث حدثت ردة كبيرة فى الحزب عندما احكم الميرغنى قبضته على الحزب خلال فترة الانقاذ الحالية عندما (شرف) الميرغنى لاول مرة فى تاريخه سجن كوبر بين القيادات السياسية وماتبع ذلك من مواقف خادعة طوال مسيرة فترة ما بعد الانقاذ التى كان التجمع الوطنى واحدا من ادواته فيها رغم ان التجمع نفسه كان انتكاسة فى مسيرة الرافضين للانقلاب لهذا لم تفلح الهيئة العامة فى تحقيق ما حققته هيئة الدعم فى نهاية الثمانينات بالرغم من انها عقدت مؤتمرا عاما للاتحاديين لم يشهده الحزب عبر تاريخه شارك فيه اكثر من الف ومئتين من رجالاته وكانت اغلبيته من الشباب وقد شهد هذا المؤتمر لاول مرة جهودا كبيرة لتاسيس الحزب فكريا وفق رؤى وطنية الا ان الحزب يومها وقع تحت قبضة السيد الميرغنى الذى استرد نفوذه واجتمع من حوله الطامعون فى مناصب السلطة فى عهد المساومات الذى اجادته قوى الانقاذ وادارته بذكاء لهذا فشلت الهيئة العامة وانتشرت الكثير من فروع الحزب التى انفصلت عنه تحت مسميات عديدة الا انها كلها لم تجدى بعد ان احكم الميرغنى هيمنته وقبضته على الحزب الاتحادى الذى اصبح مفرغا من اى محتوى وطنى و الذى احسبه كما قلت (خرج ولم يعد) . حتى توصلت شخصيا اخيرا لقناعة تامة ان حزب الحركة الوطنية قتل الامل فى الوطن وانه خرج ولن يعود وان الامر اصبح بيد شباب البلد و من القوى اللامنتمية للعقائديين ايا كان مسماهم ليعيدوا صياغة حركة وطنية قائمة على مؤسسة ديمقراطية لا تخضع لاى هيمنة غير الارادة الشعبية وهو ما لا تحققه الاحزاب الطائفية والعقائدية باشكالها المختلفة من شيوعية وبعثية واسلامية كما لن تحققه مؤسسة عسكرية فكل هذه مؤسسات دكتاتوريىة فكرا وفلسفة.. ولم يعد بيد جيلنا الذى اسميه جيل الهزيمة (والخراب فى البلد) الا ان ينقل تجربته السالبة للشباب للمساعدة فى انتشاله من هذا المصير الذى يدفع ثمنه الوطن غاليا. تحت هذه الخلفية افتح ملف الحزب الاتحادى الديمقراطى ليقف الشباب على كيفية ضياع الفرصة التى لم يكن يملكها غير هذا الحزب الذى وادته زعامة طائفة الختمية ومطامع المنتمين للحركة الاتحادية من اجل المناصب فى السلطة ليطوى المستقبل الذى كان فى سالف العصر والاوان حزبا للحركة الوطنية اسمه الحزب الوطنى الاتحادى. هذا الحزب بلا شك هو افضل ثمرات مرحلة النضال الوطنى ضد الاستعمار الانجليز من الاربعينات وبصفة خاصة مطلع الخمسينات وان جاءت نهاياته بعد الحكم الوطنى محبطة للبلد قبل ان تكون محبطة للحزب ولقد كانت تلك المرحلة –وهذه واحدة من السلبيات التى القت بظلالها السيئة على السودان_كانت قاصرة على المدن الكبيرة التى عرفت مؤسسات التعليم وكلها من مدن العنصر العربى والاسلامى حيث تمركزت فى الخرطوم العاصمة ومدنى وعطبرة وبورتسودان والابيض وغيرهم من المدن الكبيرة انذاك بينما كان السواد الاعظم من غالبية ابنا السودان من العنصر غير العربى وغير الاسلامى بعيدة عن هذا المحور باستثناء قلة محدودة منهم من ابناء زعماء القبائل لهذا جاء مكون الحزب قاصر على العنصر العربى والاسلامى من سكان الشمال لانه كان نتاجا للمرحلة النضالية ضد الاستعمار. وبصفة خاصة كان الحزب من ثمرات مؤتنمر الخريجين الذى انعقد عام 1938والذى افرز للوطن حزبين لا ثالث لهما هما الوطنى الاتحادى وحزب الامة ولان حزب الامة كان حزبا طائفيا اما وابا يخضع لاسرة المهدى التى تهيمن عليه حتى اليوم فانه لم يحظى بما حظى به الحزب الوطنى الاتحادى من قبول جعل منه الحزب الاكثر قبولا خاصة من قطاعات المتعلمين وسكان المدن الكبيرة بالرغم من انه كانت تربطه علاقة مع طائفة الختمية الا ان العنصر الغالب