قبل أيام طرح بعض الشباب تشكيلاً أطلقوا عليه اسم (حكومة الظل) ، وحسب فهمى ، مما قرأت ، أنهم يقصدون اقامة حكومة ظل سودانية . هذا التفكير ذكرنى بقصة هجم النمر المنسوبة للرجل الكذاب الذى وقع فى شر أعماله عندما هجم عليه النمر حقيقة وساعتها لم يجد له نصيراَ. إن التفكير فى التوافق على حكومة ظل لم يخطر على بال قياداتنا السياسية المعارضة منذ بدأت صفوف أهل السودان فى التنادى لإزاحة نظام الإنقاذ وكانت أركان المعارضة ، وقتها ، أكثر تميزاً ومرت بمسميات عدة بدأت بلجنة التسيير العليا ، ثم التجمع الوطنى الديموقراطى بمراحله ومؤتمراته المتعددة . إعلان حكومة ظل فى تلك الآونة كان ممكناً، فالمعارضة تضم القيادة الشرعية للقوات المسلحة ممثلة فى الراحل القائد العام الفريق أول فتحى أحمد على ونائبه الفريق عبدالرحمن سعيد نائب رئيس هيئة الأركان عمليات ، وكانت القيادة السياسية مكتملة العناصر والأحزاب على رأسها الحزب الإتحادى الديموقراطى ، حزب الأمة ، الحزب الشيوعى ، ثم مؤتمر البجا . وكانت هناك نقابات: العمال ، المحامين ، الصحفيين الأطباء وغيرهم رفدوا العمل المعارض وقتها. رغم كل ذلك لم يخطر على بال أى من هؤلاء القفز الى فكرة حكومة الظل .. لماذا؟ فى المقابل نجد أن الساحة المعارضة اليوم، تنظيميا ، على الأقل ، فهى الأكثر تواضعا. فصائل متعددة ، وأشكال تنظيمية وبرامج سياسية مختلفة أو غير متفق عليها. ببساطة إن لم تكن هناك وحدة بين القوى السياسية وتناغم بين القيادة والقواعد المعارضة فإن التفكير فى حكومة ظل أو ما شابه ذلك يمكن أن يفسر على انه يمثل إضاعة للوقت ، واختصارا مخلاً لقضية شعب يسعى بشتى الوسائل لتغيير واقعه السياسى تطلعاَ لغد مشرق. ما يتوفر الآن حراك شعبى ، كما فى أحداث سبتمبر، وغياب لكريزما القيادة التى كانت متوفرة فى طالع عهد التجمع الوطنى الديموقراطى. إن توفرت وحدة الصف المعارض ، وتم التوافق على برنامج ما بعد اسقاط النظام فإن كل الظروف ستفضى حتماً الى التغيير المنشود.