* نحن نعلم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها غالبية الأسر، ونقدر الظروف الخاصة التي خلّفتها تداعيات التظاهرات الاحتجاجية، ونترحم على الشهداء، ونسأل الله تعالى عاجل الشفاء للجرحى، وأن يلهمنا جميعاً الصبر، ونحن نواصل مشوار الحياة الدنيا بلا يأس ولا قنوط من رحمة الله. * هذه الظروف الصعبة لا تقف بيننا وبين الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، الذي يهلّ علينا وعلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ونحن أكثر حرصاً على استكمال مسيرتنا في البناء الأسري والاجتماعي والوطني دون أن ننسى واجبنا تجاه دار البقاء. * لذلك فإننا نذكر أنفسنا وأياكم بالمعاني والقيم والدلالات التي من أجلها نحتفل بعيد الأضحى الذي للأسف أصبح مثله مثل المناسبات الدينية الأخرى محكوماً بالعادات الاجتماعية والمظاهر التفاخرية، وقليلاً ما نتدبر معانيه والقيم الأخلاقية والإنسانية التي حملها إلينا في قصص القرآن الكريم. * لهذا فإننا نسترجع في مثل هذه الأيام قصة سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام وابنه الذبيح إسماعيل الذي أسلم أمره لله كما أسلم من قبله والده وهو يصدق الرؤيا التي رأى فيها أن يذبح ابنه، وكاد أن يفعل لولا رحمة الله الرحمن الرحيم الذي أرسل كبشاً عظيماً فداءً لابنه إسماعيل. * ما أحوجنا خاصة في أيامنا هذه لتدبر مثل هذه القيم والمعاني الأسرية والأخلاقية بكل ما بها من ترابط وطاعة وتضحية بالنفس، طاعة لله عزّ وجلّ، وطاعة للوالدين فيما يرضي الله، وتضحية في سبيل الرسالة السامية التي من أجلها كان الخلق وكانت الرسالات لإعمار الدنيا والعمل من أجل الدار الآخرة. * هذه المعاني والقيم يمكن تدبرها دون مشقة أو عنت؛ لأنه سبحانه وتعالى "لا يكلف نفساً إلا وسعها"، وفي الأضحية ضحى عن الفقراء رسول الرحمة، ووصانا بهم حتى تكتمل فرحتنا بالعيد، وليس بالضرورة أن يستدين الإنسان كي يؤدي هذه الشعيرة ولا أن يرهق نفسه بأقساط تزيد معاناته. * إننا ننتهز هذه المناسبة المباركة لنهنئ المسلمين في بلادنا وفي العالم أجمع، ونخصّ بالتهنئة الأهل والأصدقاء والجيران والأحباب، خاصة الذين بعدت وباعدت بيننا وبينهم المسافات والأمكنة، سائلين المولى عزّ وجلّ أن يعيد الله العيد علينا وعليهم وعليكم جميعاً باليمن والبركات، وعلى بلادنا بالخير والأمن والاستقرار والسلام والعدل والنماء والبناء. * نسألكم جميعاً العفو عن تقصيرنا تجاهكم أو ما قد نكون سببناه بفعل أو قول أو حتى ظنّ لم نتحقق منه ، فكلنا خطاؤون وخيرنا من عفا وصفح وفتح صفحة جديدة مع الآخر القريب والبعيد. نورالدين مدنى [[email protected]]