السجن 15 عاما على مشارك مع قوات التمرد بأم درمان    تحرّك فعّال للتسوية..اجتماع مثير في تركيا حول حرب السودان    تقارير عن فظائع بينهما إعدامات واغتصاب ممنهج منذ سيطرة الدعم السريع علي الفاشر    اتحاد أصحاب العمل يقترح إنشاء صندوق لتحريك عجلة الاقتصاد    غرق مركب يُودي بحياة 42 مهاجراً بينهم 29 سودانياً    أردوغان يعلن العثور على الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة    أبياه يستدعي السداسي والخماسي يغادر رواندا    الطاهر ساتي يكتب: أو للتواطؤ ..!!    والي الخرطوم يعلن عن تمديد فترة تخفيض رسوم ترخيص المركبات ورخص القيادة بنسبة 50٪ لمدة أسبوع كامل بالمجمع    اشتراطات الكاف تجبر المريخ على إزالات حول "القلعة الحمراء"    وزارة الصحة تناقش خطة العام 2026    العلم يكسب الشباب في دورة شهداء الكرامة برفاعة    إكتمال الترتيبات اللوجستية لتأهيل استاد حلفا الجديدة وسط ترقب كبير من الوسط الرياضي    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    كأس العالم.. أسعار "ركن السيارات" تصدم عشاق الكرة    تقارير تكشف ملاحظات مثيرة لحكومة السودان حول هدنة مع الميليشيا    شاهد بالفيديو.. على طريقة "الهوبا".. لاعب سوداني بالدوري المؤهل للممتاز يسجل أغرب هدف في تاريخ كرة القدم والحكم يصدمه    شاهد.. المذيعة تسابيح خاطر تعود بمقطع فيديو تعلن فيه إكتمال الصلح مع صديقها "السوري"    شاهد بالفيديو.. البرهان يوجه رسائل نارية لحميدتي ويصفه بالخائن والمتمرد: (ذكرنا قصة الإبتدائي بتاعت برز الثعلب يوماً.. أقول له سلم نفسك ولن أقتلك وسأترك الأمر للسودانيين وما عندنا تفاوض وسنقاتل 100 سنة)    رئيس تحرير صحيفة الوطن السعودية يهاجم تسابيح خاطر: (صورة عبثية لفتاة مترفة ترقص في مسرح الدم بالفاشر والغموض الحقيقي ليس في المذيعة البلهاء!!)    شاهد بالصورة والفيديو.. القائد الميداني بالدعم السريع "يأجوج ومأجوج" يسخر من زميله بالمليشيا ويتهمه بحمل "القمل" على رأسه (انت جاموس قمل ياخ)    شاهد الفيديو الذي هز مواقع التواصل السودانية.. معلم بولاية الجزيرة يتحرش بتلميذة عمرها 13 عام وأسرة الطالبة تضبط الواقعة بنصب كمين له بوضع كاميرا تراقب ما يحدث    شاهد بالصورة والفيديو.. القائد الميداني بالدعم السريع "يأجوج ومأجوج" يسخر من زميله بالمليشيا ويتهمه بحمل "القمل" على رأسه (انت جاموس قمل ياخ)    انتو ما بتعرفوا لتسابيح مبارك    شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    "فينيسيوس جونيور خط أحمر".. ريال مدريد يُحذر تشابي ألونسو    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    صفعة البرهان    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عضو بالجبهة الثورية يدعو للاجتماع والتحاور مع الإمام الصادق المهدي
نشر في سودانيل يوم 25 - 10 - 2013

مقدمة: الدكتور طبيب عيسي حمودة السياسي قيادي شبابي و طلابي في حزب الأمة بمدرسة خورطقت، بجامعة الخرطوم ثم قيادي نقابي/ منهي وسط أطباء الأمة في بدايات الإنقاذ وفي عز( او ذل) جبروتها 1991 - 2002. ترك الحزب والضم للحركة الشعبية في عام 2005. وكان من أسباب استقالته من. الحزب هو هو ما تبين له غير محدود - بلائحة او عرف سياسي- للسيد( حينها و الامام الان) الصادق المهدي وهي دور يتخطى اي مؤسسية و لو جلس علي راس مؤسسات الحزب حملة الدكتوراه، حملة السلاح (فضل الله برمة) او من ال البيت ( مبارك ).
