قال لى العم الأنصارى الكبير البشرى على عبد الرسول وكان هو ووالدى عليهم رحمة الله فى حج عام 1987 م " والله يا ولدى ود المهدى زولاً دايروا مافى ولكنه راكب فوق رأس الناس " وذلك من شدة ما كان يسمع من الاِعلام والذى كانت تقف خلفه قوى الظلام للاطاحة بالنظام الديمقراطى أولاً ، وثانياً لأن القوى التى كانت ومازالت تسيطر على السلطة والثروة فى السودان وهى التى والت الاستعمار الانجليزى المصرى عند دخوله السودان أو دخلت معه مازالت تحمل الكثير من الأحقاد والاِحن على الدولة المهدية وكيان الأنصار ولذلك تجد المفارقة العجيبة أن الشعب السودانى يعطى صوته فى كل مرة لحزب الأمة نتيجة لمواقفه الرائدة وجهاده فى التصدى لقوى البغى والظلام واِيمانه القاطع بالنظام الديمقراطى ولكن يبدأ التأمر من أول يوم يتولى فيه السلطة لاِزاحته عن طريق الانقلابات العسكرية وما أمر اِخراج اللواء أحمد عبدالوهاب نائب الرئيس عبود من المجلس العسكرى ببعيد نتيجة لميوله نحو حزب الأمة . ما نود قوله هنا أنه يخطى من يظن أنه يمكن أن يتم عمل بدون حزب الأمة ونخص بالذكر أحزاب قوى الاِجماع الوطنى وشواهدنا فى ذلك كثيرة ولاتحصى : 1-دعى السيد عبدالرحمن المهدى الى الاستقلال التام عن الاستعمار الانجليزى المصرى " السودان للسودانيين " رغم الدعاية الخديوية المغرضة ضده بموالاة الانجليز بتتوجيه ملكاً على السودان ، ووقفت القوى الاتحادية بالدعوة للوحدة مع مصر تحت التاج المصرى وقد تم لحزب الأمة ما أراد بالاستقلال التام عن الاستعمار الانجليزى المصرى . 2-عندما عاد وزير الخارجية المصرى صدقى من لندن العام 1946 م من مباحثاته مع وزير الخارجية البريطانى بيفن وقال قولته المشهورة " جئتكم بالسيادة على السودان " وقف جل الشعب السودانى ضد هذا الاِعلان المشين ولكن أيده الزعيم الأزهرى حيث قال " ليس فى الاِمكان أبدع مما كان " ولكن تحطم هذا القرار وتم الاستقلال التام . 3-كانت مواقف حزب الأمة بقيادة المرحوم محمد صالح الشنقيطى فى مؤتمر جوبا العام 1947 م هى من جعلت أهلنا فى الجنوب للبقاء ضمن منظومة القطر السودانى رغم أنف الاِستعمار الذى أراد وكاد أن يجعلها تقبل بالانضمام لدول شرق أفريقيا . 4-عندما قامت الجمعية التشريعية العام 1948 م خلال عملية التطور الدستورى فى السودان ودخلها حزب الأمة ، رفضت القوى الاتحادية وبدعم من مصر الدخول فى الجمعية وقال الزعيم الأزهرى " لن ندخلها ولو جاءت مبرأة من العيب " ولكن عندما فاز مقترح حزب الأمة لقانون الحكم الذاتى بصوت واحد بعدما وقف الاستعمار ومن والاه داخل الجمعية ضده جاءت تلك القوى الاتحادية وأنضمت للركب وكان الاستقلال من نتاج هذا الحكم الذاتى . 5-رغم الدعم المصرى المباشر للقوى الاتحادية بمبلغ ستة مليون جنيه مصرى والتدخل السافر فى تقسيم الدوائر وشراء النفوس لضمان فوز القوى الاتحادية ومن ثم الانضمام لمصر، ولكن ومع فوز الاتحادين باكثرية المقاعد الا أن مبدأ الاستقلال التام هو الذى فاز فى النهاية . 6-عندما قام الزعيم الأزهرى والشيخ على عبدالرحمن وآخرين من القوى الاتحادية بالاجتماع مع الزعيم عبدالناصر لاسقاط حكومة الأميرالاى عبدالله خليل ليس من أجل محاربة الاستعمار والمعونة الأميركية ولكن حتى يمنع قيام مشاريع رائدة فى السودان كمصنع كوستى لانتاج اللحوم والذى كان مخططاً له أن يكون أكبر مصنع لانتاج اللحوم فى العالم ، رفض عبدالله خليل أن تُصنع سياستنا فى المطبخ المصرى وتنتهك سيادتنا فى وضح النهار فقام بتسليم السلطة للجيش السودانى والمناط به حماية الدستور والوطن . 7-دخل الاتحاديون والشيوعيون المجلس المركزى لنظام عبود ولم يدخل أبداً حزب الأمة لايمانه القاطع بالنظام الديمقراطى لتداول السلطة . 8-كان بيت الامام المهدى بأم درمان المكان الذى كانت تجتمع فيه الجبهة القومية المتحدة وهو مركز النضال ضد الحكم العسكرى ولقد قام السيد الصادق المهدى بصياغة ميثاق الثورة 1964 م . 9-أختار النميرى وزراؤه من جميع الأحزاب السودانية ولم يختار وزيرا واحداً من حزب الأمة الذى وقف من أول يوم ضد النظام العسكرى وما حوادث أبا وودنوباوى ويوليو الا شواهد على ذلك . 10-بعد أن أجتمع السيد الصادق المهدى رئيس الجبهة الوطنية بالأحزاب المنضوية تحتها بخصوص المصالحة الوطنية ، وافقوا عليها جميعاً ودخلوها وحتى الشريف حسين الهندى وقع اِتفاقها مع عمر محمد الطيب فى الاتفاق المشهور وجاءوا ليقولوا أخيراً أنه لم يخطرهم بخطوات المصالحة والتى كان من تائجها اِزالة الحكم العسكرى . 11-بعد أن فارق حزب الأمة التجمع الوطنى الديمقراطى أتهمته قوى التجمع بالاتفاق مع النظام لدخوله الحكومة ولكن باءت توقعاتهم بالفشل ودخلوا هم النظام ما عدا حزب الأمة بعد أن تفرق التجمع أيدى سبأ والذى وقف صامداً كالطود ضد اِغراءات السلطة ومازالت تلك القوى تتحدث الآن عن اتفاق بين حزب الأمة والمؤتمر الوطنى لدخول حزب الأمة الحكومة . اِن هذا الكيان العظيم بقيادة الاِمام الصادق المهدى جعل همه السودان وشعبه ولم يتخل يوماً عن هذا الهدف ولم يدخر وسعاً فى تحقيق أمانى الشعب السودانى ومازال يؤمن بالطريق الديمقراطى للتداول السلمى للسلطة ولم يتهادن يوماً مع نظام شمولى أو يدخل مؤسساته بل نجد أن كل همومه تصب فى هذا الاتجاه ومازال أيضاً يعمل بكل جهد نحو تجنيب الوطن الدماء والتمزق ما أستطاع لذلك سبيلاً فى ظل المتغيرات الكبيرة والمعارك التى تحيط بالوطن . ا [email protected]