أحسب أن حديث الأخ علي أحمد كرتي وزير الخارجية السوداني عن توقعاته بتحسن العلاقات السودانية الأوغندية، في أعقاب لقاء القمة بين الرئيسين السوداني عمر البشير والأوغندي يوري موسفيني في أديس أبابا على هامش اجتماعات القادة الأفارقة في الأسبوع الماضي، كان ينبغي أن يجد اهتماماً خاصاً من قبل وسائل الإعلام المختلفة، والتعاطي معه، تعليقاً وتحليلاً ورأياً، باعتبار أن تحسن علاقات البلدين، سيكون نقلة نوعية في انفراج العلاقات، ليس مع أوغندا، بل مع الكثير من الدول الإفريقية التي ترى السودان يتعامل معها تكتيكياً وليس إستراتيجياً. فكثير من الأفارقة يرون في السودان أنه يمكن أن يكون بوتقة لصهر الثقافة الإفريقية بالثقافة العربية، وليس جسراً حاملاً لما يعبُر فوقه، وكذلك السودان من الممكن أن يصبح بوابة للفتح الإسلامي متغلغلاً في لطف ولين في سويداء القارة الإفريقية لأنه من أكثر الشعوب العربية فهماً لعقلية الإنسان الإفريقي. ومن الضروري ألا تكون بشريات انفراج العلاقة السودانية الأوغندية من أجل وقف دعم كمبالا للحركات المسلحة، خاصة الجبهة الثورية. وكذلك تسعى أوغندا إلى وقف دعم الخرطوم للمعارضة الأوغندية، خاصة جيش الرب، بل يراعي البلدان في تحسين علاقاتهما تحقيق إستراتيجيات كبرى تتمثل في إزالة توترات العلائق بينهما من أجل مصلحة شعبيهما، وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين. ومن المأمول أن تتخذ كلٌّ من الخرطوم وكمبالا إستراتيجية جديدة في علاقاتهما، بحيث يقتنعان بأن الإستراتيجية الحقيقية في علاقاتهما هي إصلاح ذات البين بينهما، ومن ثم إحداث قدر من الثقة تدفع البلدين إلى الإسهام الفاعل في تقريب شقة الخلافات بين الحكومة السودانية ومعارضيها، بالاستفادة من علاقات الحكومة الأوغندية مع قيادات الحركات المسلحة في دارفور والجبهة الثورية، لا سيما وأن اللقاء بين الرئيسين البشير وموسفيني يُعتبر أول لقاء، بعد توتر في العلاقات بين البلدين منذ أمد بعيد إبان حرب الجنوب، ثم قطيعة استمرت لأكثر من ثلاث سنوات. والجميل في هذا اللقاء أنه جاء بناء على طلب من الحكومة الأوغندية، مما يعني أن الأوغنديين شعروا من أجل مصلحة بلادهم، أنه لا بد أن يسعوا إلى تحسين علاقاتهم مع السودان، فعلى السودان أن يستثمر هذا الانفراج المتوقع في علاقات البلدين لمصلحة السلام والاستقرار لينطلق البلَدان من خصام وعداء إلى سلام ورخاء. من هنا، على وزارة الخارجية أن تجعل من أهدافها تحسين علائق البلدين، إستراتيجياً، ومن ثم تبحث عن سبل يمكن لأوغنداً أن تلعب دوراً مهماً في تحقيق السلام والاستقرار في السودان. فمشوار المليون يبدأ بخطوة واحدة. أحسب أن أوغندا بدأت الخطوة، علينا الإسراع بالخطى في سبيل تحسين العلاقات بين البلدين، لأن السياسة ليس فيها خصوم دائمون ولا أصدقاء ثابتون، بل هي المصالح، من ذلك نجد أن مصلحتنا إستراتيجياً وتكتيكياً في العمل الجاد على تحسين علاقاتنا مع أوغندا وغيرها من دول العالم، غرباً وشرقًا، وإفريقياً وعربياً.