الطيب زين العابدين وأخوان الصفاء يريدون أن يمرروا فكرة أن الحركة الإسلامية لا يمكن أن تحاكم بجريرة الإنقاذ وأن الإنقاذ لا تمثل أشواق الحركة الإسلامية. ووجدوا من يصدق أكاذيبهم من أمثال فلول الشيوعيين والبعثيين والجزولي دفع الله. ففي الآونة الأخيرة كثير من الكتاب غير الإسلاميين يظنون أن إنتقاد كل من الطيب زين العابدين وعبد الوهاب الأفندي والتجاني عبد القادر وخالد التجاني لنظام الإنقاذ يجعلهم في حل من ما لحق بالسودان من محن وأحن بسبب فكر الإسلاميين. فهناك كثير من نخب السودان تصدر صكوك غفران كل فئة للأخرى حسب الطلب والموقف.فمثلا الحاج وراق في إختياره لمجموعة من النخب لقيادة التغير في هبة سبتمبر نجد أسماء كل من عبد الوهاب الأفندي وخالد التجاني والطيب زين العابدين. والصاوي يرى في تجربة عبد الوهاب الأفندي تلخيص لمحنته مع البعث الذي إنتهى بأبشع نظام شمولي تحت قيادة صدام حسين. أن الذي يدور الأن بين النخب السودانية بحق يجعلها تأخذ وسام النخب الفاشلة بجدارة. إنتقاد كل من عبدالوهاب الأفندي والطيب زين العابدين لا يرقى الي مصاف فكر ينتقد الحركات الإسلامية إذا ما قارناه بكتابات من ينتقدون الإسلاميين كتجار دين مثل كل من رضوان السيد وأمير طاهري ومأمون فندي في صفحات الجرائد دعك من الباحثين في مراكز البحوث. يبدو أن في أرض السودان كل شي جائز خاصة إذا تعلق الأمر بالدين والعروبة.فالدين والعروبة قد صارا كقوس النصر الذي قد مرت من أمامه نخب السودان الفاشلة منذ فجر الإستقلال الي يومنا هذا. واليوم بعد أن أدرجت السعودية الأخوان المسلمين في لائحة الإرهاب. تكون السعودية قد فهمت الدرس أخيرا ولكن أحسن من أن لا تفهم كحالة النخب السودانية. السعودية لم تكن من عرب التخوم بل قلب العرب النابض لذلك فهمت الدرس. أما عرب السودان عرب التخوم وشتان ما بين العرب وعرب التخوم هل يستطيعون أن يمدوا أياديهم علي الكروم؟ قد فهم العرب خطورة الأخوان المسلمين في مصر والسعودية ودول الخليج عدا قطر الداعم الوحيد للأخوان.من قبل قالها الأديب الكبير الطيب صالح أيام إنقلاب الإنقاذ أن السودان ليس له الأهلية أن يلعب دور بغداد أو دمشق. وفي معناه أنهم عرب التخوم قبل أن يرتد على أعقابه ويقول أن البشير هو الرئيس المناسب للسودان وقال له صديقه الصحفي طلحة جبريل أنهم قد أخذوا منه ما أرادوا. نفس الشى اليوم الطيب زين العابدين واخوان الصفاء قد إلتفوا على فلول البعثيين والشيوعيين أما الجزولي دفع الله فلا لون له ولا طعم ولا رائحه. في فرنسا مثلا حينما كتب ألبرت كامي الإنسان المتمرد. فقد كتب لاحد اصدقاءه بأن الحمل قد أصبح في شهوره المتقدمة إلا إن الجنين سيكون قبيح ويقصد أن الكتاب سيسبب له الكثير من المتاعب مع الأصدقاء وخاصة صديقه جان بول سارتر وحينها كان سارتر صاحب فكرة الإلتزام الأدبي التي بسببها قد أصبح المدافع الأول عن النظم الشمولية من شيوعية روسية وصديق ملازم لفيدل كاسترو. ولكن في سبيل العبث الفعال لم يجامل ألبرت كامي صديقه سارتر ومضى كل منهم الي حال سبيله.الفكر لا يهتم بالمجاملة والإخوانيات والكذب إلا عند نخب السودان الفاشلة.وأغنية الحقيبة التي لم تكسر رتم الموسيقى ولا الرقص يمكن أن تجمع بينهم في إفتخار مرديين" ذي شعب السودان مافي" كم من مفكر عندهم أمضي عمره شارحا اغاني الحقيبة لصديقه أو أغاني عبدالعزيز محمد داود حالهم كحال الجماعات الإسلامية التي تبشر بالإسلام بين المسلميين. لهذا السبب وصل الإسلاميين للسلطة في السودان وفشلوا في مصر وتونس لماذا؟ لأننا نريد أن نثبت نحن عرب التخوم أننا عرب العرب.ولهذا السبب لا يختلف فلول البعثيين والإسلاميين والشيوعيين مثل ما ظهر في وثيقة الطيب زين العابدين وإخوان الصفاء. ألبرت كامي كان ينظر للإشتراكية في بعدها الإجتماعي لا السياسي ويقول بلا مجاملة أنه لا هيغلي ولا ماركسي عكس جان بول سارتر وكل منهم قد قدم لفرنسا عمل العمالقة. لذلك فرنسا اليوم في ظل الأزمة الإقتصادية الراهنة لها مفكريها. بل نجد اليوم أن جاك أتالي يقدم فكرة الإقتصاد الإيجابي بلا خوف ولا وجل ويدعولفكرة الديمقراطية الإشتراكية كفكرة يمكن أن تكون نواة لفكرة الحكومة العالمية كتجسيد لأفكار أيمانويل كانت. قلت إيمانويل كانت؟ كان يفتخر أن معلمه الأكبر كبير الإنسانيين ميشيل دي مونتين.أما كلود ليفي أشتروس كان يفتخر بإيمانويل كانت وميشيل دي مونتين الذي يعد من الإنسانيين الكبار.وإذا تحدثنا عن إيمانويل كانت كيف ننسى معلمه ديفيد هيوم الذي يعرف الشك. عكس أصحاب اليقين والمطلق في زمان النسبي والعقلي كالشيوعيين والإسلاميين.لذلك يفتخر الطيب زين العابدين أن من بين الفلول شيوعيين وبعثيين.وهذا هوحال نخب السودان الفاشلة. يتحدث جاك أتالي عن ماركس كروح للعالم ولكن عكس خزعبلات الماركسيين السودانيين. في كتابه يثبت أن فكرة التقارب الطبقي والتضامن والتصالح بين الطبقات هي روح الماركسية التي تتجسد في الديمقراطية الإشتراكية وليست الماركسية. أنظر الي خطاب الماركسيين السودانيين الذي يصر علي فكرة إنتهاء الصراع الطبقي.يمكن يكون عبدالخالق محجوب وفكرته التي سحبها من خلال نقده لذاته كان أقرب لفكرة الديمقراطية الأشتراكية ولأفكار جاك أتالي في فهمه للماركسية. ولكن كيف يتقدم عبدالخالق في فكرته وبعد ثلاثة واربعين عام من مقتله مازال عبدالله علي إبراهيم يفتخر أنه تلميذ للرجل. وفي الحالات العادية لايمكن أن يستمر التلميذ تلميذ لمعلمه لمدة بهذا الطول إلا عند الدراويش والشيوخ أنظر الي مسألة تطور أفكار أوجست كونت وأستاذه سان سايمون. لكن ماذا نعمل مع نخب السودانيين الفاشلة التي تسود بينهم المجاملات والاخوانيات.بلد مازال خطابه يهمن عليه الإسلاميين وتلاميذ الدكتور عبدالله الطيب. لذلك نقول للدكتور حيدر إبراهيم علي لا تنزعج من وجود بعثيين وشيوعيين وسط مجموعة الطيب زين العابدين واخوان الصفاء. فعرب التخوم لا يحق لهم أخذ زمام المبادرة. ولكن عندما يقضي العرب على الإسلاميين في مصر والسعودية وتونس وبقية العالم العربي بعدها يفهم عرب التخوم أن الإنسان الذي تحدث عنه ألبرت كامي في أسطورة سيزيف ومأساة فاوست وبروموسيوث في الأغلال أقرب للإنسان من إنسان الخطاب الديني المنغلق. فالتجريد الذي أفرزه الخطاب الديني لا يفله إلا الخطاب التراجيدي لحالة الإنسان في فكر ألبرت كامي وهذا هو الإنسان الذي تحدث عنه إيمانويل كانت وميشيل دي مونتين وديفيد هيوم. فوثيقة الطيب زين العابدين وعبد الوهاب الأفندي وأخوان الصفاء وفلول الشيوعيين والصاوي والجزولي دفع الله لا تهمنا ولا تحزننا لأن العالم تحرسه أفكار الإنسانيين الكبار. فيا شعب السودان معكم حيل العقل ومكر التاريخ كما يقول هيغل. فحيل العقل ومكر التاريخ قد أوقفت السعودية ضد فكر الإسلاميين في العالم العربي والإسلامي.وغدا سيطل الربيع.