رغم ان قناعتي الشخصية ان اكبر معوقات التحاور أو الاتفاق مع السيد الامام الصادق المهدي هي ليست عدم و وضح موقفه - معارضا، مع الحكومة او الاثنين معا ( في صحن واحد)- ولكن ما اذ كان ما يدعو و يفاوض من اجله موقف لا يتغير في الغد القريب! مما يجعل التحاور و الاتفاق عبث! و استشهد بحالة واحدة وردت في مذكرات بشير محمد سعيد ان السيد الصادق دعاه وأخرين ليخبره انه غير راضي عن اتفاق المصالحة الوطنية ويود ان يخرج علي النظام و كان ذلك بعد فترة ليست طويلة من توقيعه الاتفاق؟! ذكر الاستاذ الكبير بشير محمد سعيد انه نصح السيد بان لا يستعمل مثقفي الخرطوم لكثر من سماعه لأنصاره الذين بطشت بهم مايو، أفقرتهم و هدمت حياتهم وان يركز جهده في مساعدته واعادة بناء حيواتهم وشؤون معاشهم!
علي الرغم أعلاه و فوق كل ذلك ساءني ان اللقاء المرتقب بين الامام و قيادات الجبهة الثورية لم يتم! وهو خبر أظنه يصيب ببعض من خيبات الأمل و القلق ! ولهذا هذه دعوة مني للتحاور علي نطاق مفتوح حول دعوة الامام الصادق المهدي للوصول الي مساومة سياسية مع البشير. و الآراء هنا تخصني وحدي ولا تمثل دعوة للخروج علي التوجه العام للحركة الشعبية و مقررات المجلس الثوري للجبهة الثورية.
فحوى دعوة الامام، وهي منطقة وسطي ، مساومة او تنازل هي رحيل البشير وزبانيته و تسليمهم السلطة لحكومة انتقالية في مقابل العفو عنهم وربما مشاركتهم في السلطة الانتقالية والعملية السياسية مستقبلا. و هي تختلف بدرجة او يزيد عن دعوة الدكتور الرفيق الواثق كمير اذ ترتكز، او تدعو، الاخيرة لتحول يكون البشير هو جزء منه و علي راس سلطته. و لكن آلاما طلب من البشير الرحيل! و أظن ان دعوته للان يكون التنظيم الحاكم جزء من النظام الجديد مشروطة بالا يكون أفراد النظام المنحل ممن ارتكب انتهاكات لحقوق الانسان بصورة مباشرة- و العلم عند الامام ( اذ تصنف بعض تصريحات و مسؤولية ابنه - الذي لا شك يحب له الامام ان يكون جزء من ذلك التحول ان لم يكن علي قمته- انتهاكات صريحة لحقوق الانسان في تعريفها العالمي universal )
ودعوة السيد الإمام ليست بجديدة و لكنها تتجدد و جديرة بالاهتمام الان بعد ان عرف البشير ان شعبنا قادر علي التضحية بآلاف الشهداء في سبيل انتزاع حقوقه واسترداد كرامته! و لب دعوة الامام هي علمية او تسوية سياسية أشبه بما حدث مع نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا!
ورغم ان الناس و المجتمعات في مناطق النزاعات الممتدة الأجل protracted conflicts لديه رغبة جامحة لإنهاء الصراع بأيسر و اسرعة طريقة او تسوية الا ان جز كبير من الناس في تلك الحالات و الأحوال لدية رغبة مماثلة للعدالة وهو ما قاد ال تبني خيار لجان الحقيقة والمصالحة بعد الانتقال السياسي كوسيلة - وسطية - لتحقيق العدالة!
