"بعد قليل ستدخل الطائرة فى منطقة مطبات جوية وعليه يرجو الكابتن من الركاب الجلوس فى المقاعد وربط الحزام " هكذا أعلنت مضيفة طائرة سودانير المتجهة الى لندن...فأسرع محمد عبدالرحيم مبعوث جامعة الخرطوم للحصول على درجة الدكتوراة بربط الحزام ولكنه أصيب بالرعب الشديد عند دخول الطائرة فى منطقة المطبات الجوية وأصبحت تسقط سقوطاً حراً قبل أن تستقر فى إرتفاع منخفض فأحس أن قلبه يكاد يقفز من قفصه الصدرى وتشبث بكرسى الطائرة وأخذ يتمتم بما يحفظ من آيات قرانية ولم ينسى أن يردد الشهادتين إذ ظن أنه الفراق ولكن الطائر الميمون هبط بسلام فى مطار هيثرو وخرج صاحبنا فإستغل الحافلة المتجهه إلى محطة فكتوريا ومنها طلب من أحد سائقى سيارات الأجرة أن يتجه به نحو 32 رتلاندقيت "بيت السودان" فسأله السائق هل أنت متأكد ؟ فالسائق فيه بقية من عنصرية بغيضة فأستكثر على ذلك الأسود أن يذهب إلى ذلك العنوان الذى يقع فى أرقى أحياء مدينة لندن - منطقة نايتس بردج ... وصل محمد عبد الرحيم الى "بيت السودان" ودفع مبلغ أقامته لمدة 6 أيام بمعدل 50 بنس وهو ما يعادل أقل من نصف جنيه سودانى قديم والذى هو واحد من الألف من الجنيه الجديد ...وبعد أن وضع أمتعته فى الغرفة إتجه نحو المطعم إذ كان يتضور جوعاً فتناول وجبة ساخنة أشرف على طهيها عثمان سفارة وهو ما كان يحدث فى عطلة الأسبوع ودفع قيمتها بضعة قروش .. كان هذا هو "بيت السودان" الذى كان يأوى كل المبتعثين السودانيين فى مدينة لندن بأسعار رمزية قبل أن يتوجهوا إلى الجامعات التى إبتعثوا إليها ... كان هنالك إعتقاد خاطئ أن "بيت السودان" كان ملكاً للسيد عبد الرحمن تبرع بها لحكومة السودان فأنبرى الأخ د. حسن عابدين سفير السودان السابق لتصحيح هذه المعلومة وأثبت أن حكومة السودان هى التى أشترت هذا المنزل بل أشترت ثلاثة منازل متجاورة 31و 32 و33 رتلاندقيت وعندما زار السيد عبدالرحمن المهدى رحمة الله تبرع للمنزل ببعض الأثاث . تدهور "بيت السودان" وأصبح فى حاجة ماسة للصيانة فقام د.حسن عابدين بتكوين لجنة للنظر فى أمر الصيانة ضمت الأديب الطيب صالح وأحمد بدرى والشيخ إبراهيم الطيب والصحفى محمد الحسن أحمد ومحمود صالح عثمان صالح وحسن تاج السر...وآخرين والتقت اللجنة بالدكتور مصطفى إسماعيل وزير الخارجية آنذاك الذى تحمس لمشروع إحياء "بيت السودان" . ولكن وقبل أن تبدأ اللجنة عملها علم الجميع بالنبأ الحزين بيع "بيت السودان" وأدانت الجالية السودانية فى لندن عملية البيع ..ولكن العملية برمتها يكتنفها الغموض ولذلك فان المواطن يريد أن يعرف كل الحقائق التى تحيط بهذا الموضوع : من الذى أمر بالبيع ؟ ومن الذى نفذ البيع؟ كم كان ثمن العقار؟هل هو 60 مليون إسترلينى كما تردد فى الأسافير؟وماهو مصير ذلك المبلغ؟ ماهو فريق العمل الذى تم تكوينه بغرض البيع؟ ولماذا تم تسجيل شركتين وهميتين بجزيرة جيرسى فى بريطانيا وهما : Lake Flower Enterprises Limited Lake Mountain Properties Limited وهاتان الشركتان هما اللتان قامتا بالشراء لحساب أشخاص بجزيرة جيرسى ؟ نطلب من السيد محمد مختار وزير الدولة بمجلس الوزراء السابق أن يبين لنا قصة بيع "بيت السودان" فى لندن فهو بحكم منصبه كان ممسكاً بالكثير من الملفات وقد تردد أسمه كثيراً فى هذه العملية المؤسفة فهلا فعل؟ فالشعب يريد أن يعرف . د.حافظ حميدة المورد العذب صحيفة التغيير [email protected]