" إن قلما باهتا خير من ذاكرة حديدية " مثل صيني إن مجتمع (المشافهة) في السودان ينسينا أن نوثق لعمالقة، وتمنعنا مجالس الأنس عن التدوين، ويسرق الزمن من ذاكرتنا طعم الذكريات ثم ينساهم حتى أقرب الأقربين. في طابت المحمود كانت ولادته بين نفحات السجادة السمانية الطيبية وشرب من كأس الأستاذ الحفيان وامتشق قلما رشيقا من بواكيره، فقد ألف كتابا وهو ابن 23 ربيعا كتابا أسقط فيه لا منتمي كولن ويلسون علي عوالم الطيب صالح. أتي الأستاذ خالد الي برلين في النصف الثاني من العام 2011م ليكون نائبا للسفير واستطاع في فترة قصيرة أن يعمل علي تجسير الهوة الافتراضية بين الدبلوماسيين والسودانيين المقيمين في برلين، شهد له بذلك الكل. كما استطاع بطريقة يغبط عليها أن يحرك الراكد الثقافي للمجتمع السوداني الذي كان له تاريخا حافلا في العمل الثقافي وانحصر نشاطه مؤخرا اجتماعيا في الأفراح وفي العزاء. ساعده علي كل ذلك ثقافته الموسوعية في مجالات الفكر السياسي والأدب، ولا أجد نفسي متفقا مع من يتهمه بأنه أديب ضل طريقه للدبلوماسية فقد سبقه ثلاثة مثالا لا حصرا الراحلان الأستاذ جمال محمد أحمد والأستاذ صلاح أحمد ابراهيم فذاك كاتب ضخم بحجم حضارة كوش التي يتحدر منها وهذا شاعر فحل، والسفير ذو القلم الرشيق جمال محمد ابراهيم أمد الله في عمره. دمه المعلق في البادية حيث النقاء والنبل وطفولته بالجزيرة حيث السماحة وأريحية ناس العوض وصباه بأم درمان حيث الثقافة ونور المعرفة ساعدت تلك العوامل في امتلاكه مساحة للغير واحتراما للرأي الآخر قل أن يوجد، فخالد يذكرني بالزين بطل الطيب صالح بوجهين، الأول أينما حل دب بالمكان نشاط فله ملكة للسرد وحباه الله ب sense of humourوالوجه الثاني أنه جمع النقائض "اجتمعت النقائض في ود حامد غناء الجواري تحت سمع وبصر الامام, المشائخ يرتلون القرآن في بيت والمداحون ينقرون الطار في بيت, الشبان يشربون في بيت" فكذلك خالد جمع نقائض برلين التي لها أيضا " دار حامد" من أهل اليسار والعلمانيين وأهل الاسلام السياسي والجالية السودانية بمختلف تياراتها ومحبي الأدب كلهم جمعم الحب الذي وسع الجميع. فخالد أنجبته الجزيرة وعلمته أم درمان وإحتضنته كل من كولالومبور وواشنطون وصقلته برلين، وغسلته في لجة الفكر وصقلته بالمعارف والتثاقف والشجن، وجمرته بالإغتراب فأضحي كما يقول الراحل المقيم الطيب صالح "يحب بلا ملل ويعطي بلا أمل ويحسو كما يحسو الطائر ويتزود من زاد الفقراء وعندما تراوده نفسه عن المجد يزجرها". [email protected]