وشيوع و قبول نظام الحقيقة و المصالحة - كآلية و حكمة سياسية و مجتمعية لإنهاء الصراعات الممتدة الآجال - مرده ان طول صراعات غالبا قادت لان يشارك كل أفراد المجتمع - الا قليلا - في اعمال عنف المنظم و غير المنظم و انتهاكات حقوق الانسان لدرجة ان اللجوء للخيارات الاخري، كالعدالة عن طريق المحاكم مثلا ، ربما تجر جل الشعب - الا ما رحم ربي- للمسألة القانونية! و يتخوف المجتمع ( الدولي منه خاصة ) من ان اللجوء الي خيارات المحاسبة والمحاكم ربما يشل قدرة الدولة - الحكومة الجديدة- علي الإيفاء بدورها في حفظ الأمن و السلم. كما ان إجراءات العدالة عن طريق المحاكم عادة تكلف كثير من الموارد - التي هي أصلا شحيحة في دول النزاعات الممتدة - كما ستأخذ وقتا طويلا قد يصل لسنوات عدة! وربما اضعف ذلك ثقة الجمهور في حكومته الجديدة ويعرض الوطن للخطر الي الانزلاق مجددا في ذات الصراعات اذ يحفز - ضعف الحكومة الانتقالية او غلظتها القانونية - بعض الجناة للجوء الي او مواصلة اعمال للعنف هروبا من إلقاء القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة.
ولا ارمي ال ان الانتقال السياسي و تحقيق العدالة لا يتم الا بتبني نظام لجان الحقيقة و المصالحة - التي يتبناها الامام و حزب الأمة ( و قلت أعلاه ان الامام هو الحزب)! كمل ان قبول ونجاح لجان الحقيقة و المصالحة يعتمد بدرجة كبيرة علي حيادية، قوة و نزاهة أعضاءها! كما ان دور اللجنة و منظمات المجتمع المدني في توعية المجتمع و ضحايا النزاعات و أسرهم علي وجه الخصوص مهم جداً لتعزيز الثقة في مسعاها وتهيئتهم للتعاون معها و علي الصبر وضبط النفس! اذ ان قبول خيار لجان الحقيقة والمصالحة يعني فيما ان يظل الأفراد من النظام البائد طلقاء و ربما يشاركون في العملية السياسة والاجتماعية حتي صدور قرارات و توصيات اللجنة في حقهم. و بطء عمل تلك اللجنة لا شك قد يصيب الكثير بالإحباط و السخط! و هنا ربما تحتاج الدولة و المجتمع عبر تنظيماته القيام باكثر من التوعية كالإرشاد النفسي والدعم للأفراد و أسر الضحايا لتهيئتهم للتأقلم مع طبيعة ومرتبات القبول بهذا الخيار! كما لابد من معرفة ان - بالطبع - ليست كل توصيات لجان الحقيقة و المصالحة هي إشاعة العفو عن المجرمين و مرتكبي انتهاكات حقوق الانسان بل تشمل أيضاً الحرمان من المشاركة في العملية السياسية لفترات متراوحة قد تصل مدي الحياة وكما تشمل إحالة بعض الحالات للمسألة الجنائية والمحاكمة.