فيه لم يكن للقطاعات الطائفية فيه ولعل ما ربط بين هذه الطائفة مع قلة نفوذها فيه علاقة الطائفىة بمصر التى كانت حليفة الحزب الوطنى الاتحادى بل انه عرف التكوين الحزبى بمبادرة ورعاية من مصر حيث نجحت مصر فى جمع مجموعة من الكيانات السياسية الصغيرة ووحدت بينها وفق رؤى سياسية واحدة ارتبطت بالدعوة لوحدة وادى النيل (مصر والسودان) بينما كان شريكه الثانى فى هذه المرحلة التاريخية حزب الامة الاقل نفوذا ان لم يكن معدوما وسط قطاعات المتعلمين والمدن الكبيرة التى لم يعرف حزب الامة وجودا فيها وكان هذا الحزب فى مواجهة هذا الواقع حليفا للانجليز وهكذا انقسم ثنائى الاستعمار الانجلو مصرى للسودان اقتسما تكوين الحزبين الوحيدين اللذان عرفهما السودان وهم الوطنى الاتحادى والامة لا غير. ولميكن هناك من قوى سياسية ثالثة بلستثناء حزب الاستقلال الذى لم يكن بالحجم الذى يجعل منه شريكا فى الاحداث لتبقى الدولة تحت قبضة حزبين فقط. مع تميز الحزب الوطنى الاتحادى لقد كان الحزب الوطنى الاتحادى هو وحده حزب المرحلة جماهيريا خاصة بمناطق الوعى لهذا كان من الطبيعى ان ينال ثقةالاغلبية من ناخبى السودان فى اول انتخابات لبرلمان وطنى وبهذا كان الحزب الذى ميزه الشعب فى تلك المرحلة حيث هيا له ان يبسط هيمنته على السودان باسره واوضاعه الحزبية لو انه اجاد التعامل مع المرحلة وسعى لبناء مؤسسة حزبية استوعبت قضايا المناطق المهمشة والتى كانت بعيدة عن مجريات الاحداث فى السودان كما ان وجود حليف طائفة بداخله وان كان يومها ضعيفا الا ان وجوده فى منظومة الحزب كان عملا سالبا هو الذى نخر فى سوس الحزب واعاق مسيرته لنشوب صراع من بدايات العمل الوطنى بعد الاستقلال بين زعامة الطائفة والحزب والتى ضاعف منها ما صحب اعلان الاستقلال من تداعيات بعد تراجع الحزب الوطنى الاتحادى عن برنامجه السياسى الذى نال ثقة الناخبين بنراجعه عن الوحدة مع مصر التى قادته لتحقيق الفوز والاغلبية الانتخابية ليبدا من لحظتها التمذق الداخلى بين زعامة الطائفة ورجالاتها من قادة الحزب وبين الاكثرية من القيادات الوطنية الرافضة للطائفية الغاضبة عن تراجع الحزب عن الوحدة رغم انصياعها للقرار وهو الصراع الذى تصاعد حتى قضى على الحزب فى مستقبله الحالى. خلاصة هذه المرحلة من التناقضات والتعارضات انها خلقت للازهرى اول من تراس الحزب الوطنى الاتحادى وجومته الوطنية زعامة تفوق زعماء الطائفتين السيدان عبدالرحمن المهدى زعيم طائفة الانصار والسيد على الميرغنى زعيم طائفة الختمية الحليف والذى يمثل واحدة من مكوناته الحزبية التى التقت تحت رعاية مصر فى الحزب الذى استاثر باسم حزب الحركة الوطنية وهو كذلك لما كان يتمتع به من قيادات ومن مساندة غير مسبوقة من قطاع المتعلمين ومدن السودان الكبيرة والمؤثرة فى الحياة العامة بجانب ما كان من تقارب بين الشعبين المصرى والسودانى الا ان الازهرى ومن حوله قيادات وطنية لها بصمة واضحة فى تاريخ السودان خاصة مرحلة مناهضة الاستعمار الانجليزى الا ان الازهرى وهذه القيادات لم تجيد قراءة المرحلة واهمية قضاياها الاساسية التى يتعين على الحزب الذى حاز الاغلبية ان يجعل منها اولوياته السياسية وعلى راسها: 1- قراءة العزلة التى تعيشها العنصريات غير العربية وغير الاسلامية التى تغيب عن عضوية الحزب مما يتتطلب توسيع الانتماء للحزب والوجود فيه باستيعاب هذه الطاقات المعطلة واشاعة الاحساس بالمساواة والمشاركة له فى الوطن ليس على مستوى الجنوب وحده وانما غرب وشرق السودان حيث تعانى ما اصطلح على تسميته اليوم بالمناطق المهمشة والتى اصبحت اكبر مصدر للاشكالات السياسية