هي ربع قرن بالتمام والكمال حكمت فيها الانقاذ في كل مراحلها وبكل اجيال الاسلاميين واصحاب المصالح الذاتية من سدنة الشموليات مرت فيها البلاد بأسوأ احوالها بين جوع وشظف وعنت شرب كأسه المستضعفين وبين نعمة ودعة وتفاخر وتكاثر في الأموال والثمرات تقلب فيها اهل النظام ومحاسيبه والطفيليين . ولم يكن استخراج البترول الذي يحسب للانقاذ الاجتهاد في اكمال بنيته التحتية نعمة على االبلاد والعباد رغم ان عائداته في فترة ماقبل الانفصال بلغت مايقارب الثمانين مليار دولار إلا أن لا احد يعرف حتى الآن اين ذهبت تفصيلا باستثناء عدة ملايين صرفت على بعض الخدمات المتواضعة من بنايات واثاثات وسيارات حكومية فارهة ، علما بأن جميع المشاريع القومية التي نفذت مولت من قبل الصناديق العربية والقروض الخارجية سواء سد مروي او تعلية خزان الرصيرص او الجسور التي اقيمت على النيل . وليس حال الذهب المستخرج باكثر حظا من البترول فتارة تعلن الحكومة أن اطنان منه هربت عبر دول الجوار دون تحقيق يسبر الغور وتارة تعلن ان الانتاج بلغ 50 طنا دون ان يعلم الناس اين ولمن ذهبت استباحة تاريخية للمال العام اعجزت حتى مراجع الحكومة العام . كنا نتوقع ان تقدم الحكومة التي امتدت لأكثر من ربع قرن كشف حساب للشعب السوداني قبل مغادرتها بحفلات وداع لبعض وزراء ومسؤولين اتوا الوزارت بجيوب خاوية وخرجوا منها متخمين وكأن ما اكتنزوه من ذهب وفضة من المال العام حقا مشروعا او مكافأة لحسن ولائهم للنظام لمابعد الخدمة دون حسيب اورقيب . والسؤال الذي ينبغي طرحه قبل أن ينشغل الناس بمرحلة جديدة وحكومة جديدة و وحوار جديد هو هل ان ماحدث من اعتداءات على الموارد العامة للدولة وللمال العام ومحاسبة المفسدين يقع ضمن اجندة الحوار أم أن الصمت عن كل ماتم خلال ربع قرن هو الثمن الذي ينبغي ان يدفعه الشعب لنعمة الحوار المرتقب . وماهو موقف المعارضة من كل التجاوزات وجرائم الاعتداء على المال العام وجرائم الفساد التي تمت خلال الفترة الماضية والتي تقع تحت طائلة القانون علما بأن الحديث عن ابراء الذمة للمسؤولين وتاكيد الشفافية لا يتم بعد عشرون عاما من ممارسة السلطة بل منذ توليها . حيث لايمكن ان يتولى البعض السلطة فقراء ومعدمين ويخرجوا منها أثرياء وأصحاب رؤوس اموال وهذا في حد ذاته يمثل جريمة كبرى في كل النظم الديمقراطية والشفافة بل بمقاييس الاسلام على قاعدة من اين لك هذا . ولعل في هذا برهان على الجدية والشفافية التي اصبحت ترفا بعد ان استيأس الناس من المجالس الصورية ولائيا وقوميا ومن الصحافة المحاصرة بالقوانين ومن المعارضة التي تكتفي بعموميات النقد السياسي الذي لا أرضا قطع ولا ظهرا ابقى . قد يتجاوز الناس عن مالحق بهم من عنت شخصي ومرارات وانتهاكات طوال ربع قرن حرصا على الوطن من التفتت في سبيل بناء سودان يتسع للجميع وينعم بالحرية والسلام لكن ليس من حق احد ان يتجاوز عن المساءلة في الحق العام واهدار المال العام وقصص الفساد التي شكلت مادة ثرية للتقارير الدولية . دعونا فقط أن نطلب من حكامنا الاسلاميين تطبيق مقاييس الاسلام بصدق في هذا الجانب وان نطلب من المعارضين الحرص على المطالبة باعادة الحقوق إلى اهلها فلا يزال الاطفال والنساء في المخيمات ولا يزال التلاميذ الجوعى في المدارس يحتاجون لوجبة افطار . اخيرا فلنمهل مبادرة الرئيس لتنمو والحوار ليبلغ مداه عسى ان يكون في نتائجه الخير لبلادنا لكن لاتهملوا المطالبة بتقصى الحقائق حول اهدار المال العام والمطالبة في التحقيق في قضايا الفساد ومساءلة من أثروا من وظائفهم ومناصبهم ممن اتوا السلطة فقراء وغادروها اثرياء يكتنزون الذهب والفضة من موارد الدولة ومال الشعب المستضعف.