هل يصلح هذا الخيار للحالة السياسية السودانية الراهنة؟ الإجابة علي هذا السؤال بنعم تكمن في تقبل الإجابة علي سؤال اخر وهو هل شاركت قطاعات و مجموعات كبيرة من الشعب السوداني وتنظيماته في اعمال العنف المنظم و غير المنظم و انتهاكات حقوق طيلة العقدين و نيف تحت حكم عمر البشير؟
الواقع يقول نعم ولكن بتحفظ. والأمثلة علي مثل هذه المشاركة في النزاعات كثيرة! مثلا انخراط كثير من الأفراد و المجموعات في قوات الدفاع الشعبي، ،الجنجويد، الأجهزة الأمنية للنظام و تنظيمه الأمني ومليشياته، الشرطة و الشرطة الشعبية، مسيرات دعم تحرير مدن الجنوب و التبرعات العينية و المادية للأعمال العسكرية، الاعمال الفنية و الأدبية، الخطب الدينية و غيرها من الأعمال الأفعال والأقوال التي تمجد عنف الدولة والعنف المنظم! الطبع تدخل فيها عمليات المعارضة المسلحة كجيوش الأمة ، الفتح، تحرير السودان العدل و المساواة ، و مواجهات الجبهة الثورية لاعتداءات قوات النظام و غيرها. ولا أساوي أنا هنا بين دفاعنا( لا يدعي الكاتب الحيادية هنا وأي احد منا يكون محايدا ونحن نعيش و نري كل هذا العنف المنظم الذي تقوم به الحكومة ضد شعبها) المشروع ضد هذه الطغمة التي حملت السلاح في وجهنا! ولكن عند لجان الحقيقة والمصالحة فان كل تلك - بغض النظر عن الدوافع والمشروعية - تصنف كأعمال عنف و تقع تحت طائلة المسالة و التقصي. لذلك نخلص الي ان أعدادا كبيرة من السودانيين شاركت في الصراعات طواعية كما النظام وأفراد تنظيماته او مكرهين كما هو الحال مع كل الشعب السوداني في نضاله و قتاله المشروع ليزود عن كرامته ويناضل من اجل استرداد حقوقه ( اقتصادية، سياسية ، ثقافية و اجتماعية) و الشرعية ليست صعبة التعريف سياسيا وقانونيا و مجتمعيا!
كما لابد من توضيح ان عمل لجان الحقيقة و المصالحة معني بالأفراد و دورهم في الصراع وليس الأنظمة و التكوينات!؟ مثلا انتمائك لتنظيم الحكومة لا يعني تلقائيا انك قاتل و مجرم! ولكن مساندة عمل التنظيم معنويا و ماديا ربما تعني ذلك و ربما توصي لجان الحقيقة باحالتك للمحاكمة. كما ان انتمائك للمجموعات التي حملت السلاح وجهة النظام لا تعني انك بري اذ ان انتهاكك للقانون و للمعاهدات الدوليين يدخلك في قائمة عقوبات لحنة الحقيقة و المصالحة و قد تصل هذه التوصية بتقديم بعض الأفراد للمحاكمة أيضاً. كما تبرء ساحة بعض الأفراد. وعدم تأثر النظم راجع الا ان ذلك جزء من المساومة التي علي أساسها تم القبول للجان الحقيقة و المصالحة.
هل نجحت لجان الحقيقة و المصالحة في حقن الدماء، تحقيق ، مساعدة الدولة في استعادة الأمن و السلم و الانتقال السياسي؟! نعم في جنوب افريقيا لحد ما! و في ليبيريا نجحت هذه الجان لحد ما أيضاً.
كنت محظوظا اذ كنت متواجدا في ليبيريا في فترة عمل تلك اللجنة وشهدت عملها الشاق، نجاحاتها و اخفقاتها عن قرب! بالاضافة الي استجوابات الأفراد التي وردت أسمائهم اليها ، نظمت اللجنة عدة لقاءات في الأحياء و التجمعات السكنية علي نطاق القطر. وكانت وقائع التقصي ، حلقات لاستجواب، و المقابلات بين بعض الضحايا او أسرهم و الجناة تذاع علي الهوا مباشرة . و هذه الاخيرة عملية مؤلمة للكثيرين اذ تأخذهم للحديث عن ملابسات المواجهات الدموية ووصف كيفية قتل او عذب بعض او كل أفراد أسرهم! كما ان بعض المطلوبين للتحقيق و الجناة ( او المجرمين ان جاز ان اسميهم كذلك) يمرون بنفس التجربة القاسية! و ليس هناك أوقع الم من ان يجد الجلاد و القاتل نفسه في مواجهة ضحاياه او ذويهم ثم يطلب العفو و الصفح منهم!