التى يواجهها السودان حتى اليوم طلبا لحقوقها المهضومة عبر مسيرة الحكم الوطنى لهذا لم يكن لحزب الاغلبية وجود فى هذا المجال الضرورى ان لم يكن ارتكب الحزب الكثير من الاخطاء فى حق بعضها وعلى راس هذه الاخطاء عدم ادراك هوية الجنوب ومشكلاته التى كانت يومها سهلة الحلول بقليل من الجهد الوطنى الخالص الا ان الحزب انصرف عن حلولها بل عقد منها بتجاهلها او نكوصه عن وعوده حولها 2- ولعل هذا الجانب والذى لا يقل خطورة والذى يتمثل فى عدم اعطاء اولوية خاصة لبناء الحزب من الداخل كمؤسسة ديمقراطية راسخة الجذور لاحتواء اى خلافات داخلية فى اطار المؤسسية الديمقراطية بل انصرف الحزب لخلق زعامة فردية مدنية تمثلت فى شخص الازهرى موازية لزعامة طائفة الختمية وان اختلف سبب الولاء ليدين الحزب فى نهاية المطاف لارادة الفردية وهو ذات الصفة التى لازمته حتى اليوم وادت لتمذقه وكتابة نهايته. 3- نعم لقد كانت هناك قضايا هامة مرحلية فرضت نفسها بعد الاستقلال وما خلفه من رواسب وخلافات داخل الحزب ولكن لم يكن من طريق للعلاج الجذرى لهذا الوضع ضمانا لسلامة الحزب غير بنائه ديمقراطيا فى مؤسسة لا تسمح بالانفلات عنها لعدم وجود المبرر ولكن فى وجود فردية طائفية او مدنية فلقد غابت المؤسسية الديمقراطية عن الحزب ويكفى ان اشير هنا ان هذا الحزب ومنذ نشاته لم يعقد مؤتمرا عاما ولم تنتظم عضويته لتكون هى صاحبة الكلمة فيه حيث ان المعيار كله اصبح الولاء للفرد حيث اصبح صراعا بين الطامعين فى السلطة ولاوجودللجماعية عبر مؤسسة حزبية ديمقراطية. 4- يعيب تاريخ الحزب انه نشا تحت رعاية مصر برؤية سياسية واحدة تبلورت فى الدعوة لوحدة وادى النيل مما غيب اى رؤية فكرية للوطن وهمومه لهذا عندما تحقق الاستقلال لم تكن للحزب اى رؤية او فكر او برنامج سياسي مواكبا لهم الوطن وتطلعاته مما اعجزه عن حل اى من مشكلاته. او بناء مستقبل له 5- غياب الرؤية السياسية والبرنامج الفكرى الذى يمثل الحلول لمشكلات السودان الوطن ترتب عليه ان تتمحور الصراعات السياسة فى البلد حول السلطة ومواقعها مماشكل مصدرا من مصادر الفتنة والتشرذم بعيدا عن الخلاف الفكرى الممنهج حول هموم الوطن وقضاياه حتى اصبح الحزب مجموعة من الاحزاب المشاركة فى السلطة رغم خلافاتها او الراغبة فى المشاركة وتبحث عن موطئ قدم لهذا افتقد الحزب الذى كان يمثل الامل الفاعلية فى ان يقدم الحزب حلولا لقضاياه الخطيرة والمتوارثة منذ نشاته التاريخية مما مهد الطريق لرهن العمل الوطنى لنظريات عقائدية وافدة من الخارج افرزت احزابا شيوعية وبعثية واسلامية وكلها نظريات تقوم على الراى الواحد الحاكم والقاهر للاخرين بالقوة مما اغرق البلد فى متاهات الصراعات التى تعتمد القوة والعنف والهيمنة اسلوبا للحكم مما اوصل السودان لماهو عليه حاله اليوم. هذه خلفية ومقدمة هامة كان لابد منها حتى نقف على حجم الضرر الذى تسبب فيه اخفاق الحزب الوطنى الاتحادى وفشله فى ان يؤسس لدولة حديثة ويعيد صياغة الحكم المؤسسى الديمقراطى لانه كان الوحيد المؤهل لذلك ولسوف تكون وقفتى فى الحلقات القادمة مع تفاصيل المراحل التى عاشها الحزب حتى بلغ حالته اليوم عندما فقد مقومات وجوده وبفقده لم يعد بالسودان حزبا مؤهلا لحكمه الا اذا كان الحكم هيمنة على السلطة ولم يعد بالامكان تصحيح مسار هذا الحزب كما ان الموقف عامة لم يعديسمح له بماكان متاحا له يوم كان صاحب الكلمة والى المزيد من الوقفات مع تفاصيل المراحل التى ضاعفت من تمزقاته حتى استحق ان اقول عنه(خرج ولم يعد) والمؤشرات تقول كما قلت انه لن يعود والى الحلقة القادمة siram97503211 [[email protected]]