وسالت زوجتي السيدة زينة بورسي - وهي ليبيرية الأصل و احد ضحايا تلك الصراعات - و كانت ساخطة علي اللجنة و الحكومة كيف قبلت بل هذا الخيار ؟! فذكرت لي ان سخطها نجاح عمل لجنة الحقيقة و المصالحة في ليبيريا كان هو للاستعداد النفسي للمواطن والضمانات الدولية و الاخيرة هذه باهظة التكلفة المالية! فقد تم الاتفاق بين القوي السياسية علي حل جميع المؤسسات الأمنية - الجيش الشرطة و المليشيات و غيرها - وإبدالها بقوات حفظ النظام الدولية ! الي يومنا هذا ليس للبيريا جيش وطني بل أفراد تحت التدريب ليكنون نواة الجيش الوطني . و قد اتفق ان تتولي نيجيريا قيادة هذا الجيش النواة( علي كل حال لا يوجد جنرال ليبيري اذ سرح الجميع من الخدمة) ! وكذلك الشرطة ليست لديها ذخيرة! علي ضوء تلك و الترتيبات شكلت الحكومة الانتقالية - لثلاث سنوات - و لم يسمح لم لأفراد النظام السابق و قادة المليشيات من المشاركة ولكن ظلوا طليقين ومنح الرئيس جارلز تيلور لجوء سياسي في نيجيريا و ظل طليقا حتي تم إلغاء القبض عليه لدوره في صراعات و حروب سيراليون و ليس الحرب الليبيرية! كذلك لضمان استقرار الأوضاع في ليبيريا فرضت الامم المتحدة الامم المتحدة و الحكومات الغربية عقوبات اقتصادية و حظر السفر علي بعض أركان النظام الأسبق و بعض المؤسسات المالية للنظام السابق ( ومن ضمن هؤلاء كان المهندس جنكيز دونبار وزير الاراضي، المعادن والطاقة الليبيري).ولكن ظل هؤلاء الأفراد أحرار و يمارسون أعمالهم الخاصة و يشاركون في الحياة الاجتماعية و يتمتعون بثوراتهم التي اكتنزوها من حياتهم السابقة وعادة ما كان يشير اليها الليبيريون كأموال حصلوا عليها مجانا( Free Money). و بانتهاء الفترة الانتقالية في 2005 و إتمام الانتخابات في نفس العام سمح الأفراد النظام البائد بالمشاركة وتم انتخاب بعضهم في البرلمان و اصحبوا جزء من اللعبة السياسية هناك( كان من ضمن الفائزين في مجلس الشيوخ الليبيري السناتور جويل هوارد تايلور زوجتك الرئيس جارلز تايلور). و لكن لم ترفع عقوبات و حظر السفر و كذلك وجود القوات الي الان و قدت انتهت الفترة الرئاسية الأولي للرئيسة الحالية ايلين جونسون سيرليف ( و هي مسيحية من أصول مسلمة و زوجها الراحل مسلم كما عينت كثير من المسلمين في مرافق حساسة كوزير المالية و الدخلية في بلد 90٪ من سكانه مسيحيين!). ولم لم تعين ايلين جونسون سيرليف اي من أفراد النظام السابق في حكومتها و لكن ظلت علي مقربة منهم و استعانت بخبراتهم بصورة غير رسمية. و اذكر انها عينت جارنا و أحد وزاراء المالية السابقين وهو اقتصادي مشهور و التكنوقراط في لبيريا و غرب افريقيا كرئيس لمجلس إدارة هيئة الطيران المدني و عادت و ألغت قرار التعيين عندما تم أخبارها بانه أيضاً في قائمة العقوبات!
قلت انه يكمن التحاور و حتي القبول بمبادرة الامام حفظا للدم السوداني وهو قبول يجب ان يكون مشروط! و اول ذلك الشروط هو ان لا يكون الامام جزء من الحكومة الانتقالية ولكن يمكن ان يلعب اي دور اخر. هذا يبدو شرطا تعسفيا ولكن في حقيقته هو ليس كذلك! اذ لا أظن ان وجوده او وجود مقربين منه في الحكومة الانتقالية يبعث علي الطمأنينة! زد علي ذلك ان ابنه البكر جزء من النظام و هو بلا شك سيكون علي قائمة المطلوبين للتحقيق. سيكون هذا الانتقال اذ تم بمثابة خاتمة حسنة للامام لتاريخه السياسي و الحزبي اذ دمغ كلاهما بالجدل في ما اذ كان ناجحا في منهما! و أرجو ان يرضي بدوره الجديد كوسيط وراعي او ضامن لتنفيذ الاتفاق( الذي يجب ان يحمي بوثيقة قانونية توفر الحصانة للأشخاص الذين لم يرتكبو أعمالا إجرامية)
وهذه دعوة لن تجد الحماس من شباب الثورة و يكمن ان أسهب في الأسباب من وراء هذا الرفض ولكن أقول لهم فلن نصرف الي ناضلنا و خروجنا للشوارع كما قال الاستاذ محجوب محمد صالح في مقال له حول دعوة الإمام هذه! و دعاه ان يصرف جهده فيما هو أفيد للثورة! ولكن فلنترك الباب مفتوحا للسيد الامام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة في دعواه لهذه المساومة السياسية مع البشير! وليعجل الامام - ان كان البشير يسمع له - وليخرج لنا باتفاق مكتوب او غير مكتوب مع الطغمة! فنحن ماضون ولن نفض هذه الاعتصمات والمسيرات! وسنشر كل يوم قوائم شهدائنا و الجرحي وننادي بإطلاق سراح المعتقلين منا و المفقودين!
شيء ما لا تفهمه هذه الطغمة حول هذه الثورة الاخيرة! بعضهم يظنه " دواس محرشين" ينتهي بانتهاء " التعبئة النفسية- الحريش و النفخ" و البعض الاخر يعتقده غضب سكان المدن او فورة مدللين تعودوا علي الرفاه! ولكن ما الذي يحرك عالم و باحث و بروفيسور في علم الجينات في هارفارد ليترك مختبره ليكتب للشباب و صفات ثورية كل يوم؟!هو لا يركب العربات في الخرطوم - علي وزن كلام قطبي المهدي- فلم يخرج في للشوارع لشي لايهمه؟ انه نفس قصر النظر السياسي في تعاملهم مع متطلبات اتفاق السلام! فبدلا من الانصراف للعمل بجدية و صدق لجعل الوحدة جاذبة ظلوا يرددونه لنا بان ' الجنوبيين' سيصوتون للوحدة لانه طوال سنوات الحرب ان أعداد الذين نزحوا للشمال اكثر من تلك التي نزحت لدول افريقيا المجاورة ( وهو احصاء مغلوط علي كل حال)! و قد حاول أعلام البشير عزل ثوار الداخل و الخارج كما حاول قطبي دق إسفين بين سكان حضر السودان واريافه! وأي فشل لقطبي المهدي وهو يعلم ان شعوب السودان التي تترحل بالدواب و الحمير قد خرجت علي الإنقاذ قبل سكان الحضر؟!
اما محاولة تبخير دور مناضلي الكيبورد فتكفي عليهم شهادة المتحدث الرسمي باسم الحكومة ووزير أعمالها! .و ليعلم البشير والامام انه اذا سقطت هذه الحكومة علي جثث الكثير من الضحايا فلن تكون هناك مصالحة و مساومة بل محاسبة و عدالة !
Eisa Hamid [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.